الحسان
04-29-2005, 02:07 AM
تخيل لو طِلب منك أن تعبر عن هذا الموضوع ( تقابل قطان أحدهما سمين تبدو عليه آثار النعمة والآخر نحيف يدل منظره على سوء حاله , فماذا يقولان إذا حدث كلاً منهما الآخر )
( لطفاً اقطع الاتصال وحاول أن تعبر بمخيلتك عن الموضوع ثم عاود الاتصال للقراءة )
أديبنا الكبير مصطفى صادق الرافعي عبر عن هذا الموضوع , وضع الفكرة أولا ثم أنهى تعبيره بغاية أراد أن يوصلها للقارئ . اخترت لكم القليل من تعبيره
( السمين : مالي أراك متيبساً كالميت في قبره غير أنك لم تمت , أوليس الهر منا صورة مختزلة من الأسد , أفلا يسقونك اللبن ويأتونك بالسمك , وتمسحك المرأة بيديها ويتناولك الرجل
كما يتناول أبنه .
الهزيل : إن لك لحمة وشحمة ولبناً وسمكا , وتتطرح على الوسائد والطنافس نائماً ومتمددا , أما والله لقد جاءتك النعمة والبلادة معا وصلحت لك الحياة وفسدت منك الغريزة وربحت شبعاً
وخسرت لذة , عطفوا عليك وأفقدوك أن تعطف على نفسك , وقد صرت بينهم كالدجاجة تسمن لتذبح , غير أنهم يذبحونك دلالاً وملالا .
قال السمين : تالله لقد أكسبك الفقر حكمة وحياة , ناشدتك الله إلا ماوصفت لي هذه اللذات التي تعلو بالحياة عن مرتية الوجودالأصغر من الشبع وتستطيل بها إلى مرتبة الوجود الأكبر من
الرضى .
قال الهزيل : أما علمت - ويحك - أن المحنة في العيش هي فكرة وقوة وأن الفكرة والقوة هما لذة ومنفعة وأن لهفة الحرمان هي التي تضع في الكسب لذة الكسب وسعار الجوع هو الذي
يجعل في الطعام من المادة طعاماً آخر من الروح . وسر السعادة أن تكون فيك القوى الداخلية التي تجعل الأحسن أحسن مما يكون وتمنع الأسوأ أن يكون أسوأ مما هو . ولقد كنت الساعة
أختل فأرة انجحرت في هذا الشق فطعمت منها لذة وإن لم أطعم لحما , وبالأمس رماني طفل بحجر فأحدث لي وجعا ولكن الوجع أحدث لي الاحتراس .
قال السمين : وفي الدنيا كل هذه اللذات وأنا لا أدري ؟ هلم أتوحش معك ليكون لي مثل دهائك واحتيالك , فيكون لي مثل راحتك المكدودة ولذتك المتعبة ... فقطع عليه الهزيل وقال :
ياصاحبي إن عليك من لحمك ونعمتك علامة أسرك , فلا يلقانا أول طفل إلا هوى لك فأخذك أسيرا , فأنت على نفسك بلاء , وأنت بنفسك بلاء علي .
وكانت الفأرة التي انجحرت قد رأت ما بينهما فوثبت وثبة من ينجو بحياته و دخلت في باب مفتوح , ولمحها الهزيل فقال للسمين اذهب راشدا , فحسبك الآن من المعرفة بنفسك وموضعها
من الحياة . أن الوقوف معك ساعة هو ضياع رزق , وكذلك أمثالك في الدنيا , هم بألفاظهم في الأعلى وبمعانيهم في الأسفل .
qA
( مجموعة وحي القلم للأديب مصطفى صادق الرافعي تحفة أدبية لاغنى لمكتبتك المنزلية عنها )
( لطفاً اقطع الاتصال وحاول أن تعبر بمخيلتك عن الموضوع ثم عاود الاتصال للقراءة )
أديبنا الكبير مصطفى صادق الرافعي عبر عن هذا الموضوع , وضع الفكرة أولا ثم أنهى تعبيره بغاية أراد أن يوصلها للقارئ . اخترت لكم القليل من تعبيره
( السمين : مالي أراك متيبساً كالميت في قبره غير أنك لم تمت , أوليس الهر منا صورة مختزلة من الأسد , أفلا يسقونك اللبن ويأتونك بالسمك , وتمسحك المرأة بيديها ويتناولك الرجل
كما يتناول أبنه .
الهزيل : إن لك لحمة وشحمة ولبناً وسمكا , وتتطرح على الوسائد والطنافس نائماً ومتمددا , أما والله لقد جاءتك النعمة والبلادة معا وصلحت لك الحياة وفسدت منك الغريزة وربحت شبعاً
وخسرت لذة , عطفوا عليك وأفقدوك أن تعطف على نفسك , وقد صرت بينهم كالدجاجة تسمن لتذبح , غير أنهم يذبحونك دلالاً وملالا .
قال السمين : تالله لقد أكسبك الفقر حكمة وحياة , ناشدتك الله إلا ماوصفت لي هذه اللذات التي تعلو بالحياة عن مرتية الوجودالأصغر من الشبع وتستطيل بها إلى مرتبة الوجود الأكبر من
الرضى .
قال الهزيل : أما علمت - ويحك - أن المحنة في العيش هي فكرة وقوة وأن الفكرة والقوة هما لذة ومنفعة وأن لهفة الحرمان هي التي تضع في الكسب لذة الكسب وسعار الجوع هو الذي
يجعل في الطعام من المادة طعاماً آخر من الروح . وسر السعادة أن تكون فيك القوى الداخلية التي تجعل الأحسن أحسن مما يكون وتمنع الأسوأ أن يكون أسوأ مما هو . ولقد كنت الساعة
أختل فأرة انجحرت في هذا الشق فطعمت منها لذة وإن لم أطعم لحما , وبالأمس رماني طفل بحجر فأحدث لي وجعا ولكن الوجع أحدث لي الاحتراس .
قال السمين : وفي الدنيا كل هذه اللذات وأنا لا أدري ؟ هلم أتوحش معك ليكون لي مثل دهائك واحتيالك , فيكون لي مثل راحتك المكدودة ولذتك المتعبة ... فقطع عليه الهزيل وقال :
ياصاحبي إن عليك من لحمك ونعمتك علامة أسرك , فلا يلقانا أول طفل إلا هوى لك فأخذك أسيرا , فأنت على نفسك بلاء , وأنت بنفسك بلاء علي .
وكانت الفأرة التي انجحرت قد رأت ما بينهما فوثبت وثبة من ينجو بحياته و دخلت في باب مفتوح , ولمحها الهزيل فقال للسمين اذهب راشدا , فحسبك الآن من المعرفة بنفسك وموضعها
من الحياة . أن الوقوف معك ساعة هو ضياع رزق , وكذلك أمثالك في الدنيا , هم بألفاظهم في الأعلى وبمعانيهم في الأسفل .
qA
( مجموعة وحي القلم للأديب مصطفى صادق الرافعي تحفة أدبية لاغنى لمكتبتك المنزلية عنها )