الجريح
11-23-2009, 12:42 AM
اتمنى من الجميع قرائتها خاصة (( المدنيين ))
رسالة من وسط الجبهة يكتبها أحد الجنود لنا ...!!!!
إلى أبناء وطني مع التحية
من داخل خندقي الموحش ومن بين بندقيتي وعتادي وذخيرتي وما تبقى من إعاشتي البسيطة وبعد أن صليت صلاة العشاء ودعوت الله بما تيسر علي وختمت دعائي بطلبي من الله أن يختار لي ما فيه الخيرة من أمري في دنياي وآخرتي وأخذت استمع عن غير إرادتي إلى زميلي الآخر في الخندق المجاور والذي يكبرني بعشرين عام وهو يكلم زوجته وأم أولاده وبناته ويطمئن عليها وعليهم ثم يشتد عليها موصيا إياها بأمه ومذكرا لها بأنها أهم أولوياته ومحذرا لها من أن تخبرها بأنه ذهب للثغور ومن ثم يطلب منها أن تدون على عجالة ماله وما عليه من حقوق للناس بعد ذلك ختم هذه المهاتفة بنبرة حزينة أقرب إلى الانقطاع من الوصل طالبا من زوجته الصبر وعدم الحزن وترك البكاء وحالفا لها بأن الله لن يضيعهم ثم ينهي المكالمة ويرفع يديه إلى السماء قائلا (اللهم إن كنت تعلم أنني لهم عائدا فأعني وأعنهم على الصبر وإن كنت تعلم أنه قد سبق علي الأجل وأنني لا أعود لهم إلا محمولا فأجرهم في مصيبتهم وأجبر كسرهم وأحفظهم من بعدي واخلفني عليهم خيرا )
وبعد استماعي لهذه المكالمة حمدت الله عز وجل على أن كنت أحمل في جعبتي قلم ومع أنه قلم للاستخدام العسكري إلا أنني أظنه سيفي بغرضي وصدقوني إن قلت لكم أنها المرة الأولى التي شعرت فيها بالشوق للقلم بهذا الشكل ولكن المشاعر قد جاشت ولا بد من تسطيرها لتبقى وقبل أن اسطرها فإنني التمس منكم إخواني الأعزاء العذر فأنا لست بارعا بالكتابة كبراعتي باستخدام بندقيتي ومدفعي ولا أملك من البلاغة ما أشدكم إلى ما أكتب ولكن قد أكون أملك من المصداقية ما يعوضكم عنها وكلي أمل كذلك في أن ينصب اهتمامكم على المضمون وأن تتجاهلون الشكليات فاسمعوا مني يا أبناء وطني الأعزاء ....
من أمام جبل "دخان" ومن الجبهة المقابلة لجبهة الغدر والخيانة ومن قلب قد أمتلئ كرها لأذناب الصفوية والمجوسية أقول لكم ,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأما بعد
فيا أبناء وطني الأعزاء .. إني والله لم أجد لنفسي عذرا ولم أكن لأبحث لها عن عذر حينما وصل إلي نداء من قيادتي للتواجد والحركة للثغور لملاقاة العدو فقد كان هذا النداء هو نداء حب الدين وحب الوطن وأوان تقديمه على النفس والنفيس فملئ كل هذا قلبي شوقا وعشقا للنصر أو الشهادة .
ويا أبناء وطني الأعزاء .. إني والله لست نادما على هذا الوضع الذي وضعت فيه بل كنت دائما ما أنتظره وأتمناه وأراه والله أعلى مراتب شرف المسلم الصادق والمواطن الشريف ولست أكتب هذه الرسالة لكم شاكيا أو متذمرا وإنما كتبتها مبشرا ومعاتبا فأما البشارة فهي أن دون دينكم وأرضكم رجالا قد صدقوا الله فيما عاهدوا عليه فلا تبتئسوا ولا تقلقوا فلن يخزي الله قوم فيهم من يحب الشهادة كحبه للدنيا .
وأما العتاب فهو طويل ولكنه عتاب محب أراد أن ينجد عتابه لينجوا برسالة عابرة علها تكون الحي من تركة الأموات
فيا أبناء وطني الشرفاء .. إنني لما أخبرتكم بقصتي وقصة زميلي الآخر مع عائلته لم أكن اقصد من ذلك الرواية والحكاية ولكنني كنت أريد أن أنقل لكم صورة حية من صور حياة العسكريين حين يلبون نداء الوطن وكيف أن الدين والوطن مقدما على غيره دونما أي تردد أو خوف ولكن الكثير منهم في هذه اللحظات يكون دائما أقرب إلى التفكير في الماضي واستعادة الذكريات مرها وحلوها قبيحها وجميلها وقد تكون استعادة الذكريات هي أجمل هواية يمارسها من يتوقع أن يداهمه الموت بين الحين والآخر وما أنا إلا واحد منهم ..
ولم أجد نفسي وأنا في سرمدية الانتظار إلا مجبرا لممارسة هذه الهواية فأخذت استعيد ذكرياتي من الماضي وأعود بعجلة الزمن للخلف وأحاول أن أتعقب أحداث عمري منذ طفولتي إلى ما أنا عليه الآن وخلال هذا الاستذكار الطويل لم أشعر بالأسى والحسرة كثيرا إلا حينما استرجعت ذكرياتي كجندي ومقاتل في جيش بلادي أمضى من شبابه الكثير متدربا ليكون جاهزا لمثل هذا اليوم الذي أنا جزء منه وهو جزء مني وكم ساء ظن من تصور منكم أن سبب ألمي وحسرتي هي التدريبات القاسية التي مررت بها خلال خدمتي أو النظام الصارم الذي أجبرت نفسي على التعايش معه أو الأوامر والتعليمات التي أصبحت دستورا لحياتي انصاع لها دون تردد أو تفكير فالحقيقة أن كل هذا لم ولن يزيدني إلا محبة وتشرفا بالجندية والعسكرية وستظل معتقدي الأبدي بأنها معاقل ومصانع الرجال والأبطال حتى ألقى ربي ..
يا أبناء وطني الأوفياء ..... إن ما آلمني وأشعرني بالأسى هو أنتم فعلا .. نعم أنتم..
كنت قد عشت بينكم والكثير منكم مصدر عز وافتخار لي فأسر بمتعلمكم واعتز بنوابغكم واحترم عقولكم وأضاهي بكم بكل ما أوتيت من قوة وملكة في لساني ولكن الكثير منكم لم يرد علي هذه المشاعر الإ بنظرة الازدراء والاستخفاف وكأنه يراني من برج عاجي ليس بيني وبينه وسيلة للتواصل إلا بالنظر ..
فهذا يسخر من مستوى تعليمي البسيط ويتعمد إحراجي في كل مجلس نلتقي به مع أنه يعلم تماما أن الله قد يسر له أسباب لم تتيسر لي وهيأ له ظروف غير ظروفي وذاك يسخر من فكري وحواري معه وكلما داخلته بمناقشه ولو في ابسط الأمور كان رده المعتاد علي " إن عقليتك عقلية الجندي فلن تعي ما نقصده ولو بعد حين " وكأن العسكري لم ينشأ على الأرض بل نزل من المريخ وهذا قريبي وسليل عائلتي يمتنع من تزويجي لإبنته بحجة عدم التكافؤ في المؤهلات فهو يرى أن تزويجي لإبنته ظلم وجور عليها فإبنته على كل حال جامعية وتفوق شهادتها شهادتي وإني والله لأعجب هل من يقدم روحه فداء لدينه ووطنه غير مؤهل وهل انحصرت الرجولة في هذا الزمان بالشهادة فكم من حاملا لأعلى الشهادات لا تجد فيه حتى الغيرة على محارمه وما هذا مني بتجني على العلم فالعلم نور الحياة والعسكرية أيضا علم من علوم هذه الحياة .
إن عتابي أيضا ليستمر حينما أتصفح ألشبكه العنكبوتية وأقرأ ما يكتبه أبناء وطني في منتدياتهم العامة والخاصة ما يقدح فيني وفي زملائي من العسكريين وما يقلل من شأننا فهنا كاتب قد صب غضبه على العسكريين واتهمهم بكل قبيحة وربطهم بالجهل والتخلف ربطا أخوي مستدلا بأتفه الاستدلالات التي تقع في كل شريحة من شرائح المجتمع وهناك كاتبا آخر قد ثار كالوحش الكاسر ليرد على كل من يطالب بالتجنيد الاجباري لبعض الشباب المنحل الذي أصبح عالة على مجتمعنا ويحتاج إلى حلول لارتداعه وتقويمه مصرا على أن انحطاطه الحقيقي سيكون بتجنيده وتعلمه للضبط والربط وحب النظام ولم تمنعه شيمته أيضا من أن يستشهد بي وأمثالي كمثال للمنحطين والعاقل لا يحتاج لشرح جنوح هذا الكاتب وأمثاله وهناك أيضا كاتب آخر يسعر نار كتاباته علينا لا لشيء وإنما لأننا منحناه مخالفة لتجاوزه حد السرعة القانونية ومخالفة النظام مع أنه ممن يدعي النظام ويطالب بالنظام وهناك وهناك وهناك ........ وبهذا سأكتفي من العتب ليس لأنني قد استنفذت ذكرياتي بل لأنني بدأت أشعر بالألم والإرهاق من استرجاعها فما ذكرته فيض من غيض وقليل من كثير فمع كل ما قدمت لوطني ومجتمعي ما زلت أحلم بالثناء حلم الآملين ولسان حالي كما قال العامة (المأكول المذموم)
وها أنا ذا اليوم أخرج عنكم جميعا مقدما روحي وتاركا خلفي أهلي ومالي متجاهلا ظروفي وارتباطاتي وعلى كل حال لا أظن أن أحدكم يملك أغلى من روحه ليقدمها للآخرين قربه ولا من الفداء تضحية وكل هذا أقدمه بهامة المفتخر وبرغبة صادقة وعقيدة ثابتة ...
يا أبناء وطني العظماء... إني الآن أسهر لتنامون وأقاتل لتسلمون وأشقى لتنعمون وإن كانت هذه صفات الحرب فهي والله من صفات السلم فيما مضى ولكنكم يا قومي لا تعلمون
فيامن ينام الليل بجوار زوجته هل قد علمت بشوق الجندي وغربته ويامن أمضى يومه آمنا مع أطفاله هل قد علمت بلهفة الجندي وآماله ويامن تكتحل عينيه برؤية والديه إن أعظم آمال الجندي أن تكتحل بهم عينيه ويامن ويامن ....
إن حالنا الآن حال لا يصبر عليه إلا من أحسن تدريبه وتهيئته ولن يتحمله المزايدون الذين يزايدون في الصباح والمساء خلف الشاشات شوقا للملمات ورغبة في القتال ليكونوا في عداد الأبطال وينالوا خير المنال ولا أقول إلا كل لما سخر له فهل سينتهي الساخرون.
وختاما يا أبناء شعبي الأوفياء ... الله سبحانه وحده يعلم هل سأعود من خندقي هذا أم لا ولكنني لا أعلم في حال عودتي هذه المرة هل سيظل أبناء موطني ينظرون إلي كما كانوا ينظرون بالماضي أم أنهم سيذوقون طعم الأمن والأمان والدعة والراحة ويعودون لينظرون إلي وأمثالي كما كانوا ينظرون من أبراجهم العاجية وهل سيحقق الله أمنيتي بأن اسمعهم يقولون لي (مرحبا بالمجاهد) أم مرحبا (بأبي الخفارات) وإن كان أجلي قد حل وقد كتب الله أن أغادر هذه الدنيا في ساحات الوغى فهل عسى يتغيرون وأنا تحت الثرى هل سيمرون من جانب قبري ويقولون لأبنائهم (هذا قبر الشهيد فلان) و(هذا إبن الشهيد فلان) أم سأكون صفحة مطوية وسهم متذبذب ترتفع قيمته عند الشدة ويباع في الرخاء بأبخس الأثمان .
عفى الله عنكم عفى الله عنكم عفى الله عنكم
وأستودع الله دينكم وأمانتكم والسلام عليكم
أخوكم .. جندي اول الثغور
رسالة من وسط الجبهة يكتبها أحد الجنود لنا ...!!!!
إلى أبناء وطني مع التحية
من داخل خندقي الموحش ومن بين بندقيتي وعتادي وذخيرتي وما تبقى من إعاشتي البسيطة وبعد أن صليت صلاة العشاء ودعوت الله بما تيسر علي وختمت دعائي بطلبي من الله أن يختار لي ما فيه الخيرة من أمري في دنياي وآخرتي وأخذت استمع عن غير إرادتي إلى زميلي الآخر في الخندق المجاور والذي يكبرني بعشرين عام وهو يكلم زوجته وأم أولاده وبناته ويطمئن عليها وعليهم ثم يشتد عليها موصيا إياها بأمه ومذكرا لها بأنها أهم أولوياته ومحذرا لها من أن تخبرها بأنه ذهب للثغور ومن ثم يطلب منها أن تدون على عجالة ماله وما عليه من حقوق للناس بعد ذلك ختم هذه المهاتفة بنبرة حزينة أقرب إلى الانقطاع من الوصل طالبا من زوجته الصبر وعدم الحزن وترك البكاء وحالفا لها بأن الله لن يضيعهم ثم ينهي المكالمة ويرفع يديه إلى السماء قائلا (اللهم إن كنت تعلم أنني لهم عائدا فأعني وأعنهم على الصبر وإن كنت تعلم أنه قد سبق علي الأجل وأنني لا أعود لهم إلا محمولا فأجرهم في مصيبتهم وأجبر كسرهم وأحفظهم من بعدي واخلفني عليهم خيرا )
وبعد استماعي لهذه المكالمة حمدت الله عز وجل على أن كنت أحمل في جعبتي قلم ومع أنه قلم للاستخدام العسكري إلا أنني أظنه سيفي بغرضي وصدقوني إن قلت لكم أنها المرة الأولى التي شعرت فيها بالشوق للقلم بهذا الشكل ولكن المشاعر قد جاشت ولا بد من تسطيرها لتبقى وقبل أن اسطرها فإنني التمس منكم إخواني الأعزاء العذر فأنا لست بارعا بالكتابة كبراعتي باستخدام بندقيتي ومدفعي ولا أملك من البلاغة ما أشدكم إلى ما أكتب ولكن قد أكون أملك من المصداقية ما يعوضكم عنها وكلي أمل كذلك في أن ينصب اهتمامكم على المضمون وأن تتجاهلون الشكليات فاسمعوا مني يا أبناء وطني الأعزاء ....
من أمام جبل "دخان" ومن الجبهة المقابلة لجبهة الغدر والخيانة ومن قلب قد أمتلئ كرها لأذناب الصفوية والمجوسية أقول لكم ,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأما بعد
فيا أبناء وطني الأعزاء .. إني والله لم أجد لنفسي عذرا ولم أكن لأبحث لها عن عذر حينما وصل إلي نداء من قيادتي للتواجد والحركة للثغور لملاقاة العدو فقد كان هذا النداء هو نداء حب الدين وحب الوطن وأوان تقديمه على النفس والنفيس فملئ كل هذا قلبي شوقا وعشقا للنصر أو الشهادة .
ويا أبناء وطني الأعزاء .. إني والله لست نادما على هذا الوضع الذي وضعت فيه بل كنت دائما ما أنتظره وأتمناه وأراه والله أعلى مراتب شرف المسلم الصادق والمواطن الشريف ولست أكتب هذه الرسالة لكم شاكيا أو متذمرا وإنما كتبتها مبشرا ومعاتبا فأما البشارة فهي أن دون دينكم وأرضكم رجالا قد صدقوا الله فيما عاهدوا عليه فلا تبتئسوا ولا تقلقوا فلن يخزي الله قوم فيهم من يحب الشهادة كحبه للدنيا .
وأما العتاب فهو طويل ولكنه عتاب محب أراد أن ينجد عتابه لينجوا برسالة عابرة علها تكون الحي من تركة الأموات
فيا أبناء وطني الشرفاء .. إنني لما أخبرتكم بقصتي وقصة زميلي الآخر مع عائلته لم أكن اقصد من ذلك الرواية والحكاية ولكنني كنت أريد أن أنقل لكم صورة حية من صور حياة العسكريين حين يلبون نداء الوطن وكيف أن الدين والوطن مقدما على غيره دونما أي تردد أو خوف ولكن الكثير منهم في هذه اللحظات يكون دائما أقرب إلى التفكير في الماضي واستعادة الذكريات مرها وحلوها قبيحها وجميلها وقد تكون استعادة الذكريات هي أجمل هواية يمارسها من يتوقع أن يداهمه الموت بين الحين والآخر وما أنا إلا واحد منهم ..
ولم أجد نفسي وأنا في سرمدية الانتظار إلا مجبرا لممارسة هذه الهواية فأخذت استعيد ذكرياتي من الماضي وأعود بعجلة الزمن للخلف وأحاول أن أتعقب أحداث عمري منذ طفولتي إلى ما أنا عليه الآن وخلال هذا الاستذكار الطويل لم أشعر بالأسى والحسرة كثيرا إلا حينما استرجعت ذكرياتي كجندي ومقاتل في جيش بلادي أمضى من شبابه الكثير متدربا ليكون جاهزا لمثل هذا اليوم الذي أنا جزء منه وهو جزء مني وكم ساء ظن من تصور منكم أن سبب ألمي وحسرتي هي التدريبات القاسية التي مررت بها خلال خدمتي أو النظام الصارم الذي أجبرت نفسي على التعايش معه أو الأوامر والتعليمات التي أصبحت دستورا لحياتي انصاع لها دون تردد أو تفكير فالحقيقة أن كل هذا لم ولن يزيدني إلا محبة وتشرفا بالجندية والعسكرية وستظل معتقدي الأبدي بأنها معاقل ومصانع الرجال والأبطال حتى ألقى ربي ..
يا أبناء وطني الأوفياء ..... إن ما آلمني وأشعرني بالأسى هو أنتم فعلا .. نعم أنتم..
كنت قد عشت بينكم والكثير منكم مصدر عز وافتخار لي فأسر بمتعلمكم واعتز بنوابغكم واحترم عقولكم وأضاهي بكم بكل ما أوتيت من قوة وملكة في لساني ولكن الكثير منكم لم يرد علي هذه المشاعر الإ بنظرة الازدراء والاستخفاف وكأنه يراني من برج عاجي ليس بيني وبينه وسيلة للتواصل إلا بالنظر ..
فهذا يسخر من مستوى تعليمي البسيط ويتعمد إحراجي في كل مجلس نلتقي به مع أنه يعلم تماما أن الله قد يسر له أسباب لم تتيسر لي وهيأ له ظروف غير ظروفي وذاك يسخر من فكري وحواري معه وكلما داخلته بمناقشه ولو في ابسط الأمور كان رده المعتاد علي " إن عقليتك عقلية الجندي فلن تعي ما نقصده ولو بعد حين " وكأن العسكري لم ينشأ على الأرض بل نزل من المريخ وهذا قريبي وسليل عائلتي يمتنع من تزويجي لإبنته بحجة عدم التكافؤ في المؤهلات فهو يرى أن تزويجي لإبنته ظلم وجور عليها فإبنته على كل حال جامعية وتفوق شهادتها شهادتي وإني والله لأعجب هل من يقدم روحه فداء لدينه ووطنه غير مؤهل وهل انحصرت الرجولة في هذا الزمان بالشهادة فكم من حاملا لأعلى الشهادات لا تجد فيه حتى الغيرة على محارمه وما هذا مني بتجني على العلم فالعلم نور الحياة والعسكرية أيضا علم من علوم هذه الحياة .
إن عتابي أيضا ليستمر حينما أتصفح ألشبكه العنكبوتية وأقرأ ما يكتبه أبناء وطني في منتدياتهم العامة والخاصة ما يقدح فيني وفي زملائي من العسكريين وما يقلل من شأننا فهنا كاتب قد صب غضبه على العسكريين واتهمهم بكل قبيحة وربطهم بالجهل والتخلف ربطا أخوي مستدلا بأتفه الاستدلالات التي تقع في كل شريحة من شرائح المجتمع وهناك كاتبا آخر قد ثار كالوحش الكاسر ليرد على كل من يطالب بالتجنيد الاجباري لبعض الشباب المنحل الذي أصبح عالة على مجتمعنا ويحتاج إلى حلول لارتداعه وتقويمه مصرا على أن انحطاطه الحقيقي سيكون بتجنيده وتعلمه للضبط والربط وحب النظام ولم تمنعه شيمته أيضا من أن يستشهد بي وأمثالي كمثال للمنحطين والعاقل لا يحتاج لشرح جنوح هذا الكاتب وأمثاله وهناك أيضا كاتب آخر يسعر نار كتاباته علينا لا لشيء وإنما لأننا منحناه مخالفة لتجاوزه حد السرعة القانونية ومخالفة النظام مع أنه ممن يدعي النظام ويطالب بالنظام وهناك وهناك وهناك ........ وبهذا سأكتفي من العتب ليس لأنني قد استنفذت ذكرياتي بل لأنني بدأت أشعر بالألم والإرهاق من استرجاعها فما ذكرته فيض من غيض وقليل من كثير فمع كل ما قدمت لوطني ومجتمعي ما زلت أحلم بالثناء حلم الآملين ولسان حالي كما قال العامة (المأكول المذموم)
وها أنا ذا اليوم أخرج عنكم جميعا مقدما روحي وتاركا خلفي أهلي ومالي متجاهلا ظروفي وارتباطاتي وعلى كل حال لا أظن أن أحدكم يملك أغلى من روحه ليقدمها للآخرين قربه ولا من الفداء تضحية وكل هذا أقدمه بهامة المفتخر وبرغبة صادقة وعقيدة ثابتة ...
يا أبناء وطني العظماء... إني الآن أسهر لتنامون وأقاتل لتسلمون وأشقى لتنعمون وإن كانت هذه صفات الحرب فهي والله من صفات السلم فيما مضى ولكنكم يا قومي لا تعلمون
فيامن ينام الليل بجوار زوجته هل قد علمت بشوق الجندي وغربته ويامن أمضى يومه آمنا مع أطفاله هل قد علمت بلهفة الجندي وآماله ويامن تكتحل عينيه برؤية والديه إن أعظم آمال الجندي أن تكتحل بهم عينيه ويامن ويامن ....
إن حالنا الآن حال لا يصبر عليه إلا من أحسن تدريبه وتهيئته ولن يتحمله المزايدون الذين يزايدون في الصباح والمساء خلف الشاشات شوقا للملمات ورغبة في القتال ليكونوا في عداد الأبطال وينالوا خير المنال ولا أقول إلا كل لما سخر له فهل سينتهي الساخرون.
وختاما يا أبناء شعبي الأوفياء ... الله سبحانه وحده يعلم هل سأعود من خندقي هذا أم لا ولكنني لا أعلم في حال عودتي هذه المرة هل سيظل أبناء موطني ينظرون إلي كما كانوا ينظرون بالماضي أم أنهم سيذوقون طعم الأمن والأمان والدعة والراحة ويعودون لينظرون إلي وأمثالي كما كانوا ينظرون من أبراجهم العاجية وهل سيحقق الله أمنيتي بأن اسمعهم يقولون لي (مرحبا بالمجاهد) أم مرحبا (بأبي الخفارات) وإن كان أجلي قد حل وقد كتب الله أن أغادر هذه الدنيا في ساحات الوغى فهل عسى يتغيرون وأنا تحت الثرى هل سيمرون من جانب قبري ويقولون لأبنائهم (هذا قبر الشهيد فلان) و(هذا إبن الشهيد فلان) أم سأكون صفحة مطوية وسهم متذبذب ترتفع قيمته عند الشدة ويباع في الرخاء بأبخس الأثمان .
عفى الله عنكم عفى الله عنكم عفى الله عنكم
وأستودع الله دينكم وأمانتكم والسلام عليكم
أخوكم .. جندي اول الثغور