ابو البندري
04-14-2010, 02:21 PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله 00يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 00 يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفنس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
أما بعد 0000 قال عمر رضي اللّه عنه 0(00 أعقل الناس أعذرهم لهم 000) وقال أعرابي 00( عاتب من ترجو رجوعه)
قال بعض الحكماء00( العتاب علامةالوفاء 0 وسلاح الأكفاء وحاصد الجفاء ) وقيل 0
أعاتب ذا المودة ِ من أخ ٍ 000 إذا ما رابني منـه اجتنابُ
إذاذهب العتاب فليس ودُ ُ 000 ويبقى الود ُ ما بقيالعتابُ
معنى العتاب 00
أما العتاب معناه 00 العتاب 0 مخاطبة الأخلاء بعضهم بعضاً 0طالبين حسن مراجعتهم 0 ومذاكرة ما كرهوه 0 وهو طلب إلى المسيء الرجوع عن إساءته 0
وقد قال تعالى عن أهل النار00( وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ ) قال ابن كثير عن هذه الآية 00 وإن طلبوا أن يستعتبوا ويبدوا00 والآية تتكلم عن أهل النار 00 أعذاراً فما لهم أعذار0 ولا تقال لهم عثرات0 والعياذ بالله 0
قال البخاري ( باب من لم يواجه الناس بالعتاب ) أي00 حياءً منهم 0 ثم ذكر بعد ذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت 00 صنع النبي شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم00 فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال 00 انظر العتاب 0( ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله إني لأعلمهم بالله0 وأشدهم له خشيةً ) رواه البخاري
وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال 00 ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سباباً ولا لعاناً ولا فحاشاً0 وكان يقول عند المعاتبة0 إذاً المعاتبة واردة هنا منه 0 ما له ترب جبينه ) رواه البخاري0
إذاً 000 فالعتاب وارد في القرآن والسنة0
شروط المعاتبة 00
أولاً00 عدم إكثار العتاب 00 فلا تعتب على أخيك بكل كبيرة وصغيرة 0 قال الأصبهاني 00 من عاتب على كل ذنب أخاه 0 فخليق أن يمله ويقلاه 00 قيل لبعض الأعراب 00 من الأديب العاقل ؟ قال 0 الفطن المتغافل 0 قال بعض الأدباء 00 من أحب أن يسلم له صديقه 0 فليقبل عذره 0 وليقل عتابه 0 فإن العتاب يجرّالملال 0
ثانياً00 الإنصاف 00فعند العتاب لا بد أن تذكر محاسن أخيك وتشير إلى فضائله0 وفي ذكر المحاسن والإشارة إلى الفضائل فوائد كثيرة 0 من هذه الفوائد0
1- أن ذكر المحاسن والفضائل هو مدخل لتقبل العتاب0 وتطييب لنفس صاحبك بما هو فيها0
2- أن من الظلم أن تذكر المساوئ والأخطاء0 وتوجع قلب أخيك بتكرارها عليه0 ولا تشير إلى فضائله ومحاسنه0 ولا شك أن هذا ظلم للعباد0 أن تنقل عنهم شرهم وتخفي خيرهم0 وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سوء الطوية نحو المسلمين0 وعدم حبهم وإنصافهم 0 فالإنسان يؤخذ بحسناته وسيئاته0 ولا شيء مثل الورع والسكوت عن الناس 0
3- من فوائد ذكر المحاسن ونشر الفضائل00 ليس من شرط الله تعالى أن يكون أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين0 ( فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) والخطأ في بعض الأشياء خطأ مغفور0 بل ليس من شرط المتقين ترك الصغائر مطلقا 0 وأيضاً ليس من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه التوبة 0 وهذا ما ذكره الذهبي في ميزان اعتدال وقال أيضاً 00 بأنه ليس من شرط الثقة أن يكون معصوماً من الخطأ والخطايا0
ثالثاً 000 ومن شروط العتاب سلامة المقصد 00أن يكون القصد من العتاب مقصداً شريفاً 0 لأجل النصح والتوجيه0 وليس لتتبع الزلات والسقطات 0
فإن بعض من يعاتب صاحبه من أجل أن يعد عليه سقطاته وزلاته 0 وبعض الناس يفعل ذلك تشفياً وانتقاماً للنفس 00 والعياذ بالله00 وهنا إذا حصل ذلك يخرج العتاب عن معناه الصحيح 0 ويصبح هذا العتاب هو الشرارة الأولى للعداوة والبغضاء 0
ما هو سبب العتاب؟ 00 لولا المحبة في القلوب0 والحرص على صفاء النفوس 0 وبقاء الود0 ما كان العتاب 0 كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه00 معاتبة الأخ خير من فقده 0
وقال بعض الحكماء00 من كثر حقده قل عتابه 0 وهذا دليل أن العتاب لا يكون إلا بين الأصحاب والأحباب0
وقال بعضهم00من لم يعاتب على الزلة فليس بحافظ للخلة0
وقال العتابي 00 ظاهر العتاب خيرمن مكنون الحق 0 وضربة الناصح خير من محبة الشّاني 0
صور ومواقف لحوارات بين متعاتبين0
أمور قبل العتاب 0
1- قد يتصور بعض الصالحين أنهم غير مقصودين بهذا الحديث لا 0 بل الكلام موجه للصالحين 0 قبل غيرهم0
2- انظر لنفسك وكن صادقاً معها0 وأنت أعرف بنفسك 0 فلربما كانت الصور التي سنذكرها كلها فيك !0 ولربما كان بعضها أو أحدها0 والاعتراف بالخطأ فضيلة 0 وتشخيص المرض بداية العلاج 0
3- فإن لم يكن فيك شيء من هذه الصور 0 فما أقل أن يكون لك صاحب عزيز وحبيب إلى قلبك تعلم هذا من حاله 0 فتوصله هذا العتاب 0 برقة قلبه 0 وسلامة صدره 0 وحبه للخير 0 سيُجني الثمار إن شاء الله تعالى 0
الصورة الأولى00 تتبعك لعثراتي وسقطاتي 0
يا أخي! لماذا أصبحت تفرح بسقطاتي0 وتتبع عثراتي 0 وتعد ألفاظي 0 بل وتحسب عليّ أنفاسي؟! أنسيت أني بشر 0 وأنني أخطئ وأصيب 0 وأن لي نفساً تغضب وترضى؟!
وأنا لا أبريء نفسي ( إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) ومع ذلك كله فإني في جهاد معها 0 فكن لي عوناً عليها 0
ولا تنس أنك أنا0 وأنا أنت0 فأحب لي ما تحب لنفسك 0 قال0 ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
الصورة الثانية 00 سماعك لكلام الناس فيّ00فعجيب أمرك0 إنك أخي وصديقي 0 عرفتني وعرفتك 0 ثم فجأةً إذا بك تسمع كلام الناس في0 فتردد ما يقولون0
ألم تسمع قول المولى جل شأنه وهو يناديك 0 ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحواعلى ما فعلتم نادمين )
الصورة الثالثة00 يوم أن اغتبتني وتنقصتني لمجرد اختلاف وجهات النظر000 فبالأمس القريب يوم أنت وزيد0 يوم ذكرتني وتنقصتني0 ودارت النجوى بينكما فزدت وزاد0 وقلت وقال 0 وما ذاك إلا أنني عملت بخلاف رأيك 0 وخالفتك في وجهة نظرك 0 وأنت ممن يقول00 إن الخلاف لا يفسد للود قضيةً 0 فيا عجباً! ما أسهل الكلمات0 ولكننا بحاجة للعمل والتطبيق 0 قال يونس الصدفي 00 ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا0 ولقيني فأخذ بيدي ثم قال0 يا أبا موسى!ألا يستقيم أن نكون إخواناً0 وإن لم نتفق في مسألة؟!
أتراك غفلت أن الغيبة ذكرك أخاك بما يكرهه مما هو فيه؟!
الصورة الرابعة 00 نصحتك فغضبت وحقدت 00أتذكر يوم أن نصحتك تلك النصيحة0 وأنكرت عليك ذلك المنكر؟! فقد كنت أبحث عن الكلمات الرقيقة والعبارات اللطيفة كل ذلك حرصاً على مشاعرك وتقديراً لنفسيتك وتحرياً لآداب النصيحة0فماذا كانت النتيجة؟
قبلت ذلك على مضض وأخذت تكيد لي0 وترصد حركاتي0 وربما فرحت الأُذن بما تسمع في غيبتي0 والعجيب أنني أسمعك تردد دائماً ( المؤمن مرآة أخيه ) وتردد دائماً قول عمر الفاروق رضي الله عنه 00 رحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي 00 فما دهاك غفر الله لك؟! ورويّ أن رجلاً صحب رجلاً0 فلما أراد أن يفارقه قال له 00 أخبرني عن عيوبي0 فقال00 سل غيري0 فإني كنت أراك بعين الرضا
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
الصورة الخامسة00 إساءة الظن بالآخرين 00 فلا ينبغي لك أن تسيء الظن بالآخرين بما ترى من تصرفاتهم 0أو تسمع من أقوالهم، أو تعتقد صدوداً أو إعراضاً منهم بمجرد الظن والتخمين0 فليس هذا عدلاً 0 ولو أنك ناقشت هؤلاء لتبين لك خلاف ما تظن0 فالناس بشر يحصل لهم الخطأ والسهو والغفلة فلا تدخل في مقاصد الناس ونياتهم0 فإني أراك أسهبت رعاك الله 00 في مثل هذا0 واحمل الناس على محمل الخير ليستريح قلبك من الهموم 0
الصورة السادسة 0 ماذا قدمت للمسلمين0 كم من المرات سمعتك تتألم لأحوال المسلمين 0 وتتوجع لحاجات المساكين؟ وتتحدث عن كيد أعداء الدين وصور أذاهم للمسلمين0 ثم تختم كلامك بقولك00( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )
فماذا قدمت؟ وماذا فعلت؟ مع أن في وسعك الكثير0 يقول ابن مسعود رضي الله عنه 00 وإني لأبغض الرجل أراه فارغاً ليس في شيء من أعمال الدنيا ولا عمل الآخرة 0
إذاً00 لماذا تلوم الأعداء بأنهم يعملون ويخططون ويدبرون؟!
أم أنك تريدهم أن ينصروا الدين ويفتحوا البلاد للمسلمين؟ أيها المؤمن! أنت فرد ولكنك أمة0 بقوة إيمانك تقوى الأمة0 وبصلاحك وعملك تصلح الأمة 0 ولكن لا بد من الصبر وبذل النفس والمال 0فسجل اسمك في التاريخ 0 أيها الحبيب ! فساهم ولو بالقليل0 فإنك لا تدري بماذا يغفر لك0
الصورة السابعة00 عدم ثبات شخصيتك 00 00 كل يوم لك فكر ولك وجهة 0 فاليوم لك منهج وغداً لك منهج آخر0 وبعد أيام لا هذا ولا ذاك 0
فهل نصفك بأنك أُذن؟!00 والأُذن 00 هو المستمع القابل لما يقال له00 فلماذا تتبع كل ما تسمع وتسير خلف كل ناعق؟
فأصبحت تحكم على الآخرين بانحراف0 وقصور في منهجهم 0 أو صفاتهم 0 أو أخلاقهم بمجرد سماع قصة0 أو قراءة خبر 0 أو حديث مجلس0
فأين ثبات الشخصية؟ وأين العقل المدرك؟ لماذا أصبحت كالريشة في مهب الريح تكفؤها أينما اتجهت بدون مبدأ ولا بصيرة تستنير بها؟!
ثبات الشخصية 0 تعني قوة الثبات في وجه التيارات المنحرفة 0والتمسك بالدين القويم0 والنصح الصحيح0 فاستمسك بما أنت عليه من الحق المبين0
فالثبات الثبات 0 واحذر! المبذرين للوقت والجهد في قيل وقال وكثرة السؤال عن تصنيف العباد 0 فهو ذنب تلبسوا به وبلوى وقعوا فيها 0 وادع لهم بالعافية 0 واحذر يا رعاك الله! عافانا الله وإياك00 ووقانا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
الصورة الثامنة 00 الانقطاع وعدم الاستمرا00 00 دائماً تشكو 00 من قلة بضاعتك في العلم والعمل0 وتذكر أنك بدأت بحفظ القرآن فانقطعت 0 وبدأت بحضور الدرس الفلاني فانقطعت 0 وهممت بقراءة بعض الكتب فبدأت فانقطعت 0 وبدأت بحفظ المتون فانقطعت 0 وهكذا أنت مع كل مشروع في حياتك كما تزعم0
اسمع 00 كيف ستبني شخصيتك 00 أو ستربي نفسك؟! وهذه بلوى كثير من شبابنا 0 فما أن يسلُك أمراً ويبدأ فيه إلا ويمله ويتركه 0 وما يبدأ بأمر فيعرف طريقه ويستوي على ظهره إلا وسرعان ما يصيبه الإملال0 ثم هكذا يبدأ بعمل ثم ينتقل لعمل آخر 0 وهكذا يمضي العمر وتمضي الأوقات وهو في مكانه لا يتقدم بل يتأخر0
فالله الله! بالاستمرار والمداومة فكل نتاج بشري يبدأ أوله صغيراً 0 ثم مع الدوام والعزيمة يكبر ويكبر حتى يكون كما أريد له0
وإن العمل مطلوب0 والهمة مرجوة 0 والمتابعة والمداومة شرط لنجاح العمل0 وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال 0 ( عليكم من الأعمال ما تطيقون0 فإن الله لا يمل حتى تملوا0 وإن أحب الأعمال إلى الله ما دوم عليه وإن قل ) متفق عليه 00 وكما يقال00 قليل دائم خير من كثير منقطع00 فهل وجدت لهذا الأمر ولهذا الانقطاع حلاً 00رعاك الله وبارك فيك0 حتى نكسب شخصاً ونكسب داعيةً بوقته وعلمه وعمله 0نسال الله القريب المجيب ان يهدينا صراطه المستقيم وان يتوفانا مسلمين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والله اعلم وصلى الله وسلم
أما بعد 0000 قال عمر رضي اللّه عنه 0(00 أعقل الناس أعذرهم لهم 000) وقال أعرابي 00( عاتب من ترجو رجوعه)
قال بعض الحكماء00( العتاب علامةالوفاء 0 وسلاح الأكفاء وحاصد الجفاء ) وقيل 0
أعاتب ذا المودة ِ من أخ ٍ 000 إذا ما رابني منـه اجتنابُ
إذاذهب العتاب فليس ودُ ُ 000 ويبقى الود ُ ما بقيالعتابُ
معنى العتاب 00
أما العتاب معناه 00 العتاب 0 مخاطبة الأخلاء بعضهم بعضاً 0طالبين حسن مراجعتهم 0 ومذاكرة ما كرهوه 0 وهو طلب إلى المسيء الرجوع عن إساءته 0
وقد قال تعالى عن أهل النار00( وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ ) قال ابن كثير عن هذه الآية 00 وإن طلبوا أن يستعتبوا ويبدوا00 والآية تتكلم عن أهل النار 00 أعذاراً فما لهم أعذار0 ولا تقال لهم عثرات0 والعياذ بالله 0
قال البخاري ( باب من لم يواجه الناس بالعتاب ) أي00 حياءً منهم 0 ثم ذكر بعد ذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت 00 صنع النبي شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم00 فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال 00 انظر العتاب 0( ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله إني لأعلمهم بالله0 وأشدهم له خشيةً ) رواه البخاري
وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال 00 ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سباباً ولا لعاناً ولا فحاشاً0 وكان يقول عند المعاتبة0 إذاً المعاتبة واردة هنا منه 0 ما له ترب جبينه ) رواه البخاري0
إذاً 000 فالعتاب وارد في القرآن والسنة0
شروط المعاتبة 00
أولاً00 عدم إكثار العتاب 00 فلا تعتب على أخيك بكل كبيرة وصغيرة 0 قال الأصبهاني 00 من عاتب على كل ذنب أخاه 0 فخليق أن يمله ويقلاه 00 قيل لبعض الأعراب 00 من الأديب العاقل ؟ قال 0 الفطن المتغافل 0 قال بعض الأدباء 00 من أحب أن يسلم له صديقه 0 فليقبل عذره 0 وليقل عتابه 0 فإن العتاب يجرّالملال 0
ثانياً00 الإنصاف 00فعند العتاب لا بد أن تذكر محاسن أخيك وتشير إلى فضائله0 وفي ذكر المحاسن والإشارة إلى الفضائل فوائد كثيرة 0 من هذه الفوائد0
1- أن ذكر المحاسن والفضائل هو مدخل لتقبل العتاب0 وتطييب لنفس صاحبك بما هو فيها0
2- أن من الظلم أن تذكر المساوئ والأخطاء0 وتوجع قلب أخيك بتكرارها عليه0 ولا تشير إلى فضائله ومحاسنه0 ولا شك أن هذا ظلم للعباد0 أن تنقل عنهم شرهم وتخفي خيرهم0 وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سوء الطوية نحو المسلمين0 وعدم حبهم وإنصافهم 0 فالإنسان يؤخذ بحسناته وسيئاته0 ولا شيء مثل الورع والسكوت عن الناس 0
3- من فوائد ذكر المحاسن ونشر الفضائل00 ليس من شرط الله تعالى أن يكون أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين0 ( فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) والخطأ في بعض الأشياء خطأ مغفور0 بل ليس من شرط المتقين ترك الصغائر مطلقا 0 وأيضاً ليس من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه التوبة 0 وهذا ما ذكره الذهبي في ميزان اعتدال وقال أيضاً 00 بأنه ليس من شرط الثقة أن يكون معصوماً من الخطأ والخطايا0
ثالثاً 000 ومن شروط العتاب سلامة المقصد 00أن يكون القصد من العتاب مقصداً شريفاً 0 لأجل النصح والتوجيه0 وليس لتتبع الزلات والسقطات 0
فإن بعض من يعاتب صاحبه من أجل أن يعد عليه سقطاته وزلاته 0 وبعض الناس يفعل ذلك تشفياً وانتقاماً للنفس 00 والعياذ بالله00 وهنا إذا حصل ذلك يخرج العتاب عن معناه الصحيح 0 ويصبح هذا العتاب هو الشرارة الأولى للعداوة والبغضاء 0
ما هو سبب العتاب؟ 00 لولا المحبة في القلوب0 والحرص على صفاء النفوس 0 وبقاء الود0 ما كان العتاب 0 كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه00 معاتبة الأخ خير من فقده 0
وقال بعض الحكماء00 من كثر حقده قل عتابه 0 وهذا دليل أن العتاب لا يكون إلا بين الأصحاب والأحباب0
وقال بعضهم00من لم يعاتب على الزلة فليس بحافظ للخلة0
وقال العتابي 00 ظاهر العتاب خيرمن مكنون الحق 0 وضربة الناصح خير من محبة الشّاني 0
صور ومواقف لحوارات بين متعاتبين0
أمور قبل العتاب 0
1- قد يتصور بعض الصالحين أنهم غير مقصودين بهذا الحديث لا 0 بل الكلام موجه للصالحين 0 قبل غيرهم0
2- انظر لنفسك وكن صادقاً معها0 وأنت أعرف بنفسك 0 فلربما كانت الصور التي سنذكرها كلها فيك !0 ولربما كان بعضها أو أحدها0 والاعتراف بالخطأ فضيلة 0 وتشخيص المرض بداية العلاج 0
3- فإن لم يكن فيك شيء من هذه الصور 0 فما أقل أن يكون لك صاحب عزيز وحبيب إلى قلبك تعلم هذا من حاله 0 فتوصله هذا العتاب 0 برقة قلبه 0 وسلامة صدره 0 وحبه للخير 0 سيُجني الثمار إن شاء الله تعالى 0
الصورة الأولى00 تتبعك لعثراتي وسقطاتي 0
يا أخي! لماذا أصبحت تفرح بسقطاتي0 وتتبع عثراتي 0 وتعد ألفاظي 0 بل وتحسب عليّ أنفاسي؟! أنسيت أني بشر 0 وأنني أخطئ وأصيب 0 وأن لي نفساً تغضب وترضى؟!
وأنا لا أبريء نفسي ( إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) ومع ذلك كله فإني في جهاد معها 0 فكن لي عوناً عليها 0
ولا تنس أنك أنا0 وأنا أنت0 فأحب لي ما تحب لنفسك 0 قال0 ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
الصورة الثانية 00 سماعك لكلام الناس فيّ00فعجيب أمرك0 إنك أخي وصديقي 0 عرفتني وعرفتك 0 ثم فجأةً إذا بك تسمع كلام الناس في0 فتردد ما يقولون0
ألم تسمع قول المولى جل شأنه وهو يناديك 0 ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحواعلى ما فعلتم نادمين )
الصورة الثالثة00 يوم أن اغتبتني وتنقصتني لمجرد اختلاف وجهات النظر000 فبالأمس القريب يوم أنت وزيد0 يوم ذكرتني وتنقصتني0 ودارت النجوى بينكما فزدت وزاد0 وقلت وقال 0 وما ذاك إلا أنني عملت بخلاف رأيك 0 وخالفتك في وجهة نظرك 0 وأنت ممن يقول00 إن الخلاف لا يفسد للود قضيةً 0 فيا عجباً! ما أسهل الكلمات0 ولكننا بحاجة للعمل والتطبيق 0 قال يونس الصدفي 00 ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا0 ولقيني فأخذ بيدي ثم قال0 يا أبا موسى!ألا يستقيم أن نكون إخواناً0 وإن لم نتفق في مسألة؟!
أتراك غفلت أن الغيبة ذكرك أخاك بما يكرهه مما هو فيه؟!
الصورة الرابعة 00 نصحتك فغضبت وحقدت 00أتذكر يوم أن نصحتك تلك النصيحة0 وأنكرت عليك ذلك المنكر؟! فقد كنت أبحث عن الكلمات الرقيقة والعبارات اللطيفة كل ذلك حرصاً على مشاعرك وتقديراً لنفسيتك وتحرياً لآداب النصيحة0فماذا كانت النتيجة؟
قبلت ذلك على مضض وأخذت تكيد لي0 وترصد حركاتي0 وربما فرحت الأُذن بما تسمع في غيبتي0 والعجيب أنني أسمعك تردد دائماً ( المؤمن مرآة أخيه ) وتردد دائماً قول عمر الفاروق رضي الله عنه 00 رحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي 00 فما دهاك غفر الله لك؟! ورويّ أن رجلاً صحب رجلاً0 فلما أراد أن يفارقه قال له 00 أخبرني عن عيوبي0 فقال00 سل غيري0 فإني كنت أراك بعين الرضا
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
الصورة الخامسة00 إساءة الظن بالآخرين 00 فلا ينبغي لك أن تسيء الظن بالآخرين بما ترى من تصرفاتهم 0أو تسمع من أقوالهم، أو تعتقد صدوداً أو إعراضاً منهم بمجرد الظن والتخمين0 فليس هذا عدلاً 0 ولو أنك ناقشت هؤلاء لتبين لك خلاف ما تظن0 فالناس بشر يحصل لهم الخطأ والسهو والغفلة فلا تدخل في مقاصد الناس ونياتهم0 فإني أراك أسهبت رعاك الله 00 في مثل هذا0 واحمل الناس على محمل الخير ليستريح قلبك من الهموم 0
الصورة السادسة 0 ماذا قدمت للمسلمين0 كم من المرات سمعتك تتألم لأحوال المسلمين 0 وتتوجع لحاجات المساكين؟ وتتحدث عن كيد أعداء الدين وصور أذاهم للمسلمين0 ثم تختم كلامك بقولك00( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )
فماذا قدمت؟ وماذا فعلت؟ مع أن في وسعك الكثير0 يقول ابن مسعود رضي الله عنه 00 وإني لأبغض الرجل أراه فارغاً ليس في شيء من أعمال الدنيا ولا عمل الآخرة 0
إذاً00 لماذا تلوم الأعداء بأنهم يعملون ويخططون ويدبرون؟!
أم أنك تريدهم أن ينصروا الدين ويفتحوا البلاد للمسلمين؟ أيها المؤمن! أنت فرد ولكنك أمة0 بقوة إيمانك تقوى الأمة0 وبصلاحك وعملك تصلح الأمة 0 ولكن لا بد من الصبر وبذل النفس والمال 0فسجل اسمك في التاريخ 0 أيها الحبيب ! فساهم ولو بالقليل0 فإنك لا تدري بماذا يغفر لك0
الصورة السابعة00 عدم ثبات شخصيتك 00 00 كل يوم لك فكر ولك وجهة 0 فاليوم لك منهج وغداً لك منهج آخر0 وبعد أيام لا هذا ولا ذاك 0
فهل نصفك بأنك أُذن؟!00 والأُذن 00 هو المستمع القابل لما يقال له00 فلماذا تتبع كل ما تسمع وتسير خلف كل ناعق؟
فأصبحت تحكم على الآخرين بانحراف0 وقصور في منهجهم 0 أو صفاتهم 0 أو أخلاقهم بمجرد سماع قصة0 أو قراءة خبر 0 أو حديث مجلس0
فأين ثبات الشخصية؟ وأين العقل المدرك؟ لماذا أصبحت كالريشة في مهب الريح تكفؤها أينما اتجهت بدون مبدأ ولا بصيرة تستنير بها؟!
ثبات الشخصية 0 تعني قوة الثبات في وجه التيارات المنحرفة 0والتمسك بالدين القويم0 والنصح الصحيح0 فاستمسك بما أنت عليه من الحق المبين0
فالثبات الثبات 0 واحذر! المبذرين للوقت والجهد في قيل وقال وكثرة السؤال عن تصنيف العباد 0 فهو ذنب تلبسوا به وبلوى وقعوا فيها 0 وادع لهم بالعافية 0 واحذر يا رعاك الله! عافانا الله وإياك00 ووقانا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
الصورة الثامنة 00 الانقطاع وعدم الاستمرا00 00 دائماً تشكو 00 من قلة بضاعتك في العلم والعمل0 وتذكر أنك بدأت بحفظ القرآن فانقطعت 0 وبدأت بحضور الدرس الفلاني فانقطعت 0 وهممت بقراءة بعض الكتب فبدأت فانقطعت 0 وبدأت بحفظ المتون فانقطعت 0 وهكذا أنت مع كل مشروع في حياتك كما تزعم0
اسمع 00 كيف ستبني شخصيتك 00 أو ستربي نفسك؟! وهذه بلوى كثير من شبابنا 0 فما أن يسلُك أمراً ويبدأ فيه إلا ويمله ويتركه 0 وما يبدأ بأمر فيعرف طريقه ويستوي على ظهره إلا وسرعان ما يصيبه الإملال0 ثم هكذا يبدأ بعمل ثم ينتقل لعمل آخر 0 وهكذا يمضي العمر وتمضي الأوقات وهو في مكانه لا يتقدم بل يتأخر0
فالله الله! بالاستمرار والمداومة فكل نتاج بشري يبدأ أوله صغيراً 0 ثم مع الدوام والعزيمة يكبر ويكبر حتى يكون كما أريد له0
وإن العمل مطلوب0 والهمة مرجوة 0 والمتابعة والمداومة شرط لنجاح العمل0 وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال 0 ( عليكم من الأعمال ما تطيقون0 فإن الله لا يمل حتى تملوا0 وإن أحب الأعمال إلى الله ما دوم عليه وإن قل ) متفق عليه 00 وكما يقال00 قليل دائم خير من كثير منقطع00 فهل وجدت لهذا الأمر ولهذا الانقطاع حلاً 00رعاك الله وبارك فيك0 حتى نكسب شخصاً ونكسب داعيةً بوقته وعلمه وعمله 0نسال الله القريب المجيب ان يهدينا صراطه المستقيم وان يتوفانا مسلمين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والله اعلم وصلى الله وسلم