سجى الليل
11-06-2009, 06:06 PM
http://www.arabsyscard.com/pic/bsm/36.gif (http://www.arabsyscard.com/pic/index.php)
قال الله جل وعلا:{هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (سورة غافر:65)
من أعظم القضايا التي تعرض لها القرآن قضية أن الإنسان حال الابتلاء حال الضراء كالمنقطع في البحر أو في البر أو المريض أو ما أشبه ذلك مما يضطر إليه العبد ويجد نفسه في حالة شدة يتضرع بالدعاء، وهذا حال حتى كثير من أهل الإشراك يتضرعون إلى ربهم جل وعلا، لكن الله جل وعلا أخبر أن كثيراً من عباده إنما ينقلب حالهم بعد تضرعهم, بعد أن تنجلي البلوى ويكشف الله الضر ويرفع الله الكرب يكون منهم تغير في الحال, رغم أنهم في حال الاضطرار كانوا يتضرعون إلى الله تضرعاً شديداً،
وتأصيل هذا علمياً أن يقال كالتالي:
يجب أن يُعلم أن الناس جميعاً مهما تباين حالهم ففقرهم إلى الله واحد, فالذي على لوح منقطع به الأمر في عرض البحر لا يجد إلا لوحاً؛ حاجته إلى ربه جل وعلا كحاجة من يجلس بين أهله وأبنائه وذويه وعصبته في بيته، الحاجة واحدة لأنه لا حول ولا قوة لأحد إلا بالله، فهذا إذا أراد الله ينفعه لوحه وهذا إذا أراد الله يخذله من حوله، فالحاجة في حقيقتها واحدة، الفقر إلى الله واحد، لكن الإنسان إنما يعرف هذا الفقر إذا انقطع وإذا اشتد به الكرب وأضحى به الحال اشتد تضرعه إلى ربه جل وعلا، والله جل وعلا هذه القضية كما قلت عالجها كثيراً في آيات عظيمة قال الله في الأعراف: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} قال الله: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)}، وقال جل وعلا في سورة يونس: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، وقال تباركت أسماؤه في الإسراء: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا}، وكلمة{الإِنْسَانُ} هنا الألف واللام للجنس، أي: هذا الأصل في الإنسان، فإذا تبين للعبد أنه في كل أحواله فقير إلى الله جل وعلا؛ تأدب مع ربه بعد رفع الضراء، تأدب مع ربه بعد كشف البلوى, فكان كشف البلوى ورفع الضراء وإغاثته من الحالة التي كان عليها؛ يجب أن يكون أعظم دافعاً وأجل سبباً في زيادة الطاعة والإيمان والتقرب والازدلاف إلى ربه تبارك وتعالى، وهذه الحقيقة غابت تماماً عن المشركين الأوائل، ولذلك الله جل وعلا كما بينا في الآيات كما ذكر الله في القرآن بينها وذكرها حتى يتنبه عباد الله الصالحون وأولياؤه المقربون إلى خطر هذا الأمر فيكون منهم بعد رفع الضر عظيم الأوبة والإنابة إلى ربهم تبارك وتعالى...
والمقصود من هذا أن يعظم الشكر، لكن الله نعى على أولئك الذين يقول الله عنهم: {مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} يعني تناسى تلك الأيام الخوالي والأحوال السابقة والأمور كلها تناساها تماماً، كأنه لم يلجأ إلى الله جل وعلا طرفة عين, ولهذا قال الله في الإسراء لما قال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ} قال: {أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} أي أن حاجتكم إلى ربكم في البحر كحاجتكم إلى ربكم في البر، {أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ} أي البحر {تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69)} هذا كله من تأديب الله جل وعلا لعباده وأوليائه، جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بالقرآن.
م\ن
قال الله جل وعلا:{هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (سورة غافر:65)
من أعظم القضايا التي تعرض لها القرآن قضية أن الإنسان حال الابتلاء حال الضراء كالمنقطع في البحر أو في البر أو المريض أو ما أشبه ذلك مما يضطر إليه العبد ويجد نفسه في حالة شدة يتضرع بالدعاء، وهذا حال حتى كثير من أهل الإشراك يتضرعون إلى ربهم جل وعلا، لكن الله جل وعلا أخبر أن كثيراً من عباده إنما ينقلب حالهم بعد تضرعهم, بعد أن تنجلي البلوى ويكشف الله الضر ويرفع الله الكرب يكون منهم تغير في الحال, رغم أنهم في حال الاضطرار كانوا يتضرعون إلى الله تضرعاً شديداً،
وتأصيل هذا علمياً أن يقال كالتالي:
يجب أن يُعلم أن الناس جميعاً مهما تباين حالهم ففقرهم إلى الله واحد, فالذي على لوح منقطع به الأمر في عرض البحر لا يجد إلا لوحاً؛ حاجته إلى ربه جل وعلا كحاجة من يجلس بين أهله وأبنائه وذويه وعصبته في بيته، الحاجة واحدة لأنه لا حول ولا قوة لأحد إلا بالله، فهذا إذا أراد الله ينفعه لوحه وهذا إذا أراد الله يخذله من حوله، فالحاجة في حقيقتها واحدة، الفقر إلى الله واحد، لكن الإنسان إنما يعرف هذا الفقر إذا انقطع وإذا اشتد به الكرب وأضحى به الحال اشتد تضرعه إلى ربه جل وعلا، والله جل وعلا هذه القضية كما قلت عالجها كثيراً في آيات عظيمة قال الله في الأعراف: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} قال الله: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)}، وقال جل وعلا في سورة يونس: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، وقال تباركت أسماؤه في الإسراء: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا}، وكلمة{الإِنْسَانُ} هنا الألف واللام للجنس، أي: هذا الأصل في الإنسان، فإذا تبين للعبد أنه في كل أحواله فقير إلى الله جل وعلا؛ تأدب مع ربه بعد رفع الضراء، تأدب مع ربه بعد كشف البلوى, فكان كشف البلوى ورفع الضراء وإغاثته من الحالة التي كان عليها؛ يجب أن يكون أعظم دافعاً وأجل سبباً في زيادة الطاعة والإيمان والتقرب والازدلاف إلى ربه تبارك وتعالى، وهذه الحقيقة غابت تماماً عن المشركين الأوائل، ولذلك الله جل وعلا كما بينا في الآيات كما ذكر الله في القرآن بينها وذكرها حتى يتنبه عباد الله الصالحون وأولياؤه المقربون إلى خطر هذا الأمر فيكون منهم بعد رفع الضر عظيم الأوبة والإنابة إلى ربهم تبارك وتعالى...
والمقصود من هذا أن يعظم الشكر، لكن الله نعى على أولئك الذين يقول الله عنهم: {مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} يعني تناسى تلك الأيام الخوالي والأحوال السابقة والأمور كلها تناساها تماماً، كأنه لم يلجأ إلى الله جل وعلا طرفة عين, ولهذا قال الله في الإسراء لما قال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ} قال: {أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} أي أن حاجتكم إلى ربكم في البحر كحاجتكم إلى ربكم في البر، {أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ} أي البحر {تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69)} هذا كله من تأديب الله جل وعلا لعباده وأوليائه، جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بالقرآن.
م\ن