صالح مسلم الجذلى
04-20-2010, 06:59 PM
الحمد لله المتفرد بالحكم, وصلى الله وسلم على سيد العُرب والعُجم محمد بن عبدالله, وعلى آله وصحبه من أبيٍ وشهم أما بعد:
فلا تزال شمس العلماء ساطعة ً متوهجة ً على مرِ العصور والأزمان, تلك الشمس التي استمدت نورها من نور الله جل جلاله, (الله نور السماوات والأرض)
وقد جعل الله لأهل العلم مكانة ً سامقة ً عالية ً, تشرئبُ لها الأعناق, وترنوا لها الأحداق, عندما قرن شهادتهم بشهادته جل وعلا وشهادةِ ملائكته فقال سبحانه:
(شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأؤلوا العلم قائما بالقسط)
ويكفي العلمَ فضلاً: أن صاحبه من أعبد وأتقى وأخشى الناس لله, كما قال تعالى:
(إنما يخشى الله من عباده العلماء)
ويكفي العلماء شرفاً وفخراً أن الله رفعهم من بين الناس
فقال سبحانه
(يرفع الله الذي آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة غزيرة
لعلو شأن المعلوم
ورفعة شأن العالم
وإن الناظر للتاريخ نظرةً فاحصة
يجد أن العلماء على اختلاف مللهم ونحلهم
هم القادة للثورات
والمثل الأعلى للشعوب
وهم دائما في المقدمة في كثير من الأمور الدنيوية
سواء كانوا على حق أم على باطل
ولعلي أدَعُك قليلا مع هذا المشهد العجيب الذي يرويه لنا الإمامان العظيمان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى
عن ابن عباس رضي الله عنهما
يذكر قصة أبي سفيان مع هرقل لما سأله تلك السؤالات العظيمات عن النبي صلى الله عليه وسلم
فلما عرف الحق وأشرقت شمس الهداية في قلبه
قال :
إن يكن ما تقول حقا إنه لنبي، وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أكن أظنه منكم، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي. ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه، فإذا فيه
((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية إذ أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك لعنة الأريسيين و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا أشهد بأنا مسلمون) فلما قرأه، وفرغ من قراءة الكتاب، ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا.ثم أذن هرقل عظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمرا بأبوابها فغلقت، ثم أطلع فقال: يا معشر الروم! هل لكم في الفلاح والرشد، وأن تثبت مملكتكم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم علي، فقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له، ورضوا عنه.
ولعلي أدع المجال للإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله في أن يعلق على هذه القصة
فاسمعه يقول
(هذا ملك الروم، وكان من علمائهم أيضا، عرف وأقر أنه نبي، وأنه سيملك ما تحت قدميه، وأحب الدخول في الإسلام، فدعى قومه إليه فولوا عنه معرضين كأنهم حمر مستنفرة، فرت من قسورة، فمنعه من الإسلام الخوف على ملكه ورياسته، ومنع أشباه الحمير ما منع الأمم قبلهم)
ولعلي الآن أوجه الأضواء إلى مسألة عظيمة هي من دواهي هذا الدهر,
ومن مصائبه التي عمت وطمت
بل وهي السبب في طمس شمس العلماء
والتي نستفيدها من هذه القصة العظيمة
ألا وهي:
أن المناصب التي يتربع على عرشها بعض أهل العلم
وتكون رفيعةً في المجتمع وتجعل لهم خصوصية من بينهم
كثيراً ما تحول بينهم وبين قول الحق والصدع به
على خلاف من لا يملك إلا نفسه
فتراه صدّاعاً بالحق قوّالاً له
لا يخاف في الله لومة لائم
فهذا هرقل وهو من علماء النصرانية
لم يمنعه خوف ذهاب هذا المنصب عن السكوت في بيان الحق في مسألة فرعية أو مسألة مختلف بها إنما منعه هذا الخوف عن قبول الحق الذي عرفه وتبين له وتكشفت له فيه الحُجُب
فتأمل يا رعاك الله:
حال بعض المنسوبين إلى العلم كيف يهجرون قول الحق والصدع به عندما يتصادم مع مصالح رؤسائهم وكبرائهم
فحري بك أن تكون فطناً لبيباً يعرف من أين يأخذ الحق ومن هم أصحابه
خصوصاً في المسائل المصيرية المتعلقة بالأمة ومصالحها العامة وتكون هذه المصالح متعارضة مع مصالح تلك الثلة الصغيرة التي ينطوي هؤلاء العلماء تحت لوائها
وانظر يا أيها المسلم الحر:
إلى إمامٍ من أئمة المسلمين الثقات الأثبات
الذين شهد لهم المسلمون بالسلامة والعدالة وارتضوا أقوالهم
وهو الإمام العلامة الفقيه أبو حنيفة النعمان عليه من الله الرضوان
كيف ترك القضاء ورفض الإنصياع للأوامر العليا التي أوجبته على القيام بهذه المهمه فرفض
ثم قاموا باستخدام أسلوب آخر
وهو الإجبار على هذا الأمر بالضرب
حتى توفي رحمه الله بسبب ذلك العذاب
فلا تزال شمس العلماء ساطعة ً متوهجة ً على مرِ العصور والأزمان, تلك الشمس التي استمدت نورها من نور الله جل جلاله, (الله نور السماوات والأرض)
وقد جعل الله لأهل العلم مكانة ً سامقة ً عالية ً, تشرئبُ لها الأعناق, وترنوا لها الأحداق, عندما قرن شهادتهم بشهادته جل وعلا وشهادةِ ملائكته فقال سبحانه:
(شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأؤلوا العلم قائما بالقسط)
ويكفي العلمَ فضلاً: أن صاحبه من أعبد وأتقى وأخشى الناس لله, كما قال تعالى:
(إنما يخشى الله من عباده العلماء)
ويكفي العلماء شرفاً وفخراً أن الله رفعهم من بين الناس
فقال سبحانه
(يرفع الله الذي آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة غزيرة
لعلو شأن المعلوم
ورفعة شأن العالم
وإن الناظر للتاريخ نظرةً فاحصة
يجد أن العلماء على اختلاف مللهم ونحلهم
هم القادة للثورات
والمثل الأعلى للشعوب
وهم دائما في المقدمة في كثير من الأمور الدنيوية
سواء كانوا على حق أم على باطل
ولعلي أدَعُك قليلا مع هذا المشهد العجيب الذي يرويه لنا الإمامان العظيمان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى
عن ابن عباس رضي الله عنهما
يذكر قصة أبي سفيان مع هرقل لما سأله تلك السؤالات العظيمات عن النبي صلى الله عليه وسلم
فلما عرف الحق وأشرقت شمس الهداية في قلبه
قال :
إن يكن ما تقول حقا إنه لنبي، وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أكن أظنه منكم، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي. ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه، فإذا فيه
((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية إذ أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك لعنة الأريسيين و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا أشهد بأنا مسلمون) فلما قرأه، وفرغ من قراءة الكتاب، ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا.ثم أذن هرقل عظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمرا بأبوابها فغلقت، ثم أطلع فقال: يا معشر الروم! هل لكم في الفلاح والرشد، وأن تثبت مملكتكم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم علي، فقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له، ورضوا عنه.
ولعلي أدع المجال للإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله في أن يعلق على هذه القصة
فاسمعه يقول
(هذا ملك الروم، وكان من علمائهم أيضا، عرف وأقر أنه نبي، وأنه سيملك ما تحت قدميه، وأحب الدخول في الإسلام، فدعى قومه إليه فولوا عنه معرضين كأنهم حمر مستنفرة، فرت من قسورة، فمنعه من الإسلام الخوف على ملكه ورياسته، ومنع أشباه الحمير ما منع الأمم قبلهم)
ولعلي الآن أوجه الأضواء إلى مسألة عظيمة هي من دواهي هذا الدهر,
ومن مصائبه التي عمت وطمت
بل وهي السبب في طمس شمس العلماء
والتي نستفيدها من هذه القصة العظيمة
ألا وهي:
أن المناصب التي يتربع على عرشها بعض أهل العلم
وتكون رفيعةً في المجتمع وتجعل لهم خصوصية من بينهم
كثيراً ما تحول بينهم وبين قول الحق والصدع به
على خلاف من لا يملك إلا نفسه
فتراه صدّاعاً بالحق قوّالاً له
لا يخاف في الله لومة لائم
فهذا هرقل وهو من علماء النصرانية
لم يمنعه خوف ذهاب هذا المنصب عن السكوت في بيان الحق في مسألة فرعية أو مسألة مختلف بها إنما منعه هذا الخوف عن قبول الحق الذي عرفه وتبين له وتكشفت له فيه الحُجُب
فتأمل يا رعاك الله:
حال بعض المنسوبين إلى العلم كيف يهجرون قول الحق والصدع به عندما يتصادم مع مصالح رؤسائهم وكبرائهم
فحري بك أن تكون فطناً لبيباً يعرف من أين يأخذ الحق ومن هم أصحابه
خصوصاً في المسائل المصيرية المتعلقة بالأمة ومصالحها العامة وتكون هذه المصالح متعارضة مع مصالح تلك الثلة الصغيرة التي ينطوي هؤلاء العلماء تحت لوائها
وانظر يا أيها المسلم الحر:
إلى إمامٍ من أئمة المسلمين الثقات الأثبات
الذين شهد لهم المسلمون بالسلامة والعدالة وارتضوا أقوالهم
وهو الإمام العلامة الفقيه أبو حنيفة النعمان عليه من الله الرضوان
كيف ترك القضاء ورفض الإنصياع للأوامر العليا التي أوجبته على القيام بهذه المهمه فرفض
ثم قاموا باستخدام أسلوب آخر
وهو الإجبار على هذا الأمر بالضرب
حتى توفي رحمه الله بسبب ذلك العذاب