لحن الحياة
04-02-2010, 12:28 AM
http://www.3deeel.com/vb/images/bsm.gif
نحو تفكير أشمل و أكثر إيجابية تذكر أن التفكير ضرورة إنسانية
لأن المزية الكبرى للإنسان هي العقل المفكر، وكما هي الحاجة والمنفعة في استخدام الجوارح المختلفة من بصر وسمع ونحوها فكذلك – من باب أولى – استخدام العقل وتشغيله .
التفكير دعوة قرآنية
فآيات القرآن ملئية بالدعوة إلى التفكر والتدبر في الآيات المسطورة والآيات المنظورة، {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } .
التفكير بداية عملية
فإن كل مشكلة تعرض، وكل عمل يبدأ، وكل أمل يشرق لا يمكن أن يترجم إلى عمل إلا بالبدء بالتفكير والانطلاق منه.
التفكير آلية إنتاجية
فإن حل المشكلات أو إطلاق المبادرات، قد يكون سحابة صيف عابرة مرتبطة بذوات الأشخاص أو بتوفر ظروف معينة، لكن عندما يتحول التفكير إلى ثقافة وممارسة منهجية فإنه يصبح قادراً على التفاعل الإيجابي الدائم الذي لا يكون مجرد رد فعل بل يؤسس للتعامل مع التوقعات قبل حدوثها.
التفكير روح إيجابية
لأن اليأس قد سرى إلى بعض النفوس، والإحباط قد أحاط بكثير من الناس، فإذا انطلقت الدعوة للتفكير وبدأت تؤتي ثمارها، أشعلت نور الأمل من جديد، وأعادت الثقة للنفوس لتواصل مسيرتها وجهادها في الإصلاح والتطوير .
وكذلك هذه خلاصة لأنواع التفكير المنشود
التفكير العام
وهو الذي يعنى بالشأن العام للأمة وليس مقتصراً على التفكير في الشؤون الخاصة للأشخاص أو المؤسسات فهذا يحظى بعناية أربابه لما يحقق لهم من مصالح، وقد نجد نماذج متميزة تفكر في أمورها الخاصة بكفاءة عالية، ويهمنا كيف نستثمر تفكيرها في الأحوال العامة للأمة .
التفكير الشمولي
وهو الذي يتناول المسائل من جميع جوانبها، ويفكر في جميع ما يتصل بها، فالتداخل في عالم اليوم جعل العلاقات متشابكة، فالاقتصاد يؤثر في السياسة، والسياسة ترتبط بالإعلام، وكل من الاقتصاد والإعلام ينعكس على الاجتماع وهكذا، ومن ثم لابد أن يكون التفكير شاملاً لجميع العلاقات والتداخلات المتصلة بالموضوعات.
التفكير المتخصص
ونحن في عصر التخصص الدقيق فإنه ينبغي أن يعطى التخصص حقه وقدره وأن تحال كل قضية للمتخصصين لئلا يتصدى لها من لا يحسنها، ولئلا تتكرر مآسي واقعنا في وجود مسئولين على رأس وزارات في غير تخصصاتهم، فالصحة مسئولها متخصص في الجيولوجيا، والصناعة مسئولها متخصص في النحو وهكذا.
التفكير الواقعي
إذ التفكير يبدأ من معلومات الواقع أساساً، والواقعية تبتعد عن الأحلام والخيالات، وعن المزايدات والمبالغات، ولكنها في الوقت نفسه لا تستسلم للواقع بل هي تهدف إلى تغييره والتغلب على مشكلاته وسلبياته، ومن ثم فإن الواقعية ليست قيداً يحد من التفكير ويحول دون التغيير كما قد يفهم بعض الناس، ويلحق بالواقعية المرونة التي لا تحمل على التصورات والحلول الآحادية بل تضع التوقعات وتحسب حساب ردود الأفعال ومنها إيجاد البدائل وتنويع الحلول والوسائل .
التفكير التكاملي
وهو التفكير الذي تتكامل فيه الجهود وتتظافر فيه الطاقات، ولا يكرر فيه ما سبق التفكير فيه بل يبنى عليه، ولا يكون التكامل إلا إذا وجد مبدأ التعاون، وكان هو روح العمل وأساسه، ثم إن الجوانب التخصصية المختلفة لابد من جمعها والتأليف بينها لأن التداخل والتأثير بين الجوانب المختلفة يوجب ذلك.
وحتى يكون التفكير منهجياً صائباً فإنه لابد أن يبنى على اليقين لا الظن، { إن الظن لا يغني من الحق شيئاً}، وعلى التثبت لا الترخص {ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، ويجب أن يقوم على الحق لا الهوى{ قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين} ولا مناص أن يكون أساسه الصدق لا التلون، والصراحة لا المداراة، وبعيداً عن النفعية البراغماتية، والميكافيلية التحايلية، فالغاية لا تبرر الوسيلة{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، ويلزم أن يعتمد التفكير على الدقة والتفصيل لا على الإجمال والتعميم، والمعلومات الدقيقة أساس التفكير والتخطيط، وفي قصة يوسف عليه السلام إشارة ودلالة{قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون * ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}
وأخيراً لا تتحقق الجدوى الكاملة إلا بأن يكون التفكير عملاً مؤسسياً لا يعتمد كلياً على الأشخاص وإن كان يقدر أدوارهم ويستثمر خبراتهم، فالأصل هو المنهج لا الأشخاص، والقضايا لا الأفراد، والنظام المنهجي لا المزاج الشخصي.
ولابد من إدراك أن الطريق إلى إحياء التفكير وجدية العمل ودقة التخطيط وأمانة التنفيذ وكفاءة الأداء كل ذلك طريقه ملئ بالعقبات الداخلية والخارجية، فهناك الروح الانهزامية المستسلمة لتفوق الغير، وهناك العقلية النمطية الرافضة لمبدأ التغيير والتجديد، وهناك مراكز القوى النفعية التي تقوم مصالحها على الإرتباط بالأجنبي، وهناك بيروقراطية الأداء في الأجهزة الحكومية بل والخاصة أحياناً، وهناك أرباب النفوذ السياسي في الطبقات الحاكمة التي لا ترى لغيرها حقاً أو إمكانية في الإنتاج والإنجاز، هذا فضلاً عن الإغراق في الملهيات، والإشغال بالتفاهات، ولا ينبغي نسيان استهداف الأعداء لمنع عجلة التطور من الدوران، لأنها أكبر خطر على مصالحهم، ويزعزع نفوذهم، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون - لدى العقلاء والمخلصين – زاداً للتحدي وعوامل للإصرار حتى نتحرك شيئاً فشيئاً في مقاومة تلك العوائق، ونتقدم الخطوات الأولى في مسيرة آلاف الأميال نحو اليقظة والنهضة .
وليعلم القاريء أن التفكير الذي أثمر مشروعات وأعمال كبرى إنما جاء من أشخاص لهم علم واسع وخبرة عميقة وتجارب متتابعة وتعاون إيجابي مع الآخرين، ولذلك أنصح بمواصلة التفكير والبحث عن مخارج الأزمات وحلول المشكلات ومشروعات الإصلاح مع الإستفادة بما سبق ذكره .
بتصرف من مقال لــلدكتور
علي بن عمر بادحدح
نحو تفكير أشمل و أكثر إيجابية تذكر أن التفكير ضرورة إنسانية
لأن المزية الكبرى للإنسان هي العقل المفكر، وكما هي الحاجة والمنفعة في استخدام الجوارح المختلفة من بصر وسمع ونحوها فكذلك – من باب أولى – استخدام العقل وتشغيله .
التفكير دعوة قرآنية
فآيات القرآن ملئية بالدعوة إلى التفكر والتدبر في الآيات المسطورة والآيات المنظورة، {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } .
التفكير بداية عملية
فإن كل مشكلة تعرض، وكل عمل يبدأ، وكل أمل يشرق لا يمكن أن يترجم إلى عمل إلا بالبدء بالتفكير والانطلاق منه.
التفكير آلية إنتاجية
فإن حل المشكلات أو إطلاق المبادرات، قد يكون سحابة صيف عابرة مرتبطة بذوات الأشخاص أو بتوفر ظروف معينة، لكن عندما يتحول التفكير إلى ثقافة وممارسة منهجية فإنه يصبح قادراً على التفاعل الإيجابي الدائم الذي لا يكون مجرد رد فعل بل يؤسس للتعامل مع التوقعات قبل حدوثها.
التفكير روح إيجابية
لأن اليأس قد سرى إلى بعض النفوس، والإحباط قد أحاط بكثير من الناس، فإذا انطلقت الدعوة للتفكير وبدأت تؤتي ثمارها، أشعلت نور الأمل من جديد، وأعادت الثقة للنفوس لتواصل مسيرتها وجهادها في الإصلاح والتطوير .
وكذلك هذه خلاصة لأنواع التفكير المنشود
التفكير العام
وهو الذي يعنى بالشأن العام للأمة وليس مقتصراً على التفكير في الشؤون الخاصة للأشخاص أو المؤسسات فهذا يحظى بعناية أربابه لما يحقق لهم من مصالح، وقد نجد نماذج متميزة تفكر في أمورها الخاصة بكفاءة عالية، ويهمنا كيف نستثمر تفكيرها في الأحوال العامة للأمة .
التفكير الشمولي
وهو الذي يتناول المسائل من جميع جوانبها، ويفكر في جميع ما يتصل بها، فالتداخل في عالم اليوم جعل العلاقات متشابكة، فالاقتصاد يؤثر في السياسة، والسياسة ترتبط بالإعلام، وكل من الاقتصاد والإعلام ينعكس على الاجتماع وهكذا، ومن ثم لابد أن يكون التفكير شاملاً لجميع العلاقات والتداخلات المتصلة بالموضوعات.
التفكير المتخصص
ونحن في عصر التخصص الدقيق فإنه ينبغي أن يعطى التخصص حقه وقدره وأن تحال كل قضية للمتخصصين لئلا يتصدى لها من لا يحسنها، ولئلا تتكرر مآسي واقعنا في وجود مسئولين على رأس وزارات في غير تخصصاتهم، فالصحة مسئولها متخصص في الجيولوجيا، والصناعة مسئولها متخصص في النحو وهكذا.
التفكير الواقعي
إذ التفكير يبدأ من معلومات الواقع أساساً، والواقعية تبتعد عن الأحلام والخيالات، وعن المزايدات والمبالغات، ولكنها في الوقت نفسه لا تستسلم للواقع بل هي تهدف إلى تغييره والتغلب على مشكلاته وسلبياته، ومن ثم فإن الواقعية ليست قيداً يحد من التفكير ويحول دون التغيير كما قد يفهم بعض الناس، ويلحق بالواقعية المرونة التي لا تحمل على التصورات والحلول الآحادية بل تضع التوقعات وتحسب حساب ردود الأفعال ومنها إيجاد البدائل وتنويع الحلول والوسائل .
التفكير التكاملي
وهو التفكير الذي تتكامل فيه الجهود وتتظافر فيه الطاقات، ولا يكرر فيه ما سبق التفكير فيه بل يبنى عليه، ولا يكون التكامل إلا إذا وجد مبدأ التعاون، وكان هو روح العمل وأساسه، ثم إن الجوانب التخصصية المختلفة لابد من جمعها والتأليف بينها لأن التداخل والتأثير بين الجوانب المختلفة يوجب ذلك.
وحتى يكون التفكير منهجياً صائباً فإنه لابد أن يبنى على اليقين لا الظن، { إن الظن لا يغني من الحق شيئاً}، وعلى التثبت لا الترخص {ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، ويجب أن يقوم على الحق لا الهوى{ قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين} ولا مناص أن يكون أساسه الصدق لا التلون، والصراحة لا المداراة، وبعيداً عن النفعية البراغماتية، والميكافيلية التحايلية، فالغاية لا تبرر الوسيلة{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، ويلزم أن يعتمد التفكير على الدقة والتفصيل لا على الإجمال والتعميم، والمعلومات الدقيقة أساس التفكير والتخطيط، وفي قصة يوسف عليه السلام إشارة ودلالة{قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون * ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون}
وأخيراً لا تتحقق الجدوى الكاملة إلا بأن يكون التفكير عملاً مؤسسياً لا يعتمد كلياً على الأشخاص وإن كان يقدر أدوارهم ويستثمر خبراتهم، فالأصل هو المنهج لا الأشخاص، والقضايا لا الأفراد، والنظام المنهجي لا المزاج الشخصي.
ولابد من إدراك أن الطريق إلى إحياء التفكير وجدية العمل ودقة التخطيط وأمانة التنفيذ وكفاءة الأداء كل ذلك طريقه ملئ بالعقبات الداخلية والخارجية، فهناك الروح الانهزامية المستسلمة لتفوق الغير، وهناك العقلية النمطية الرافضة لمبدأ التغيير والتجديد، وهناك مراكز القوى النفعية التي تقوم مصالحها على الإرتباط بالأجنبي، وهناك بيروقراطية الأداء في الأجهزة الحكومية بل والخاصة أحياناً، وهناك أرباب النفوذ السياسي في الطبقات الحاكمة التي لا ترى لغيرها حقاً أو إمكانية في الإنتاج والإنجاز، هذا فضلاً عن الإغراق في الملهيات، والإشغال بالتفاهات، ولا ينبغي نسيان استهداف الأعداء لمنع عجلة التطور من الدوران، لأنها أكبر خطر على مصالحهم، ويزعزع نفوذهم، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون - لدى العقلاء والمخلصين – زاداً للتحدي وعوامل للإصرار حتى نتحرك شيئاً فشيئاً في مقاومة تلك العوائق، ونتقدم الخطوات الأولى في مسيرة آلاف الأميال نحو اليقظة والنهضة .
وليعلم القاريء أن التفكير الذي أثمر مشروعات وأعمال كبرى إنما جاء من أشخاص لهم علم واسع وخبرة عميقة وتجارب متتابعة وتعاون إيجابي مع الآخرين، ولذلك أنصح بمواصلة التفكير والبحث عن مخارج الأزمات وحلول المشكلات ومشروعات الإصلاح مع الإستفادة بما سبق ذكره .
بتصرف من مقال لــلدكتور
علي بن عمر بادحدح