أبو ضحى
11-28-2009, 07:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأوقات التي تحرم وتكره الصلاة فيها
الأدلة على النهي عن الصلاة في هذه الأوقات وما يُستثنى من ذلك
العلة في النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة
أقوال العلماء ومذاهبهم في ذلك
مذاهب أهل العلم في استثناء الصلوات ذات السبب في أوقات الكراهة الثلاثة: من بعد صلاة الصبح حتى الشروق، ومن بعد صلاة العصر حتى الغروب، وعندما يطلع الإمام المنبر يوم الجمعة
العبادات توقيفية لا يصح منها شيء إلا ما وافق ما جاء به صاحب الشريعة في:
1. النوع.
2. والكم.
3. والكيف.
4. والوقت.
ولهذا فإن الصلاة وهي من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إلا أنه ينهى عنها في بعض الأوقات نهي تحريم أوتنزيه؛ لذا يتعين على المسلم معرفة هذه الأوقات التي تحرم وتكره فيها الصلاة حتى يوقع صلاته في الوقت الذي تقبل فيه، وفي الجملة فإن الأوقات التي تحرم وتكره فيها الصلاة فرضاً كانت أم نفلاً ستة، هي:
1. عند الشروق.
2. عندما تضيف الشمس إلى الغروب.
3. عندما تكون الشمس في كبد السماء.
تحرم الصلاة في هذه الأوقات الثلاثة لمن لم يكن شارعاً فيها سواء كانت فرضاً أونفلاً، قضاء أوأداء، تتراوح فترة التحريم هذه بين خمس وعشر دقائق على الأحوط.
4. من بعد صلاة الفجر إلى أن تحل النافلة حيث ترتفع الشمس مقدار رمح.
5. من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.
وفي هذين الوقتين يحرم النفل المطلق غير المقيد، ويجوز:
أ. أداء الصلاة الحاضرة لمن لم يصلها وقضاء الفائتة والمنذورة.
ب. الصلوات ذوات السبب في أرجح قولي العلماء، نحو تحية المسجد، ركعتي الطواف، صلاة الجنازة، والعيد، والكسوف، وسجود التلاوة، والشكر.
6. عند طلوع الإمام المنبر لخطبة الجمعة إلا لمن جاء المسجد متأخراً فله صلاة تحية المسجد في هذه الحال والإمام يخطب، وعليه أن يتجوز فيها في أرجح قولي العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما"1.
ã
الأدلة على النهي عن الصلاة في هذه الأوقات وما يُستثنى من ذلك
1. عن جابر رضي الله عنهما قال: "جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناسَ يوم الجمعة، فقال: أصليتَ يا فلان؟ - يعني تحية المسجد – قال: لا؛ قال: قم فاركع".2
2. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "شهد عندي رجال مرضيون أرضاهم عندي عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب".3
3. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرَّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها".4
4. وعنه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب".5
5. وعن عقبة بن عامر قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أونقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف للغروب حتى تغرب".6
6. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: "أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، لا أنهى أحداً يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحرَّوا طلوع الشمس ولا غروبها".7
ã
العلة في النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة
سداً لذريعة الشرك وقطعاً لمشابهة الكفار في الظاهر.
عن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه قال: قلتُ: "يا رسول الله أخبرني عن الصلاة؛ قال: صلِّ صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلِّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصلِّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الشيطان".8
قال الإمام ابن القيم وهو يعدد أصناف عباد الأصنام: (فمنهم عبّاد الشمس، زعموا أنها ملك من الملائكة لها نفس وعقل، وهي أصل نور القمر والكواكب، وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها، وهي عندهم ملك الفلك فيستحق التعظيم والسجود والدعاء.
ومن شريعتهم في عبادتها: أنهم اتخذوا لها صنماً بيده جوهرة على لون النار، وله بيت خاص قد بنوه باسمه، وجعلوا له الوقوف الكثيرة، من القرى والضياع، وله سدنة وقوَّام وحجبة يأتون البيت ويصلون فيه لها ثلاث كرات في اليوم، ويأتيه أصحاب العاهات، فيصومون لذلك الصنم ويصلون، ويدعون، ويستسقون به، وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها، وإذا غربت، وإذا توسطت الفلك، ولهذا يقارنها الشيطان في هذه الأوقات الثلاثة لتقع عبادتهم وسجودهم له، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تحري الصلاة في هذه الأوقات، قطعاً لمشابهة الكفار ظاهراً وسداً لذريعة الشرك وعبادة الأصنام).9
ã
أقوال العلماء ومذاهبهم في ذلك
قال ابن القاسم عن مالك في المدونة وهو يتحدث عن أوقات الصلاة على الجنازة: (ويصلي عليها بعد الصلاة ما لم تصفر الشمس، وبعد الصبح ما لم يسفر، فإذا أسفر أواصفرت الشمس فلا يصلوا حينئذ إلا أن يخافوا عليها، قال مالك: وإن غابت الشمس بدأوا بما أحبوا من المغرب أوالجنازة، وقال عنه ابن وهب: إن صلوا عليها بعد الفريضة فهو أصوب، وإن صلوا عليها قبل فلا بأس).10
وقال النووي في شرح ما قال الشيرازي: (أما حكم المسألة فتكره الصلاة في هذه الأوقات الخمسة التي ذكرها المصنف، فالوقتان الأولان فتتعلق كراهيتهما بالفعل، ومعناه أنه لا يدخل وقت الكراهة لمجرد الزمان، وإنما يدخل إذا فعل فريضة الصبح وفريضة العصر، وأما الأوقات الثلاثة فتتعلق الكراهة فيها بمجرد الزمان، هكذا قال المصنف والجمهور: أن أوقات الكراهة خمسة، وقال جماعة: هي ثلاثة: من صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس، ومن العصر حتى تغرب، وحال الاستواء؛ وهو يشمل الخمسة، والعبارة الأولى أجود لأن من لم يصل الصبح حتى طلعت الشمس يكره له التنفل حتى ترتفع قدر رمح، وكذا من لم يصلِّ العصر حتى اصفرت الشمس يكره له التنفل حتى تغرب، وهذا يفهم من العبارة الأولى دون الثانية.
إلى أن قال: واعلم أن الكراهة عند طلوع الشمس تمتد حتى ترتفع قدر رمح، هذا هو الصحيح وبه قطع المصنف11 في "التنبيه" والجمهور، وفيه وجه حكاه الخرسانيون: أن الكراهة تزول إذا طلع قرص الشمس بكماله.
إلى أن قال: ولا خلاف أن وقت الكراهة بعد العصر لا يدخل بمجرد دخول العصر، بل لا يدخل حتى يصليها، وأما في الصبح ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا يدخل بطلوع الفجر، بل لا يدخل حتى يصلي فريضة الصبح.
الثاني: يدخل بصلاة سنة الصبح.
والثالث: بطلوع الفجر، وبه قال مالك وأبوحنيفة وأحمد وأكثر العلماء).12
ã
مذاهب أهل العلم في استثناء الصلوات ذات السبب في أوقات الكراهة الثلاثة: من بعد صلاة الصبح حتى الشروق، ومن بعد صلاة العصر حتى الغروب، وعندما يطلع الإمام المنبر يوم الجمعة
ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين هما:
1. الصلوات ذات السبب نحو ركعتي الطواف، وتحية المسجد، وصلاة الجنازة، والعيدين، والكسوف، والاستسقاء، والضحى، وسجود التلاوة، وسجود الشكر، مستثناة من هذا النهي فهي تفعل حتى في هذه الأوقات وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد ومن وافقهما.
2. لم يفرِّق بين ذات السبب والنفل المطلق، فنهى عن الجميع في هذه الأوقات الثلاثة وهو مذهب الجمهور: أبوحنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه.
استدل أصحاب المذهب الأول وهم المجوزون لهذه الصلوات في تلك الأوقات بجانب ما سبق بالآتي:
1. "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يصلي حتى يركع ركعتين".13
2. ما صح عن أنس يرفعه: "من نسي صلاة أونام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها".
3. وبما رواه قيس عمر مرفوعاً ومرسلاً قال: "رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح فقال: ما هاتان الركعتان؟ فقلت: لم اكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان الركعتان".14
قال النووي عن مذاهب العلماء في جواز الصلاة التي لها سبب في هذه الأوقات: (قد ذكرنا أن مذهبنا أنهـا لا تكره، وبه قال علي بن أبي طالب، والزبيـر بن العـوام وابنه، وأبو أيـوب، والنعـمان بن بشير، وتميم الداري، وعائشة رضي الله عنه، وقال أبو حنيفة: لا يجوز شيء من ذلك؛ ووافقنا جمهور الفقهاء في إباحة الفوائت في هذه الأوقات، وقال أبو حنيفة: يباح الفوائت بعد الصبح، والعصر، ولا تباح في الأوقات الثلاثة إلا عصر يومه، فتباح عند اصفرار الشمس، وتباح المنذورة في هذه الأوقات عندنا ولا تباح عند أبي حنيفة، قال ابن المنذر: وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنازة بعد الصبح والعصر، ونقل العبدري في كتاب الجنائز عن الثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق، أن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها، وعند استوائها، ولا تكره في الوقتين الآخرين، ونقل القاضي عياض في شرح صحيح مسلم عن داود الظاهري أنه أباح الصلاة لسبب وبلا سببب في جميع الأوقات، والمشهور من مذهب داود منع الصلاة في هذه الأوقات سواء ما لها سبب وما لا سبب لها وهو رواية عن أحمد).15
وقال صاحب نيل المآرب الحنبلي: (ويجوز قضاء الفرائض في الأوقات المذكورة، ويجوز فعل منذورة، ولو كان نذرها فيها، لأنها واجبة أشبهت الفرايض، ويجوز فيها ركعتا الطواف، لأنها تبع له، وهو جائز في كل وقت، ويجوز فيها إعادة جماعة أقيمت في المسجد، فإن لم يكن بالمسجد فإنه يستحب له الدخول، ولا يعيدها فيه، وتجوز ركعتا الفجر قبل صلاة الفريضة، فلا تجوز بعدها حتى ترتفع الشمس قدر رمح.
ويحرم في هذه الأوقات الخمسة تطوع بصلاة أوبعضها، ما عدا المذكورات، حتى ما له سبب من التطوع كتحية مسجد، وسجود تلاوة، وصلاة كسوف، وصلاة على قبر، أوغائب، وقضاء راتبة سوى سنة ظهر بعد العصر المجموعة معها سواء كان جمع تقديم أوتأخير كما تقدم، ولا ينعقد النفل إذا ابتدأه في أوقات النهي المذكورة، ولو جاهلاً إلا تحية المسجد حال الخطبة، فتجوز حتى وقت النهي، ولا يجوز فيها صلاة جنازة لم يخف عليها إلا بعد الفجر وعصر دون بقية الأوقات).16
وقال الشيخ عبد الله البسام في الاختيارات الجلية في المسائل الخلافية17 في ذيل نيل المآرب: (واختلفوا في جواز الصلوات ذوات السبب، كتحية المسجد، وركعتي الوضوء وصلاة الكسوف؛ فذهب الأئمة الثلاثة: أبوحنيفة ومالك وأحمد في المشهور من مذهبه إلى عدم جواز نفل الصلاة في أوقات النهي مطلقاً، سواء ما كان من ذوات الأسباب أوغيرها، وذهب الإمام الشافعي إلى جواز نفل ذوات الأسباب، وهو رواية قوية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام وغيره من أصحاب أحمد، ومنشأ الخلاف بين الفريقين هو بدو التعارض بين الأحاديث، فطائفة منها عمومها يفيد النهي عن الصلاة مطلقاً في تلك الأوقات، وطائفة أخرى عمومها يفيد استحباب إيقاع الصلاة ذات السبب، ولو في وقت النهي.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: التحقيق أن العموم في الأوقات مقدم على العموم في الصلوات، ولأن أحاديث النهي قد دخلها التخصيص بالفائتة التي تقضى فضعَّف جانب عموم تخصيصها بذلك.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: تجويز ذوات الأسباب في أوقات النهي أرجح من منعها لأن ذوات الأسباب تفوت بفوات أسبابها، بخلاف النوافل المطلقة).
اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا التأويل، وصلِّ وسلم على عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وصحبه والتابعين. المصدر الدين النصيحة نقل أبوضحى
ã
الأوقات التي تحرم وتكره الصلاة فيها
الأدلة على النهي عن الصلاة في هذه الأوقات وما يُستثنى من ذلك
العلة في النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة
أقوال العلماء ومذاهبهم في ذلك
مذاهب أهل العلم في استثناء الصلوات ذات السبب في أوقات الكراهة الثلاثة: من بعد صلاة الصبح حتى الشروق، ومن بعد صلاة العصر حتى الغروب، وعندما يطلع الإمام المنبر يوم الجمعة
العبادات توقيفية لا يصح منها شيء إلا ما وافق ما جاء به صاحب الشريعة في:
1. النوع.
2. والكم.
3. والكيف.
4. والوقت.
ولهذا فإن الصلاة وهي من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إلا أنه ينهى عنها في بعض الأوقات نهي تحريم أوتنزيه؛ لذا يتعين على المسلم معرفة هذه الأوقات التي تحرم وتكره فيها الصلاة حتى يوقع صلاته في الوقت الذي تقبل فيه، وفي الجملة فإن الأوقات التي تحرم وتكره فيها الصلاة فرضاً كانت أم نفلاً ستة، هي:
1. عند الشروق.
2. عندما تضيف الشمس إلى الغروب.
3. عندما تكون الشمس في كبد السماء.
تحرم الصلاة في هذه الأوقات الثلاثة لمن لم يكن شارعاً فيها سواء كانت فرضاً أونفلاً، قضاء أوأداء، تتراوح فترة التحريم هذه بين خمس وعشر دقائق على الأحوط.
4. من بعد صلاة الفجر إلى أن تحل النافلة حيث ترتفع الشمس مقدار رمح.
5. من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.
وفي هذين الوقتين يحرم النفل المطلق غير المقيد، ويجوز:
أ. أداء الصلاة الحاضرة لمن لم يصلها وقضاء الفائتة والمنذورة.
ب. الصلوات ذوات السبب في أرجح قولي العلماء، نحو تحية المسجد، ركعتي الطواف، صلاة الجنازة، والعيد، والكسوف، وسجود التلاوة، والشكر.
6. عند طلوع الإمام المنبر لخطبة الجمعة إلا لمن جاء المسجد متأخراً فله صلاة تحية المسجد في هذه الحال والإمام يخطب، وعليه أن يتجوز فيها في أرجح قولي العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما"1.
ã
الأدلة على النهي عن الصلاة في هذه الأوقات وما يُستثنى من ذلك
1. عن جابر رضي الله عنهما قال: "جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناسَ يوم الجمعة، فقال: أصليتَ يا فلان؟ - يعني تحية المسجد – قال: لا؛ قال: قم فاركع".2
2. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "شهد عندي رجال مرضيون أرضاهم عندي عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب".3
3. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرَّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها".4
4. وعنه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب".5
5. وعن عقبة بن عامر قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أونقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف للغروب حتى تغرب".6
6. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: "أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، لا أنهى أحداً يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحرَّوا طلوع الشمس ولا غروبها".7
ã
العلة في النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة
سداً لذريعة الشرك وقطعاً لمشابهة الكفار في الظاهر.
عن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه قال: قلتُ: "يا رسول الله أخبرني عن الصلاة؛ قال: صلِّ صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلِّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصلِّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الشيطان".8
قال الإمام ابن القيم وهو يعدد أصناف عباد الأصنام: (فمنهم عبّاد الشمس، زعموا أنها ملك من الملائكة لها نفس وعقل، وهي أصل نور القمر والكواكب، وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها، وهي عندهم ملك الفلك فيستحق التعظيم والسجود والدعاء.
ومن شريعتهم في عبادتها: أنهم اتخذوا لها صنماً بيده جوهرة على لون النار، وله بيت خاص قد بنوه باسمه، وجعلوا له الوقوف الكثيرة، من القرى والضياع، وله سدنة وقوَّام وحجبة يأتون البيت ويصلون فيه لها ثلاث كرات في اليوم، ويأتيه أصحاب العاهات، فيصومون لذلك الصنم ويصلون، ويدعون، ويستسقون به، وهم إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها، وإذا غربت، وإذا توسطت الفلك، ولهذا يقارنها الشيطان في هذه الأوقات الثلاثة لتقع عبادتهم وسجودهم له، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تحري الصلاة في هذه الأوقات، قطعاً لمشابهة الكفار ظاهراً وسداً لذريعة الشرك وعبادة الأصنام).9
ã
أقوال العلماء ومذاهبهم في ذلك
قال ابن القاسم عن مالك في المدونة وهو يتحدث عن أوقات الصلاة على الجنازة: (ويصلي عليها بعد الصلاة ما لم تصفر الشمس، وبعد الصبح ما لم يسفر، فإذا أسفر أواصفرت الشمس فلا يصلوا حينئذ إلا أن يخافوا عليها، قال مالك: وإن غابت الشمس بدأوا بما أحبوا من المغرب أوالجنازة، وقال عنه ابن وهب: إن صلوا عليها بعد الفريضة فهو أصوب، وإن صلوا عليها قبل فلا بأس).10
وقال النووي في شرح ما قال الشيرازي: (أما حكم المسألة فتكره الصلاة في هذه الأوقات الخمسة التي ذكرها المصنف، فالوقتان الأولان فتتعلق كراهيتهما بالفعل، ومعناه أنه لا يدخل وقت الكراهة لمجرد الزمان، وإنما يدخل إذا فعل فريضة الصبح وفريضة العصر، وأما الأوقات الثلاثة فتتعلق الكراهة فيها بمجرد الزمان، هكذا قال المصنف والجمهور: أن أوقات الكراهة خمسة، وقال جماعة: هي ثلاثة: من صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس، ومن العصر حتى تغرب، وحال الاستواء؛ وهو يشمل الخمسة، والعبارة الأولى أجود لأن من لم يصل الصبح حتى طلعت الشمس يكره له التنفل حتى ترتفع قدر رمح، وكذا من لم يصلِّ العصر حتى اصفرت الشمس يكره له التنفل حتى تغرب، وهذا يفهم من العبارة الأولى دون الثانية.
إلى أن قال: واعلم أن الكراهة عند طلوع الشمس تمتد حتى ترتفع قدر رمح، هذا هو الصحيح وبه قطع المصنف11 في "التنبيه" والجمهور، وفيه وجه حكاه الخرسانيون: أن الكراهة تزول إذا طلع قرص الشمس بكماله.
إلى أن قال: ولا خلاف أن وقت الكراهة بعد العصر لا يدخل بمجرد دخول العصر، بل لا يدخل حتى يصليها، وأما في الصبح ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا يدخل بطلوع الفجر، بل لا يدخل حتى يصلي فريضة الصبح.
الثاني: يدخل بصلاة سنة الصبح.
والثالث: بطلوع الفجر، وبه قال مالك وأبوحنيفة وأحمد وأكثر العلماء).12
ã
مذاهب أهل العلم في استثناء الصلوات ذات السبب في أوقات الكراهة الثلاثة: من بعد صلاة الصبح حتى الشروق، ومن بعد صلاة العصر حتى الغروب، وعندما يطلع الإمام المنبر يوم الجمعة
ذهب أهل العلم في ذلك مذهبين هما:
1. الصلوات ذات السبب نحو ركعتي الطواف، وتحية المسجد، وصلاة الجنازة، والعيدين، والكسوف، والاستسقاء، والضحى، وسجود التلاوة، وسجود الشكر، مستثناة من هذا النهي فهي تفعل حتى في هذه الأوقات وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد ومن وافقهما.
2. لم يفرِّق بين ذات السبب والنفل المطلق، فنهى عن الجميع في هذه الأوقات الثلاثة وهو مذهب الجمهور: أبوحنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه.
استدل أصحاب المذهب الأول وهم المجوزون لهذه الصلوات في تلك الأوقات بجانب ما سبق بالآتي:
1. "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يصلي حتى يركع ركعتين".13
2. ما صح عن أنس يرفعه: "من نسي صلاة أونام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها".
3. وبما رواه قيس عمر مرفوعاً ومرسلاً قال: "رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح فقال: ما هاتان الركعتان؟ فقلت: لم اكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان الركعتان".14
قال النووي عن مذاهب العلماء في جواز الصلاة التي لها سبب في هذه الأوقات: (قد ذكرنا أن مذهبنا أنهـا لا تكره، وبه قال علي بن أبي طالب، والزبيـر بن العـوام وابنه، وأبو أيـوب، والنعـمان بن بشير، وتميم الداري، وعائشة رضي الله عنه، وقال أبو حنيفة: لا يجوز شيء من ذلك؛ ووافقنا جمهور الفقهاء في إباحة الفوائت في هذه الأوقات، وقال أبو حنيفة: يباح الفوائت بعد الصبح، والعصر، ولا تباح في الأوقات الثلاثة إلا عصر يومه، فتباح عند اصفرار الشمس، وتباح المنذورة في هذه الأوقات عندنا ولا تباح عند أبي حنيفة، قال ابن المنذر: وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنازة بعد الصبح والعصر، ونقل العبدري في كتاب الجنائز عن الثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق، أن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها، وعند استوائها، ولا تكره في الوقتين الآخرين، ونقل القاضي عياض في شرح صحيح مسلم عن داود الظاهري أنه أباح الصلاة لسبب وبلا سببب في جميع الأوقات، والمشهور من مذهب داود منع الصلاة في هذه الأوقات سواء ما لها سبب وما لا سبب لها وهو رواية عن أحمد).15
وقال صاحب نيل المآرب الحنبلي: (ويجوز قضاء الفرائض في الأوقات المذكورة، ويجوز فعل منذورة، ولو كان نذرها فيها، لأنها واجبة أشبهت الفرايض، ويجوز فيها ركعتا الطواف، لأنها تبع له، وهو جائز في كل وقت، ويجوز فيها إعادة جماعة أقيمت في المسجد، فإن لم يكن بالمسجد فإنه يستحب له الدخول، ولا يعيدها فيه، وتجوز ركعتا الفجر قبل صلاة الفريضة، فلا تجوز بعدها حتى ترتفع الشمس قدر رمح.
ويحرم في هذه الأوقات الخمسة تطوع بصلاة أوبعضها، ما عدا المذكورات، حتى ما له سبب من التطوع كتحية مسجد، وسجود تلاوة، وصلاة كسوف، وصلاة على قبر، أوغائب، وقضاء راتبة سوى سنة ظهر بعد العصر المجموعة معها سواء كان جمع تقديم أوتأخير كما تقدم، ولا ينعقد النفل إذا ابتدأه في أوقات النهي المذكورة، ولو جاهلاً إلا تحية المسجد حال الخطبة، فتجوز حتى وقت النهي، ولا يجوز فيها صلاة جنازة لم يخف عليها إلا بعد الفجر وعصر دون بقية الأوقات).16
وقال الشيخ عبد الله البسام في الاختيارات الجلية في المسائل الخلافية17 في ذيل نيل المآرب: (واختلفوا في جواز الصلوات ذوات السبب، كتحية المسجد، وركعتي الوضوء وصلاة الكسوف؛ فذهب الأئمة الثلاثة: أبوحنيفة ومالك وأحمد في المشهور من مذهبه إلى عدم جواز نفل الصلاة في أوقات النهي مطلقاً، سواء ما كان من ذوات الأسباب أوغيرها، وذهب الإمام الشافعي إلى جواز نفل ذوات الأسباب، وهو رواية قوية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام وغيره من أصحاب أحمد، ومنشأ الخلاف بين الفريقين هو بدو التعارض بين الأحاديث، فطائفة منها عمومها يفيد النهي عن الصلاة مطلقاً في تلك الأوقات، وطائفة أخرى عمومها يفيد استحباب إيقاع الصلاة ذات السبب، ولو في وقت النهي.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: التحقيق أن العموم في الأوقات مقدم على العموم في الصلوات، ولأن أحاديث النهي قد دخلها التخصيص بالفائتة التي تقضى فضعَّف جانب عموم تخصيصها بذلك.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: تجويز ذوات الأسباب في أوقات النهي أرجح من منعها لأن ذوات الأسباب تفوت بفوات أسبابها، بخلاف النوافل المطلقة).
اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا التأويل، وصلِّ وسلم على عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وصحبه والتابعين. المصدر الدين النصيحة نقل أبوضحى
ã