ماجد سليمان البلوي
04-09-2010, 09:51 PM
إنه يفاجئ الفتيات والنساء بعد مغيب الشمس أثناء ممارستهن رياضة المشي، أو عندما يتجولن في نزهة ليلية بالقرب من الشاطئ! يتوقف بسيارته إلى جانب القاصية منهن، يترجل منها وبلا مقدمات يباغتها بعناق قوي لا تستطيع الإفلات منه، وتحت تأثير الصدمة وبقوة ذراعيه الفولاذيتين يسحبها إلى السيارة.
جميعهن شهدن أنه كان من القوة بحيث لا يمكن حتى التفكير بمقاومته، وما من سبيل للنجاة من الموت سوى الاستسلام لرغبته، يلوذ بهن على شاطئ البحر، يغتصبهن ثم يمضي! إلى هنا يبدو الأمر عادياً وقد يحدث في أي مكان وزمان، لكن لهذا المغتصب بالذات ميزة عن الآخرين، جميع الفتيات والنساء اللاتي حظين بلقائه المرعب قلن في الشكوى التي قدمت ضد مجهول، إنه في لحظة نشوته ينفجر بالبكاء مثل طفل خائف، كأنه يتألم لما حدث ويحدث له ولهن! هكذا بدأت الشرطة البحث عن رجل ذي جسد متين له ملامح روسية يتجول في منطقة حيفا أطلقت عليه لقب 'المغتصب الباكي'! عندما تم إلقاء القبض عليه بعد تنفيذه أكثر من عشر (مناحات)، حاولت القاضية أن تفهم سر دموعه المدرارة فقال: 'كنت أتألم.. لأنني أفعل هذا مرغماً...! في لحظة ما أفقد سيطرتي تماما على جسدي، إنه وحش يعيش في داخلي، ولي رجاء وحيد هو أن يقطعوا ذكورتي! او إخصوني وارحموني من هذا العذاب'! قال هذا وهو يذرف دموعه محاولا خداع الخلايا المسؤولة عن مشاعر الرحمة في أدمغة القضاة والضحايا! سجنوه ولم يخصوه ولم يجلدوه!
لم تطل حالة الطمأنينة على شاطئ حيفا حتى ظهر مغتصب آخر، هذا لم يكن باكياً، بل على العكس تماماً، تحدثت الفتيات والنساء اللاتي تعرضن لهذه التجربة الرهيبة عن شاب مهذب وأنيق جدا، تفوح منه رائحة عطر ناعمة، يسألهن بتهذيب إذا ما كن بحاجة إلى مساعدة ما! فيشكرنه... ولكنه يصر ويلحّ ويدنو حتى يلتصق بالضحية، وحينئذ لا خلاص! تجد الضحية نفسها بين ذراعي كماشة هائلة ثم مباشرة إلى سيارته، ولكنه إلى جانب قوّته وحزمه كان مهذباً، يفعل فعلته وهو يبتسم لهن، بل وأحيانا يضحك كأنما يمارس لعبة وليس اغتصابا.... وبعدما يأخذ وطره يسأل الضحية برقة عاشق: 'هل استمتعت! هل ضايقتك لا سمح الله..! هل آلمتك يا حلوة... هل تطلبين شيئاً قبل أن أغادر'! ثم يقدم لها زجاجة ماء لتشرب ولتغسل ...! حتى أن من يمر بمحاذاتهما يظنهما عاشقين يسترقان خلوة، فيتركهما في حالهما ويبتعد!
في ما مضى كانت إسرائيل تغتصب وتبكي! تجعل الفاعل مفعولاً به، والمفعول به فاعلاً، وكان العالم يصدق دموعها فيفعل لأجلها السبعة وأخواتها! حتى أن بعض الأمريكيين ما زالوا يخطئون في إعراب مجزرة دير ياسين الفظيعة ويعتقدون أن ضحاياها كانوا من اليهود! هذا ما أخبرنا به صنع الله ابراهيم في روايته 'أمري كان لي'!
إسرائيل ليست ديمقراطية عظيمة، ولكن عندما تقارن بأنظمة التوريث واجتثاث المعارضين وإخفاء معالمهم تتحول إلى شيء محتمل ومهذب على الأقل بالنسبة لمن إصبعه في الماء الفاتر وليس في ماء يغلي! فالديمقراطية وحرية التعبير والحرية الشخصية عند الغربيين مثل الكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف عند العرب تغطي الكثير من العورات! هكذا استثمرت إسرائيل سمعتها الديمقراطية العطرة وجعلتها مصنعاً هائلاً لتعليب جرائم الحرب والعنصرية والتطهير العرقي وتقديمها بأغلفة مفضضة ومذهبة ومختومة بختم (الحلال- كاشير)!
كانوا يغتصبون ويبكون، وصاروا يغتصبون ويهشون ويبشّون! ولكنهم لم يتوقعوا أن يأتي المدد من سجينات محررات! الأتراك الغلاظ كسروا أصول اللعبة في مسلسلهم (صرخة حجر)، فقدموا مغتصباً واضحاً لا هو يبكي على ضحيته ولا هو فارس بني مروان! في مراهقتي كأي واحد من الأمتين العربية والإسلامية كنت أحب الأفلام التركية والهندية، ولا أذكر فيلماً تركياً إلا ويكون الاغتصاب فيه قمة الدراما فنتضامن مع الضحية ومع البطل وننتظر بتشوق لحظة الانتقام حتى يلفظ رئيس العصابة روحه على الشاشة! أما الأفلام الهندية فكنت أتوقع أن الفيلم لن ينتهي إلا بمفاجأة صلة رحم بين البطل (شاشا كابور) وخالي المقيم في مخيم عين الحلوة!
الاغتصاب ليس بالضرورة الفعل الجنسي العنيف المباشر فقط، وجرائم الحرب ليست الفوسفور الأبيض أو الأخضر وقنابل النصف طن على الأبنية المأهولة فقط!
الشعب الفلسطيني مغتصب بتجمعه وشتاته، برئيسه ووزرائه وحكومتيه، بعلمانييه ومتدينيه، بمثقفيه ورجال أمنه إلى عامل النظافة في الشارع الذي لا يتلقى راتبه الزهيد الذي لا يقيه أصلاً شر الهبوط تحت خط الفقر!
في الضفة الغربية وقطاع غزة سُجّلت في العام 2009 أكثر من 340 محاولة انتحار 60' منها كانت من نصيب النساء، وانتهت بخمس عشرة وفاة! وهذا رقم رسمي، ويعني أن هناك الكثير مما لم يبلّغ عنه! الاحتلال وحصاره وتضييق الحياة وفسحة الأمل على الناس هو الأب الشرعي لحالة اليأس والإحباط والهرب إلى الانتحار!
قبل أيام سمحت سلطات المغتصب (الجنتلمان) بإدخال عشر سيارات من الأحذية لتجار غزة، هذا يعني أنه حتى الحذاء محاصر ومغتصب! فكيف لا أكون مغتصباً وحذائي لا يدخل إلا بزفة إعلامية من دار الإذاعة الإسرائيلية! كيف لا يكون مغتصباً من يقف على معبر رفح رغم حصاره ليرفع صورة الرئيس مبارك لتهنئته بالعودة إلى الوطن بالسلامة، هل كتبوا 'وطن الأحذية المحاصرة يهنئ سيادة الرئيس بالسلامة'! كانوا يغتصبون ويبكون ثم صاروا يغتصبون ويضحكون وبعدها صاروا يغتصبون ويدفعون الضحية لتقمع ذاتها بذاتها، لتنقسم على نفسها كالأميبات ثم تنتحر! الضحايا ينتفضون ضد مسلسل تركي لم يقصد سوى مناصرتهم ولو على حساب فنّيته!
الاغتصاب ثيمة أساسية في الأدب الفلسطيني والعربي عموما 'أبناء (...) هل تسكت مغتصبة'! فهل نحاكم شعر المقاومة وقصص غسان كنفاني! لقد سبق كنفاني الجميع عندما نطق على لسان أحد أبطال قصصه 'إن هذه المغتصبة أشرف وأطهر مني أنا الذي هربت وتركتها وحيدة في مواجهة الأعداء'.
ويبقى السؤال الآن... هل سيتم استدعاء السفير التركي في دولة رام الله لإجلاسه على مقعد منخفض قبالة وزير الخارجية الفلسطيني لبهدلته لأن مسلسله أساء لسمعة الأسيرات وذويهن بالضبط مثلما أساء لسمعة الاحتلال..! وهل ستضطر فلسطين في ما بعد أن تعتذر لتركيا على إهانة السفير التركي كما فعل مغتصب لها من قبل! طبعاً على فرضية وجود دولة لها وزراء ولديها سفراء لا يتحملون البهدلة...؟؟
اعحبني هذا المقال ونقلتة لوقاحتة السياسية ..ارجو من القراء المعذرة
جميعهن شهدن أنه كان من القوة بحيث لا يمكن حتى التفكير بمقاومته، وما من سبيل للنجاة من الموت سوى الاستسلام لرغبته، يلوذ بهن على شاطئ البحر، يغتصبهن ثم يمضي! إلى هنا يبدو الأمر عادياً وقد يحدث في أي مكان وزمان، لكن لهذا المغتصب بالذات ميزة عن الآخرين، جميع الفتيات والنساء اللاتي حظين بلقائه المرعب قلن في الشكوى التي قدمت ضد مجهول، إنه في لحظة نشوته ينفجر بالبكاء مثل طفل خائف، كأنه يتألم لما حدث ويحدث له ولهن! هكذا بدأت الشرطة البحث عن رجل ذي جسد متين له ملامح روسية يتجول في منطقة حيفا أطلقت عليه لقب 'المغتصب الباكي'! عندما تم إلقاء القبض عليه بعد تنفيذه أكثر من عشر (مناحات)، حاولت القاضية أن تفهم سر دموعه المدرارة فقال: 'كنت أتألم.. لأنني أفعل هذا مرغماً...! في لحظة ما أفقد سيطرتي تماما على جسدي، إنه وحش يعيش في داخلي، ولي رجاء وحيد هو أن يقطعوا ذكورتي! او إخصوني وارحموني من هذا العذاب'! قال هذا وهو يذرف دموعه محاولا خداع الخلايا المسؤولة عن مشاعر الرحمة في أدمغة القضاة والضحايا! سجنوه ولم يخصوه ولم يجلدوه!
لم تطل حالة الطمأنينة على شاطئ حيفا حتى ظهر مغتصب آخر، هذا لم يكن باكياً، بل على العكس تماماً، تحدثت الفتيات والنساء اللاتي تعرضن لهذه التجربة الرهيبة عن شاب مهذب وأنيق جدا، تفوح منه رائحة عطر ناعمة، يسألهن بتهذيب إذا ما كن بحاجة إلى مساعدة ما! فيشكرنه... ولكنه يصر ويلحّ ويدنو حتى يلتصق بالضحية، وحينئذ لا خلاص! تجد الضحية نفسها بين ذراعي كماشة هائلة ثم مباشرة إلى سيارته، ولكنه إلى جانب قوّته وحزمه كان مهذباً، يفعل فعلته وهو يبتسم لهن، بل وأحيانا يضحك كأنما يمارس لعبة وليس اغتصابا.... وبعدما يأخذ وطره يسأل الضحية برقة عاشق: 'هل استمتعت! هل ضايقتك لا سمح الله..! هل آلمتك يا حلوة... هل تطلبين شيئاً قبل أن أغادر'! ثم يقدم لها زجاجة ماء لتشرب ولتغسل ...! حتى أن من يمر بمحاذاتهما يظنهما عاشقين يسترقان خلوة، فيتركهما في حالهما ويبتعد!
في ما مضى كانت إسرائيل تغتصب وتبكي! تجعل الفاعل مفعولاً به، والمفعول به فاعلاً، وكان العالم يصدق دموعها فيفعل لأجلها السبعة وأخواتها! حتى أن بعض الأمريكيين ما زالوا يخطئون في إعراب مجزرة دير ياسين الفظيعة ويعتقدون أن ضحاياها كانوا من اليهود! هذا ما أخبرنا به صنع الله ابراهيم في روايته 'أمري كان لي'!
إسرائيل ليست ديمقراطية عظيمة، ولكن عندما تقارن بأنظمة التوريث واجتثاث المعارضين وإخفاء معالمهم تتحول إلى شيء محتمل ومهذب على الأقل بالنسبة لمن إصبعه في الماء الفاتر وليس في ماء يغلي! فالديمقراطية وحرية التعبير والحرية الشخصية عند الغربيين مثل الكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف عند العرب تغطي الكثير من العورات! هكذا استثمرت إسرائيل سمعتها الديمقراطية العطرة وجعلتها مصنعاً هائلاً لتعليب جرائم الحرب والعنصرية والتطهير العرقي وتقديمها بأغلفة مفضضة ومذهبة ومختومة بختم (الحلال- كاشير)!
كانوا يغتصبون ويبكون، وصاروا يغتصبون ويهشون ويبشّون! ولكنهم لم يتوقعوا أن يأتي المدد من سجينات محررات! الأتراك الغلاظ كسروا أصول اللعبة في مسلسلهم (صرخة حجر)، فقدموا مغتصباً واضحاً لا هو يبكي على ضحيته ولا هو فارس بني مروان! في مراهقتي كأي واحد من الأمتين العربية والإسلامية كنت أحب الأفلام التركية والهندية، ولا أذكر فيلماً تركياً إلا ويكون الاغتصاب فيه قمة الدراما فنتضامن مع الضحية ومع البطل وننتظر بتشوق لحظة الانتقام حتى يلفظ رئيس العصابة روحه على الشاشة! أما الأفلام الهندية فكنت أتوقع أن الفيلم لن ينتهي إلا بمفاجأة صلة رحم بين البطل (شاشا كابور) وخالي المقيم في مخيم عين الحلوة!
الاغتصاب ليس بالضرورة الفعل الجنسي العنيف المباشر فقط، وجرائم الحرب ليست الفوسفور الأبيض أو الأخضر وقنابل النصف طن على الأبنية المأهولة فقط!
الشعب الفلسطيني مغتصب بتجمعه وشتاته، برئيسه ووزرائه وحكومتيه، بعلمانييه ومتدينيه، بمثقفيه ورجال أمنه إلى عامل النظافة في الشارع الذي لا يتلقى راتبه الزهيد الذي لا يقيه أصلاً شر الهبوط تحت خط الفقر!
في الضفة الغربية وقطاع غزة سُجّلت في العام 2009 أكثر من 340 محاولة انتحار 60' منها كانت من نصيب النساء، وانتهت بخمس عشرة وفاة! وهذا رقم رسمي، ويعني أن هناك الكثير مما لم يبلّغ عنه! الاحتلال وحصاره وتضييق الحياة وفسحة الأمل على الناس هو الأب الشرعي لحالة اليأس والإحباط والهرب إلى الانتحار!
قبل أيام سمحت سلطات المغتصب (الجنتلمان) بإدخال عشر سيارات من الأحذية لتجار غزة، هذا يعني أنه حتى الحذاء محاصر ومغتصب! فكيف لا أكون مغتصباً وحذائي لا يدخل إلا بزفة إعلامية من دار الإذاعة الإسرائيلية! كيف لا يكون مغتصباً من يقف على معبر رفح رغم حصاره ليرفع صورة الرئيس مبارك لتهنئته بالعودة إلى الوطن بالسلامة، هل كتبوا 'وطن الأحذية المحاصرة يهنئ سيادة الرئيس بالسلامة'! كانوا يغتصبون ويبكون ثم صاروا يغتصبون ويضحكون وبعدها صاروا يغتصبون ويدفعون الضحية لتقمع ذاتها بذاتها، لتنقسم على نفسها كالأميبات ثم تنتحر! الضحايا ينتفضون ضد مسلسل تركي لم يقصد سوى مناصرتهم ولو على حساب فنّيته!
الاغتصاب ثيمة أساسية في الأدب الفلسطيني والعربي عموما 'أبناء (...) هل تسكت مغتصبة'! فهل نحاكم شعر المقاومة وقصص غسان كنفاني! لقد سبق كنفاني الجميع عندما نطق على لسان أحد أبطال قصصه 'إن هذه المغتصبة أشرف وأطهر مني أنا الذي هربت وتركتها وحيدة في مواجهة الأعداء'.
ويبقى السؤال الآن... هل سيتم استدعاء السفير التركي في دولة رام الله لإجلاسه على مقعد منخفض قبالة وزير الخارجية الفلسطيني لبهدلته لأن مسلسله أساء لسمعة الأسيرات وذويهن بالضبط مثلما أساء لسمعة الاحتلال..! وهل ستضطر فلسطين في ما بعد أن تعتذر لتركيا على إهانة السفير التركي كما فعل مغتصب لها من قبل! طبعاً على فرضية وجود دولة لها وزراء ولديها سفراء لا يتحملون البهدلة...؟؟
اعحبني هذا المقال ونقلتة لوقاحتة السياسية ..ارجو من القراء المعذرة