القاسم
04-17-2010, 09:55 PM
29 يتيماً.. «فلا تقهر»!
عبدالله الحسين ـ الأحساء
http://www.alyaum.com/images/13/13455/752223_1-967.jpg الأيتام يبحثون عما يمسح «فقرهم»
http://www.alyaum.com/images/13/13455/752223_2.jpg جانب من المنزل
يحتم علينا عملنا الإعلامي أن نحذر كل من يريد أن يقرأ هذا الموضوع، أن ينتبه جيداً، لأن ما فيه من مآسٍ وأحزان، شيء يفوق «الوصف»، ويتعدى «الخيال».. وبالتالي يحق لنا كوسيلة إعلامية، أن نعلن صراحة لمن في قلبه ضعف، وفي نفسه شيء من رهافة حس، أن هذه الحالة الإنسانية مُلغمة بشتى أنواع «الحزن» و»الكآبة».. ومن يصر على أن يقرأها، فالمسؤولية تقع عليه.. وليس علينا.. ففي مدينة الأحساء، وتحديداً في قرية القرين يستطيع الشخص الذي يمر بجانب منزل أسرة السلمان، أن يشتم رائحة الفقر من على بُعد، التي تنبعث بشدة من زواياه وأبوابه وشرفاته، وإذا ما اقترب أكثر وأكثر، فإن رياح الحرمان والمعاناة ستلفحه بلا هوادة، فتسقطه أرضاً.. فهل تصدقون أن أسرة مكونة من 34 شخصاً لا أحد فيها يعمل.. يحصلون على 10 كيلوجرامات من الأرز وزجاجتي زيت كل ستة أشهر من جمعيات الخير .. هل تصدقون أن هذه الأسرة تضم 29 طفلاً، وغالبيتهم في المدارس، يخلو منزلهم من كسرة خبز أو قطعة جبن أو حتى زجاجة ماء.. هل تصدقون أن مصروف كل طفل لا يتعدى ريالاً واحداً كل أسبوع، بمعدل أربعة ريالات في الشهر لكل منهم.. هل تصدقون أن الأسرة تقرر في الأعياد والمناسبات الاجتماعية أن تحبس نفسها في منزلها، فتغلق أبواب البيت، لا تبرحه «عمداً»، فلا تستقبل أحداً، ولا تزور أحداً، ليس لسبب سوى أنها لا تملك مكاناً صالحاً للاستضافة، ولا تملك مالاً تشتري به هدية متواضعة لمن تفكر في زيارتهم .. هل تصدقون أن أرضية المنزل أشبه بشارع مسفلت، ليس فيه أي أثاث يذكر أو أجهزة كهربائية، سوى شراشف متهالكة ممزقة، تحمل أجساداً آخر الليل، بعد أن هدها الفقر ومنحها الحرمان أقصى ما لديه،.. هل تصدقون أن عفة النفس وماء الوجه يمنعان إباء الأولاد، من طلب المساعدة، ويفضلون الموت داخل منزلهم على سؤال الناس.. فمن لا يصدق عليه الذهاب إلى منزل أسرة السلمان، ليدرك أن ما قرأه، وما سيقرأه، لا يجسد الواقع «المر». تبدو أسرة السلمان حالة غريبة، ربما في هذا العدد الهائل من الأطفال، الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم ولدوا لأسرة فقيرة حتى النخاع، فكما يتقاسم الأبناء مع آبائهم وجبة الغداء الوحيدة على مدار اليوم، يتقاسمون معهم أيضاً المعاناة والفقر والجوع والألم والخوف من الغد، فبات المنزل أشبه بمدرسة أطفال، لا يخلو من بكاء أو صراخ، إما بسبب الجوع أو الفقر، ولا تحتاج هذه الأسرة أن تتحدث عن معاناتها، أو أن تشرح فقرها، فزيارة واحدة لمنزلها، يدرك الزائر أن عناية الله كبيرة ولا حدود لها، وأن هذه العناية هي التي تبقي هذه الأسرة على قيد الحياة حتى الآن.
ويعود الأبناء الـ29 إلى ثلاثة أشقاء من أسرة السلمان، اثنان منهم على قيد الحياة، بجانب شقيق ثالث توفاه الله، وترك أبناءه وديعة وأمانة لدى شقيقه الأكبر، يتولى رعايتهم، يضاف إلى ذلك أبناء زوجة الأب الأربعة، الذين لم يجدوا مكاناً يذهبون إليه، بعد وفاة أبيهم، إلا الجلوس مع أشقائهم.
مراحل التعليم
وبكلمات تقطر ألماً، ينساب على ملامح وجهه المتعب، يقول حسن السلمان (54 عاماً) الشقيق الأكبر للأخوة: إن "البيت الذي نسكنه حالياً، ورثناه من أبينا، وربما هذا المنزل، هو الحسنة الوحيدة في حياتنا، إذ يعفينا من دفع أي إيجار، وبخلاف ذلك، لا يوجد شيء يجلب لنا الفرح أو السعادة"، مضيفاً: "قبل ست سنوات، كنت أعمل في إحدى المزارع في الأحساء براتب متواضع، لا يتجاوز 1500 ريال، وأثناء عملي وقعت من فوق نخلة، فأصبت بإنزلاق غضروفي، جعلني مقعداً عن العمل، وفي رقبتي 16 طفلاً، جميعهم في مراحل التعليم المختلفة، هذا بخلاف 21 طفلاً، هم أبناء ثلاثة أشقاء لي، اثنان على قيد الحياة، ولا يعملان بسبب جملة من الأمراض التي يعانيان منها، وكلما خرجا للبحث عن وظيفة هنا أو هناك، فلا يجدان من يستقبلهما أو يرحب بهما، فيعودان كما أتيا، يجران أذيال الخيبة والألم، لذا أجد نفسي مسؤولاً عنهم جميعاً".
شراشف قديمة
ويصر السلمان على القيام بواجباته كمسؤول عن الأسرة بجميع أفرادها "عقب إصابتي بالغضروف، بحثت عن عمل مناسب لحالتي، كي أرتزق منه أي دخل، أنفق به على هؤلاء الأطفال، فلم أجد، ورفضت النصائح بالتوجه إلى الجمعيات الخيرية، لإيماني العميق أنني المسؤول عن توفير كل ما يحتاجه الأطفال من رعاية واهتمام، فواجهت ظروف الحياة القاسية بعزيمة فولاذية، ولكنني لم أستطع، فقررت أن أبيع أثاث المنزل، غرفة بعد الأخرى، كي أوفر ثمن الخبز للأبناء، وبعد شهر واحد، وجدنا منزلنا خالياً من أي قطعة أثاث، باستثناء شراشف قديمة، ينام عليها الصغار متراصين بجانب بعضهم البعض"، مضيفاً: "بعد فترة، قررنا أن نبيع الأجهزة الكهربائية، وبدأنا بأجهزة المكيفات، ثم التلفزيون، ثم الغسالة، ولم يبق من جملة الأجهزة، سوى ثلاجة، خالية تماماً من أي طعام أو شراب، ورغم ذلك يتشاجر الصغار على فتح باباها والوقوف أمامها للحظات، طمعاً في الظفر ببخار بارد يصدر منها، يذكرهم بهواء المكيفات، قبل بيعها أخيراً"، مضيفاً: "آخر شيء كنا نحتفظ به، بجانب الثلاجة، هو الموكيت، الذي اضطررنا إلى بيعه هو الآخر، عندما وجدنا من سيدفع فيه 50 ريالاً، وبمجرد أن رفعناه من مكانه، ظهرت طبقة الخرسانة التي كانت مخفية تحته، وبعدها بات منزلنا أشبه بشارع مسفلت من شوارع مكة المكرمة، التي يفترشها بعض الحجاج والمعتمرين للبيات فيها"، مضيفاً: "المنزل مكون من ثلاث غرف فقط، تسكن كل أسرة في غرفة، ولشدة الزحام، قررنا أن نبيع أدوات المطبخ كاملة، ونحوله إلى غرفة معيشة، ينام فيها بعض الأطفال".
علب المياه
ويتابع حسن السلمان "لم يعد في منزلنا شيء نبيعه، أحسست بالخطر يقترب منا، ماذا سنفعل غداً إذا لم يكن لدى هؤلاء الأطفال طعام من أي نوع، تحاملت على نفسي وعلى أوجاعي، خرجت من المنزل تائهاً، لا أعرف أين سأذهب، وإلى من سأشكو، وجدت بعض المقيمين الآسيويين في الصباح الباكر يطوفون على مقالب القمامة في الشوارع والميادين، بحثاً عن علب المياه الغازية، والكراتين السليمة، وعلمت من أحدهم أنهم يجمعونها، ثم يبيعونها بالكيلو على بعض المصانع، فقررت أن أمتهن هذه المهنة، التي كانت تدر عليّ دخلا متواضعاً للغاية"، مشيراً إلى أنه "أقنعت شقيقي عيسى، الذي لم يعثر على وظيفة، بالعمل معي في جمع العلب والكراتين، فوافق دون تردد، من أجل توفير لقمة العيش لأبنائه، إذ ينفق على 10 أبناء، غالبيتهم على مقاعد الدراسة، فيما نتولى الانفاق على أبناء شقيقنا معتوق رحمه الله وهم 9 أيتام، بخلاف أطفال زوجة أبينا التي تسكن معنا في منزلنا".
مساعدات ليلية
فقر أسرة السلمان تجاوز حدود منزلهم، وصارت أخباره تصل إلى من حولهم من الجيران، الذي أدركوا أن مساعدة الأسرة بشكل مباشر، سيصيب أفرادها بالحرج والخجل، فقرر الجيران إلقاء مساعداتهم ليلاً للأسرة، من فوق سور منزلها، ويقول حسن: "نصحو في الصباح، فنجد بعض المساعدات أو الأطعمة في محيط منزلنا، ونعلم أن أهل الخير ألقوها لنا في المساء"، مضيفاً: "هذه المساعدات هي العمود الفقري لحياتنا وحياة أطفالنا، ولولاها، لما وجدنا قوت يومنا"، مشيراً إلى أن "بعض الجيران أو أهل الخير، يتعمدون المجيء لنا بملابس أطفالهم القديمة، وأحياناً نجد وجبات جاهزة من مطاعم، والغريب أن أهل الخير يضعون في اعتبارهم عدد أطفالنا في مساعداتهم".
عبدالله الحسين ـ الأحساء
http://www.alyaum.com/images/13/13455/752223_1-967.jpg الأيتام يبحثون عما يمسح «فقرهم»
http://www.alyaum.com/images/13/13455/752223_2.jpg جانب من المنزل
يحتم علينا عملنا الإعلامي أن نحذر كل من يريد أن يقرأ هذا الموضوع، أن ينتبه جيداً، لأن ما فيه من مآسٍ وأحزان، شيء يفوق «الوصف»، ويتعدى «الخيال».. وبالتالي يحق لنا كوسيلة إعلامية، أن نعلن صراحة لمن في قلبه ضعف، وفي نفسه شيء من رهافة حس، أن هذه الحالة الإنسانية مُلغمة بشتى أنواع «الحزن» و»الكآبة».. ومن يصر على أن يقرأها، فالمسؤولية تقع عليه.. وليس علينا.. ففي مدينة الأحساء، وتحديداً في قرية القرين يستطيع الشخص الذي يمر بجانب منزل أسرة السلمان، أن يشتم رائحة الفقر من على بُعد، التي تنبعث بشدة من زواياه وأبوابه وشرفاته، وإذا ما اقترب أكثر وأكثر، فإن رياح الحرمان والمعاناة ستلفحه بلا هوادة، فتسقطه أرضاً.. فهل تصدقون أن أسرة مكونة من 34 شخصاً لا أحد فيها يعمل.. يحصلون على 10 كيلوجرامات من الأرز وزجاجتي زيت كل ستة أشهر من جمعيات الخير .. هل تصدقون أن هذه الأسرة تضم 29 طفلاً، وغالبيتهم في المدارس، يخلو منزلهم من كسرة خبز أو قطعة جبن أو حتى زجاجة ماء.. هل تصدقون أن مصروف كل طفل لا يتعدى ريالاً واحداً كل أسبوع، بمعدل أربعة ريالات في الشهر لكل منهم.. هل تصدقون أن الأسرة تقرر في الأعياد والمناسبات الاجتماعية أن تحبس نفسها في منزلها، فتغلق أبواب البيت، لا تبرحه «عمداً»، فلا تستقبل أحداً، ولا تزور أحداً، ليس لسبب سوى أنها لا تملك مكاناً صالحاً للاستضافة، ولا تملك مالاً تشتري به هدية متواضعة لمن تفكر في زيارتهم .. هل تصدقون أن أرضية المنزل أشبه بشارع مسفلت، ليس فيه أي أثاث يذكر أو أجهزة كهربائية، سوى شراشف متهالكة ممزقة، تحمل أجساداً آخر الليل، بعد أن هدها الفقر ومنحها الحرمان أقصى ما لديه،.. هل تصدقون أن عفة النفس وماء الوجه يمنعان إباء الأولاد، من طلب المساعدة، ويفضلون الموت داخل منزلهم على سؤال الناس.. فمن لا يصدق عليه الذهاب إلى منزل أسرة السلمان، ليدرك أن ما قرأه، وما سيقرأه، لا يجسد الواقع «المر». تبدو أسرة السلمان حالة غريبة، ربما في هذا العدد الهائل من الأطفال، الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم ولدوا لأسرة فقيرة حتى النخاع، فكما يتقاسم الأبناء مع آبائهم وجبة الغداء الوحيدة على مدار اليوم، يتقاسمون معهم أيضاً المعاناة والفقر والجوع والألم والخوف من الغد، فبات المنزل أشبه بمدرسة أطفال، لا يخلو من بكاء أو صراخ، إما بسبب الجوع أو الفقر، ولا تحتاج هذه الأسرة أن تتحدث عن معاناتها، أو أن تشرح فقرها، فزيارة واحدة لمنزلها، يدرك الزائر أن عناية الله كبيرة ولا حدود لها، وأن هذه العناية هي التي تبقي هذه الأسرة على قيد الحياة حتى الآن.
ويعود الأبناء الـ29 إلى ثلاثة أشقاء من أسرة السلمان، اثنان منهم على قيد الحياة، بجانب شقيق ثالث توفاه الله، وترك أبناءه وديعة وأمانة لدى شقيقه الأكبر، يتولى رعايتهم، يضاف إلى ذلك أبناء زوجة الأب الأربعة، الذين لم يجدوا مكاناً يذهبون إليه، بعد وفاة أبيهم، إلا الجلوس مع أشقائهم.
مراحل التعليم
وبكلمات تقطر ألماً، ينساب على ملامح وجهه المتعب، يقول حسن السلمان (54 عاماً) الشقيق الأكبر للأخوة: إن "البيت الذي نسكنه حالياً، ورثناه من أبينا، وربما هذا المنزل، هو الحسنة الوحيدة في حياتنا، إذ يعفينا من دفع أي إيجار، وبخلاف ذلك، لا يوجد شيء يجلب لنا الفرح أو السعادة"، مضيفاً: "قبل ست سنوات، كنت أعمل في إحدى المزارع في الأحساء براتب متواضع، لا يتجاوز 1500 ريال، وأثناء عملي وقعت من فوق نخلة، فأصبت بإنزلاق غضروفي، جعلني مقعداً عن العمل، وفي رقبتي 16 طفلاً، جميعهم في مراحل التعليم المختلفة، هذا بخلاف 21 طفلاً، هم أبناء ثلاثة أشقاء لي، اثنان على قيد الحياة، ولا يعملان بسبب جملة من الأمراض التي يعانيان منها، وكلما خرجا للبحث عن وظيفة هنا أو هناك، فلا يجدان من يستقبلهما أو يرحب بهما، فيعودان كما أتيا، يجران أذيال الخيبة والألم، لذا أجد نفسي مسؤولاً عنهم جميعاً".
شراشف قديمة
ويصر السلمان على القيام بواجباته كمسؤول عن الأسرة بجميع أفرادها "عقب إصابتي بالغضروف، بحثت عن عمل مناسب لحالتي، كي أرتزق منه أي دخل، أنفق به على هؤلاء الأطفال، فلم أجد، ورفضت النصائح بالتوجه إلى الجمعيات الخيرية، لإيماني العميق أنني المسؤول عن توفير كل ما يحتاجه الأطفال من رعاية واهتمام، فواجهت ظروف الحياة القاسية بعزيمة فولاذية، ولكنني لم أستطع، فقررت أن أبيع أثاث المنزل، غرفة بعد الأخرى، كي أوفر ثمن الخبز للأبناء، وبعد شهر واحد، وجدنا منزلنا خالياً من أي قطعة أثاث، باستثناء شراشف قديمة، ينام عليها الصغار متراصين بجانب بعضهم البعض"، مضيفاً: "بعد فترة، قررنا أن نبيع الأجهزة الكهربائية، وبدأنا بأجهزة المكيفات، ثم التلفزيون، ثم الغسالة، ولم يبق من جملة الأجهزة، سوى ثلاجة، خالية تماماً من أي طعام أو شراب، ورغم ذلك يتشاجر الصغار على فتح باباها والوقوف أمامها للحظات، طمعاً في الظفر ببخار بارد يصدر منها، يذكرهم بهواء المكيفات، قبل بيعها أخيراً"، مضيفاً: "آخر شيء كنا نحتفظ به، بجانب الثلاجة، هو الموكيت، الذي اضطررنا إلى بيعه هو الآخر، عندما وجدنا من سيدفع فيه 50 ريالاً، وبمجرد أن رفعناه من مكانه، ظهرت طبقة الخرسانة التي كانت مخفية تحته، وبعدها بات منزلنا أشبه بشارع مسفلت من شوارع مكة المكرمة، التي يفترشها بعض الحجاج والمعتمرين للبيات فيها"، مضيفاً: "المنزل مكون من ثلاث غرف فقط، تسكن كل أسرة في غرفة، ولشدة الزحام، قررنا أن نبيع أدوات المطبخ كاملة، ونحوله إلى غرفة معيشة، ينام فيها بعض الأطفال".
علب المياه
ويتابع حسن السلمان "لم يعد في منزلنا شيء نبيعه، أحسست بالخطر يقترب منا، ماذا سنفعل غداً إذا لم يكن لدى هؤلاء الأطفال طعام من أي نوع، تحاملت على نفسي وعلى أوجاعي، خرجت من المنزل تائهاً، لا أعرف أين سأذهب، وإلى من سأشكو، وجدت بعض المقيمين الآسيويين في الصباح الباكر يطوفون على مقالب القمامة في الشوارع والميادين، بحثاً عن علب المياه الغازية، والكراتين السليمة، وعلمت من أحدهم أنهم يجمعونها، ثم يبيعونها بالكيلو على بعض المصانع، فقررت أن أمتهن هذه المهنة، التي كانت تدر عليّ دخلا متواضعاً للغاية"، مشيراً إلى أنه "أقنعت شقيقي عيسى، الذي لم يعثر على وظيفة، بالعمل معي في جمع العلب والكراتين، فوافق دون تردد، من أجل توفير لقمة العيش لأبنائه، إذ ينفق على 10 أبناء، غالبيتهم على مقاعد الدراسة، فيما نتولى الانفاق على أبناء شقيقنا معتوق رحمه الله وهم 9 أيتام، بخلاف أطفال زوجة أبينا التي تسكن معنا في منزلنا".
مساعدات ليلية
فقر أسرة السلمان تجاوز حدود منزلهم، وصارت أخباره تصل إلى من حولهم من الجيران، الذي أدركوا أن مساعدة الأسرة بشكل مباشر، سيصيب أفرادها بالحرج والخجل، فقرر الجيران إلقاء مساعداتهم ليلاً للأسرة، من فوق سور منزلها، ويقول حسن: "نصحو في الصباح، فنجد بعض المساعدات أو الأطعمة في محيط منزلنا، ونعلم أن أهل الخير ألقوها لنا في المساء"، مضيفاً: "هذه المساعدات هي العمود الفقري لحياتنا وحياة أطفالنا، ولولاها، لما وجدنا قوت يومنا"، مشيراً إلى أن "بعض الجيران أو أهل الخير، يتعمدون المجيء لنا بملابس أطفالهم القديمة، وأحياناً نجد وجبات جاهزة من مطاعم، والغريب أن أهل الخير يضعون في اعتبارهم عدد أطفالنا في مساعداتهم".