لافي السرحاني
07-17-2009, 11:01 AM
الغريقة فاطمة تعيد فتح ملف صب مياه المجاري في البحر
مختصون: كورنيش النورس أخطر المواقع.. الأمانة: إيقاف المصبات المخالفة
http://www.3sl3.com/up/upfiles/bDG17641.jpg
إبراهيم علوي ـ جدة
نكأ حادث غرق الفتاة فاطمة الصعب قبالة شاطئ النورس في كورنيش جدة جرح العروس مع الصرف الصحي، وهذه المرة في بحرها الذي يعد عشاقه بالملايين، ولا عزاء لهم سوى صوت أمواجه الحزينة التي اختلطت بمياه الصرف الصحي، وفق ما أشارت إليه تقارير رسمية لعدة جهات ذات علاقة، وآخرها تقرير أمانة جدة الذي نوه بوجود 600 مصب نظامي وغير نظامي تصب في الكورنيش.
«عكـاظ» تابعت هذه المصبات من خلال جولة ميدانية لكشف حقيقة ما ورد بهذا التقرير ومعرفة مواقع المصبات. وكشفت الجولة عن مفاجاة تتمثل في أن العدد الأكبر من هذه المصبات يقع تحت سطح البحر بشكل مخفي لا ينظر للعيان ولا تستطيع الأمانة كشفه سوى عن طريق غواصين يقومون برصد تلك المواقع ورفعها إلى تفاصيل الجولة.
ورصدت الجولة مصبات نبهت إليها الأمانة لإغلاقها وجرى رصدها بالعدسة، بينما لا تزال مصبات أخرى تلقي بما يحمله جوفها إلى البحر، وهو ما كشفه حادث غرق فاطمة بعد أن ظهر للغواصين مصب ضخم يلقي كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي في الموقع، ما يفسر التهم التي ألقيت على المصب بكونه وراء حادث الغرق وإعاقة جهود البحث عن جثتها بسبب تلوث المياه بما يقذفه هذا المصب.
وهناك حقيقة لم ينكرها مسؤولو الأمانة، أن تلك المصبات تعود لجهات ترفيهية وفنادق وبعض المساكن في غرب جدة، تم توجيه خطابات لها لإيقاف عمليات صب المياه إلى جوف البحر، لكن يبدو أن صب مياه الصرف لا يزال مستمرا، بعد أن رصدت جولة «عكـاظ» أمس ظهور كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي حول الموقع الذي غرقت فيه فاطمة. وهذا الأمر وراء عدم إيقاف رجال حرس الحدود ورجال البحرية عمليات البحث عن الجثة، مكتفين بالتسلح بتطعيمات وقائية خوفا من وجود مضاعفات من مياه الصرف.
ويتسق ذلك مع تحذير مختصون في علوم البحار من التلوث الكبير الواقع في ما يعرف ببحيرة النورس، والذي اعتبرها المختصون الأكثر تلوثا، ما تسبب في نشوء ظاهرة (الموت الأحمر) حيث الطحالب القاتلة التي تتكون بسبب التلوث وتسبب الشلل وتغتال الأسماك الصغيرة.
أخطر المواقع
ويؤكد الأستاذ بكلية علوم البحار الدكتور علي عشقي أن كورنيش جدة يحتاج إلى جهود كبيرة حتى تعود له عافيته. ويضيف أنه شارك في أبحاث عديدة لرصد التلوث البحري، مشيرا إلى أن أخطر المواقع الملوثة تقع أمام ميدان النورس، حيث يوجد أنبوب ضخم يفرغ محتوياته في البحر، وتشكل ظاهرة المد الأحمر أخطر أنواع التلوث.
ودعا إلى الارتقاء بالثقافة البيئية لدى كافة شرائح المجتمع.
أدوات قياس
ويكشف مساعد وكيل أمين جدة للخدمات للإصحاح البيئي الدكتور محمد بن إسماعيل عبد السلام أن الأمانة ثبت لديها أن هناك محطات مياه معالجة تابعة لشركة المياه الوطنية لا تتقيد بالمواصفات والمقاييس التابعة للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وقال: ظهر لدينا أن بعض محطات المعالجة تتعرض للعطل وتبدأ في إخراج مياه صرف صحي غير معالجة للبحر، وآمل أن تتنبه هذه المحطات لما يصدر منها كواجب وطني.
وأوضح أن الأمانة تعتزم وضع أدوات بهدف قياس مخرجات هذه المحطات من المياه، على مدار 24 ساعة خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن الأمانة استنفرت جهودها في هذا المجال نظرا للزيادة الملحوظة في رقعة التلوث في كورنيش جدة واختلاط المياه بالمواد الكيميائية، لذا سعت الأمانة لإيقاف جميع المصبات غير النظامية على الكورنيش حفاظا على الصحة العامة.
وقائع
ولفت عبد السلام إلى رصد مصبات خاصة في منشآت خاصة تصب في الكورنيش بعضها خاص بفنادق وأخرى بقصور ومنازل جرى مخاطبتها بهذا الخصوص. وقال إن تلك المنشآت تضع محطات معالجة بشكل صوري ولا تعمل على معالجة المياه التي تنفثها فيما بعد إلى البحر.
وأكد أن أمانة جدة اتخذت ذلك بناء على التوجيهات السامية وتطبيقا لقرارات مجلس المنطقة، في ظل معاناة سواحل محافظة جدة من الزيادة الملحوظة في تركيز الملوثات الناتجة عن كثرة التصريف في البحر مباشرة عبر مصبات غير نظامية ناتجة عن مياه الصرف الصحي، أو المياه المختلطة بمواد كيميائية مخالفة للمعايير القياسية الصادرة عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
وأشار إلى أن البيئة البحرية أحد مكونات الطبيعة الأساسية التي نسعى للاهتمام بها وحمايتها من جميع العوامل التي قد تؤدي إلى تلويثها والإضرار بها، لأنها ملك للجميع وكلنا مؤتمنون عليها، وهذا التزام أخلاقي أكثر من كونه قانونيا. وأضاف أن اللجنة المعنية المنبثقة عن اللجنة الوزارية المشكلة بموجب الأمر السامي أنهت المرحلة الأولى من حصر المصبات غير النظامية والنظامية وبلغ عددها 600 مصب.
واستطرد عبد السلام، منوها بأن هذا العدد المعلن لا يعني أن جميعها تصب في البحر، حيث تم حصر جميع الأنابيب التي تصب وتلك التي لا تصب في البحر كحصر شامل، لكن ما يصب في البحر يشكل 10 في المائة من المجموع الإجمالي.
تصحيح الأوضاع
وأضاف أنه تم إشعار جميع المنشآت المخالفة بضرورة تصحيح أوضاعها، إما بإغلاق المصب، أو توظيف محطات لمعالجة الصرف الصحي حسب المواصفات المطلوبة ومتابعة تشغيلها من جانب أمانة محافظة جدة. وتم إعطاء الوقت الكافي لتصحيح الوضع، واللجنة المعنية ستبدأ هذا الأسبوع في متابعة جميع المصبات المرصودة، وتحرير الإنذار الثاني والأخير للمخالفين، مع البدء في إغلاق المصبات المخالفة وتحرير المخالفات. وشدد على ضرورة تقيد ملاك المنشآت على الواجهة البحرية بالأنظمة، والإسراع في تصحيح الوضع.
وأكد عبد السلام رصد الأمانة منشآت تباشر صب مياه الصرف الصحي المختلفة في ساعات مبكرة من الصباح من خلال مصبات ويجري حاليا متابعتها. وقال إن هناك مصبات نظامية وأخرى غير نظامية وسيتم إعداد تقرير شامل وتفصيلي عنها، وهذه المشاكل البيئية تراكمات على مدار السنوات الماضية، لكن هذا لا يمنعنا من معالجتها.
وأشار إلى أن جهود الأمانة تسير حاليا للوصول إلى كافة الخرائط الخاصة بشبكات الصرف الصحي التي نصبت في المحافظة سواء النظامية أو غير النظامية، وذلك بعد أن وصلتنا الخرائط الخاصة بشبكات المياه الخاصة بالأمطار والسيول، ولكن حتى الآن لم يتم الوصول إلى خرائط الصرف الصحي وتمت مخاطبتهم بهذا الخصوص.
تقنيات حديثة
من جهته يحذر صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، من المبالغة في وصف البيئة البحرية في البحر الأحمر بالكاراثية، مشيرا إلى أن هناك جهودا كبيرة تبذل لحل قضايا سكب مياه الصرف الصحي في البحر الأحمر. وأضاف أنه يجري حاليا مناقشة كيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة لمعالجة هذه المياه والحفاظ على البيئة البحرية.
ويشير مدير الإعلام التنموي في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني إلى أن الرئاسة تقوم بجهود مضنية بالاشتراك مع الجهات المعنية في أمانة جدة ووزارة المياه لإنهاء مشكلة سكب مياه الصرف الصحي في الكورنيش، وكذلك المياه المعالجة في البحر، كونها من المعوقات المهمة التي تعاني منها البيئة البحرية في جدة.
ويؤكد أن هناك مشاريع تقوم أمانة جدة بتنفيذها لمعالجة مشكلة الصرف الصحي في محافظة جدة، ويجري العمل على إيجاد محطات معالجة ستحد من عملية إلقاء مياه الصرف الصحي. ونوه بمخاطر بيئية تحدثها عملية سكب مياه الصرف الصحي في البحر، والتي تحدث تلوثا في المنطقة المحيطة للمصب، بالإضافة إلى التأثير على الكائنات البحرية وإحداث تغير في بيولوجية البحر.
كورنيش الخمرة
ويعود أستاذ الدراسات البيئية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور علي عشقي، مؤكدا أن أكثر من 400 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي تصب في كورنيش الخمرة جنوب جدة بشكل يومي دون معالجة مسبقة ما ينذر بكارثة بيئية مقبلة، لكن بدرجات إلى أن تزداد. وقال: أجرينا عددا من الدراسات على المياه القريبة من منطقة الخمرة وثبت أنها ملوثة بنسب تفوق 100 في المائة، حيث يوجد فيها تراكمات ويجب على المختصين احتواء الوضع قبل تفاقمه، مضيفا أن المنطقة الواقعة في دوار النورس أصبحت تشكل خطرا كبيرا على مرتادي شواطئها حيث يوجد فيها مصبات متخفية تصب في البحيرة جاءت من جهات حكومية وخاصة، على حد قوله.
لا كوارث
وبنظرة أكثر تفاؤلا، يقول مستشار أمانة جدة للبيئة وأستاذ علم السموم المشارك في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور نبيل أبو خطوة إن شواطئ جدة بصفة عامة ما زالت بخير، ولم تصل إلى حد الكارثة البيئية التي يصورها البعض دون دراسة علمية.
وأضاف أن الأمانة تقوم حاليا برصد معظم مواقع هذه المصبات 600 مصب بين نظامي وغير نظامي، تصب في البحر مباشرة بأجهزة الـ GPS، حيث أن جميع المصبات غير النظامية ــ مجهولة المصدر ــ يجري العمل على إغلاقها. ودعا الجهات التي تصب مياه الصرف الصحي في البحر بطريقة غير النظامية إلى تحمل تبعات عملها، فإما أن تكون لديها محطة معالجة خاصة بها، وإما أن تتعاقد مع مقاول لتجميع هذه المياه في صهاريج، ونقلها إلى محطات المعالجة.
تلوث مياه البحر يحول البحث عن فاطمة إلى مهمة مستحيلة
عيد الحارثي ـ جدة
اعترف المتحدث الإعلامي لحرس الحدود في منطقة مكة المكرمة المقدم صالح الشهري بأن فريق الغوص الباحث عن جثة الفتاة الغريقة فاطمة الصعب التي لا يزال البحث جاريا عن جثتها منذ أسبوع، واجهته مشكلة في البحث نظرا لكون المنطقة من المناطق الملوثة والضحلة نتيجة صب مياه الصرف الصحي فيها.
وأشار الشهري إلى الاستعانة بفريق أجهزة دقيقة ذات تقنية عالية للكشف على الجثة، مبينا أنه تمت زيادة عدد الغواصين إلى 40 غواصا بعد أن كان 26 غواصا، بالإضافة إلى تكليف أربعة زوارق بحرية وحوامة لتمشيط المنطقة غير أن فرص العثور على الجثة تضاءلت.
وتواصل أمس توافد أعداد من المصطافين لشاطئ النورس في كورنيش جدة لتفقد الموقع الذي شهد اللحظات الأخيرة للغريقة فاطمة الصعب. وأحدثت طيور النورس التي كانت تتجمع في آخر منطقة شوهدت فيها الغريقة بكثافة حراكا بين أعداد المتابعين الذين تبادر إليهم أنها تحوم فوق جسم يطفو فوق المياه، حيث تسببت الأمواج المختلطة بمياه الصرف في إحداث خداع بصري ما حدا بأحدهم إلى النزول في المنطقة المعاكسة للتيار على أمل أن يسعفه الحظ في العثور على جثة الغريقة أو ما يدل على أثرها وكانت المفاجأة أن الجسم الطافي بقايا كراتين ورقية ألقيت في كيس نفايات به بقايا أطعمة جذبت طيور النورس إليها.
عزيز خميس، أحد المصطافين، قال إنه أتى إلى جدة لقضاء بعض الوقت برفقة أسرته قادما من الطائف. وسمع بالحدث وأتى للموقع وشده منظر التجمع الكبير لطيور النورس في آخر موقع شوهدت فيه الفتاة الغارقة فاستجمع قواه ودخل المياه بحذر ووجدها تتجمع حول كيس نفايات.
ياسر كردي وخالد مهنا وخالد زاهد من أبناء جدة شاهدوا التجمع الكثيف ولم يكن لديهم علم مسبق بالحادث، يشيرون باستغراب إلى لوحة تحذيرية معروضة بخجل لتوعية المتنزهين من خطورة المكان مع عدم وجود حواجز أو موانع لتحذير مرتادي الشاطئ من النزول إلى المنطقة لتفادي التلوث والوقوع ضحية لتيار الصرف الصحي.
بعض المتواجدون أبدى استغرابا من عدم ظهور الجثة حتى الآن.
مختصون: كورنيش النورس أخطر المواقع.. الأمانة: إيقاف المصبات المخالفة
http://www.3sl3.com/up/upfiles/bDG17641.jpg
إبراهيم علوي ـ جدة
نكأ حادث غرق الفتاة فاطمة الصعب قبالة شاطئ النورس في كورنيش جدة جرح العروس مع الصرف الصحي، وهذه المرة في بحرها الذي يعد عشاقه بالملايين، ولا عزاء لهم سوى صوت أمواجه الحزينة التي اختلطت بمياه الصرف الصحي، وفق ما أشارت إليه تقارير رسمية لعدة جهات ذات علاقة، وآخرها تقرير أمانة جدة الذي نوه بوجود 600 مصب نظامي وغير نظامي تصب في الكورنيش.
«عكـاظ» تابعت هذه المصبات من خلال جولة ميدانية لكشف حقيقة ما ورد بهذا التقرير ومعرفة مواقع المصبات. وكشفت الجولة عن مفاجاة تتمثل في أن العدد الأكبر من هذه المصبات يقع تحت سطح البحر بشكل مخفي لا ينظر للعيان ولا تستطيع الأمانة كشفه سوى عن طريق غواصين يقومون برصد تلك المواقع ورفعها إلى تفاصيل الجولة.
ورصدت الجولة مصبات نبهت إليها الأمانة لإغلاقها وجرى رصدها بالعدسة، بينما لا تزال مصبات أخرى تلقي بما يحمله جوفها إلى البحر، وهو ما كشفه حادث غرق فاطمة بعد أن ظهر للغواصين مصب ضخم يلقي كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي في الموقع، ما يفسر التهم التي ألقيت على المصب بكونه وراء حادث الغرق وإعاقة جهود البحث عن جثتها بسبب تلوث المياه بما يقذفه هذا المصب.
وهناك حقيقة لم ينكرها مسؤولو الأمانة، أن تلك المصبات تعود لجهات ترفيهية وفنادق وبعض المساكن في غرب جدة، تم توجيه خطابات لها لإيقاف عمليات صب المياه إلى جوف البحر، لكن يبدو أن صب مياه الصرف لا يزال مستمرا، بعد أن رصدت جولة «عكـاظ» أمس ظهور كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي حول الموقع الذي غرقت فيه فاطمة. وهذا الأمر وراء عدم إيقاف رجال حرس الحدود ورجال البحرية عمليات البحث عن الجثة، مكتفين بالتسلح بتطعيمات وقائية خوفا من وجود مضاعفات من مياه الصرف.
ويتسق ذلك مع تحذير مختصون في علوم البحار من التلوث الكبير الواقع في ما يعرف ببحيرة النورس، والذي اعتبرها المختصون الأكثر تلوثا، ما تسبب في نشوء ظاهرة (الموت الأحمر) حيث الطحالب القاتلة التي تتكون بسبب التلوث وتسبب الشلل وتغتال الأسماك الصغيرة.
أخطر المواقع
ويؤكد الأستاذ بكلية علوم البحار الدكتور علي عشقي أن كورنيش جدة يحتاج إلى جهود كبيرة حتى تعود له عافيته. ويضيف أنه شارك في أبحاث عديدة لرصد التلوث البحري، مشيرا إلى أن أخطر المواقع الملوثة تقع أمام ميدان النورس، حيث يوجد أنبوب ضخم يفرغ محتوياته في البحر، وتشكل ظاهرة المد الأحمر أخطر أنواع التلوث.
ودعا إلى الارتقاء بالثقافة البيئية لدى كافة شرائح المجتمع.
أدوات قياس
ويكشف مساعد وكيل أمين جدة للخدمات للإصحاح البيئي الدكتور محمد بن إسماعيل عبد السلام أن الأمانة ثبت لديها أن هناك محطات مياه معالجة تابعة لشركة المياه الوطنية لا تتقيد بالمواصفات والمقاييس التابعة للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وقال: ظهر لدينا أن بعض محطات المعالجة تتعرض للعطل وتبدأ في إخراج مياه صرف صحي غير معالجة للبحر، وآمل أن تتنبه هذه المحطات لما يصدر منها كواجب وطني.
وأوضح أن الأمانة تعتزم وضع أدوات بهدف قياس مخرجات هذه المحطات من المياه، على مدار 24 ساعة خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن الأمانة استنفرت جهودها في هذا المجال نظرا للزيادة الملحوظة في رقعة التلوث في كورنيش جدة واختلاط المياه بالمواد الكيميائية، لذا سعت الأمانة لإيقاف جميع المصبات غير النظامية على الكورنيش حفاظا على الصحة العامة.
وقائع
ولفت عبد السلام إلى رصد مصبات خاصة في منشآت خاصة تصب في الكورنيش بعضها خاص بفنادق وأخرى بقصور ومنازل جرى مخاطبتها بهذا الخصوص. وقال إن تلك المنشآت تضع محطات معالجة بشكل صوري ولا تعمل على معالجة المياه التي تنفثها فيما بعد إلى البحر.
وأكد أن أمانة جدة اتخذت ذلك بناء على التوجيهات السامية وتطبيقا لقرارات مجلس المنطقة، في ظل معاناة سواحل محافظة جدة من الزيادة الملحوظة في تركيز الملوثات الناتجة عن كثرة التصريف في البحر مباشرة عبر مصبات غير نظامية ناتجة عن مياه الصرف الصحي، أو المياه المختلطة بمواد كيميائية مخالفة للمعايير القياسية الصادرة عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
وأشار إلى أن البيئة البحرية أحد مكونات الطبيعة الأساسية التي نسعى للاهتمام بها وحمايتها من جميع العوامل التي قد تؤدي إلى تلويثها والإضرار بها، لأنها ملك للجميع وكلنا مؤتمنون عليها، وهذا التزام أخلاقي أكثر من كونه قانونيا. وأضاف أن اللجنة المعنية المنبثقة عن اللجنة الوزارية المشكلة بموجب الأمر السامي أنهت المرحلة الأولى من حصر المصبات غير النظامية والنظامية وبلغ عددها 600 مصب.
واستطرد عبد السلام، منوها بأن هذا العدد المعلن لا يعني أن جميعها تصب في البحر، حيث تم حصر جميع الأنابيب التي تصب وتلك التي لا تصب في البحر كحصر شامل، لكن ما يصب في البحر يشكل 10 في المائة من المجموع الإجمالي.
تصحيح الأوضاع
وأضاف أنه تم إشعار جميع المنشآت المخالفة بضرورة تصحيح أوضاعها، إما بإغلاق المصب، أو توظيف محطات لمعالجة الصرف الصحي حسب المواصفات المطلوبة ومتابعة تشغيلها من جانب أمانة محافظة جدة. وتم إعطاء الوقت الكافي لتصحيح الوضع، واللجنة المعنية ستبدأ هذا الأسبوع في متابعة جميع المصبات المرصودة، وتحرير الإنذار الثاني والأخير للمخالفين، مع البدء في إغلاق المصبات المخالفة وتحرير المخالفات. وشدد على ضرورة تقيد ملاك المنشآت على الواجهة البحرية بالأنظمة، والإسراع في تصحيح الوضع.
وأكد عبد السلام رصد الأمانة منشآت تباشر صب مياه الصرف الصحي المختلفة في ساعات مبكرة من الصباح من خلال مصبات ويجري حاليا متابعتها. وقال إن هناك مصبات نظامية وأخرى غير نظامية وسيتم إعداد تقرير شامل وتفصيلي عنها، وهذه المشاكل البيئية تراكمات على مدار السنوات الماضية، لكن هذا لا يمنعنا من معالجتها.
وأشار إلى أن جهود الأمانة تسير حاليا للوصول إلى كافة الخرائط الخاصة بشبكات الصرف الصحي التي نصبت في المحافظة سواء النظامية أو غير النظامية، وذلك بعد أن وصلتنا الخرائط الخاصة بشبكات المياه الخاصة بالأمطار والسيول، ولكن حتى الآن لم يتم الوصول إلى خرائط الصرف الصحي وتمت مخاطبتهم بهذا الخصوص.
تقنيات حديثة
من جهته يحذر صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، من المبالغة في وصف البيئة البحرية في البحر الأحمر بالكاراثية، مشيرا إلى أن هناك جهودا كبيرة تبذل لحل قضايا سكب مياه الصرف الصحي في البحر الأحمر. وأضاف أنه يجري حاليا مناقشة كيفية الاستفادة من التقنيات الحديثة لمعالجة هذه المياه والحفاظ على البيئة البحرية.
ويشير مدير الإعلام التنموي في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني إلى أن الرئاسة تقوم بجهود مضنية بالاشتراك مع الجهات المعنية في أمانة جدة ووزارة المياه لإنهاء مشكلة سكب مياه الصرف الصحي في الكورنيش، وكذلك المياه المعالجة في البحر، كونها من المعوقات المهمة التي تعاني منها البيئة البحرية في جدة.
ويؤكد أن هناك مشاريع تقوم أمانة جدة بتنفيذها لمعالجة مشكلة الصرف الصحي في محافظة جدة، ويجري العمل على إيجاد محطات معالجة ستحد من عملية إلقاء مياه الصرف الصحي. ونوه بمخاطر بيئية تحدثها عملية سكب مياه الصرف الصحي في البحر، والتي تحدث تلوثا في المنطقة المحيطة للمصب، بالإضافة إلى التأثير على الكائنات البحرية وإحداث تغير في بيولوجية البحر.
كورنيش الخمرة
ويعود أستاذ الدراسات البيئية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور علي عشقي، مؤكدا أن أكثر من 400 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي تصب في كورنيش الخمرة جنوب جدة بشكل يومي دون معالجة مسبقة ما ينذر بكارثة بيئية مقبلة، لكن بدرجات إلى أن تزداد. وقال: أجرينا عددا من الدراسات على المياه القريبة من منطقة الخمرة وثبت أنها ملوثة بنسب تفوق 100 في المائة، حيث يوجد فيها تراكمات ويجب على المختصين احتواء الوضع قبل تفاقمه، مضيفا أن المنطقة الواقعة في دوار النورس أصبحت تشكل خطرا كبيرا على مرتادي شواطئها حيث يوجد فيها مصبات متخفية تصب في البحيرة جاءت من جهات حكومية وخاصة، على حد قوله.
لا كوارث
وبنظرة أكثر تفاؤلا، يقول مستشار أمانة جدة للبيئة وأستاذ علم السموم المشارك في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور نبيل أبو خطوة إن شواطئ جدة بصفة عامة ما زالت بخير، ولم تصل إلى حد الكارثة البيئية التي يصورها البعض دون دراسة علمية.
وأضاف أن الأمانة تقوم حاليا برصد معظم مواقع هذه المصبات 600 مصب بين نظامي وغير نظامي، تصب في البحر مباشرة بأجهزة الـ GPS، حيث أن جميع المصبات غير النظامية ــ مجهولة المصدر ــ يجري العمل على إغلاقها. ودعا الجهات التي تصب مياه الصرف الصحي في البحر بطريقة غير النظامية إلى تحمل تبعات عملها، فإما أن تكون لديها محطة معالجة خاصة بها، وإما أن تتعاقد مع مقاول لتجميع هذه المياه في صهاريج، ونقلها إلى محطات المعالجة.
تلوث مياه البحر يحول البحث عن فاطمة إلى مهمة مستحيلة
عيد الحارثي ـ جدة
اعترف المتحدث الإعلامي لحرس الحدود في منطقة مكة المكرمة المقدم صالح الشهري بأن فريق الغوص الباحث عن جثة الفتاة الغريقة فاطمة الصعب التي لا يزال البحث جاريا عن جثتها منذ أسبوع، واجهته مشكلة في البحث نظرا لكون المنطقة من المناطق الملوثة والضحلة نتيجة صب مياه الصرف الصحي فيها.
وأشار الشهري إلى الاستعانة بفريق أجهزة دقيقة ذات تقنية عالية للكشف على الجثة، مبينا أنه تمت زيادة عدد الغواصين إلى 40 غواصا بعد أن كان 26 غواصا، بالإضافة إلى تكليف أربعة زوارق بحرية وحوامة لتمشيط المنطقة غير أن فرص العثور على الجثة تضاءلت.
وتواصل أمس توافد أعداد من المصطافين لشاطئ النورس في كورنيش جدة لتفقد الموقع الذي شهد اللحظات الأخيرة للغريقة فاطمة الصعب. وأحدثت طيور النورس التي كانت تتجمع في آخر منطقة شوهدت فيها الغريقة بكثافة حراكا بين أعداد المتابعين الذين تبادر إليهم أنها تحوم فوق جسم يطفو فوق المياه، حيث تسببت الأمواج المختلطة بمياه الصرف في إحداث خداع بصري ما حدا بأحدهم إلى النزول في المنطقة المعاكسة للتيار على أمل أن يسعفه الحظ في العثور على جثة الغريقة أو ما يدل على أثرها وكانت المفاجأة أن الجسم الطافي بقايا كراتين ورقية ألقيت في كيس نفايات به بقايا أطعمة جذبت طيور النورس إليها.
عزيز خميس، أحد المصطافين، قال إنه أتى إلى جدة لقضاء بعض الوقت برفقة أسرته قادما من الطائف. وسمع بالحدث وأتى للموقع وشده منظر التجمع الكبير لطيور النورس في آخر موقع شوهدت فيه الفتاة الغارقة فاستجمع قواه ودخل المياه بحذر ووجدها تتجمع حول كيس نفايات.
ياسر كردي وخالد مهنا وخالد زاهد من أبناء جدة شاهدوا التجمع الكثيف ولم يكن لديهم علم مسبق بالحادث، يشيرون باستغراب إلى لوحة تحذيرية معروضة بخجل لتوعية المتنزهين من خطورة المكان مع عدم وجود حواجز أو موانع لتحذير مرتادي الشاطئ من النزول إلى المنطقة لتفادي التلوث والوقوع ضحية لتيار الصرف الصحي.
بعض المتواجدون أبدى استغرابا من عدم ظهور الجثة حتى الآن.