عصوومه
09-18-2008, 04:47 PM
إِنْ شِئْتِ صبرْتِ ولكِ الْجنّةُ )
***********************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0
عنْ عطاءِ بْن أبِي رباحٍ قال: قال لِي ابْنُ عبّاسٍ:
ألا أُرِيك امْرأةً مِنْ أهْلِ الجنّةِ؟ قُلْتُ: بلى ، قال:
هذِهِ الْمرْأةُ السّوْداءُ، أتتْ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ:
إِنِّي أُصْرعُ، وإِنِّي أتكشّفُ، فادْعُ اللّه لِي. قال صلى الله عليه وسلم:
«إِنْ شِئْتِ صبرْتِ ولكِ الْجنّةُ، وإِنْ شِئْتِ دعوْتُ اللّه أنْ يُعافِيكِ»
فقالتْ: أصْبِرُ، فقالتْ: إِنِّي أتكشّفُ، فادْعُ اللّه لِي أنْ لا أتكشّف
«فدعا لها».
رواه البخاري (484 ح5652) و مسلمٌ (1129 ح2576).
من هي تلك المرأة السائلة؟
هي أُمُّ زُفر الحبشِية الأسدية، السوْداء، الطّويْلة، الصحابيّة الصّابرة، يُقال اسمها سُعيْرة
(بالتصغير)
وقال بعضهـم شقيرة
(بمعجمة مضمومة وقاف مفتوحة)
قيل إنها ماشطة خديجة – رضي الله عنها - التي كانت تغشى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة خديجة – رضي الله عنها - فيكرمها، أدركها عطاء بن أبي رباح في كبِرها، وكان بها مسٌّ من الجنّ يَصْرَعُها حتى تَسقط وتتكشف، فصبرت ووعدها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنَّة.
:
وحتى تتضح الصورة
جاء في الحديث "أُصْرَعُ":
والصَّرْعُ؛ الطَّرْحُ بالأرض وسقوط الشيء إليها، يُقال: صَرَعَهُ، صَرْعًا، فهو مَصْرُوع وصَريْعٌ أي مجنون، والجمع صَرْعَى .
قال ابن حجر – رحمه الله -:
الصّرع علَّة تمنع الأعضاء الرئيسة عن انفعالها منعًا غير تام، وسببه أخلاط من ريح غليظة تنحبس في منافذ الدماغ، أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء، وقد يتبعه تشنّج في الأعضاء فلا يبقى الشخص معه منتصبًا، بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجنِّ، ولا يقع إلاّ من النفوس الخبيثة منهم إما لاستحسان بعض الصور الإنسية، وإما لإيقاع الأذيَّة به، والأول هو الذي يثبته جميع الأطباء ويذكرون علاجه؛ والثاني يجحده كثير منهم، وبعضهم يثبته ولا يعرف له علاجًا إلاّ بمقاومة الأرواح الخيرّة العلوية لتندفع آثار الأرواح الشريرة وتبطل أفعالها.
وممن نص على ذلك أبقراط
وقال ابن القيم – رحمه الله -:
الظاهر أن صرع هذه المرأة كان من نوع صرع الأخلاط، ويجوز أن يكون من جهة الأرواح.
وجاء فيه "أَتَكَشَّفُ":
الكَشْفُ: رَفْعُكَ الشيءَ عما يُواريه ويُغَطِّيه، ككشف الثوب عن البدن، وكَشَف الأمر أَظْهَره .
والمراد:
أنها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر .
من فوائد الحديث
1/ سؤال تلك المرأة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدعاء لها، دليلٌ على فضل دعائه و بركته و أثره الحسن على المريض و المصاب بالصرع، و غيره من الأدواء.
2/ حاجة العبد إلى الالتجاء إلى الله سبحانه و تعالى وتوحيده وتقواه، وفضل الاستعاذة به على الوجه الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان، وأثره العجيب في علاج الصرع، وسائر الأمراض والأسقام، وعقلاء الأطباء معترفون بأن تأثير ذلك أعظم من تأثير الأدوية البدنية الحسية، مع ما فيها من النفع والفائدة.
3/ البشارة العظيمة والفضيلة الظاهرة للصّابر على الصّرع وبلواه بتكفير الخطايا وزيادة الحسنات، ودخول الجنات.
قال العيني – رحمه الله تعالى -:
الصبر على البلاء يورث الجنة، والأخذ بالشدة أفضل لمن علم من نفسه أنه يطيق التمادي عليها ولا يضعف عن التزامها .
4/ أثر تلك البشارة النبوية في تقوية جانب التفاؤل والرجاء والاطمئنان، وشحذ الهمم للصَّبر الكامل والرضا التام الذي يبرِّد حرارة اليأس، ويُعلِي الروح النفسية، وهذا من شأنه أن يقهر المرض ويدفعه.
5/ التخيير النبوي الحكيم يؤكد العناية برأي المرأة السوداء! في تقرير مصيرها، ويرسم إحساسه المرهف بحرارة الألم الذي ينتابها، فيدفعه ذلك كله للدعاء لها بالشفاء العاجل.
ثم يتراجع عن ذلك إذا اختارت الصبر، والأجر، لعلمه بأنه خيرٌ لها إذا أطاقته، وسبب لنيل السعادة الأبدية في الجنَّة.
6/ تميّزُ تلك المرأة بخلق الحياء وتمسكها به، واعتزازُها المتين يأبى أن تتخلى عنه في أصعب المواقف، حيث تصرع وتسقط على الأرض فتنكشف ويبدو شيء من جسدها .. !!
هذا الحياء.. ثمرة من ثمرات إيمانها .. يلحُّ عليها أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدعاء لها بالستر والحشمة...!!
وإن كانت معذورة بالصرع، مضمونةً لها الجنة؟!!
فأين بنات المسلمين من هذه؟!!
***********************
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0
عنْ عطاءِ بْن أبِي رباحٍ قال: قال لِي ابْنُ عبّاسٍ:
ألا أُرِيك امْرأةً مِنْ أهْلِ الجنّةِ؟ قُلْتُ: بلى ، قال:
هذِهِ الْمرْأةُ السّوْداءُ، أتتْ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ:
إِنِّي أُصْرعُ، وإِنِّي أتكشّفُ، فادْعُ اللّه لِي. قال صلى الله عليه وسلم:
«إِنْ شِئْتِ صبرْتِ ولكِ الْجنّةُ، وإِنْ شِئْتِ دعوْتُ اللّه أنْ يُعافِيكِ»
فقالتْ: أصْبِرُ، فقالتْ: إِنِّي أتكشّفُ، فادْعُ اللّه لِي أنْ لا أتكشّف
«فدعا لها».
رواه البخاري (484 ح5652) و مسلمٌ (1129 ح2576).
من هي تلك المرأة السائلة؟
هي أُمُّ زُفر الحبشِية الأسدية، السوْداء، الطّويْلة، الصحابيّة الصّابرة، يُقال اسمها سُعيْرة
(بالتصغير)
وقال بعضهـم شقيرة
(بمعجمة مضمومة وقاف مفتوحة)
قيل إنها ماشطة خديجة – رضي الله عنها - التي كانت تغشى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة خديجة – رضي الله عنها - فيكرمها، أدركها عطاء بن أبي رباح في كبِرها، وكان بها مسٌّ من الجنّ يَصْرَعُها حتى تَسقط وتتكشف، فصبرت ووعدها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنَّة.
:
وحتى تتضح الصورة
جاء في الحديث "أُصْرَعُ":
والصَّرْعُ؛ الطَّرْحُ بالأرض وسقوط الشيء إليها، يُقال: صَرَعَهُ، صَرْعًا، فهو مَصْرُوع وصَريْعٌ أي مجنون، والجمع صَرْعَى .
قال ابن حجر – رحمه الله -:
الصّرع علَّة تمنع الأعضاء الرئيسة عن انفعالها منعًا غير تام، وسببه أخلاط من ريح غليظة تنحبس في منافذ الدماغ، أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء، وقد يتبعه تشنّج في الأعضاء فلا يبقى الشخص معه منتصبًا، بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجنِّ، ولا يقع إلاّ من النفوس الخبيثة منهم إما لاستحسان بعض الصور الإنسية، وإما لإيقاع الأذيَّة به، والأول هو الذي يثبته جميع الأطباء ويذكرون علاجه؛ والثاني يجحده كثير منهم، وبعضهم يثبته ولا يعرف له علاجًا إلاّ بمقاومة الأرواح الخيرّة العلوية لتندفع آثار الأرواح الشريرة وتبطل أفعالها.
وممن نص على ذلك أبقراط
وقال ابن القيم – رحمه الله -:
الظاهر أن صرع هذه المرأة كان من نوع صرع الأخلاط، ويجوز أن يكون من جهة الأرواح.
وجاء فيه "أَتَكَشَّفُ":
الكَشْفُ: رَفْعُكَ الشيءَ عما يُواريه ويُغَطِّيه، ككشف الثوب عن البدن، وكَشَف الأمر أَظْهَره .
والمراد:
أنها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر .
من فوائد الحديث
1/ سؤال تلك المرأة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدعاء لها، دليلٌ على فضل دعائه و بركته و أثره الحسن على المريض و المصاب بالصرع، و غيره من الأدواء.
2/ حاجة العبد إلى الالتجاء إلى الله سبحانه و تعالى وتوحيده وتقواه، وفضل الاستعاذة به على الوجه الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان، وأثره العجيب في علاج الصرع، وسائر الأمراض والأسقام، وعقلاء الأطباء معترفون بأن تأثير ذلك أعظم من تأثير الأدوية البدنية الحسية، مع ما فيها من النفع والفائدة.
3/ البشارة العظيمة والفضيلة الظاهرة للصّابر على الصّرع وبلواه بتكفير الخطايا وزيادة الحسنات، ودخول الجنات.
قال العيني – رحمه الله تعالى -:
الصبر على البلاء يورث الجنة، والأخذ بالشدة أفضل لمن علم من نفسه أنه يطيق التمادي عليها ولا يضعف عن التزامها .
4/ أثر تلك البشارة النبوية في تقوية جانب التفاؤل والرجاء والاطمئنان، وشحذ الهمم للصَّبر الكامل والرضا التام الذي يبرِّد حرارة اليأس، ويُعلِي الروح النفسية، وهذا من شأنه أن يقهر المرض ويدفعه.
5/ التخيير النبوي الحكيم يؤكد العناية برأي المرأة السوداء! في تقرير مصيرها، ويرسم إحساسه المرهف بحرارة الألم الذي ينتابها، فيدفعه ذلك كله للدعاء لها بالشفاء العاجل.
ثم يتراجع عن ذلك إذا اختارت الصبر، والأجر، لعلمه بأنه خيرٌ لها إذا أطاقته، وسبب لنيل السعادة الأبدية في الجنَّة.
6/ تميّزُ تلك المرأة بخلق الحياء وتمسكها به، واعتزازُها المتين يأبى أن تتخلى عنه في أصعب المواقف، حيث تصرع وتسقط على الأرض فتنكشف ويبدو شيء من جسدها .. !!
هذا الحياء.. ثمرة من ثمرات إيمانها .. يلحُّ عليها أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدعاء لها بالستر والحشمة...!!
وإن كانت معذورة بالصرع، مضمونةً لها الجنة؟!!
فأين بنات المسلمين من هذه؟!!