أم حبيبة البريكى
02-07-2005, 08:43 AM
أثر سلوكيات الوالدين في نجاح زواج أولادهما
هذا الموضوع محتاج مننا قراءته بتمعن لأنه ترجمة واقعية لأحوال كثير من الأسر الأن المقالة موجودة بمجلة فرحة بتاريخ الخميس 2 ذي الحجة 1425هـ - 13 يناير 2005 م
والأن مع المقال ( ولكن لى ملحوظة برجاء حفظ هذا الموضوع فى جهازك واقرأه عدة مرات لأن كل مرة ستكتشف معلومة جديدة عدت عليك فى المرة السابقة )
للوالدين دور كبير جدًا في نجاح زواج أولادهما أو إخفاقه, وقديمًا قال أمير الشعراء أحمد شوقي عن الأم أنها مدرسة، ولكننا اليوم نؤكد أن الأسرة ممثلة بالأم والأب مدرسة يتعلم فيها الابن أو البنت أهم المعارف والمهارات والقيم والأخلاق التي لا بد له منها في الحياة, ومما يتعلمانه في هذه المدرسة فن الحياة الزوجية، فإن تعلم كل منهما ما هو سوي ونافع نجحت حياته الزوجية، وإن تعلم كل منهما ما هو سلبي أخفق زواجه وكانت حياته الزوجية تعيسة.
أنواع تعلق الطفل بأمه:
ويبدأ تأثير الأم في طفلها من الشهور الأولى لحياته, حيث يتعلق الطفل بأمه ويكون تعلقه بها واضحًا اعتبارًا من الشهر السادس من حياته عادة، عندما يصبح قادرًا على تمييزها عن باقي النساء.
وقد وجد علماء النفس أن لتعلق الطفل بأمه ثلاثة أنواع وذلك ناتج عن اختلاف الأمهات في مقدار الحنان والحساسية والاستجابة للطفل..
فالأم الحنون التي تستجيب لرضيعها كلما بكى لا كلما اشتهت هي، والتي تكون حساسة وقادرة على فهم ما يريده عندما يبكي, هذه الأم تجعل رضيعها مطمئنًا واثقًا.. واثقًا بأمه وبالعالم من حوله؛ إذ لا يهمله ولا يهجره، هذا العالم المتمثل في أمه، عندها يكون تعلقه بأمه تعلقا آمنًا مطمئنًا Secure Attachment, فيشعر الطفل بالأمان الكافي كي يستكشف البيئة من حوله متخذًا من أمه قاعدة الأمان، فيبتعد عنها مستكشفًا, فإن أحس بالقلق رجع إليها وبقي بقربها قليلاً, ثم يتجرأ على رحلة استكشاف أخرى,
أما الطفل الذي لا يكون متأكدًا ولا واثقًا من أن أمه أو من يربيه نيابة عنها متواجد من أجله ومستجيب له كلما احتاج إليه - إذ تستجيب الأم له أحيانًا وتهمله أحيانًا أخرى, وقد تحمله وتلاعبه إذا رغبت لا استجابة لبكائه, وقد تهدده بهجره وإبعاده عنها كي تتحكم في سلوكه - فإن تعلقه بأمه يسمى التعلق القلق المقاوم إذ يكون الطفل ميالاً إلى القلق الشديد كلما غابت الأم عن ناظريه, وميالاً إلى الالتصاق الزائد بها, وخائفًا من استكشاف البيئة بعيدًا عنها, ويكون حذرًا وخائفًا من الغرباء حتى في حضور أمه، أما الطفل الذي تعلم من الخبرات السابقة أنه لن يستجاب له وأنه مرفوض من الأم أو ممن يقوم مقامها، فإنه يتوقف عن طلب الرعاية منها, ولا ينزعج إن غابت عنه, ولا يرحب بها إن عادت إليه, ويهمل محاولاتها للاحتكاك والتفاعل معه، ولا يخشى الغرباء ولا يبالي بهم.. إنه يحاول الاكتفاء الذاتي وحماية نفسه من مشاعر الرفض المتكرر الذي مر به, وتسمى علاقته بأمه 'التعلق القلق المتجنب',
وقد بينت الدراسات أن نمط العلاقة الحميمة الأولى في حياة الإنسان - أي علاقته بأمه - يميل إلى البقاء التعميم, حيث يصبح أسلوبًا للشخص في علاقاته بالآخرين غير الأم, فيتعلق بالمعلم أو المعلمة أو بالمعالج أو المعالجة, وكذلك بالزوج أو الزوجة تعلقًا مشابهًا لتعلقه بأمه في صغره، أي يتعلق تعلقًا إما آمنًا سويًا أو قلقًا مقاومًا أو قلقًا متجنبًا, ولا مشكلة في التعلق بالأمن لأنه هو الأسلوب الأمثل للعلاقة بين الزوجين, إنما المشكلة في القلق المقاوم الدائم الخوف من أن يخونه الطرف الآخر أو أن يهجره أو يخذله عند الحاجة إليه، والذي يرى الحياة الزوجية أخذًا للحنان والرعاية دون أن يقدم هو الحنان والرعاية للطرف الثاني, ويرى الطرف الثاني مسؤولاً عن إسعاده وحمايته وحل مشكلاته, ولا يرى لنفسه دورًا في سعادته وأمنه وحل مشكلاته، فيكون بذلك اعتماديًا على الزوج أو الزوجة كما يكون الطفل، أما إن كان قلقًا متجنبًا فإنه يكون بارد المشاعر وغير مرتاح إذا ما أدى الطرف الآخر 'الزوج أو الزوجة' حاجة إليه، ويتجنب إعطاء هذا الآخر أي حنان أو دفئ عاطفي, وبدوره لا يطلب الحنان ولا العون من الطرف الآخر، بل يحرص كل الحرص على وجود نوع من البعد النفسي بينهما لأنه لا يريد أن يشعر بأية حاجة لأحد بما في ذلك الزوج والزوجة، وكثيرًا ما يكون بلا حنان, ما يعني عدم قدرته على حب الآخرين زوجًا أو أطفالاً، والزواج بلا حنان ولا حب زواج لا تتحقق فيه السكينة النفسية، وقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: 'تزوجوا الودود الولود'.
وهكذا نرى أثر الأم العميق في الطريقة التي سيتعلق بها أولادها بأزواجهم وزوجاتهم، وبخاصة أن عيوب التعلق التي ذكرتها تكون مغروسة لا شعوريًا وتحتاج إلى مجاهدة كبيرة من النفس, وربما تحتاج إلى علاج نفسي للتغلب عليها.
يستمر إلى نهاية العمر:
وقد يغدق الوالدان الحب والتدليل على طفل معين ويعاملانه كشخص بالغ الأهمية وجدير بأن يأخذ الأحسن دائمًا لا لجهد بذله, بل لأنه فلان أو فلانة، فيكبر ولديه نرجسية شديدة، حيث يحب ذاته ويريد لها الدلال, ويعجز عن حب الآخرين حتى والديه والأطفال المحيطين به, فنراه مهتمًا بما يمتعه أو يجعله محط أنظار الآخرين 'مبالغة في الزينة أو المجوهرات أو الملابس أو التحف المنزلية أو غير ذلك'.
ولا يقدم للطرف الآخر أو لأطفاله مشاعر الحنان والحب المتوقعة منه، وبالتأكيد فإن الزواج من شخص نرجسي رجلاً كان أو امرأة ليس بالحظ السعيد, لأن هذه الطبيعة - التمحور حول الذات - يمكن أن تستمر حتى نهاية العمر.
مفاهيم عن الرجولة والأنوثة:
ويتعلم الأولاد من والديهم ومن الحياة الزوجية لوالديهم الكثير عن الحياة الزوجية, وعما يتوقعه الإنسان من الزواج، فإذا كانت أفكارهم عن الزواج وتوقعاتهم منه واقعية وصحيحة أدى ذلك إلى نجاح زواجهم, أما إن كانت أفكارهم عن الزواج وتصرفاتهم وتوقعاتهم منه غير واقعية وكانت سلبية فإن ذلك سيحُول بينهم وبين الشعور بالرضا عن حياتهم الزوجية, وسيجعلهم يشعرون بالإحباط أو الخيبة, وسوف يضعون اللوم دائمًا على الطرف الآخر لأنه مقصر في فعل ما يسعدهم، مما يظنونه حقًا لهم عليه طالما أنهما زوجان.
ومن الأب والأم يتعلم الأطفال مفاهيمهم عن الرجولة والأنوثة، ويتعلمون كيف ينظرون إلى أنفسهم كرجال أو نساء, وكيف ينظرون إلى الزوج أو الزوجة، وهذه النظرة وما تتضمنه من تقدير واحترام أو استهانة واحتقار تشكل عاملاً قويًا جدًا لنجاح الزواج أو إخفاقه, سواء من حيث استمراره أو من حيث تحقيقه للسعادة الزوجية للطرفين أو الأطفال, إما أن يتشبهوا بشخصية الوالد المماثل لهم في الجنس - أي تتشبه البنت بأمها ويتشبه الصبي بأبيه - وإما أن يحرص الطفل عندما يكبر على أن يكون عكس والده أو والديه, فالصبي الذي كان يكره الخضوع من أبيه وتحكم أمه فيه قد يتعب زوجته عندما يحرص على مخالفتها وعلى أن يأمرها بأشياء تعسفية, وعلى ألا يستجيب لرغباتها من أجل أن يؤكد لنفسه أنه ليس مثل أبيه.. وكذلك البنت التي كانت تكره في أمها صفة معينة مثل صبرها غير المتناهي على أخطاء أبيها فإنها عندما تتزوج تكون قليلة الصبر وكثيرة المحاسبة والشجار مع الزوج، لأنها تريد المحافظة على حقوقها ولا تريد أن تكون مثل أمها الضحية المغلوبة, وهذا يؤثر سلبًا على زواجها, وقد يؤدي إلى الطلاق في النهاية.
صعوبة في التعبير:
والوالدان اللذان يظهران الحب لبعضهما أمام أطفالهما بما في ذلك بعض الممارسات البدنية البريئة مثل إمساك كل منهما بيد الآخر, أو طبع قبلة على الخد أو على الجبين، أو المناداة بحبيبي أو حبيبتي وغير ذلك من سلوك عاطفي خالٍ من الشهوة الجنسية، فإنهما يغرسان في نفوس أطفالهما أن الحب والمودة والملاطفة شيء أساسي في الحياة الزوجية, وأن إظهار الرجل الحب لزوجته وإظهارها الحب لزوجها أمر طبيعي ولا يدعو للخجل أو الحياء, بينما الطفل الذي يتربى بين والدين لا مودة بينهما أو لا يعبران عن المودة أمام أطفالهما فإنه عندما يكبر ويتزوج يجد صعوبة في التعبير عن الحب لشريك الحياة، ما يجعل حياتهما الزوجية غير سعيدة.
يقتدون بهذا السلوك:
ومن آثار الوالدين في زواج أولادهما أنه إن وقع أحدهما في الخيانة الزوجية وعرف الأولاد فإنهم معرضون عندما يتزوجون إلى الشك الزائد غير المبرر في الطرف الآخر, وإلى انعدام الثقة بجنس الرجال أو بجنس النساء، أو قد يستسهل الابن الوقوع في علاقات آثمة مثلما كان يفعل أبوه، أو تستسهل البنت عندما تتزوج أن تقع في الخطيئة مثلما كانت أمها تفعل, وكذلك يؤثر الوالدان في أولادهما من خلال الأسلوب الذي يتبعانه لحل خلافاتهما الزوجية، وبخاصة عندما يلجآن إلى العنف والعدوانية وإهانة كل منهما الآخر، وقد وجدت الدراسات أن حوالي 90% ممن يضربون زوجاتهم رأوا آباءهم يضربون أمهاتهم, وكذلك البنت التي رأت أمها لا تحترم أباها أو تشتمه أو تهينه أو ربما تضربه سيكون من السهل عليها التورط في سلوك مماثل مع زوجها. بينما يتعلم الأولاد من الوالدين التسامح والحوار والتفاهم وضبط اللسان وعدم التفوه بالكلمات الجارحة وحفظ الخلافات سرًا لا يطلع عليها أحد، وعندما يتزوجون يقتدون بهذا السلوك الراقي عند الخلاف, وقد يقصر الوالدان في تربية أولادهما, فيكبر الصبي ليكون شخصية فاسدة سيكوباتية بلا ضمير، فيتزوج ويمثل الحب ويتظاهر بالأخلاق, ثم بعدها يعامل زوجته وأطفاله بلا مسؤولية شديدة وإهمال, وينفق على ملذاته ويتركهم دون نفقة، وقد يسلب زوجته كل مالها، وقد يفرض عليها أن تعمل لتمده بالمال.
مستوى تعليم الوالدان:
إن الأولاد يتأثرون بأفعال الوالدين كزوجين أكثر مما يتأثرون بمواعظهم ونصائحهم, وإن المستوى الأخلاقي للوالدين يشكل العامل الحاسم أكثر من المستوى التعليمي, لأن حمل الشهادات العالمية لا يعني بالضرورة أخلاقًا حسنة وقيمًا سامية.
فعندما يقوم الأب المهندس بضرب زوجته وإهانتها وهي الطبيبة المختصة ويتكرر ذلك أمام الأولاد، وهم يرون أيضًا استيلاءه على راتبها وعدم إعطائها أية قيمة أو مكانة, فإن المستوى التعليمي له لن يمنع الأثر السلبي لهذا الأب وهذه الأم على حياة أولادهما الزوجية، وبالمقابل هنالك آباء وأمهات أميون, أو لا يعرفون إلا القراءة والكتابة ويكون سلوكهم كأزواج وزوجات قمة في الرقي والأدب وحسن التبعل، ويكونون مدرسة رائعة يتعلم منها أولادهم فن الحياة الزوجية والتعامل مع شريك الحياة. وإنه للأسف مهما علا المستوى التعليمي للوالدين فإن ذلك لا يعني أن مستوى معرفتهما بأسرار الحياة الزوجية سيعلو أيضًا، لأن الدراسة الجامعية إنما هي دراسة مهنة وليست ثقافة حياتية. والدراسة قبل الجامعة لا تعطي الحياة الزوجية, ويبقى اجتهاد الإنسان في البحث والتعليم الذاتي كي لا يقتصر على ما تعلمه من والديه وهو صغير.
وباختصار فإن نجاح زواج الوالدين يمهد لنجاح زواج أولادهما، وإخفاق زواجهما يهيئ زواج أولادهما للإخفاق وإن كان ذلك ليس حتمًا.
منقوووول
وتمنياتى لكم جميعا بحياة سعيدة موفقة وأن يرزقنا وإياكم الرضا
أم حبيبة البريكى
هذا الموضوع محتاج مننا قراءته بتمعن لأنه ترجمة واقعية لأحوال كثير من الأسر الأن المقالة موجودة بمجلة فرحة بتاريخ الخميس 2 ذي الحجة 1425هـ - 13 يناير 2005 م
والأن مع المقال ( ولكن لى ملحوظة برجاء حفظ هذا الموضوع فى جهازك واقرأه عدة مرات لأن كل مرة ستكتشف معلومة جديدة عدت عليك فى المرة السابقة )
للوالدين دور كبير جدًا في نجاح زواج أولادهما أو إخفاقه, وقديمًا قال أمير الشعراء أحمد شوقي عن الأم أنها مدرسة، ولكننا اليوم نؤكد أن الأسرة ممثلة بالأم والأب مدرسة يتعلم فيها الابن أو البنت أهم المعارف والمهارات والقيم والأخلاق التي لا بد له منها في الحياة, ومما يتعلمانه في هذه المدرسة فن الحياة الزوجية، فإن تعلم كل منهما ما هو سوي ونافع نجحت حياته الزوجية، وإن تعلم كل منهما ما هو سلبي أخفق زواجه وكانت حياته الزوجية تعيسة.
أنواع تعلق الطفل بأمه:
ويبدأ تأثير الأم في طفلها من الشهور الأولى لحياته, حيث يتعلق الطفل بأمه ويكون تعلقه بها واضحًا اعتبارًا من الشهر السادس من حياته عادة، عندما يصبح قادرًا على تمييزها عن باقي النساء.
وقد وجد علماء النفس أن لتعلق الطفل بأمه ثلاثة أنواع وذلك ناتج عن اختلاف الأمهات في مقدار الحنان والحساسية والاستجابة للطفل..
فالأم الحنون التي تستجيب لرضيعها كلما بكى لا كلما اشتهت هي، والتي تكون حساسة وقادرة على فهم ما يريده عندما يبكي, هذه الأم تجعل رضيعها مطمئنًا واثقًا.. واثقًا بأمه وبالعالم من حوله؛ إذ لا يهمله ولا يهجره، هذا العالم المتمثل في أمه، عندها يكون تعلقه بأمه تعلقا آمنًا مطمئنًا Secure Attachment, فيشعر الطفل بالأمان الكافي كي يستكشف البيئة من حوله متخذًا من أمه قاعدة الأمان، فيبتعد عنها مستكشفًا, فإن أحس بالقلق رجع إليها وبقي بقربها قليلاً, ثم يتجرأ على رحلة استكشاف أخرى,
أما الطفل الذي لا يكون متأكدًا ولا واثقًا من أن أمه أو من يربيه نيابة عنها متواجد من أجله ومستجيب له كلما احتاج إليه - إذ تستجيب الأم له أحيانًا وتهمله أحيانًا أخرى, وقد تحمله وتلاعبه إذا رغبت لا استجابة لبكائه, وقد تهدده بهجره وإبعاده عنها كي تتحكم في سلوكه - فإن تعلقه بأمه يسمى التعلق القلق المقاوم إذ يكون الطفل ميالاً إلى القلق الشديد كلما غابت الأم عن ناظريه, وميالاً إلى الالتصاق الزائد بها, وخائفًا من استكشاف البيئة بعيدًا عنها, ويكون حذرًا وخائفًا من الغرباء حتى في حضور أمه، أما الطفل الذي تعلم من الخبرات السابقة أنه لن يستجاب له وأنه مرفوض من الأم أو ممن يقوم مقامها، فإنه يتوقف عن طلب الرعاية منها, ولا ينزعج إن غابت عنه, ولا يرحب بها إن عادت إليه, ويهمل محاولاتها للاحتكاك والتفاعل معه، ولا يخشى الغرباء ولا يبالي بهم.. إنه يحاول الاكتفاء الذاتي وحماية نفسه من مشاعر الرفض المتكرر الذي مر به, وتسمى علاقته بأمه 'التعلق القلق المتجنب',
وقد بينت الدراسات أن نمط العلاقة الحميمة الأولى في حياة الإنسان - أي علاقته بأمه - يميل إلى البقاء التعميم, حيث يصبح أسلوبًا للشخص في علاقاته بالآخرين غير الأم, فيتعلق بالمعلم أو المعلمة أو بالمعالج أو المعالجة, وكذلك بالزوج أو الزوجة تعلقًا مشابهًا لتعلقه بأمه في صغره، أي يتعلق تعلقًا إما آمنًا سويًا أو قلقًا مقاومًا أو قلقًا متجنبًا, ولا مشكلة في التعلق بالأمن لأنه هو الأسلوب الأمثل للعلاقة بين الزوجين, إنما المشكلة في القلق المقاوم الدائم الخوف من أن يخونه الطرف الآخر أو أن يهجره أو يخذله عند الحاجة إليه، والذي يرى الحياة الزوجية أخذًا للحنان والرعاية دون أن يقدم هو الحنان والرعاية للطرف الثاني, ويرى الطرف الثاني مسؤولاً عن إسعاده وحمايته وحل مشكلاته, ولا يرى لنفسه دورًا في سعادته وأمنه وحل مشكلاته، فيكون بذلك اعتماديًا على الزوج أو الزوجة كما يكون الطفل، أما إن كان قلقًا متجنبًا فإنه يكون بارد المشاعر وغير مرتاح إذا ما أدى الطرف الآخر 'الزوج أو الزوجة' حاجة إليه، ويتجنب إعطاء هذا الآخر أي حنان أو دفئ عاطفي, وبدوره لا يطلب الحنان ولا العون من الطرف الآخر، بل يحرص كل الحرص على وجود نوع من البعد النفسي بينهما لأنه لا يريد أن يشعر بأية حاجة لأحد بما في ذلك الزوج والزوجة، وكثيرًا ما يكون بلا حنان, ما يعني عدم قدرته على حب الآخرين زوجًا أو أطفالاً، والزواج بلا حنان ولا حب زواج لا تتحقق فيه السكينة النفسية، وقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: 'تزوجوا الودود الولود'.
وهكذا نرى أثر الأم العميق في الطريقة التي سيتعلق بها أولادها بأزواجهم وزوجاتهم، وبخاصة أن عيوب التعلق التي ذكرتها تكون مغروسة لا شعوريًا وتحتاج إلى مجاهدة كبيرة من النفس, وربما تحتاج إلى علاج نفسي للتغلب عليها.
يستمر إلى نهاية العمر:
وقد يغدق الوالدان الحب والتدليل على طفل معين ويعاملانه كشخص بالغ الأهمية وجدير بأن يأخذ الأحسن دائمًا لا لجهد بذله, بل لأنه فلان أو فلانة، فيكبر ولديه نرجسية شديدة، حيث يحب ذاته ويريد لها الدلال, ويعجز عن حب الآخرين حتى والديه والأطفال المحيطين به, فنراه مهتمًا بما يمتعه أو يجعله محط أنظار الآخرين 'مبالغة في الزينة أو المجوهرات أو الملابس أو التحف المنزلية أو غير ذلك'.
ولا يقدم للطرف الآخر أو لأطفاله مشاعر الحنان والحب المتوقعة منه، وبالتأكيد فإن الزواج من شخص نرجسي رجلاً كان أو امرأة ليس بالحظ السعيد, لأن هذه الطبيعة - التمحور حول الذات - يمكن أن تستمر حتى نهاية العمر.
مفاهيم عن الرجولة والأنوثة:
ويتعلم الأولاد من والديهم ومن الحياة الزوجية لوالديهم الكثير عن الحياة الزوجية, وعما يتوقعه الإنسان من الزواج، فإذا كانت أفكارهم عن الزواج وتوقعاتهم منه واقعية وصحيحة أدى ذلك إلى نجاح زواجهم, أما إن كانت أفكارهم عن الزواج وتصرفاتهم وتوقعاتهم منه غير واقعية وكانت سلبية فإن ذلك سيحُول بينهم وبين الشعور بالرضا عن حياتهم الزوجية, وسيجعلهم يشعرون بالإحباط أو الخيبة, وسوف يضعون اللوم دائمًا على الطرف الآخر لأنه مقصر في فعل ما يسعدهم، مما يظنونه حقًا لهم عليه طالما أنهما زوجان.
ومن الأب والأم يتعلم الأطفال مفاهيمهم عن الرجولة والأنوثة، ويتعلمون كيف ينظرون إلى أنفسهم كرجال أو نساء, وكيف ينظرون إلى الزوج أو الزوجة، وهذه النظرة وما تتضمنه من تقدير واحترام أو استهانة واحتقار تشكل عاملاً قويًا جدًا لنجاح الزواج أو إخفاقه, سواء من حيث استمراره أو من حيث تحقيقه للسعادة الزوجية للطرفين أو الأطفال, إما أن يتشبهوا بشخصية الوالد المماثل لهم في الجنس - أي تتشبه البنت بأمها ويتشبه الصبي بأبيه - وإما أن يحرص الطفل عندما يكبر على أن يكون عكس والده أو والديه, فالصبي الذي كان يكره الخضوع من أبيه وتحكم أمه فيه قد يتعب زوجته عندما يحرص على مخالفتها وعلى أن يأمرها بأشياء تعسفية, وعلى ألا يستجيب لرغباتها من أجل أن يؤكد لنفسه أنه ليس مثل أبيه.. وكذلك البنت التي كانت تكره في أمها صفة معينة مثل صبرها غير المتناهي على أخطاء أبيها فإنها عندما تتزوج تكون قليلة الصبر وكثيرة المحاسبة والشجار مع الزوج، لأنها تريد المحافظة على حقوقها ولا تريد أن تكون مثل أمها الضحية المغلوبة, وهذا يؤثر سلبًا على زواجها, وقد يؤدي إلى الطلاق في النهاية.
صعوبة في التعبير:
والوالدان اللذان يظهران الحب لبعضهما أمام أطفالهما بما في ذلك بعض الممارسات البدنية البريئة مثل إمساك كل منهما بيد الآخر, أو طبع قبلة على الخد أو على الجبين، أو المناداة بحبيبي أو حبيبتي وغير ذلك من سلوك عاطفي خالٍ من الشهوة الجنسية، فإنهما يغرسان في نفوس أطفالهما أن الحب والمودة والملاطفة شيء أساسي في الحياة الزوجية, وأن إظهار الرجل الحب لزوجته وإظهارها الحب لزوجها أمر طبيعي ولا يدعو للخجل أو الحياء, بينما الطفل الذي يتربى بين والدين لا مودة بينهما أو لا يعبران عن المودة أمام أطفالهما فإنه عندما يكبر ويتزوج يجد صعوبة في التعبير عن الحب لشريك الحياة، ما يجعل حياتهما الزوجية غير سعيدة.
يقتدون بهذا السلوك:
ومن آثار الوالدين في زواج أولادهما أنه إن وقع أحدهما في الخيانة الزوجية وعرف الأولاد فإنهم معرضون عندما يتزوجون إلى الشك الزائد غير المبرر في الطرف الآخر, وإلى انعدام الثقة بجنس الرجال أو بجنس النساء، أو قد يستسهل الابن الوقوع في علاقات آثمة مثلما كان يفعل أبوه، أو تستسهل البنت عندما تتزوج أن تقع في الخطيئة مثلما كانت أمها تفعل, وكذلك يؤثر الوالدان في أولادهما من خلال الأسلوب الذي يتبعانه لحل خلافاتهما الزوجية، وبخاصة عندما يلجآن إلى العنف والعدوانية وإهانة كل منهما الآخر، وقد وجدت الدراسات أن حوالي 90% ممن يضربون زوجاتهم رأوا آباءهم يضربون أمهاتهم, وكذلك البنت التي رأت أمها لا تحترم أباها أو تشتمه أو تهينه أو ربما تضربه سيكون من السهل عليها التورط في سلوك مماثل مع زوجها. بينما يتعلم الأولاد من الوالدين التسامح والحوار والتفاهم وضبط اللسان وعدم التفوه بالكلمات الجارحة وحفظ الخلافات سرًا لا يطلع عليها أحد، وعندما يتزوجون يقتدون بهذا السلوك الراقي عند الخلاف, وقد يقصر الوالدان في تربية أولادهما, فيكبر الصبي ليكون شخصية فاسدة سيكوباتية بلا ضمير، فيتزوج ويمثل الحب ويتظاهر بالأخلاق, ثم بعدها يعامل زوجته وأطفاله بلا مسؤولية شديدة وإهمال, وينفق على ملذاته ويتركهم دون نفقة، وقد يسلب زوجته كل مالها، وقد يفرض عليها أن تعمل لتمده بالمال.
مستوى تعليم الوالدان:
إن الأولاد يتأثرون بأفعال الوالدين كزوجين أكثر مما يتأثرون بمواعظهم ونصائحهم, وإن المستوى الأخلاقي للوالدين يشكل العامل الحاسم أكثر من المستوى التعليمي, لأن حمل الشهادات العالمية لا يعني بالضرورة أخلاقًا حسنة وقيمًا سامية.
فعندما يقوم الأب المهندس بضرب زوجته وإهانتها وهي الطبيبة المختصة ويتكرر ذلك أمام الأولاد، وهم يرون أيضًا استيلاءه على راتبها وعدم إعطائها أية قيمة أو مكانة, فإن المستوى التعليمي له لن يمنع الأثر السلبي لهذا الأب وهذه الأم على حياة أولادهما الزوجية، وبالمقابل هنالك آباء وأمهات أميون, أو لا يعرفون إلا القراءة والكتابة ويكون سلوكهم كأزواج وزوجات قمة في الرقي والأدب وحسن التبعل، ويكونون مدرسة رائعة يتعلم منها أولادهم فن الحياة الزوجية والتعامل مع شريك الحياة. وإنه للأسف مهما علا المستوى التعليمي للوالدين فإن ذلك لا يعني أن مستوى معرفتهما بأسرار الحياة الزوجية سيعلو أيضًا، لأن الدراسة الجامعية إنما هي دراسة مهنة وليست ثقافة حياتية. والدراسة قبل الجامعة لا تعطي الحياة الزوجية, ويبقى اجتهاد الإنسان في البحث والتعليم الذاتي كي لا يقتصر على ما تعلمه من والديه وهو صغير.
وباختصار فإن نجاح زواج الوالدين يمهد لنجاح زواج أولادهما، وإخفاق زواجهما يهيئ زواج أولادهما للإخفاق وإن كان ذلك ليس حتمًا.
منقوووول
وتمنياتى لكم جميعا بحياة سعيدة موفقة وأن يرزقنا وإياكم الرضا
أم حبيبة البريكى