لافي السرحاني
08-07-2009, 06:10 PM
تفاصيل خطبتي الحرمين الشريفين
07/08/2009
لجينيات - مكة المكرمة 16 شعبان 1430هـ الموافق 7 اغسطس 2009 م واس
أوصى امام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ صالح بن محمد ال طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن واتباع آوامره واجتناب نواهيه ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى داعيا فضيلته إلى حب الانتماء إلى الوطن والغيرة عليه وعدم الإنحراف وراء الدعايات الكاذبه والمعادية للوطن 0
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها بالمسجد الحرام إن المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان هو أمر غريزي وطبيعة طبع الله النفوس عليها ويكفي لجرح مشاعر إنسان أن تشير بأن لاوطن له مشيرا فضيلته إلى أن البشر يألفون أرضهم على ما بها حتى ولو كانت قفرا مستوحشا وحب الأوطان تجعل الانسان يستريح إلى البقاء فيه ويحن إذا غاب عنه ويدافع عنه إذا هوجم ويغضب عنه إذا انتقص والوطنية بهذا المفهوم الطبيعي أمر غير مستغرب 0
وأوضح الشيخ آل طالب أن الإسلام لايغير انتماء الناس إلى أرضهم ولا شعوبهم ولاقبائلهم فقد بقي بلال حبشيا وصهيب روميا وسلمان فارسيا ولم يتضارب ذلك مع انتمائهم العظيم للاسلام مبينا فضيلته أنه من المغالطة الإيهام بالتعارض بين الوطنيه بمفهومها الطبيعي وبين الاسلام وأن تصوير هذا التعارض ليس إلاحيلة للنيل من الإسلام واستغلال من المحبة للوطن لإيهام الناس أن التمسك بتفاصيل الشريعة يعطل بعض مصالح الوطن 0
وأشار فضيلته إلى أننا لانطالب غلوا بغلو ويجب أن لانستفز من قبل من غالى في الوطنيه ورفع شعارها ندا للإسلام ليجعلنا نتجاهل حقوق الوطن ونتساهل فيه مشيرا فضيلته إلى عدم السير خلف الشعارات المستوردة والمصطلحات الدخيلة
وأوضح امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب في سياق خطبته أن المفهوم المستورد للوطنيه يرفضه الإسلام فهو مفهوم مستحدث في ثقافتنا ومعنى فاسد حين يجعله وثنا تسخر له كل المبادئ ولوعارضت الإسلام ويؤدي الى اقصاء شريعة الله وتقسيم الناس الى أحزاب وطوائف تتباغض وتتناحر ويكيد بعضها لبعض ويفتح الباب واسعا أمام العدو لتحقيق أهدافه ومراميه 0
وأكد فضيلته أن من مقتضيات الإنتماء للوطن محبته والإفتخار به وصيانته والدفاع عنه والنصيحة له والحرص على سلامته واحترام أفراداه وتقدير علمائه وطاعة ولاة أمره ومن مقتضيات الوطنية القيام بالواجبات والمسؤليات كلا في موقعه مع الأمانة والصدق واحترام نظمه بالمحافظة على مرافقه وموارده الإقتصادية والحرص على مكتسباته والحذر من كل مايؤدي إلى نقصه 0
وطالب الشيخ آل طالب في خطبته بالدفاع عن الوطن الغالي مؤكدا أنه واجب شرعي وأن الموت في سبيل ذلك شهامة وشهادة مبينا فضيلته أن لخيانة الوطن مواطن وظواهر بعضها مر على بلادنا فحسم أمره وكبت شره وبعضها لم يزل قائما يتشكل ويتلون ويخف ويشتد وبعضها يظهر بإسم الغيرة على الوطن وفي حقيقة غيره منه ومن ذلك ما تورط به شباب اغراررفعوا شعار نصرة الإسلام وراية الاصلاح فأخطوا سبيله فلم يجدوا صدورا يفرغون رصاصهم فيها إلاصدور أهليهم ولا أمن يزعزع إلا أمن بلادهم ولا بنايات تهدم على من فيها إلا بنايات وطنهم ويزعمون أن عملهم هذا لله وبإسم الله وهم في حقيقة حالهم قد ارتهنوا لأعدائهم وصاروا أدوات لهم يصرفونهم في الإساءة لأوطانهم كيفما شاؤوا ومن ورائهم من يعرض ويحرض وقد تجلوا بعار الخيانة وتلبسوا بجرم الجناية 0
وأضاف فضيلته أن هناك مظهر أخر من مظاهر خيانة الوطن لايقل سوءا عن المظهر الأول وهم أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا فسبيت قلوبهم وانبهروا بعدوهم ففقدوا ذواتهم وأشربوا حب الغرب فأمنوا بحسنه وسيئه واستحسنوا حلوه ومره ثم أورثهم ذلك انتقاص لأهلهم وسخروا من اعرافهم المعتبرة مقالاتهم وفنونهم وآدابهم لاغرض لها الا التشهير بالمجتمع واظهار معايبه في الداخل والخارج وأصبحت محاضن العدو مقرا لحكاياتهم وتذمراتهم 0
وقال فضيلته إن الفكر المضاد لعقيدة الوطن بكل صوره وأشكاله إنما هو علامة على زيف الشعارات فنرى التزييف في صور شتى مبينا أن هناك مراكز رصد بحوث أجنبيه وهيئات ومؤسسات دوليه ترصد وتتابع وتترجم وتترقب مطامعها في بلادنا ونواياهم في أوطاننا مكشوفة يتلمسون العذر للتضيق والمساومة ويبتغون الحجة للنيل والإستغلال ويحركون المنظمات والهيئات تجاه بلادنا في دعاوى شهودهم فيها كتابنا وبيناتهم كتاباتنا وذرائعهم تصرفات من داخلنا 0
واختتم الشيخ آل طالب خطبته محذرا من الخيانة والخونة للأوطان سواء كان سببه الإنتقام من أشخاص أو مؤسسات في بلادهم فأصبح الضرر عاما مؤكدا فضيلته بأنه لاعذر لهؤلاء المستهترين بمجتمعهم والناشرين لنقائص وطنهم وعيوب مواطنيهم سواء ماكان واقعا فيها أومبالغ فيه أو ماكان فرية عليه ولا نجني من ذلك سوى ايغار صدور المواطنين على وطنهم ومؤسساتهم والتشويه لوطنهم فلا عذر لهم في ذلك أبدا وإن كانوا يريدون الإصلاح فهذا ليس طريقه 0
وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إن الخلق راحلون عن هذه الدار إلى الدار الآخرة وواقفون موقفاً عصيباً يشيب منه شهر المولود قال عز وجل { يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا } يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه حفاة عراة لا تسمع منهم إلا همساً والملائكة صفاً صفاً على أرض المحشر ، وجلً شديد ، أرض غير أرضهم وسماء غير السماء التي يعرفونها وشمس دنت من رؤوسهم قدر ميل والعرق في الأرض إلى سبعين ذراعاً ويرتفع إلى أذقانهم .
وأوضح فضيلته أن في ذلك الكرب العظيم يتكرم الله بحفظ عبادٍ له لا ينالهم ضرر الشمس ولا يؤذيهم عرق ويظلهم تحت ظل أعظم مخلوق خلقه قال عليه الصلاة والسلام ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتماعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ). قال بن عبدالبر رحمه الله [ هذا أحسن حديث يُروى في فضائل الأعمال وأعمها وأصحها] ، وحسبكم به فضل أن كل من كان في ظل الله يوم القيامة لم ينله هول الموقف وكل من هؤلاء خاف ربه وأخلص لله في عمله فالإمام العادل تصلح به أمور الدنيا والدين والقيام بالعدل من أعمال النبوة ، والصحابة رضي الله عنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة العدل ، قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه [بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نقول بالعدل أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ]. والعادل يؤدي عبادة عظيمة فلا يرد الله له دعوة ، قال عليه الصلاة والسلام ( ثلاث لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يُفطر ودعوة المظلوم ) وفي الآخرة يدنيه منه سبحانه ، قال عليه الصلاة والسلام ( إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين : الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ). بل ويزيده الله من فضله ويُظله تحت ظل عرشه .
وأضاف فضيلته أنه يدخل في الإمام العادل من ولي أمراً فعدل فيه من قاضٍ ومعلم ووالد وأم ونحوهم . والعبادة في الشباب أشد لقوة الباعث على إتباع الهوى ومن نشأ من شبابه في عبادة ربه تولاه الله ورعاه ، إبراهيم عليه السلام دعا إلى التوحيد في شبابه وأنذر من الشرك فكان خليل الرحمن { قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ }. والإمام البخاري رحمه الله صنف كتابه التاريخ الكبير في رجال الحديث وعمره ثمانية عشرة عاماً . وفي الآخرة وعد كل شاب صالح بظل تحت ظل العرش .
وبين فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم أن بيوت الله أحب البقاع إليه وواجب إقامة ركن الإسلام الثاني فيها ، إبراهيم عليه السلام بنى البيت ودعا أن يكون هو وذريته من مقيمي الصلاة ، والصحابة رضي الله عنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على إقامتها ، قال جرير بن عبدالله رضي الله عنه [ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ]. ومن خطى خطوة إلى بيت الله كتبت له حسنة ومحيت عنه خطيئة ومن انتظر صلاة نال أرفع الدرجات ودعاء الملائكة ومن كان شديد الحب للمساجد ملازماً للجماعة فيها لا يخرج من صلاة إلا وهو منتظر بقبله الصلاة الأخرى أثابه الله بظل تحت العرش.
وأشار إلى الإنسان يأنس بغيره والمرء مع من أحب ومن كانت محبته في الدنيا على غير طاعة الله انقلبت عداوة يوم القيامة ، قال عز وجل{ الْأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ }. والمحبة في الله من أعظم القربات ، قال يحيى بن معاذ يرحمه الله [ وحقيقتها ألا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء ]. وهي من أسباب محبة الله للعبد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر وده لصحابته أخذ بيد معاذ وقال له (يامعاذ والله إني لأحبك ). ومن كانت محبته لأخيه على طاعة الله وحبه لله ورسوله أحب إليه من نفسه وهو فرح بالإسلام نال حلاوة الإيمان وإذا اجتمع مسلمان على حب الله واستمرا عليه حتى تفرقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما صاحبه لله حال اجتماعهما وافتراقهما أظلهما الله تحت ظل عرشه بل ويكرمهم مع الظل بجلوسهم على منابر من نور تحت العرش ، قال عليه الصلاة والسلام (المتحابين في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ) .
وتابع فضيلته يقول // إن العفة أصل في المروءات ومفتاح العفاف غض البصر عن المحرمات وحفظ الفرج وغض البصر مما أمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم في مطلع دعوته ، قال هرقل لأبي سفيان بِمَ يأمركم به قال يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف. ومن طلب العفة بصدق نالها ، قال عليه الصلاة والسلام ( ومن يستعفف يعفه الله ). والصبر عن دعوة امرأة إلى نفسها للمحرم من أكمل المراتب وأعظم الطاعات ، يوسف عليه السلام وهو شاب في دار غربة لا يعرفه فيه أحد راودته امرأة العزيز قال بن كثير رحمه الله [ وهي في غاية الجمال والمال والمنصب والشباب راودته في دارها والأبواب مغلقة فخاف ربه وقال معاذ الله فبقي ذكره خالداً في كتاب الله من الصالحين ] وعلى هذه العبادة العظيمة من العفاف سار رجال الأمة، قال عثمان رضي الله عنه [ ما زنيت في جاهلية أو إسلام ، تركته في الجاهلية تكرهاً وفي الإسلام تعففاً ]
وأفاد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الصدقة تطفيء غضب الرحمن وبها تضاعف الأجور وتكفر الخطايا والأوزار والمتصدق آمن في الدنيا والآخرة ، قال سبحانه { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } والإنفاق يفرج الكروب ، لما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل قال لخديجة رضي الله عنها ( لقد خشيت على نفسي ) فقالت له ( كلا والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر ) . ويمتد نفعها إلى تفريج كروب المحشر فيكون المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة ومن أخفى صدقته ولو قلت أكرمه الله بظل آخر غير ظل صدقته وهو ظل تحت العرش .
وقال // إن كمال الإخلاص في إخفاء الطاعة وذكر الله يُعظم الخالق وينور القلب والله أمر بالإكثار من ذكره بالليل والنهار ، قال جل شأنه { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى? } وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمكث في مصلاه يذكر الله بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، وكان يتعوذ بالليل من عين لا تدمع . وإذا تواطأ خشوع قلب صادق مع ذرف دمع خفي حرم الله صاحبه دخول النار ، قال عليه الصلاة والسلام ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ). وإذا توارت تلك العبادة عن الأنظار وبعدت عن الرياء أظل الله الخاشع تحت ظل عرشه والسنة إخفاء صوت البكاء وعدم إظهاره ، قال عبدالله بن الشخير رضي الله عنه [ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ]. فالسعيد من أدى العبادات على الكمال مع الإخلاص والمتابعة // .
// انتهى //
07/08/2009
لجينيات - مكة المكرمة 16 شعبان 1430هـ الموافق 7 اغسطس 2009 م واس
أوصى امام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ صالح بن محمد ال طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن واتباع آوامره واجتناب نواهيه ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى داعيا فضيلته إلى حب الانتماء إلى الوطن والغيرة عليه وعدم الإنحراف وراء الدعايات الكاذبه والمعادية للوطن 0
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها بالمسجد الحرام إن المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان هو أمر غريزي وطبيعة طبع الله النفوس عليها ويكفي لجرح مشاعر إنسان أن تشير بأن لاوطن له مشيرا فضيلته إلى أن البشر يألفون أرضهم على ما بها حتى ولو كانت قفرا مستوحشا وحب الأوطان تجعل الانسان يستريح إلى البقاء فيه ويحن إذا غاب عنه ويدافع عنه إذا هوجم ويغضب عنه إذا انتقص والوطنية بهذا المفهوم الطبيعي أمر غير مستغرب 0
وأوضح الشيخ آل طالب أن الإسلام لايغير انتماء الناس إلى أرضهم ولا شعوبهم ولاقبائلهم فقد بقي بلال حبشيا وصهيب روميا وسلمان فارسيا ولم يتضارب ذلك مع انتمائهم العظيم للاسلام مبينا فضيلته أنه من المغالطة الإيهام بالتعارض بين الوطنيه بمفهومها الطبيعي وبين الاسلام وأن تصوير هذا التعارض ليس إلاحيلة للنيل من الإسلام واستغلال من المحبة للوطن لإيهام الناس أن التمسك بتفاصيل الشريعة يعطل بعض مصالح الوطن 0
وأشار فضيلته إلى أننا لانطالب غلوا بغلو ويجب أن لانستفز من قبل من غالى في الوطنيه ورفع شعارها ندا للإسلام ليجعلنا نتجاهل حقوق الوطن ونتساهل فيه مشيرا فضيلته إلى عدم السير خلف الشعارات المستوردة والمصطلحات الدخيلة
وأوضح امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب في سياق خطبته أن المفهوم المستورد للوطنيه يرفضه الإسلام فهو مفهوم مستحدث في ثقافتنا ومعنى فاسد حين يجعله وثنا تسخر له كل المبادئ ولوعارضت الإسلام ويؤدي الى اقصاء شريعة الله وتقسيم الناس الى أحزاب وطوائف تتباغض وتتناحر ويكيد بعضها لبعض ويفتح الباب واسعا أمام العدو لتحقيق أهدافه ومراميه 0
وأكد فضيلته أن من مقتضيات الإنتماء للوطن محبته والإفتخار به وصيانته والدفاع عنه والنصيحة له والحرص على سلامته واحترام أفراداه وتقدير علمائه وطاعة ولاة أمره ومن مقتضيات الوطنية القيام بالواجبات والمسؤليات كلا في موقعه مع الأمانة والصدق واحترام نظمه بالمحافظة على مرافقه وموارده الإقتصادية والحرص على مكتسباته والحذر من كل مايؤدي إلى نقصه 0
وطالب الشيخ آل طالب في خطبته بالدفاع عن الوطن الغالي مؤكدا أنه واجب شرعي وأن الموت في سبيل ذلك شهامة وشهادة مبينا فضيلته أن لخيانة الوطن مواطن وظواهر بعضها مر على بلادنا فحسم أمره وكبت شره وبعضها لم يزل قائما يتشكل ويتلون ويخف ويشتد وبعضها يظهر بإسم الغيرة على الوطن وفي حقيقة غيره منه ومن ذلك ما تورط به شباب اغراررفعوا شعار نصرة الإسلام وراية الاصلاح فأخطوا سبيله فلم يجدوا صدورا يفرغون رصاصهم فيها إلاصدور أهليهم ولا أمن يزعزع إلا أمن بلادهم ولا بنايات تهدم على من فيها إلا بنايات وطنهم ويزعمون أن عملهم هذا لله وبإسم الله وهم في حقيقة حالهم قد ارتهنوا لأعدائهم وصاروا أدوات لهم يصرفونهم في الإساءة لأوطانهم كيفما شاؤوا ومن ورائهم من يعرض ويحرض وقد تجلوا بعار الخيانة وتلبسوا بجرم الجناية 0
وأضاف فضيلته أن هناك مظهر أخر من مظاهر خيانة الوطن لايقل سوءا عن المظهر الأول وهم أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا فسبيت قلوبهم وانبهروا بعدوهم ففقدوا ذواتهم وأشربوا حب الغرب فأمنوا بحسنه وسيئه واستحسنوا حلوه ومره ثم أورثهم ذلك انتقاص لأهلهم وسخروا من اعرافهم المعتبرة مقالاتهم وفنونهم وآدابهم لاغرض لها الا التشهير بالمجتمع واظهار معايبه في الداخل والخارج وأصبحت محاضن العدو مقرا لحكاياتهم وتذمراتهم 0
وقال فضيلته إن الفكر المضاد لعقيدة الوطن بكل صوره وأشكاله إنما هو علامة على زيف الشعارات فنرى التزييف في صور شتى مبينا أن هناك مراكز رصد بحوث أجنبيه وهيئات ومؤسسات دوليه ترصد وتتابع وتترجم وتترقب مطامعها في بلادنا ونواياهم في أوطاننا مكشوفة يتلمسون العذر للتضيق والمساومة ويبتغون الحجة للنيل والإستغلال ويحركون المنظمات والهيئات تجاه بلادنا في دعاوى شهودهم فيها كتابنا وبيناتهم كتاباتنا وذرائعهم تصرفات من داخلنا 0
واختتم الشيخ آل طالب خطبته محذرا من الخيانة والخونة للأوطان سواء كان سببه الإنتقام من أشخاص أو مؤسسات في بلادهم فأصبح الضرر عاما مؤكدا فضيلته بأنه لاعذر لهؤلاء المستهترين بمجتمعهم والناشرين لنقائص وطنهم وعيوب مواطنيهم سواء ماكان واقعا فيها أومبالغ فيه أو ماكان فرية عليه ولا نجني من ذلك سوى ايغار صدور المواطنين على وطنهم ومؤسساتهم والتشويه لوطنهم فلا عذر لهم في ذلك أبدا وإن كانوا يريدون الإصلاح فهذا ليس طريقه 0
وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إن الخلق راحلون عن هذه الدار إلى الدار الآخرة وواقفون موقفاً عصيباً يشيب منه شهر المولود قال عز وجل { يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا } يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه حفاة عراة لا تسمع منهم إلا همساً والملائكة صفاً صفاً على أرض المحشر ، وجلً شديد ، أرض غير أرضهم وسماء غير السماء التي يعرفونها وشمس دنت من رؤوسهم قدر ميل والعرق في الأرض إلى سبعين ذراعاً ويرتفع إلى أذقانهم .
وأوضح فضيلته أن في ذلك الكرب العظيم يتكرم الله بحفظ عبادٍ له لا ينالهم ضرر الشمس ولا يؤذيهم عرق ويظلهم تحت ظل أعظم مخلوق خلقه قال عليه الصلاة والسلام ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتماعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ). قال بن عبدالبر رحمه الله [ هذا أحسن حديث يُروى في فضائل الأعمال وأعمها وأصحها] ، وحسبكم به فضل أن كل من كان في ظل الله يوم القيامة لم ينله هول الموقف وكل من هؤلاء خاف ربه وأخلص لله في عمله فالإمام العادل تصلح به أمور الدنيا والدين والقيام بالعدل من أعمال النبوة ، والصحابة رضي الله عنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة العدل ، قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه [بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نقول بالعدل أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ]. والعادل يؤدي عبادة عظيمة فلا يرد الله له دعوة ، قال عليه الصلاة والسلام ( ثلاث لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يُفطر ودعوة المظلوم ) وفي الآخرة يدنيه منه سبحانه ، قال عليه الصلاة والسلام ( إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين : الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ). بل ويزيده الله من فضله ويُظله تحت ظل عرشه .
وأضاف فضيلته أنه يدخل في الإمام العادل من ولي أمراً فعدل فيه من قاضٍ ومعلم ووالد وأم ونحوهم . والعبادة في الشباب أشد لقوة الباعث على إتباع الهوى ومن نشأ من شبابه في عبادة ربه تولاه الله ورعاه ، إبراهيم عليه السلام دعا إلى التوحيد في شبابه وأنذر من الشرك فكان خليل الرحمن { قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ }. والإمام البخاري رحمه الله صنف كتابه التاريخ الكبير في رجال الحديث وعمره ثمانية عشرة عاماً . وفي الآخرة وعد كل شاب صالح بظل تحت ظل العرش .
وبين فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم أن بيوت الله أحب البقاع إليه وواجب إقامة ركن الإسلام الثاني فيها ، إبراهيم عليه السلام بنى البيت ودعا أن يكون هو وذريته من مقيمي الصلاة ، والصحابة رضي الله عنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على إقامتها ، قال جرير بن عبدالله رضي الله عنه [ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ]. ومن خطى خطوة إلى بيت الله كتبت له حسنة ومحيت عنه خطيئة ومن انتظر صلاة نال أرفع الدرجات ودعاء الملائكة ومن كان شديد الحب للمساجد ملازماً للجماعة فيها لا يخرج من صلاة إلا وهو منتظر بقبله الصلاة الأخرى أثابه الله بظل تحت العرش.
وأشار إلى الإنسان يأنس بغيره والمرء مع من أحب ومن كانت محبته في الدنيا على غير طاعة الله انقلبت عداوة يوم القيامة ، قال عز وجل{ الْأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ }. والمحبة في الله من أعظم القربات ، قال يحيى بن معاذ يرحمه الله [ وحقيقتها ألا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء ]. وهي من أسباب محبة الله للعبد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر وده لصحابته أخذ بيد معاذ وقال له (يامعاذ والله إني لأحبك ). ومن كانت محبته لأخيه على طاعة الله وحبه لله ورسوله أحب إليه من نفسه وهو فرح بالإسلام نال حلاوة الإيمان وإذا اجتمع مسلمان على حب الله واستمرا عليه حتى تفرقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما صاحبه لله حال اجتماعهما وافتراقهما أظلهما الله تحت ظل عرشه بل ويكرمهم مع الظل بجلوسهم على منابر من نور تحت العرش ، قال عليه الصلاة والسلام (المتحابين في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ) .
وتابع فضيلته يقول // إن العفة أصل في المروءات ومفتاح العفاف غض البصر عن المحرمات وحفظ الفرج وغض البصر مما أمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم في مطلع دعوته ، قال هرقل لأبي سفيان بِمَ يأمركم به قال يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف. ومن طلب العفة بصدق نالها ، قال عليه الصلاة والسلام ( ومن يستعفف يعفه الله ). والصبر عن دعوة امرأة إلى نفسها للمحرم من أكمل المراتب وأعظم الطاعات ، يوسف عليه السلام وهو شاب في دار غربة لا يعرفه فيه أحد راودته امرأة العزيز قال بن كثير رحمه الله [ وهي في غاية الجمال والمال والمنصب والشباب راودته في دارها والأبواب مغلقة فخاف ربه وقال معاذ الله فبقي ذكره خالداً في كتاب الله من الصالحين ] وعلى هذه العبادة العظيمة من العفاف سار رجال الأمة، قال عثمان رضي الله عنه [ ما زنيت في جاهلية أو إسلام ، تركته في الجاهلية تكرهاً وفي الإسلام تعففاً ]
وأفاد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الصدقة تطفيء غضب الرحمن وبها تضاعف الأجور وتكفر الخطايا والأوزار والمتصدق آمن في الدنيا والآخرة ، قال سبحانه { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } والإنفاق يفرج الكروب ، لما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل قال لخديجة رضي الله عنها ( لقد خشيت على نفسي ) فقالت له ( كلا والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر ) . ويمتد نفعها إلى تفريج كروب المحشر فيكون المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة ومن أخفى صدقته ولو قلت أكرمه الله بظل آخر غير ظل صدقته وهو ظل تحت العرش .
وقال // إن كمال الإخلاص في إخفاء الطاعة وذكر الله يُعظم الخالق وينور القلب والله أمر بالإكثار من ذكره بالليل والنهار ، قال جل شأنه { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى? } وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمكث في مصلاه يذكر الله بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، وكان يتعوذ بالليل من عين لا تدمع . وإذا تواطأ خشوع قلب صادق مع ذرف دمع خفي حرم الله صاحبه دخول النار ، قال عليه الصلاة والسلام ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ). وإذا توارت تلك العبادة عن الأنظار وبعدت عن الرياء أظل الله الخاشع تحت ظل عرشه والسنة إخفاء صوت البكاء وعدم إظهاره ، قال عبدالله بن الشخير رضي الله عنه [ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ]. فالسعيد من أدى العبادات على الكمال مع الإخلاص والمتابعة // .
// انتهى //