محمد مطلق المعيقلي
05-25-2009, 09:58 PM
المبحث الرابع: وصايا متفرقة وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول : القيام بواجب النصيحة:
النصيحة كلمة تعبر عن جملة هي " إرادة الخير للمنصوح له" ، والنصيحة شأنها عظيم فحاجة المسلم إليها كحاجته للأكل والشرب والهواء ولا غنى له عنها، لأنها هي التي تبين الطريق وتبصر الإنسان بأخطائه وما يحيط به من مخاطر ومهالك.
والمسلم محتاج إلى النصح حاكماً أو محكوما رجلاً كان أو امرأة عالماً أو متعلماً، وما النصيحة إلا كلمة طيبة وموعظة فهي إذن تحتاج إلى شروط وأهم هذه الشروط: الإخلاص والعلم بما ينصح به وينهى عنه والرفق والتلطف بمن ينصحهم ويذكرهم، وقد تواترت الأدلة على وجوب النصيحة من الكتاب والسنة: لقوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[1] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn1) ، وقوله تعالى إخباراً عن نوح:
{ وَأَنصَحُ لَكُمْ }[2] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn2)
وقوله تعالى إخباراً عن هود: { وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ }[3] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn3)
ولقد عظّم رسول الله r أمر النصيحة فجعلها عماد الدين وقوامه، قال r: ( الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال لله وكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )[4] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn4)
في هذا الحديث الشريف حصر الرسول r الدين في النصيحة لعلو شأنها ولأنها بالتعميم الذي ذكره الرسول r شملت الدين كله.
ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - في هذا الصدد " أما النصيحة العامة للمسلمين فهي أن تحب لهم ما تحب لنفسك وأن تفتح لهم أبواب الخير وتحثهم عليها، وتغلق دونهم أبواب الشر وتحذرهم منها، وأن يتبادل المؤمنون المودة والإخاء وأن تنشر محاسنهم وتستر مساوئهم ... " والنصيحة لعامة المسلمين أمرها عظيم وفضلها جليل وعاقبتها حميدة، لقد روي عن الحسن البصري – رحمه الله، " أنه قال: قال بعض أصحاب النبي r " والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ويحببون عباد الله إلى الله ويسعون في الأرض بالنصيحة".
وقال الفضيل بن عياض: " ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك من عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة".
بعض الأمور التي لا بد من مراعاتها عند القيام بواجب النصيحة:
يوجد عدة أمور لا بد من توافرها إذا ما أريد للنصيحة أن تحقق الأهداف المتوخاة من تقديمها ومن أهم هذه الأمور ما يلي:
الإخلاص فيجب على الناصح أن يكون مخلصاً في نصيحته، بمعنى أن ينصح لأنه يحب أن ينصح لا ليقال أنه نصح، كما أن من شروط النصيحة أن يكون الناصح عالماً بما ينصح به وينهى عنه، والرفق والتلطف بمن ينصحهم، وقد مدح اللهُ رسولهُ محمداً r بمكارم الأخلاق وسنى الخصال فقال جلّ من قائل: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[5] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn5) . وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }[6] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn6)
الرفقُ والمعاملة الحسنة الكريمة هي التي ألانت لرسول الله r قلوب الأعراب الغلاظ الجفاة وأدت إلى سرعة استجابتهم لدعوته وقبولها، والنصح والتواصي بالخير بالحق من صفات المؤمنين الصالحين وسبب من أسباب الفوز يوم الفزع الأكبر.
والخلاصة أنه ينبغي أن تكون النصيحة بين الناصح والمنصوح سراً، لأن طبيعة النفس البشرية، تحب ألا تبدو ناقصة أمام الآخرين ويترتب على هذه الطبيعة طبيعة أخرى، وهي أنها تبغض من يحاول أن يبدي بعض عيوبها أمام الآخرين بغضاً يجعلها تأبى قبول الإصلاح فيها وحتى وإن كان النقد في محله، والعيب موجوداً وذلك على سبيل العناد لمن بيّن هذه العيوب، ويعدون ذلك نوعاً من التوبيخ لا يرضون استماعه .
يتبع . . .
[1] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref1) سورة التوبة الآية 91
[2] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref2) سورة الأعراف الآية 62
[3] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref3) سورة الأعراف الآية 68
[4] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref4) رواه البخاري والترمذي
[5] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref5) سورة القلم الآية 4
[6] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref6) سورة آل عمران الآية 159
المطلب الأول : القيام بواجب النصيحة:
النصيحة كلمة تعبر عن جملة هي " إرادة الخير للمنصوح له" ، والنصيحة شأنها عظيم فحاجة المسلم إليها كحاجته للأكل والشرب والهواء ولا غنى له عنها، لأنها هي التي تبين الطريق وتبصر الإنسان بأخطائه وما يحيط به من مخاطر ومهالك.
والمسلم محتاج إلى النصح حاكماً أو محكوما رجلاً كان أو امرأة عالماً أو متعلماً، وما النصيحة إلا كلمة طيبة وموعظة فهي إذن تحتاج إلى شروط وأهم هذه الشروط: الإخلاص والعلم بما ينصح به وينهى عنه والرفق والتلطف بمن ينصحهم ويذكرهم، وقد تواترت الأدلة على وجوب النصيحة من الكتاب والسنة: لقوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[1] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn1) ، وقوله تعالى إخباراً عن نوح:
{ وَأَنصَحُ لَكُمْ }[2] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn2)
وقوله تعالى إخباراً عن هود: { وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ }[3] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn3)
ولقد عظّم رسول الله r أمر النصيحة فجعلها عماد الدين وقوامه، قال r: ( الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال لله وكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )[4] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn4)
في هذا الحديث الشريف حصر الرسول r الدين في النصيحة لعلو شأنها ولأنها بالتعميم الذي ذكره الرسول r شملت الدين كله.
ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - في هذا الصدد " أما النصيحة العامة للمسلمين فهي أن تحب لهم ما تحب لنفسك وأن تفتح لهم أبواب الخير وتحثهم عليها، وتغلق دونهم أبواب الشر وتحذرهم منها، وأن يتبادل المؤمنون المودة والإخاء وأن تنشر محاسنهم وتستر مساوئهم ... " والنصيحة لعامة المسلمين أمرها عظيم وفضلها جليل وعاقبتها حميدة، لقد روي عن الحسن البصري – رحمه الله، " أنه قال: قال بعض أصحاب النبي r " والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ويحببون عباد الله إلى الله ويسعون في الأرض بالنصيحة".
وقال الفضيل بن عياض: " ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك من عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة".
بعض الأمور التي لا بد من مراعاتها عند القيام بواجب النصيحة:
يوجد عدة أمور لا بد من توافرها إذا ما أريد للنصيحة أن تحقق الأهداف المتوخاة من تقديمها ومن أهم هذه الأمور ما يلي:
الإخلاص فيجب على الناصح أن يكون مخلصاً في نصيحته، بمعنى أن ينصح لأنه يحب أن ينصح لا ليقال أنه نصح، كما أن من شروط النصيحة أن يكون الناصح عالماً بما ينصح به وينهى عنه، والرفق والتلطف بمن ينصحهم، وقد مدح اللهُ رسولهُ محمداً r بمكارم الأخلاق وسنى الخصال فقال جلّ من قائل: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[5] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn5) . وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }[6] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftn6)
الرفقُ والمعاملة الحسنة الكريمة هي التي ألانت لرسول الله r قلوب الأعراب الغلاظ الجفاة وأدت إلى سرعة استجابتهم لدعوته وقبولها، والنصح والتواصي بالخير بالحق من صفات المؤمنين الصالحين وسبب من أسباب الفوز يوم الفزع الأكبر.
والخلاصة أنه ينبغي أن تكون النصيحة بين الناصح والمنصوح سراً، لأن طبيعة النفس البشرية، تحب ألا تبدو ناقصة أمام الآخرين ويترتب على هذه الطبيعة طبيعة أخرى، وهي أنها تبغض من يحاول أن يبدي بعض عيوبها أمام الآخرين بغضاً يجعلها تأبى قبول الإصلاح فيها وحتى وإن كان النقد في محله، والعيب موجوداً وذلك على سبيل العناد لمن بيّن هذه العيوب، ويعدون ذلك نوعاً من التوبيخ لا يرضون استماعه .
يتبع . . .
[1] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref1) سورة التوبة الآية 91
[2] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref2) سورة الأعراف الآية 62
[3] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref3) سورة الأعراف الآية 68
[4] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref4) رواه البخاري والترمذي
[5] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref5) سورة القلم الآية 4
[6] (http://www.bluwe.com/bluwe/newthread.php?do=newthread&f=12#_ftnref6) سورة آل عمران الآية 159