نواف النجيدي
06-16-2009, 05:22 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
حالتي كالآتي:
أمر بفترتين: الأولى: أكون فيها عصبي المزاج، أثور لأتفه الأسباب، وتكون دقات قلبي متسارعة أحيانا، وغير منتظمة أحيانا، ويصيبني الإمساك، ويكثر نومي، ولا أرغب بالجماع، ولا الاختلاط بأحد، أكون مقطّب الجبين عابساً طوال الفترة، ولا أضحك إلا نادراً، وتتأثر علاقاتي بالآخرين سلبا، وعلى عملي، حيث لا أكون في هذه الفترة مستمتعا بأي شيء، ويكون تركيزي وتفكيري ضعيفا.
والفترة الأخرى: عكس الفترة الأولى تماما، حيث أكون نشيطا ومستمتعا
ومقبلا على الحياة وعلى العبادة، وضاحكا مستبشرا أي على عكس الفترة الأولى تماما.
راجعت أطباء نفسيين فشخصوا حالتي على أنها اكتئاب، ووصفوا لي العلاجات التالية: البروزاك، والسيبرام، والزولوفت، والسيروكسات، والزاناكس، ودواء يوصف للفصام لا أذكر اسمه، تحسنت قليلا به، ولكن لم أكمله لخوفي منه، كل الأدوية التي ذكرتها سابقا أخذتها بالكمية والفترة الزمنية الكافيتين، وجربت الطب البديل ولم ينفع، وما زلت أعاني ويعاني من حولي خاصة عائلتي.
أرجو إفادتي ووصف العلاج المناسب لحالتي، وجزاكم الله خيرا.
الجـــواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أخي الكريم من وصفك لحالتك أرى أنك تعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية من النوع الاكتئابي، وفي مثل هذه الحالات تنتاب الإنسان نوبات من العصبية والقلق والاكتئاب تعقبها نوبات من الراحة النفسية، وربما بعض الانشراح البسيط، مثل هذه الحالات لا يستبعد مطلقا أن يشخصها بعض الأطباء بأنها حالات اضطراب وجداني أحادي القطبية بمعنى أن النوبات هي اكتئابية فقط، ولكن ما ذكرته من ارتياح فوق المعدل العادي يجعل التشخيص الأول هو الأقرب، وعموما فطرق العلاج متقاربة لأن حالتك ليست من نوع الاضطراب ثنائي القطبية من الدرجة الأولى.
أرجو أن تطمئن تماما بأن الحالة يمكن أن تعالج خاصة أنه الآن توجد أدوية فعالة وممتازة، فقط عليك الانتظام والالتزام بتناولها.
ما ذكرته من أن الطبيب وصف لك أحد الأدوية المضادة للفصام هذا ربما يكون من قبيل استعمال هذا الدواء كمثبت للمزاج، وليس لعلاج مرض الفصام، حيث إن الأدوية التي تستعمل لعلاج مرض الفصام مثل زبركسا، رزبيريدول، سيركويل، هي في الأصل تستعمل أيضا لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.
أخي الكريم أرى أن أحسن وصفة دوائية لحالتك هي أن تتناول 50 مليجرام (حبة واحدة) من العقار الذي يعرف باسم (زولفت) واسمه الآخر هو(لسترال) فهو مضاد ممتاز لعلاج القلق والاكتئاب، وقليل التأثيرات الجانبية، وبجانب الزولفت أرجو أن تتناول عقارا آخر وهو رزبيريدون وذلك بجرعة واحد مليجرام ليلا.
وأرى أنك في حاجة لهذه الأدوية لمدة عام كامل على الأقل، وسوف تجد فيها - إن شاء الله - فائدة كبيرة.
وأرجو أن لا تنس الجوانب النفسية والاجتماعية في العلاج، وهي أن تنظم وقتك وتستثمره بصورة صحيحة، وأن تكون دائما إيجابياً ومتفائلا، وأن تحرص على صلاة الجماعة ووردك القرآني، واعلم أن ممارسة الرياضة لها فوائد نفسية عظيمة.
وعليك أيضا أن تعبر عما بداخل نفسك؛ لأن ذلك هو خير وسيلة لما يعرف بالتفريغ النفسي، والذي يساعد في زوال العصبية والقلق والتوتر.
أسال الله تعالى لك الشفاء والعافية.
أنتهت إجابة الدكتور النفسي/ محمد عبدالعليم تليها إجابة المستشار الشرعي أحمد الهنداوي لمزيد الفائدة
--------------------------------
فإن هذا الوصف الدقيق الذي وصفته لحالتك والذي أشرت فيه إلى أنك تعاني من حالتين اثنتين: حالة تكون فيها منفعلاً تثور لأدنى الأسباب مع الحزن والانطواء والعبوس وعدم الشعور بالتفاعل الاجتماعي وكثرة النوم والخمول بسبب ذلك، والحالة الأولى على النقيض تمامًا وهي التي تكون فيها منشرح النفس مقبلاً على طاعة الله عز وجل، مقبلاً على العلاقات الاجتماعية، حسن التعامل، مبتسمًا منشرحًا، فهذه الحالة أقرب ما تكون إلى اضطرابات ثنائية القطب، وهي التي يعبر عنها أيضًا بالاكتئاب الثنائي القطب، أي أنك لك حالتان (قطبان) حالة تكون فيها مسرورًا منشرحًا كما وصفت، مقبل على أمورك وشؤونك وتتصرف بصورة إيجابية تمامًا وبراحة تامة، وحالة أخرى تكون على النقيض تمامًا وهذا يأتيك بصورة متكررة، فهذا هو وصف الاكتئاب ثنائي القطب، غير أنك - بحمد الله عز وجل – لا تعاني من حالة شديدة منه، بل حالتك حالة يسيرة ولو قيل إنها في مبادئه الأولى لما بعد ذلك؛ ولذلك فإن التشخيص قد يختلف في هذا الأمر نظرًا لأنك - بحمد الله عز وجل – لم تصل إلى مرحلة شديدة ولم يعرض لك شيء من الحدة في هذا الشأن أو عروض الهلاوس أو غير ذلك، فأنت بحمدِ الله سليم معافى غير أنك تعاني من هاتين الحالتين اللتين تعرضا لك، وسببهما في الحقيقة راجع إلى سبب لطيف انتبه له:
إنه التفكير القلقي، فهذا الذي عرض لك هو نتاج من القلق، فأنت لديك تفكير زائد في هذا المعنى، فلديك مثلاً هموم العمل وهموم هذه الحياة، عدم الرضى عن كثير من الأمور التي قد تقع لك، سواء كانت صادرة من أفعالك أو من أفعال غيرك، فيحصل لك تفكير طويل في هذا الأمر، وتسترسل معه، فيؤدي إلى شيء من الهم والحزن (كآبة)، وزيادة الاسترسال في هذا المعنى تصل إلى هذا الحد من الشعور بعدم الاستجابة للتفاعل الاجتماعي والحزن والهم المتصلين.
ثم بعد ذلك ينقطع كل ذلك فجأة فتعود لطبيعتك، وهذا في الحقيقة لو أردت أن تسأل عن سببه لوجدت أنه راجع إلى اضطرابات نفسية وسببها هو أن تفكيرك يتجه إلى الناحية السلبية تارة وتارة أخرى يكون معتدلاً فتتعامل مع الناس بصورة عادية وتجد نفسك منشرحًا هادئًا تمارس حياتك على أفضل الأحوال.
فالسبب الأول هو التفكير القلقي الذي نتج منه كل ما تجده الآن من هذه الآثار، ونبشرك بحمدِ الله أن الأمر يسير وليس بالصعب علاجه، ولكن يحتاج أيضًا إلى همة عالية وتشمير عن ساعديك في الأخذ بالخطوات التي تزيل عنك كل هذا الأثر؛ فأول خطوة هي:
1- الاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه، فها هو قول الله جل وعلا يعدك وعدًا واضحًا أنك إن توكلت عليه فإنك ستكفى كل شيء؛ قال تعالى: { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. أي فهو كافيه وناصره، فافزع إلى الله جل وعلا واعتمد عليه بقلبك وتضرع إليه، ألم يقل العبد الصالح خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}؟! فهذا هو سؤال المؤمن من أمثالك - إن شاء الله – وهو اللجوء إلى الله جل وعلا والتوكل عليه، فهذه من أعظم الخطوات، فما خاب من رجا الله جل وعلا. والخطوة الثانية هي:
2- القرب من الله جل وعلا، بحيث تكون قريبًا من ربك، بالمحافظة على صلاتك لاسيما صلاة الفجر، بالسجود لله جل وعلا متضرعًا خاشعًا منيبًا لتنال انشراح الصدر؛ قال تعالى: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. فنبه جل وعلا أن سبب انشراح الصدور ودفع الضيق الذي ينالها إنما يكون بالسجود لله والخضوع له والعمل بطاعته. وهذا نظير قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} ثم قال في آخرها: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} فأمره بالعبادة والتقرب إليه.
فطاعة الرحمن هي أسباب انشراح الصدر، كما أن البعد عن الله جل وعلا هي أسباب قسوة القلب وضيق النفس وظلمات الصدر، فعليك بطاعة الرحمن وعليك بالصدقة فإنها تزكي النفس وتشرحها، بل وتجعل هنالك متعة للنفس فإن المعطي الذي يبتغي وجه الله جل وعلا بعطائه ينال فرحة ولذة وسرورًا عندما يرى أنه أفرح الفقير المسكين، عليك بصلة أرحامك، عليك بأن تذهب إلى العمرة – إن استطعت إلى ذلك سبيلاً – أو إلى الحج؛ فإن هذا يفرج عن نفسك ويُشعرك بقربك من ربك، فهو سفر وسياحة وقربة وتغيير للأجواء وخلوة بالنفس، فهذا أمر عظيم ينبغي أن تحرص عليه – إن استطعت ذلك – لأن هذا يعينك على أن تكون تشعر أنك قريب من ربك، وبعيدا أيضًا عن كثير من المشاكل التي تعرض لك والتي قد تجلب لك التفكير الذي يؤدي إلى مثل هذه الحالة وهذه هي الخطوة الثالثة وهي:
3- الانتباه إلى هذا التفكير، فلابد أن تكون متيقظًا للخطرات التي ترد على نفسك، فمنذ هذه اللحظة تنبه لما يرد عليك على قلبك من هذه الخطرات، فاقطع التفكير السلبي، فمثلاً تفكيرك في مشاكل العمل الذي يأخذ منك وقتًا أو تفكيرك في بعض الهموم والمشاكل التي عرضت لك قديمًا أو حديثًا، أو نظرك في بعض المشاكل التي قد تحصل من الأولاد أو الأسرة ونحو ذلك، فحاول أن تتخلص من هذا التفكير وأن تكون متيقظًا لهذه الواردات التي ترد على نفسك، وهذه من أعظم الخطوات؛ لأنك إن استطعت أن تتحكم في أسلوب تفكيرك وتحوله من تفكير سلبي إلى تفكير إيجابي، فإنك سوف تتخلص من كل هذه المعاناة ولن تجد هذا الاضطراب الذي تجده في نفسك - بإذن الله عز وجل - .
والخطوة الرابعة هي:
4- العلاقات الاجتماعية، فحاول أن تتوسط فيها، فلا تكن مبالغًا في الاختلاط في الناس ولا تكن مجافيًا عنهم متوحدًا منفردًا، ولكن تعامل مع علاقاتك الاجتماعية تعاملاً لطيفًا معتدلاً وسطًا، فأنت تزور أرحامك، وأنت تشارك في المناسبات الاجتماعية، وأنت تقوم بعملك، وأنت تسلم وتصافح زملاءك وتسأل عن أحوالهم، فبهذا القدر من الاعتدال يحصل لك - بحمد الله عز وجل – شعور بالراحة والطمأنينة وحتى لو قُدر أن هنالك بعض المشاكل فستقابلها بأسلوب عادي ولن تجد منها انزعاجًا عظيمًا - بإذن الله عز وجل - .
والخطوة الخامسة هي:
5- التهوين والتيسير على نفسك، فالظاهر من حالك أنك صاحب اهتمام فيما يرد عليك من المشاكل، بحيث تعمل فكرك في هذه المشاكل وفي أسبابها وربما ظلت تتردد في نفسك، فينبغي حينئذ أن تكون متنبهًا إلى أنه إذا عرضت لك مشكلة أن تعاملها بشيء من الهدوء النفسي؛ لأن الدنيا لا تخلو من هذه المشاكل - كما لا يخفى على نظرك الكريم - وأنت المربي الفاضل، فالدنيا هي دار الآفات؛ ولذلك وصف الله جل وعلا جنته الكريمة العظيمة بأنها دار السلام: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. والخطوة السادسة هي:
6- الترويح عن نفسك بالأمور المباحة، فلا ينبغي أن تضيق على نفسك تضييقًا شديدًا؛ فإن لنفسك لربك عليك حقًّا ولنفسك عليك حقًّا ولأهلك عليك حقًّا، فأعط لكل ذي حق حقه، فينبغي أن تتلطف في هذا الأمر، فإن هذا يعين على تحقيق أفضل الدرجات، فإن حصول راحة النفس وهدوئها وإجمامها يعين على استمرارها ويزيل الملل ويذهب السآمة، فهنالك ممارسة الرياضة كرياضة المشي، وهي من أحسنها في مثل حالك؛ لأنها تنفس عن طاقاتك النفسية، وهنالك الأخذ بالطيبات باقتصاد واعتدال، ومما يفيدك أيضًا فائدة عظيمة هو التعبير عن مكنونات نفسك، وهي الخطوة السابعة:
7- فعبر عن نفسك لزوجتك الكريمة ولأولادك، بث همك إلى الله جل وعلا كما قال العبد الصالح: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}. وكما قال العبد البر أيوب – عليه الصلاة والسلام -: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. فهذه من أوكد الخطوات.
فالمطلوب منك إذن أن تنتبه لهذه الخطوات وأن تعمل بها وأن تأخذ بها شيئًا فشيئًا وستجد - بإذن الله عز وجل – أنك قد توصلت إلى أفضل النتائج وأقربها وفي وقت يسير ليس بالطويل، ونود أن تعيد الكتابة إلى الشبكة الإسلامية بعد ثلاثة أسابيع لمتابعة التواصل معك في هذا الأمر وتقديم الإرشاد والتوجيه مع التكرم بالإشارة إلى رقم هذه الاستشارة.
ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى.
حالتي كالآتي:
أمر بفترتين: الأولى: أكون فيها عصبي المزاج، أثور لأتفه الأسباب، وتكون دقات قلبي متسارعة أحيانا، وغير منتظمة أحيانا، ويصيبني الإمساك، ويكثر نومي، ولا أرغب بالجماع، ولا الاختلاط بأحد، أكون مقطّب الجبين عابساً طوال الفترة، ولا أضحك إلا نادراً، وتتأثر علاقاتي بالآخرين سلبا، وعلى عملي، حيث لا أكون في هذه الفترة مستمتعا بأي شيء، ويكون تركيزي وتفكيري ضعيفا.
والفترة الأخرى: عكس الفترة الأولى تماما، حيث أكون نشيطا ومستمتعا
ومقبلا على الحياة وعلى العبادة، وضاحكا مستبشرا أي على عكس الفترة الأولى تماما.
راجعت أطباء نفسيين فشخصوا حالتي على أنها اكتئاب، ووصفوا لي العلاجات التالية: البروزاك، والسيبرام، والزولوفت، والسيروكسات، والزاناكس، ودواء يوصف للفصام لا أذكر اسمه، تحسنت قليلا به، ولكن لم أكمله لخوفي منه، كل الأدوية التي ذكرتها سابقا أخذتها بالكمية والفترة الزمنية الكافيتين، وجربت الطب البديل ولم ينفع، وما زلت أعاني ويعاني من حولي خاصة عائلتي.
أرجو إفادتي ووصف العلاج المناسب لحالتي، وجزاكم الله خيرا.
الجـــواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أخي الكريم من وصفك لحالتك أرى أنك تعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية من النوع الاكتئابي، وفي مثل هذه الحالات تنتاب الإنسان نوبات من العصبية والقلق والاكتئاب تعقبها نوبات من الراحة النفسية، وربما بعض الانشراح البسيط، مثل هذه الحالات لا يستبعد مطلقا أن يشخصها بعض الأطباء بأنها حالات اضطراب وجداني أحادي القطبية بمعنى أن النوبات هي اكتئابية فقط، ولكن ما ذكرته من ارتياح فوق المعدل العادي يجعل التشخيص الأول هو الأقرب، وعموما فطرق العلاج متقاربة لأن حالتك ليست من نوع الاضطراب ثنائي القطبية من الدرجة الأولى.
أرجو أن تطمئن تماما بأن الحالة يمكن أن تعالج خاصة أنه الآن توجد أدوية فعالة وممتازة، فقط عليك الانتظام والالتزام بتناولها.
ما ذكرته من أن الطبيب وصف لك أحد الأدوية المضادة للفصام هذا ربما يكون من قبيل استعمال هذا الدواء كمثبت للمزاج، وليس لعلاج مرض الفصام، حيث إن الأدوية التي تستعمل لعلاج مرض الفصام مثل زبركسا، رزبيريدول، سيركويل، هي في الأصل تستعمل أيضا لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.
أخي الكريم أرى أن أحسن وصفة دوائية لحالتك هي أن تتناول 50 مليجرام (حبة واحدة) من العقار الذي يعرف باسم (زولفت) واسمه الآخر هو(لسترال) فهو مضاد ممتاز لعلاج القلق والاكتئاب، وقليل التأثيرات الجانبية، وبجانب الزولفت أرجو أن تتناول عقارا آخر وهو رزبيريدون وذلك بجرعة واحد مليجرام ليلا.
وأرى أنك في حاجة لهذه الأدوية لمدة عام كامل على الأقل، وسوف تجد فيها - إن شاء الله - فائدة كبيرة.
وأرجو أن لا تنس الجوانب النفسية والاجتماعية في العلاج، وهي أن تنظم وقتك وتستثمره بصورة صحيحة، وأن تكون دائما إيجابياً ومتفائلا، وأن تحرص على صلاة الجماعة ووردك القرآني، واعلم أن ممارسة الرياضة لها فوائد نفسية عظيمة.
وعليك أيضا أن تعبر عما بداخل نفسك؛ لأن ذلك هو خير وسيلة لما يعرف بالتفريغ النفسي، والذي يساعد في زوال العصبية والقلق والتوتر.
أسال الله تعالى لك الشفاء والعافية.
أنتهت إجابة الدكتور النفسي/ محمد عبدالعليم تليها إجابة المستشار الشرعي أحمد الهنداوي لمزيد الفائدة
--------------------------------
فإن هذا الوصف الدقيق الذي وصفته لحالتك والذي أشرت فيه إلى أنك تعاني من حالتين اثنتين: حالة تكون فيها منفعلاً تثور لأدنى الأسباب مع الحزن والانطواء والعبوس وعدم الشعور بالتفاعل الاجتماعي وكثرة النوم والخمول بسبب ذلك، والحالة الأولى على النقيض تمامًا وهي التي تكون فيها منشرح النفس مقبلاً على طاعة الله عز وجل، مقبلاً على العلاقات الاجتماعية، حسن التعامل، مبتسمًا منشرحًا، فهذه الحالة أقرب ما تكون إلى اضطرابات ثنائية القطب، وهي التي يعبر عنها أيضًا بالاكتئاب الثنائي القطب، أي أنك لك حالتان (قطبان) حالة تكون فيها مسرورًا منشرحًا كما وصفت، مقبل على أمورك وشؤونك وتتصرف بصورة إيجابية تمامًا وبراحة تامة، وحالة أخرى تكون على النقيض تمامًا وهذا يأتيك بصورة متكررة، فهذا هو وصف الاكتئاب ثنائي القطب، غير أنك - بحمد الله عز وجل – لا تعاني من حالة شديدة منه، بل حالتك حالة يسيرة ولو قيل إنها في مبادئه الأولى لما بعد ذلك؛ ولذلك فإن التشخيص قد يختلف في هذا الأمر نظرًا لأنك - بحمد الله عز وجل – لم تصل إلى مرحلة شديدة ولم يعرض لك شيء من الحدة في هذا الشأن أو عروض الهلاوس أو غير ذلك، فأنت بحمدِ الله سليم معافى غير أنك تعاني من هاتين الحالتين اللتين تعرضا لك، وسببهما في الحقيقة راجع إلى سبب لطيف انتبه له:
إنه التفكير القلقي، فهذا الذي عرض لك هو نتاج من القلق، فأنت لديك تفكير زائد في هذا المعنى، فلديك مثلاً هموم العمل وهموم هذه الحياة، عدم الرضى عن كثير من الأمور التي قد تقع لك، سواء كانت صادرة من أفعالك أو من أفعال غيرك، فيحصل لك تفكير طويل في هذا الأمر، وتسترسل معه، فيؤدي إلى شيء من الهم والحزن (كآبة)، وزيادة الاسترسال في هذا المعنى تصل إلى هذا الحد من الشعور بعدم الاستجابة للتفاعل الاجتماعي والحزن والهم المتصلين.
ثم بعد ذلك ينقطع كل ذلك فجأة فتعود لطبيعتك، وهذا في الحقيقة لو أردت أن تسأل عن سببه لوجدت أنه راجع إلى اضطرابات نفسية وسببها هو أن تفكيرك يتجه إلى الناحية السلبية تارة وتارة أخرى يكون معتدلاً فتتعامل مع الناس بصورة عادية وتجد نفسك منشرحًا هادئًا تمارس حياتك على أفضل الأحوال.
فالسبب الأول هو التفكير القلقي الذي نتج منه كل ما تجده الآن من هذه الآثار، ونبشرك بحمدِ الله أن الأمر يسير وليس بالصعب علاجه، ولكن يحتاج أيضًا إلى همة عالية وتشمير عن ساعديك في الأخذ بالخطوات التي تزيل عنك كل هذا الأثر؛ فأول خطوة هي:
1- الاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه، فها هو قول الله جل وعلا يعدك وعدًا واضحًا أنك إن توكلت عليه فإنك ستكفى كل شيء؛ قال تعالى: { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. أي فهو كافيه وناصره، فافزع إلى الله جل وعلا واعتمد عليه بقلبك وتضرع إليه، ألم يقل العبد الصالح خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}؟! فهذا هو سؤال المؤمن من أمثالك - إن شاء الله – وهو اللجوء إلى الله جل وعلا والتوكل عليه، فهذه من أعظم الخطوات، فما خاب من رجا الله جل وعلا. والخطوة الثانية هي:
2- القرب من الله جل وعلا، بحيث تكون قريبًا من ربك، بالمحافظة على صلاتك لاسيما صلاة الفجر، بالسجود لله جل وعلا متضرعًا خاشعًا منيبًا لتنال انشراح الصدر؛ قال تعالى: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. فنبه جل وعلا أن سبب انشراح الصدور ودفع الضيق الذي ينالها إنما يكون بالسجود لله والخضوع له والعمل بطاعته. وهذا نظير قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} ثم قال في آخرها: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} فأمره بالعبادة والتقرب إليه.
فطاعة الرحمن هي أسباب انشراح الصدر، كما أن البعد عن الله جل وعلا هي أسباب قسوة القلب وضيق النفس وظلمات الصدر، فعليك بطاعة الرحمن وعليك بالصدقة فإنها تزكي النفس وتشرحها، بل وتجعل هنالك متعة للنفس فإن المعطي الذي يبتغي وجه الله جل وعلا بعطائه ينال فرحة ولذة وسرورًا عندما يرى أنه أفرح الفقير المسكين، عليك بصلة أرحامك، عليك بأن تذهب إلى العمرة – إن استطعت إلى ذلك سبيلاً – أو إلى الحج؛ فإن هذا يفرج عن نفسك ويُشعرك بقربك من ربك، فهو سفر وسياحة وقربة وتغيير للأجواء وخلوة بالنفس، فهذا أمر عظيم ينبغي أن تحرص عليه – إن استطعت ذلك – لأن هذا يعينك على أن تكون تشعر أنك قريب من ربك، وبعيدا أيضًا عن كثير من المشاكل التي تعرض لك والتي قد تجلب لك التفكير الذي يؤدي إلى مثل هذه الحالة وهذه هي الخطوة الثالثة وهي:
3- الانتباه إلى هذا التفكير، فلابد أن تكون متيقظًا للخطرات التي ترد على نفسك، فمنذ هذه اللحظة تنبه لما يرد عليك على قلبك من هذه الخطرات، فاقطع التفكير السلبي، فمثلاً تفكيرك في مشاكل العمل الذي يأخذ منك وقتًا أو تفكيرك في بعض الهموم والمشاكل التي عرضت لك قديمًا أو حديثًا، أو نظرك في بعض المشاكل التي قد تحصل من الأولاد أو الأسرة ونحو ذلك، فحاول أن تتخلص من هذا التفكير وأن تكون متيقظًا لهذه الواردات التي ترد على نفسك، وهذه من أعظم الخطوات؛ لأنك إن استطعت أن تتحكم في أسلوب تفكيرك وتحوله من تفكير سلبي إلى تفكير إيجابي، فإنك سوف تتخلص من كل هذه المعاناة ولن تجد هذا الاضطراب الذي تجده في نفسك - بإذن الله عز وجل - .
والخطوة الرابعة هي:
4- العلاقات الاجتماعية، فحاول أن تتوسط فيها، فلا تكن مبالغًا في الاختلاط في الناس ولا تكن مجافيًا عنهم متوحدًا منفردًا، ولكن تعامل مع علاقاتك الاجتماعية تعاملاً لطيفًا معتدلاً وسطًا، فأنت تزور أرحامك، وأنت تشارك في المناسبات الاجتماعية، وأنت تقوم بعملك، وأنت تسلم وتصافح زملاءك وتسأل عن أحوالهم، فبهذا القدر من الاعتدال يحصل لك - بحمد الله عز وجل – شعور بالراحة والطمأنينة وحتى لو قُدر أن هنالك بعض المشاكل فستقابلها بأسلوب عادي ولن تجد منها انزعاجًا عظيمًا - بإذن الله عز وجل - .
والخطوة الخامسة هي:
5- التهوين والتيسير على نفسك، فالظاهر من حالك أنك صاحب اهتمام فيما يرد عليك من المشاكل، بحيث تعمل فكرك في هذه المشاكل وفي أسبابها وربما ظلت تتردد في نفسك، فينبغي حينئذ أن تكون متنبهًا إلى أنه إذا عرضت لك مشكلة أن تعاملها بشيء من الهدوء النفسي؛ لأن الدنيا لا تخلو من هذه المشاكل - كما لا يخفى على نظرك الكريم - وأنت المربي الفاضل، فالدنيا هي دار الآفات؛ ولذلك وصف الله جل وعلا جنته الكريمة العظيمة بأنها دار السلام: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. والخطوة السادسة هي:
6- الترويح عن نفسك بالأمور المباحة، فلا ينبغي أن تضيق على نفسك تضييقًا شديدًا؛ فإن لنفسك لربك عليك حقًّا ولنفسك عليك حقًّا ولأهلك عليك حقًّا، فأعط لكل ذي حق حقه، فينبغي أن تتلطف في هذا الأمر، فإن هذا يعين على تحقيق أفضل الدرجات، فإن حصول راحة النفس وهدوئها وإجمامها يعين على استمرارها ويزيل الملل ويذهب السآمة، فهنالك ممارسة الرياضة كرياضة المشي، وهي من أحسنها في مثل حالك؛ لأنها تنفس عن طاقاتك النفسية، وهنالك الأخذ بالطيبات باقتصاد واعتدال، ومما يفيدك أيضًا فائدة عظيمة هو التعبير عن مكنونات نفسك، وهي الخطوة السابعة:
7- فعبر عن نفسك لزوجتك الكريمة ولأولادك، بث همك إلى الله جل وعلا كما قال العبد الصالح: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}. وكما قال العبد البر أيوب – عليه الصلاة والسلام -: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. فهذه من أوكد الخطوات.
فالمطلوب منك إذن أن تنتبه لهذه الخطوات وأن تعمل بها وأن تأخذ بها شيئًا فشيئًا وستجد - بإذن الله عز وجل – أنك قد توصلت إلى أفضل النتائج وأقربها وفي وقت يسير ليس بالطويل، ونود أن تعيد الكتابة إلى الشبكة الإسلامية بعد ثلاثة أسابيع لمتابعة التواصل معك في هذا الأمر وتقديم الإرشاد والتوجيه مع التكرم بالإشارة إلى رقم هذه الاستشارة.
ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى.