اشراقة الدعوة
02-08-2010, 03:05 AM
حينما رافقتني رائحة الموت لبضعة دقائق وبكى الناس من حولي وأيقنوا بالهلاك!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسأل الله لكم العون والسداد وأن ينفع بكم البلاد والعباد
استغلالا للإجازة الاستثنائية قررنا السفر جوا بالطائرة للأهل في مسقط رأسي
غير أني انشغلت عن تبكير الحجز لبعض الاختبارات المصيرية للوصول للدراسات العليا
ولم أجد حجزا إلا متأخرا وتأكد بصعوبة لكثرة المسافرين ..
يوم الاثنين قبل كتابة هذا المقال بيوم ..
استعدينا للذهاب عبر رحلة ليلية كانت موافقة لصلاة العشاء ..
دخلنا لطائرتنا وكانت مزدحمة جدا ..
كبارا وصغارا وشيوخا وعجائز وأطفالا ورضع نساء ورجالا ..
المهم وفوجئنا – للأسف بفتاتين – متبرجتين فيهما من السفه والسقط ما أشغل من كان حولهما
حتى أنا رغم أني متقدم عنهما .
فأسمع الضحكات العالية والكلمات الساقطة نسأل الله لهما الهداية
ولما بدا المضيف في توزيع الجرائد
فطلبن وبصوت عالٍ مما أثار استغراب الجميع
قالا : بالله أعطينا (( الرياضية )) !!!
المهم استعدت ذهني وانشغلت فيما هو أمامي لتبدأ الرحلة وتأتي المفاجآت
********************
أذكار السفر رددها الناس مع المكبر المسجل بصوت الإعلامي محمد أحمد صبيحي
ثم .. شرعت الطائرة بعدما اتجهت الإتجاه المناسب لتثور محركاتها بصوت عال جدا
وتنطلق انطلاقة مسرعة لتخترق السماء والتي لم ننتبه حينها ..
أنها الجو غير مناسب للسفر حيث كانت الأمطار للتو قد انتهت في محل الإقامة
وبالنسبة للمدينة التي سأسافر لها فالسيول لا تزال بل وكان هناك من سيغرق
وساهم أحد إخوتي مع بعض الموجودين في إنقاذ هذه العائلة من الموت
لم تمض دقيقة على الإقلاع حتى نالنا هزة خفيفة من مطب هوائي
مؤذنا ببداية رحلة من نوع آخر وقد اعتدت السفر ولكن لم استعد لهذا النوع من المفاجآت
اقتربنا من بلدتنا وأمامنا 20 دقيقة تقريبا
وعلى غير ميعاد
نفاجأ بصوت ضرب أسفل الطائرة – هكذا ظهر لي –
لتهتز الطائرة اهتزازا قريا حركنا عن أماكننا جميعا .. أصابنا نوع خوف
وأول من صرخ ( الفتاتين ) . صرخن وبكين بكاءا واضحا ..
والمفزع أنها مقدمة فقط
تخيلوا أطفئت الأنوار الداخلية . الإنارة خافته
لتغلف السحب الكثيفة الطائرة تغليفا وعلى جناح الطائرة إضاءة قويا تنير بشكل متتابع يراها الناس في الأسفل
بشكل واضح ..
فأصبحت هذه الإضاءة تنير السحاب والسحاب يعكس علينا الضوء ..
فأصبح كالبرق يلمع لمعانا شديدا داخل الطائرة ..
كأنه إنذار وقد رافق هذا الفزع الإنذار الحقيقي فقد بدأت أصوات الإنذار تعلوا فوق رؤوس الركاب
لم يكن شيء أمامنا وبين عيوننا إلا خمسة أحرف .. لا زيادة ولا نقصان ..
(( الموت ))
التصقت بظهري على الكرسي لترتطم الطائرة بمطب هوائي آخر قوي جدا أحرف مؤخرة الطائرة واخفض
سرعتها بشكل ملفت والإضاءة تلمع داخل الطائرة تارة وصوت الإنذار يباغتنا بصوته المفزع تارة
فزع شديد .. أمامنا عجوز كبيرة أمسكت بالكرسي الذي أمامنا لعل الله رحمنا بها
لم نسمع لها صوتا ..
بدأ البكاء يعلو .. من بعض الموجودات والأطفال يخترق صمت الناس الرهيب مع الفزع
فلا نسمع إلا صوت المحركات المرعب ..
ظلام دامس وعسر في هبوط الطائرة كلما انخفض قليلا وجد من جبال السماء ما يردعه
وأصبحت قلوبنا هواء ودار في رأسي من الأفكار والمحاسبة ما غفلت عنه وأنا آمن
ضربات المطبات تتوالى وبكاء الناس يتوالى وتساوى عندنا احتمال الموت والحياة
من على ارتفاع كما يقولون :
ستا وعشرين ألف قدم ..
***********************
استمر هذا الموقف المرعب دقائق .. كالسنين
وتذكرت أمامي قوله تعالى : ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) ))
تذكرت أمامي كل تقصير وكل كلمة خرجت في غير موضعها ..
فيقطع هذا ضربة مؤلمة في جبال السماء السحاب تزيد القلب فزعا
تذكرت والدتي ووالدي .. إخواني
تذكرت الموتة التي نحن في الطريق إليها والتي تشتمل على أكثر من موتة
فما تقولون في ميت يسقط من هذا الإرتفاع وعلى صحراء مظلمة
فيقطع المحاسبة (( ضربة أخرى ))
آلآن ... ؟!
هذا وقت المحاسبة ؟!
الفتاتين التي خلفي هل سينفعهما تبرجهما ومحاولة إغراء ركاب الطائرة ..
كيف لقاء الله ؟؟
**************
كابوس مرعب .. دام فترة ليست بالطويلة زمنا ..
ولكنها عميقة تجربة ..
نزلنا عن جبال السماء لنرى أنوار مدينتنا ..
وجبال الأرض ..
هبطنا بسلام .. لأجد رجلا بجواري قد اجتمع معه كل عائلته
يسبح الله ويحمده وقد تنفس الصعداء بعد أن رآى الخوف في قلوب أبنائه وزوجته
ووالدته المسكينة .. الكبيرة ..
حمدنا الله ..
وأعدت النظر في حياتي واستغفرت لخطيئتي ..
ونزلنا من الطائرة البئيسة والتي لم أنظر إليها .. لأنها ذكرتني بالموت الحقيقي ..
فقلت في نفسي :
هل ينتظر الإنسان موقفا ينبه ؟؟
لم لا يعد العدة فقد رآى في غيره المواقف والعبر ..
كم قرأنا من حادث سير أهلك أسرة بأكملها كم قرأنا عن منزل سقط وطائرة سقطت لتفقد أشلاء الناس فيها
كم جار لنا مات وقريب وحبيب ؟؟
كم شيبة قد غزت مفارقنا ..؟؟
رسالة أوجهها لقلبي ولقلب كل قارئ ..
علها تحيي قلوبا ران عليها غفلة الغافلين ..
وغلفها إبليس بشهواته
كما غلفتنا السحب في الطائرة ..
وكما ستغلفنا الأكفان في المقابر ..
والحمد لله على سلامتنا جميعا وكل من نجا من غفلته ليعيد حساباته ويعيد ..
والله ولي التوفيق
الفقير إلى عفو ربه
المؤمن كالغيث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسأل الله لكم العون والسداد وأن ينفع بكم البلاد والعباد
استغلالا للإجازة الاستثنائية قررنا السفر جوا بالطائرة للأهل في مسقط رأسي
غير أني انشغلت عن تبكير الحجز لبعض الاختبارات المصيرية للوصول للدراسات العليا
ولم أجد حجزا إلا متأخرا وتأكد بصعوبة لكثرة المسافرين ..
يوم الاثنين قبل كتابة هذا المقال بيوم ..
استعدينا للذهاب عبر رحلة ليلية كانت موافقة لصلاة العشاء ..
دخلنا لطائرتنا وكانت مزدحمة جدا ..
كبارا وصغارا وشيوخا وعجائز وأطفالا ورضع نساء ورجالا ..
المهم وفوجئنا – للأسف بفتاتين – متبرجتين فيهما من السفه والسقط ما أشغل من كان حولهما
حتى أنا رغم أني متقدم عنهما .
فأسمع الضحكات العالية والكلمات الساقطة نسأل الله لهما الهداية
ولما بدا المضيف في توزيع الجرائد
فطلبن وبصوت عالٍ مما أثار استغراب الجميع
قالا : بالله أعطينا (( الرياضية )) !!!
المهم استعدت ذهني وانشغلت فيما هو أمامي لتبدأ الرحلة وتأتي المفاجآت
********************
أذكار السفر رددها الناس مع المكبر المسجل بصوت الإعلامي محمد أحمد صبيحي
ثم .. شرعت الطائرة بعدما اتجهت الإتجاه المناسب لتثور محركاتها بصوت عال جدا
وتنطلق انطلاقة مسرعة لتخترق السماء والتي لم ننتبه حينها ..
أنها الجو غير مناسب للسفر حيث كانت الأمطار للتو قد انتهت في محل الإقامة
وبالنسبة للمدينة التي سأسافر لها فالسيول لا تزال بل وكان هناك من سيغرق
وساهم أحد إخوتي مع بعض الموجودين في إنقاذ هذه العائلة من الموت
لم تمض دقيقة على الإقلاع حتى نالنا هزة خفيفة من مطب هوائي
مؤذنا ببداية رحلة من نوع آخر وقد اعتدت السفر ولكن لم استعد لهذا النوع من المفاجآت
اقتربنا من بلدتنا وأمامنا 20 دقيقة تقريبا
وعلى غير ميعاد
نفاجأ بصوت ضرب أسفل الطائرة – هكذا ظهر لي –
لتهتز الطائرة اهتزازا قريا حركنا عن أماكننا جميعا .. أصابنا نوع خوف
وأول من صرخ ( الفتاتين ) . صرخن وبكين بكاءا واضحا ..
والمفزع أنها مقدمة فقط
تخيلوا أطفئت الأنوار الداخلية . الإنارة خافته
لتغلف السحب الكثيفة الطائرة تغليفا وعلى جناح الطائرة إضاءة قويا تنير بشكل متتابع يراها الناس في الأسفل
بشكل واضح ..
فأصبحت هذه الإضاءة تنير السحاب والسحاب يعكس علينا الضوء ..
فأصبح كالبرق يلمع لمعانا شديدا داخل الطائرة ..
كأنه إنذار وقد رافق هذا الفزع الإنذار الحقيقي فقد بدأت أصوات الإنذار تعلوا فوق رؤوس الركاب
لم يكن شيء أمامنا وبين عيوننا إلا خمسة أحرف .. لا زيادة ولا نقصان ..
(( الموت ))
التصقت بظهري على الكرسي لترتطم الطائرة بمطب هوائي آخر قوي جدا أحرف مؤخرة الطائرة واخفض
سرعتها بشكل ملفت والإضاءة تلمع داخل الطائرة تارة وصوت الإنذار يباغتنا بصوته المفزع تارة
فزع شديد .. أمامنا عجوز كبيرة أمسكت بالكرسي الذي أمامنا لعل الله رحمنا بها
لم نسمع لها صوتا ..
بدأ البكاء يعلو .. من بعض الموجودات والأطفال يخترق صمت الناس الرهيب مع الفزع
فلا نسمع إلا صوت المحركات المرعب ..
ظلام دامس وعسر في هبوط الطائرة كلما انخفض قليلا وجد من جبال السماء ما يردعه
وأصبحت قلوبنا هواء ودار في رأسي من الأفكار والمحاسبة ما غفلت عنه وأنا آمن
ضربات المطبات تتوالى وبكاء الناس يتوالى وتساوى عندنا احتمال الموت والحياة
من على ارتفاع كما يقولون :
ستا وعشرين ألف قدم ..
***********************
استمر هذا الموقف المرعب دقائق .. كالسنين
وتذكرت أمامي قوله تعالى : ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) ))
تذكرت أمامي كل تقصير وكل كلمة خرجت في غير موضعها ..
فيقطع هذا ضربة مؤلمة في جبال السماء السحاب تزيد القلب فزعا
تذكرت والدتي ووالدي .. إخواني
تذكرت الموتة التي نحن في الطريق إليها والتي تشتمل على أكثر من موتة
فما تقولون في ميت يسقط من هذا الإرتفاع وعلى صحراء مظلمة
فيقطع المحاسبة (( ضربة أخرى ))
آلآن ... ؟!
هذا وقت المحاسبة ؟!
الفتاتين التي خلفي هل سينفعهما تبرجهما ومحاولة إغراء ركاب الطائرة ..
كيف لقاء الله ؟؟
**************
كابوس مرعب .. دام فترة ليست بالطويلة زمنا ..
ولكنها عميقة تجربة ..
نزلنا عن جبال السماء لنرى أنوار مدينتنا ..
وجبال الأرض ..
هبطنا بسلام .. لأجد رجلا بجواري قد اجتمع معه كل عائلته
يسبح الله ويحمده وقد تنفس الصعداء بعد أن رآى الخوف في قلوب أبنائه وزوجته
ووالدته المسكينة .. الكبيرة ..
حمدنا الله ..
وأعدت النظر في حياتي واستغفرت لخطيئتي ..
ونزلنا من الطائرة البئيسة والتي لم أنظر إليها .. لأنها ذكرتني بالموت الحقيقي ..
فقلت في نفسي :
هل ينتظر الإنسان موقفا ينبه ؟؟
لم لا يعد العدة فقد رآى في غيره المواقف والعبر ..
كم قرأنا من حادث سير أهلك أسرة بأكملها كم قرأنا عن منزل سقط وطائرة سقطت لتفقد أشلاء الناس فيها
كم جار لنا مات وقريب وحبيب ؟؟
كم شيبة قد غزت مفارقنا ..؟؟
رسالة أوجهها لقلبي ولقلب كل قارئ ..
علها تحيي قلوبا ران عليها غفلة الغافلين ..
وغلفها إبليس بشهواته
كما غلفتنا السحب في الطائرة ..
وكما ستغلفنا الأكفان في المقابر ..
والحمد لله على سلامتنا جميعا وكل من نجا من غفلته ليعيد حساباته ويعيد ..
والله ولي التوفيق
الفقير إلى عفو ربه
المؤمن كالغيث