ناصر
07-23-2005, 12:08 AM
اسعد الله اوقاتكم بكل الخير
قال محمود تيمور:
كنت أجتاز عامي السابع , فإذا المرض يداهمني , وإذا هو ثقيل الوطأة يتهددني , وقد استلان جانبي و استضعفني حتى بلغت عصر الشباب , وأنا أكاد استيئس من الحياة و أحس دنو النهاية القاضية.
ولكني في هذه المرحلة وجدتني أنساق إلى نوع من العمل أدين له الآن بكياني كله , ذلك هو الأدب. تعلقت نفسي بأن أبلغ منه مأرباً , وارمي فيه إلى هدف ..
إذ كانت مصر لذلك العهد في مقتبل نهضة و بواكير ثورة , والوعي القومي يستشرف لطابع الساعين إلى تقويم الطابع المصري للادب في إطار من القصص الفني , فجرى هذا العمل تياراً في دمي ,وصار في جوهر حياتي يملك عليّ أمري كله.
وعلى الرغم من أن المرض لم يتخل عن صحبتي , فها أنا ذا أستكمل الستين من عمري وما زلت حياً أرزق , بفضل ذلك العمل الذي حماني من الهزيمة و الانهيار , بل إنه كان يعمر قلبي بالأمل ويفرغ على نفسي الثقة,وينضّرأمام عيني وجة الحياة فأنظر إلى المرض نظرة الاستهانة و الاستخفاف.
بالعمل وحده استطعت أيضاً أن أواجه الأحداث التي تتمخض عنها الليالي , فلست أنسى أنه لم يكن لي عزاء في نكبتي بفقد وحيدي منذ سنوات عشر , إلا أن ألقي بنفسي في غمار عملي , حتى أتممت روايتين مطلوبتين في وقت قصير , وخرجت من فورة هذه المحنة أحمد للعمل ما حماني به من لوعة الحزن وحسرة الفقدان.
وإني لأزجي أثقال الحياة وهموم العيش بتلك الساعات التي أندمج أثناءها في عملي , فأصدر عنه كأني أصدر عن مستحم يفيض على جسدي النشاط و الحيوية و الأنشراح.
لقد غدا العمل عندي لوناً من السعادة الكبرى فأنا أعتقده و أعتده من شعائر الحياة بعد الصلاة.
فالصلاة عبادة لله و تأمل في صميم الوجود و ترفّع عن توافه الدنيا و صغائر العيش, وما العمل إلا استغراق في أعماق الحقائق وعزوف عن التفاهة و الفراغ.
بالصلاة تتخلص النفوس من شوائبها فتتسامى إلى آفاق علوية صافية , وبالعمل تتجرد النفس للأهداف المرسومة و تتحرر من تلك النوازع و النزوات التي تجر إلى الشرور و الآثام.
إذا كانت الصلاة مظهر من مظاهر الطاعة لله , بها يستمد الانسان على ظهر الأرض قبساً من نور السماء فعمل الدنيا عبادة مع حسن النية....
متى أخذ الانسان فيما بين يديه من عمل فهو يؤدي الجانب الذي فرضه الله عليه من رسالته إلى سائر الناس , رسالة العمل , رسالة العمران على اختلاف مدلولاته ومعانيه.
أنا في إقبالي على عملي الذي أتوجه إلى اتقانه أحس بأنني أعبد الله , وأؤدي ما كتبه عليّ وكأن يد الله تدفع بي وتبارك جهدي وتحفني بالرعاية و الرضوان.
وأصارح بأني في بعض الاحيان قد أضيق بعملي , وأحسبني منه في رهق , وأكاد أهم بأن أثور عليه , ولكن سرعان ما أجدني قد سكنت ثورتي , وذهب عني الضيق, واحتملت للعمل ما يجشمني من جهد ,وأهم بأن أنحني على أوراقي أعتذر عما أبديت لها من غضاضة و اعراض ,إذ يتمثل لي عدوي الأول الذي هزمته في مراحل حياتي السالفة, ذلك الشبح المرهوب , شبح الفراغ , شبح الاقفار من الأهداف, شبح الجدب الذي يطبع الحياةبطابع التفاهة و العقم.
فأراني قد هششت لعملي , وحننت إليه و ارتضيته ظهيراً لي في الظفر بمعنى الحياة وجوهر العيش فأجلس إلى مكتبي آخذاً بقلمي منكباً على أوراقي أستمرىء نشوة الانتصــــــــــار.
قال محمود تيمور:
كنت أجتاز عامي السابع , فإذا المرض يداهمني , وإذا هو ثقيل الوطأة يتهددني , وقد استلان جانبي و استضعفني حتى بلغت عصر الشباب , وأنا أكاد استيئس من الحياة و أحس دنو النهاية القاضية.
ولكني في هذه المرحلة وجدتني أنساق إلى نوع من العمل أدين له الآن بكياني كله , ذلك هو الأدب. تعلقت نفسي بأن أبلغ منه مأرباً , وارمي فيه إلى هدف ..
إذ كانت مصر لذلك العهد في مقتبل نهضة و بواكير ثورة , والوعي القومي يستشرف لطابع الساعين إلى تقويم الطابع المصري للادب في إطار من القصص الفني , فجرى هذا العمل تياراً في دمي ,وصار في جوهر حياتي يملك عليّ أمري كله.
وعلى الرغم من أن المرض لم يتخل عن صحبتي , فها أنا ذا أستكمل الستين من عمري وما زلت حياً أرزق , بفضل ذلك العمل الذي حماني من الهزيمة و الانهيار , بل إنه كان يعمر قلبي بالأمل ويفرغ على نفسي الثقة,وينضّرأمام عيني وجة الحياة فأنظر إلى المرض نظرة الاستهانة و الاستخفاف.
بالعمل وحده استطعت أيضاً أن أواجه الأحداث التي تتمخض عنها الليالي , فلست أنسى أنه لم يكن لي عزاء في نكبتي بفقد وحيدي منذ سنوات عشر , إلا أن ألقي بنفسي في غمار عملي , حتى أتممت روايتين مطلوبتين في وقت قصير , وخرجت من فورة هذه المحنة أحمد للعمل ما حماني به من لوعة الحزن وحسرة الفقدان.
وإني لأزجي أثقال الحياة وهموم العيش بتلك الساعات التي أندمج أثناءها في عملي , فأصدر عنه كأني أصدر عن مستحم يفيض على جسدي النشاط و الحيوية و الأنشراح.
لقد غدا العمل عندي لوناً من السعادة الكبرى فأنا أعتقده و أعتده من شعائر الحياة بعد الصلاة.
فالصلاة عبادة لله و تأمل في صميم الوجود و ترفّع عن توافه الدنيا و صغائر العيش, وما العمل إلا استغراق في أعماق الحقائق وعزوف عن التفاهة و الفراغ.
بالصلاة تتخلص النفوس من شوائبها فتتسامى إلى آفاق علوية صافية , وبالعمل تتجرد النفس للأهداف المرسومة و تتحرر من تلك النوازع و النزوات التي تجر إلى الشرور و الآثام.
إذا كانت الصلاة مظهر من مظاهر الطاعة لله , بها يستمد الانسان على ظهر الأرض قبساً من نور السماء فعمل الدنيا عبادة مع حسن النية....
متى أخذ الانسان فيما بين يديه من عمل فهو يؤدي الجانب الذي فرضه الله عليه من رسالته إلى سائر الناس , رسالة العمل , رسالة العمران على اختلاف مدلولاته ومعانيه.
أنا في إقبالي على عملي الذي أتوجه إلى اتقانه أحس بأنني أعبد الله , وأؤدي ما كتبه عليّ وكأن يد الله تدفع بي وتبارك جهدي وتحفني بالرعاية و الرضوان.
وأصارح بأني في بعض الاحيان قد أضيق بعملي , وأحسبني منه في رهق , وأكاد أهم بأن أثور عليه , ولكن سرعان ما أجدني قد سكنت ثورتي , وذهب عني الضيق, واحتملت للعمل ما يجشمني من جهد ,وأهم بأن أنحني على أوراقي أعتذر عما أبديت لها من غضاضة و اعراض ,إذ يتمثل لي عدوي الأول الذي هزمته في مراحل حياتي السالفة, ذلك الشبح المرهوب , شبح الفراغ , شبح الاقفار من الأهداف, شبح الجدب الذي يطبع الحياةبطابع التفاهة و العقم.
فأراني قد هششت لعملي , وحننت إليه و ارتضيته ظهيراً لي في الظفر بمعنى الحياة وجوهر العيش فأجلس إلى مكتبي آخذاً بقلمي منكباً على أوراقي أستمرىء نشوة الانتصــــــــــار.