بدر الالبد
03-24-2005, 09:52 PM
في مثل هذا اليوم من عام 1920 تم وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولي. إن الانتداب نظام ابتدعته عصبة الأمم ونجحت من خلاله في إسباغ الصفة الشرعية على مصالح الدول الاستعمارية الظافرة في الحرب وتغليفها بغلاف إنساني، فغاية العصبة من إقرار نظام الانتداب أن الأقطار التي كانت خاضعة للدول التي خسرت الحرب لن تقوى على حكم نفسها ومن الأفضل أن يعهد بإدارتها مؤقتاً إلى دولة متقدمة تساعدها على بلوغ الاستقلال. واعتبر ميثاق العصبة (بأن صالح مثل هذه الشعوب وتطورها يمثلان أمانة مقدسة في ذمة المدنية). ويؤخذ على الميثاق إطلاقه يد الدولة المنتدبة ومنحها سلطات مطلقة في التشريع والإدارة، وأنه لم يوفر أي آلية أو جهاز رقابي لتقييم أدائها وتوفير الحماية القانونية (للأمانة المقدسة) وهو ما يدفعنا للتساؤل عن الفوارق الجوهرية بين الانتداب والأنظمة الاستعمارية التي ألفتها الدول المنتدبة في مستعمراتها.. والحقيقة أنه لا اختلاف بين جوهر النظامين فكلاهما قائم على فرض حكم دخيل على شعب ما دون إرادته.
أما الفروقات فلا تتعدى كون الانتداب نظاما مؤقتا يتمتع بواجهة من (الشرعية الدولية) التي هي في نظر العصبة شرعية القوة والتغلب لا شرعية الحق. وإذا أمعنا النظر في صك الانتداب على فلسطين لوجدنا أن بريطانيا بذلت جهوداً مضنية في صياغته لتلائم إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين بناء على الوعد المشؤوم (المعروف بوعد بلفور) لذلك أتى الصك مهوداً بشكل كبير بالإضافة إلى كونه أداة تهويد، فقد أقرت مقدمته بتصريح بلفور بل وتضمنت فقرات منه حين أشارت (للصلات التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين)، وهي عبارة تنطوي على مغالطة تاريخية كبرى إذ أنها لا تعد اليهود أجانب وطارئين على فلسطين، وعبارة (الشعب اليهودي) مغالطة أخرى فالجماعات اليهودية المتناثرة لم تتوافر لها قط مقومات الشعب المستقل. وبينما تم الاعتراف بأن اليهود يشكلون شعباً فقد أشارت المقدمة إلى العرب بحسبانهم مجرد طائفة تذكر ضمن (الطوائف غير اليهودية) من قاطني فلسطين.
أما مواد الصك فقد شرعت لأسس التهويد إذ حددت المادة الثانية مسؤولية الدولة المنتدبة في وضع البلاد في أحوال سياسية واقتصادية واجتماعية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي، وتعترف المادة الرابعة بوكالة يهودية تتعاون مع إدارة فلسطين (البريطانية) وتعملان سويا لتحقيق الوطن القومي بينما افتقر السكان الأصليون إلى نظام يمثلهم أمام بريطانيا، أما المادة السادسة فقد فتحت الباب أمام المهاجرين اليهود، كما تم إقرار اللغة العبرية لغة رسمية والأعياد اليهودية أعياداً رسمية.المبالغة البريطانية في التوكيد على الحقوق اليهودية أتت على حساب الحقوق والمطالب الأساسية الفلسطينية للفلسطينيين الذين هم أصحاب الحق في فلسطين؛ إذ شكل صك الانتداب حجر عثرة أمام الأخذ بيد البلاد نحو الحكم الذاتي، المسوغ الأساسي للانتداب كما جرى الادعاء.. وقد عبر تشرشل وزير المستعمرات البريطاني في عبارة لا تعوزها الصراحة عن التقليد الليبرالي البريطاني في مواجهة المطالب الوطنية الفلسطينية بالأخذ بيد البلاد نحو الاستقلال قائلاً: سوف نقوم بتطوير المؤسسات التمثيلية خطوة خطوة لكي تؤدي إلى الحكم الذاتي، لكن أحفادنا قد يموتون قبل أن يتم ذلك. ومنذ قبولها الانتداب على فلسطين تحيزت إدارة الانتداب البريطانية لسياسة دعم الوطن القومي لليهود، وكان اختيار هربرت صمويل (19201925) اليهودي الديانة والصهيوني الهوى كأول مندوب سامي خطوة في هذا السبيل، وقد ترك تعيينه أسوأ الأثر لدى العرب الذين استحثوا بريطانيا الرجوع عن هذا الاختيار لكن الإدارة البريطانية تمسكت باختيارها وعددت في برقية لها مآثر صمويل والتي تجعل منه مناسباً للمهمة الملقاة على عاتقه ووعدت بأن (يمسك طرفي الميزان بعدل).. وكانت أولى مهام صمويل إعادة تعيين حدود فلسطين الدولية بحيث تحقق المطامع الصهيونية فأدخلت منطقة الجليل الأعلى والمنابع العليا لنهر الأردن وبحيرة الحولة وطبرية ضمن الحدود الفلسطينية لتوفير المياه والطاقة للمستوطنين والمشروعات الصهيونية.
أما الفروقات فلا تتعدى كون الانتداب نظاما مؤقتا يتمتع بواجهة من (الشرعية الدولية) التي هي في نظر العصبة شرعية القوة والتغلب لا شرعية الحق. وإذا أمعنا النظر في صك الانتداب على فلسطين لوجدنا أن بريطانيا بذلت جهوداً مضنية في صياغته لتلائم إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين بناء على الوعد المشؤوم (المعروف بوعد بلفور) لذلك أتى الصك مهوداً بشكل كبير بالإضافة إلى كونه أداة تهويد، فقد أقرت مقدمته بتصريح بلفور بل وتضمنت فقرات منه حين أشارت (للصلات التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين)، وهي عبارة تنطوي على مغالطة تاريخية كبرى إذ أنها لا تعد اليهود أجانب وطارئين على فلسطين، وعبارة (الشعب اليهودي) مغالطة أخرى فالجماعات اليهودية المتناثرة لم تتوافر لها قط مقومات الشعب المستقل. وبينما تم الاعتراف بأن اليهود يشكلون شعباً فقد أشارت المقدمة إلى العرب بحسبانهم مجرد طائفة تذكر ضمن (الطوائف غير اليهودية) من قاطني فلسطين.
أما مواد الصك فقد شرعت لأسس التهويد إذ حددت المادة الثانية مسؤولية الدولة المنتدبة في وضع البلاد في أحوال سياسية واقتصادية واجتماعية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي، وتعترف المادة الرابعة بوكالة يهودية تتعاون مع إدارة فلسطين (البريطانية) وتعملان سويا لتحقيق الوطن القومي بينما افتقر السكان الأصليون إلى نظام يمثلهم أمام بريطانيا، أما المادة السادسة فقد فتحت الباب أمام المهاجرين اليهود، كما تم إقرار اللغة العبرية لغة رسمية والأعياد اليهودية أعياداً رسمية.المبالغة البريطانية في التوكيد على الحقوق اليهودية أتت على حساب الحقوق والمطالب الأساسية الفلسطينية للفلسطينيين الذين هم أصحاب الحق في فلسطين؛ إذ شكل صك الانتداب حجر عثرة أمام الأخذ بيد البلاد نحو الحكم الذاتي، المسوغ الأساسي للانتداب كما جرى الادعاء.. وقد عبر تشرشل وزير المستعمرات البريطاني في عبارة لا تعوزها الصراحة عن التقليد الليبرالي البريطاني في مواجهة المطالب الوطنية الفلسطينية بالأخذ بيد البلاد نحو الاستقلال قائلاً: سوف نقوم بتطوير المؤسسات التمثيلية خطوة خطوة لكي تؤدي إلى الحكم الذاتي، لكن أحفادنا قد يموتون قبل أن يتم ذلك. ومنذ قبولها الانتداب على فلسطين تحيزت إدارة الانتداب البريطانية لسياسة دعم الوطن القومي لليهود، وكان اختيار هربرت صمويل (19201925) اليهودي الديانة والصهيوني الهوى كأول مندوب سامي خطوة في هذا السبيل، وقد ترك تعيينه أسوأ الأثر لدى العرب الذين استحثوا بريطانيا الرجوع عن هذا الاختيار لكن الإدارة البريطانية تمسكت باختيارها وعددت في برقية لها مآثر صمويل والتي تجعل منه مناسباً للمهمة الملقاة على عاتقه ووعدت بأن (يمسك طرفي الميزان بعدل).. وكانت أولى مهام صمويل إعادة تعيين حدود فلسطين الدولية بحيث تحقق المطامع الصهيونية فأدخلت منطقة الجليل الأعلى والمنابع العليا لنهر الأردن وبحيرة الحولة وطبرية ضمن الحدود الفلسطينية لتوفير المياه والطاقة للمستوطنين والمشروعات الصهيونية.