أبو ضحى
04-21-2010, 11:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله:.
لقد قرأت هذا الموضوع فأعجبني فأحببت أن تقرئوه لما فيه من فوائد كثيرة وأقوال شيقة جدا أسأل الله أن ينفع به وجزاء الله كاتبه كل خير وهو
بقلم الفقير إلى عفو ربه / أبو مسلم وليد برجاس
يقول المولى عز وجل
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواأَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
وَلَايَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ
فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾
أخرج مسلم والنسائي وغيرهما أن ابن مسعود - رضي الله عنه –قال:
"مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللهُ بِهَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ".
وأخرج غيرهم عن ابن مسعود أيضا : لما نزلت هذه الآية،
أقبل بعضنا على بعض : أي شيء أحدثنا؟ أي شيء صنعنا؟
في الصحيح عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أَطَّت السماء وحق لها أن تئط،
ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد أو راكع، والله لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله }
وفي رواية المنذري {ولحثوتم على رءوسكم التراب }
يوم يروى هذا الحديث أبو ذر رضي الله عنه يَبكى ويُبكى، وقال [[وددت -والله- أني شجرة تعضد ]]
ويقول عبد الله بن عمرو بن العاص : [[والله لو تعلمون حق العلم ما تلذذتم بلذيذة، ولقام أحدكم بين يدي ربه حتى ينكسر صلبه، ولصاح حتى ينقطع صوته
مساكين نحن! غرقت قلوبنا في الشهوات والملذات.. أصابنا الخمول والكسل.. أصابنا الفتور والهوان.. أصبحنا عبيداً للدنيا دون أن نشعر
جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا *** وبنوا مساكنهم وما سكنوا.
فكأنهم كانوا بها ظُعنًا *** لمَّا استراحوا ساعة ظَعَنُوا.
ما السر؟
نقرأ الآيات فلا قلب يتأثر إلا من رحم الله منا!
نسمع الأحاديث فلا عين تدمع ولا قلب يخشع!
نحمل الموتى وندخل المقابر ونخرج والقلب هو القلب!
نسمع أنين الثكالى، وصرخات اليتامى، والأحداث في كل مكان والقلب هو القلب!! لا إله إلا الله! ماذا أصابك أيها القلب؟!
نكذب ونغتاب ونأكل الشبهات، بل ونقع في المحرمات!!
فنسأل -أيضاً- عن السبب، فإذا هو غياب هذا السر في كثير من قلوب الناس.
هذا السر أقضَّ مضاجع الصالحين، وأزعج قلوبهم، وأسال دموعهم، فعرفوا حقيقة هذه الحياة.
هذا السر يحفظ الأمن والأمان، وبه تكثر الخيرات، وتتنزل البركات، وبغيبته ينتشر الفساد، ويعق الأولاد.
فهل عرفته؟ إنه الحارس الأمين لقلبك المسكين، إنه المراقب، ولكن ليس المراقب الإداري ولا المراقب الصحي إنه المراقب الشرعي.
إنه مراقبة الله، سبحانه وتعالى،
فاتق الله حيثما كنت،
وداوِ ضمير القلب بالبر والتقى ***فلا يستوي قلبان قاسٍ وخاشعُ
وانتبه لقوله تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [هود:123]..وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ [البقرة:235].
وردد في كل لحظـة: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً [الأحزاب:52]
وتذكر أنه: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].
الموت باب وكل الناس داخله *** يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما *** يُرضي الإله وإن فرطت فالنار
متى يفلح مَن يسره ما يضره ؟!
وكيف يعيش في البستان غرس***إذا ما عُطلت عنهالسواقي
هبت رياح المعصية فأطفأت شموع الخشية من قلوبنا، وطال علينا الأمَدُ فَعَلى القلوب قسوة كما قست قلوب أهل الكتاب؛ فهي كالحجارة أو أشد قسوة.
أسأنا فهم الدين الذي هو سر تميُّزنا وبقائنا، فشُغلنا بالشكل عن الجوهر، وبالقالب عن القلب، وبالمبنى عن المعنى، بذكريات مجيدة وتواريخ تليدة،
نحتفل غالباً مبتدعين غير متبعين، وأحياناً نهتم بطبع الكتب الشرعية مفتخرين، ثم نتمرد على مضمونها هازئين.
حالنا كالذي يقبِّل يد والده ولا يسمع نصحه، إنَّ هذا لَهُوَ البلاء المبين، وإنَّا لنخشى أن نصبح في زمرة من قال الله فيهم:
الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [الأعراف:51]^
وأسوأ ما تمرُّ به أمة، وأتعس ما تمرُّ به أمة أن يصبح اللهو فيها ديناً، والدين فيها لَهْواً، ثم لا تسمع نصحاً.
بُحَّ المنادي والمسامع تشتكي *** صَمَماً وأصبحت الضَّمَائِر تُشْتَرى
تاهت سفائنها فما خاضت بها *** بحراً ولا هي في الشواطئ تظهر
تذكروا.. فإذا هم مبصرون
يقول ابن رجب رحمه الله تعالى:
يا قوم! قلوبكم على أصل الطهارة، وإنما أصابها رشاش من نجاسة الذنوب، فرشوا عليها قليلاً من دموع العيون وقد طهرت،
اعزموا على فطام النفوس عن رضاع الهوى، ذكروها مدحه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30]
عرفوها اطلاع من هو أقرب إليها مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16]؛ لعلها تستحي من قربه ونظره، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:14] ..
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14] - إن الله يراك!
** راود رجل امرأة في فلاة ليلاً فأبت، فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب، فقالت المرأة: ولكن أين مكوكبها؟!
**أكره رجل امرأة على نفسها وأمرها بغلق الأبواب، فقال لها: هل بقي باب لم يغلق؟ قالت: نعم. الباب الذي بيننا وبين الله تعالى! فلم يتعرض لها.
انظر إلى القلوب يوم أن كانت رقيقة، إذا خوفت بالله خافت
تحقيق الإخلاص ، صفحة [48]
عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه -كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات باب التوبة- أنه قال:
(إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه -انظر إلى استشعار الذنب عند المؤمن- وإن الكافر أو الفاجر ليرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا فطار)
فهو لا يستشعر الذنب؛ لأنه لا يعرف عظمة من وقع في معصيته، ولو كان هذا القلب مراقباً لله؛ لأصبحت الدمعة سيالة على الخد، ولأصبح القلب رقيقا ليناً خائفاً خاشعاً لله جل وعلا.
فمن لم يزن أحواله كُل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره ، فلا تُعده .
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا*** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
لم ينسها الملكان حين نسيتهم*** بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعب
والروح منك وديعة أودعتهـا*** فتردها بالرغم منك وتسلب
وغرور دنياك التي تسعى لـها*** دار حقيقتها متاع يذهب
الليل فاعلم والنهار كلاهما*** أنفاسنا فيهما تعد وتحسب
وما قدروا الله حق قدره
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
وكذلك إذا شهد معنى اسمه البصيرجلّ جلاله
الذي يرى دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في حندس الظلماء، ويرى تفاصيل الذرة الصغيرة ومخها وعروقها ولحمها وحركتها، ويرى مَدَّ البعوضة جناحَها في ظلمة الليل،
وأعطى هذا المشهد حقه من العبودية، بحرس حركاتها، وسكناتها، وتيقن أنها بمرأى منه سبحانه، ومشاهدةٍ لا يغيب عنه منها شيء..." طريق الهجرتين وباب السعادتين، صفحة (79)
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]
بك أستجير ومـن يجيـر سواكـا ***فأجر ضعيفـاً يحتمـى بحماكا .
إني ضعيف أستعين علـى قـوى*** ذنبي ومعصيتـي ببعـض قواكـا.
أذنبت يا ربـي وآذتنـي ذنوبـي*** مـا لهـا مـن غـافـر إلاكــا.
دنيـاي غرتنـي وعفـوك غرنـي*** ما حيلتـي فـي هـذه أو ذاكا.
*****
لله فـي الآفـاق آيــات لـعـل*** أقلهـا هـو مـا إليـه هـداكـا.
ولعل ما في النفـس مـن آياتـه*** عجب عجاب لـو تـرى عيناكـا.
والكـون مشحـون بـأسـرار إذا*** حاولـت تفسيـرا لهـا أعياكـا.
*****
قل للطبيب تخطفتـه يـد الـردى*** يا شافي الأمـراض مـن أرداكـا.
قل للمريض نجا وعوفي بعـد مـا*** عجزت فنون الطب مـن عافاكـا.
قل للصحيح يمـوت لا مـن علـة ***مَن بالمنايا يـا صحيـح دهاكـا.
قل للبصير وكـان يحـذر حفـرة*** فهوى بها من ذا الـذي أهواكـا.
*****
بل سائل الأعمى خطا بين الزحـام*** بلا اصطدام مـن يقـود خطاكـا.
قل للجنين يعيـش معـزولا***ً بـلا راع ومرعى مـا الـذي يرعاكـا.
قل للوليد بكى وأجهـش بالبكـاء*** لدى الـولادة مـا الـذي أبكاكـا.
وإذا ترى الثعبـان ينفـث سمـه*** فاسأله من ذا بالسمـوم حشاكـا.
وسأله كيف تعيش يـا ثعبـان أو*** تحيـا وهـذا السـم يمـلأ فاكـا.
واسأل بطون النحل كيف تقاطـرت*** شهدا وقـل للشهـد مـن حلاكـا.
*****
بل سائل اللبن المصفى كان بيـن*** دم وفـرث مـا الـذي صفـاكـا.
تلك عجائب طالمـا أخـذت بهـا***عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكـا.
يأيها الإنسـان مهـلا مـا الـذي*** بالله جــل جـلالـه أغـراكـا؟.
ما الخشية؟
استشعار عظم الذنب مهما كان صغيراً أو كبيراً
وهذى أمثلتها
:
تمرة تُسْهر رسول الله صلى الله عليه
روى البخاري في صحيحه في كتاب اللقطة
باب إذا وجد تمرة ساقطة، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها). سبحان الله! (ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها).
القضية عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبهة؛ فهذه التمرة ليس من المؤكد أنها من تمر الصدقة!!
روحي تخرج معه!!
روى البخاري في صحيحه - من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:
[كان لـأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام:
أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ فقال الغلام: كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية، وما أُحسن الكهانة، إلا أني خدعته فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه !!
فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه
القضية عند أبي بكر -أيضاً- شبهة، ثم إن الغلام تكهن لهذا الرجل في الجاهلية والإسلام يجبُّ ما قبله.
وفي رواية: [أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان بحضرته بعض أصحابه فقالوا: يا أبا بكر ! ارحم نفسك!
فقال: والله! ما أزال أخرج الطعام حتى لو ظننت أن روحي تخرج معه لفعلت
.. فقيل له : يرحمك الله !! كل هذا من أجل هذه اللقمة ؟!!
فقال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به )
فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة
..إن من أعظم أسباب عدم الهداية أكل الحرام
فأنى لعضو نبت من حرام أن يطيع الله؟!
هكذاكانت خشيتهم
ذكر القسطلاني في كتابه إرشاد الساري ،
أن امرأة جاءت إلى الإمام أحمد فسألته سؤالاً، هذا السؤال جعل الإمام أحمد يبكي.
تقول المرأة للإمام أحمد : إننا نغزل على سطوحنا فيمر بنا مشاعل الظاهرية -أي: الحرس- فيقع الشعاع علينا،
أفيجوز لنا -يا إمام!- الغزل في شعاعها؟!
فقال لها الإمام أحمد متعجباً لورع هذه المرأة: من أنت يا أمة الله؟!
فذكرت أنها أخت لـبشر الحافي، فبكى الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه وأرضاه وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق.
خوف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورعيته
**كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه يعسّ في شوارع المدينة كعادته في الليل،
فاتكأ على جدار بيت فإذا به يسمع همهمة امرأة.. لوحدها في بيتها وفي ظلمة الليل مع ضعف نفسها وقوة شيطانها، زوجها قد سافر مع جيش المسلمين طويلاً،
وهي لا تعلم أن أحداً يسمعها فتتمثل بهذه الأبيات وتقول:
تطاول هذا الليل واسودّ جانبه ***وأرقني ألا خليل ألاعبه.
فوالله لولا الله لا شيء غـيره ***لحرّك من هذا السرير جوانبه.
ولكن تقوى الله عن ذا تصدني*** وحفظاً لبعلي أن تنال مراكبه.
ذكرأبو نُعيم في حلية الأولياء
أن من صفة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه كان في خديه خطان أسودان؛ من أثر كثرة البكاء من خشيته لله وخوفه من الله.
ويحكى أنه كان يوماً من الأيام يقرأ:إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] حتى انتهى إلى قوله تعالى: وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ [التكوير:10]
فخر مغشياً عليه رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وكان يمر بالآية في ورده فتخنقه العبرة،
فيبقى في البيت أياماً يُعاد يحسبونه مريضاً، كما ذكر ذلك الإمام أحمد في كتابه الزهد .
زوجه والحلوى
اشتهت زوجه الحلوى، فأرادت أن يشتري عمر لها حلوى، لا من بيت مال المسلمين، وإنما من مالها الخاص
فاسمع لهذا الحوار بينها وبينه في هذه الأبيات:
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها*** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها؟
لا تمتطي صهوات النفس جامحة*** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى*** فقومي لبيت المال رديها
فمن يباري أبا حفص وسيرته*** أو من يحاول للفاروق تشبيها
ويوم أن كان على فراش الموت قال لولده عبد الله وقد رفع رأسه: [ضع رأسي على التراب، يا ليت أم عمر لم تلد عمر ، يا ليت عمر كان شجرة تعضد].
تالله لو عاش الفتى في دهره ***ألفاً من الأعوام مالك أمره.
مُتلذذاً فيها بكل لذيذة *** مُتنعما فيها بنعمى عصره.
ما كان ذلك كله في أن يفي*** بمبيت أول ليلة في قبره.
غرس الخشية فى نفوس الصغار
الإمام حماد بن زيد رضي الله تعالى عنه يقول:
كنت صغيراً مع أبي، فمررنا على جدار فيه تبن، فأخذت من الجدار عود تبن،
فوقف أبي ونظر إليَّ كأنه ينهرني، فقال لي: لـمَ أخذت؟!
يقول حماد :
فقلت ببراءة الصغير: يا أبتاه! إنه عود تبن!!
فقال الأب -واسمع لأولئك الآباء- : يا بني!
لو أن كل أحد مرّ على الجدار أخذ عود تبن هل كان يبقى في الجدار تبن؟!
المربى والدجاجة
أحد المربين قال لصغاره:
يا أبنائي! إذا كان من الغد فلا يأتي أحدٌ منكم إلا وبيده دجاجة قد ذبحها في مكان لا يراه فيه أحد،
فلما كان من الغد، جاء الغلمان الصغار كلهم وقد علّق كل فرد منهم بيده دجاجة قد ذبحها في مكان لا يراه أحد، كما هي وصية شيخه، إلا تلميذاً واحداً،
فقال له المربي: لماذا لم تفعل كما فعل زملاؤك؟ وأين دجاجتك؟ قال الصغير: يا شيخ!
إنك قلت لي أن أذبح الدجاجة في مكان لا يراني فيه أحد، وإنني صعدت السطح فوجدت أن أحداً يراني، ودخلت الغرفة فوجدت أن أحداً يراني، وما تركت مكانا في البيت إلا وكان هذا الأحد معي يراني.
فقال الشيخ: من هذا الأحد يا غلام؟! فقال الصغير -الذي تربى على خشية الله ومراقبة الله-:
يا شيخ.. إنه الله! إن الله معي في كل مكان يراني! فضمه الشيخ وقال: أحسنت أحسنت، أنت ابني إذاً.
كثير من الأمهاتإذا أرادت أن تخوف صغارها تخوفهم بأبيهم، لذا ينشأ الصغير على الخوف من أبيه، فإذا غاب الأب أصبح الصغير يفعل كل أمر تمليه عليه نفسه، وبسبب هذا الخطأ التربوي وجدنا كثيراً من الصغار لا يحرص على صلاة الجماعة إلا إذا كان والده موجوداً.
ولو أننا حرصنا على تربية الصغار على الخوف من الله والرغبة فى رضاه وجنته لصنعنا بذلك سدا منيعا بينهم وبين الوقوع فى حبائل الشيطان.
بهذا فًضُل ابن المبارك علينا
يقول القاسم بن محمد :
كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي، فأقول في نفسي:بأي شيء فُضُل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟!
إن كان ليصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو إنا لنغزو، وإن كان يحج إنا لنحج.
قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ علينا السراج، فقام بعضنا لإصلاح السراج، فكانت هُنيهة -أي: لحظة من اللحظات- ثم جاء السراج، فنظرت إلى وجهه رحمه الله تعالى وقد ابتلت لحيته من كثرة الدموع،
فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا، ولعله عندما فقد السراج وصار إلى الظلمة ذكر القيامة فتأثر.
هكذا القلب عندما يتعلق بالله جل وعلا، فهذه لحظة من اللحظات غاب منها السراج، ظلمة من الظلمات، فتذكر ظلمة القبر، وتذكر أهوال يوم القيامة،
وهكذا القلب المتعلق بالله، إذا رأى ظلمة تذكر ظلمة القبر، وإذا رأى ناراً تذكر نار جهنم وسعيرها، وإذا رأى خضرة ونعيماً تذكر نعيم الجنة، فهو متعلق بالله دائماً.
ولذلك ذكر الإمام أحمد في كتابه الزهد ، أن ابن مسعود مرَّ على هؤلاء الذين ينفخون الكير، فوقع مغشياً عليه.
وذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة أن مطر الوراق وصاحبه هرم بن حيان
كانا يصطحبان أحياناً بالنهار، فيأتيان سوق الرياحين فيسألان الله الجنة ويدعوان،
ثم يأتيان الحدادين فيعوذان من النار، ثم يتفرقان إلى منازلهما.
هكذا كانت القلوب تتعلق بالله خشية وخوفاً، وهكذا كان همّ الآخرة يفعل بقلوب أولئك الرجال.
اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل
يقول أحد تلامذة الإمام سفيان الثورى -أمير المؤمنين فى الحديث-
كنت أتعجب من حياة الإمام!
وكنت من عجبي به أتبعه في خلواته وجلواته، ثم رأيت منه عجباً، رأيت أنه يقف في اليوم مرات يخرج من جيبه رقعة
فينظر إليها ثم يعيدها، يفعل ذلك في اليوم مرات،
يقول: فازددت إصراراً في معرفة السر على الورقة، فما زلت خلف الإمام أتبعه، وألحظه في خلواته وجلواته حتى وقعت الورقة في يدي، فنظرت فيها فإذا مكتوب فيها...
يا سفيان ! اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل.
إنها تربية النفس على خشية الله واستحضار الآخرة أمام النفس لتتأدب وتخشع!!
كان يقول رحمه الله:"لو كان معكم مَنْ يرفع حديثكم إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشيء ؟ قلنا : لا .
قال : فإن معكم من يرفعُ الحديث ."
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها.
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشرٍ خاب بانيها.
توبة الفضيل بن عياض
كان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلا، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئا يقرأ:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}
فرجع القهقرى وهو يقول: بلى والله قد آن.
فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة من السابلة وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلا يقطع الطريق،
فقال الفضيل: أواه! أراني بالليل أسعى في معاصي الله، وبالنهار قوم من المسلمين يخافونني،
يا رب جعلت توبتي إليك جوار بيتك الحرام.
فإن هوى بك إبليسُ لمعصية*** فأَهْلِكَنْه بالاستغفار يَنْتَحِبِ
بسجدة لك في الأسحار خاشعة ***سجود مُعْترف لله مُغْتَرب
علىّ دين
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله:.
لقد قرأت هذا الموضوع فأعجبني فأحببت أن تقرئوه لما فيه من فوائد كثيرة وأقوال شيقة جدا أسأل الله أن ينفع به وجزاء الله كاتبه كل خير وهو
بقلم الفقير إلى عفو ربه / أبو مسلم وليد برجاس
يقول المولى عز وجل
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواأَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
وَلَايَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ
فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾
أخرج مسلم والنسائي وغيرهما أن ابن مسعود - رضي الله عنه –قال:
"مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللهُ بِهَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ".
وأخرج غيرهم عن ابن مسعود أيضا : لما نزلت هذه الآية،
أقبل بعضنا على بعض : أي شيء أحدثنا؟ أي شيء صنعنا؟
في الصحيح عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أَطَّت السماء وحق لها أن تئط،
ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد أو راكع، والله لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله }
وفي رواية المنذري {ولحثوتم على رءوسكم التراب }
يوم يروى هذا الحديث أبو ذر رضي الله عنه يَبكى ويُبكى، وقال [[وددت -والله- أني شجرة تعضد ]]
ويقول عبد الله بن عمرو بن العاص : [[والله لو تعلمون حق العلم ما تلذذتم بلذيذة، ولقام أحدكم بين يدي ربه حتى ينكسر صلبه، ولصاح حتى ينقطع صوته
مساكين نحن! غرقت قلوبنا في الشهوات والملذات.. أصابنا الخمول والكسل.. أصابنا الفتور والهوان.. أصبحنا عبيداً للدنيا دون أن نشعر
جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا *** وبنوا مساكنهم وما سكنوا.
فكأنهم كانوا بها ظُعنًا *** لمَّا استراحوا ساعة ظَعَنُوا.
ما السر؟
نقرأ الآيات فلا قلب يتأثر إلا من رحم الله منا!
نسمع الأحاديث فلا عين تدمع ولا قلب يخشع!
نحمل الموتى وندخل المقابر ونخرج والقلب هو القلب!
نسمع أنين الثكالى، وصرخات اليتامى، والأحداث في كل مكان والقلب هو القلب!! لا إله إلا الله! ماذا أصابك أيها القلب؟!
نكذب ونغتاب ونأكل الشبهات، بل ونقع في المحرمات!!
فنسأل -أيضاً- عن السبب، فإذا هو غياب هذا السر في كثير من قلوب الناس.
هذا السر أقضَّ مضاجع الصالحين، وأزعج قلوبهم، وأسال دموعهم، فعرفوا حقيقة هذه الحياة.
هذا السر يحفظ الأمن والأمان، وبه تكثر الخيرات، وتتنزل البركات، وبغيبته ينتشر الفساد، ويعق الأولاد.
فهل عرفته؟ إنه الحارس الأمين لقلبك المسكين، إنه المراقب، ولكن ليس المراقب الإداري ولا المراقب الصحي إنه المراقب الشرعي.
إنه مراقبة الله، سبحانه وتعالى،
فاتق الله حيثما كنت،
وداوِ ضمير القلب بالبر والتقى ***فلا يستوي قلبان قاسٍ وخاشعُ
وانتبه لقوله تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [هود:123]..وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ [البقرة:235].
وردد في كل لحظـة: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً [الأحزاب:52]
وتذكر أنه: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].
الموت باب وكل الناس داخله *** يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما *** يُرضي الإله وإن فرطت فالنار
متى يفلح مَن يسره ما يضره ؟!
وكيف يعيش في البستان غرس***إذا ما عُطلت عنهالسواقي
هبت رياح المعصية فأطفأت شموع الخشية من قلوبنا، وطال علينا الأمَدُ فَعَلى القلوب قسوة كما قست قلوب أهل الكتاب؛ فهي كالحجارة أو أشد قسوة.
أسأنا فهم الدين الذي هو سر تميُّزنا وبقائنا، فشُغلنا بالشكل عن الجوهر، وبالقالب عن القلب، وبالمبنى عن المعنى، بذكريات مجيدة وتواريخ تليدة،
نحتفل غالباً مبتدعين غير متبعين، وأحياناً نهتم بطبع الكتب الشرعية مفتخرين، ثم نتمرد على مضمونها هازئين.
حالنا كالذي يقبِّل يد والده ولا يسمع نصحه، إنَّ هذا لَهُوَ البلاء المبين، وإنَّا لنخشى أن نصبح في زمرة من قال الله فيهم:
الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [الأعراف:51]^
وأسوأ ما تمرُّ به أمة، وأتعس ما تمرُّ به أمة أن يصبح اللهو فيها ديناً، والدين فيها لَهْواً، ثم لا تسمع نصحاً.
بُحَّ المنادي والمسامع تشتكي *** صَمَماً وأصبحت الضَّمَائِر تُشْتَرى
تاهت سفائنها فما خاضت بها *** بحراً ولا هي في الشواطئ تظهر
تذكروا.. فإذا هم مبصرون
يقول ابن رجب رحمه الله تعالى:
يا قوم! قلوبكم على أصل الطهارة، وإنما أصابها رشاش من نجاسة الذنوب، فرشوا عليها قليلاً من دموع العيون وقد طهرت،
اعزموا على فطام النفوس عن رضاع الهوى، ذكروها مدحه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30]
عرفوها اطلاع من هو أقرب إليها مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16]؛ لعلها تستحي من قربه ونظره، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:14] ..
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14] - إن الله يراك!
** راود رجل امرأة في فلاة ليلاً فأبت، فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب، فقالت المرأة: ولكن أين مكوكبها؟!
**أكره رجل امرأة على نفسها وأمرها بغلق الأبواب، فقال لها: هل بقي باب لم يغلق؟ قالت: نعم. الباب الذي بيننا وبين الله تعالى! فلم يتعرض لها.
انظر إلى القلوب يوم أن كانت رقيقة، إذا خوفت بالله خافت
تحقيق الإخلاص ، صفحة [48]
عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه -كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات باب التوبة- أنه قال:
(إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه -انظر إلى استشعار الذنب عند المؤمن- وإن الكافر أو الفاجر ليرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا فطار)
فهو لا يستشعر الذنب؛ لأنه لا يعرف عظمة من وقع في معصيته، ولو كان هذا القلب مراقباً لله؛ لأصبحت الدمعة سيالة على الخد، ولأصبح القلب رقيقا ليناً خائفاً خاشعاً لله جل وعلا.
فمن لم يزن أحواله كُل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره ، فلا تُعده .
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا*** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
لم ينسها الملكان حين نسيتهم*** بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعب
والروح منك وديعة أودعتهـا*** فتردها بالرغم منك وتسلب
وغرور دنياك التي تسعى لـها*** دار حقيقتها متاع يذهب
الليل فاعلم والنهار كلاهما*** أنفاسنا فيهما تعد وتحسب
وما قدروا الله حق قدره
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
وكذلك إذا شهد معنى اسمه البصيرجلّ جلاله
الذي يرى دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في حندس الظلماء، ويرى تفاصيل الذرة الصغيرة ومخها وعروقها ولحمها وحركتها، ويرى مَدَّ البعوضة جناحَها في ظلمة الليل،
وأعطى هذا المشهد حقه من العبودية، بحرس حركاتها، وسكناتها، وتيقن أنها بمرأى منه سبحانه، ومشاهدةٍ لا يغيب عنه منها شيء..." طريق الهجرتين وباب السعادتين، صفحة (79)
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]
بك أستجير ومـن يجيـر سواكـا ***فأجر ضعيفـاً يحتمـى بحماكا .
إني ضعيف أستعين علـى قـوى*** ذنبي ومعصيتـي ببعـض قواكـا.
أذنبت يا ربـي وآذتنـي ذنوبـي*** مـا لهـا مـن غـافـر إلاكــا.
دنيـاي غرتنـي وعفـوك غرنـي*** ما حيلتـي فـي هـذه أو ذاكا.
*****
لله فـي الآفـاق آيــات لـعـل*** أقلهـا هـو مـا إليـه هـداكـا.
ولعل ما في النفـس مـن آياتـه*** عجب عجاب لـو تـرى عيناكـا.
والكـون مشحـون بـأسـرار إذا*** حاولـت تفسيـرا لهـا أعياكـا.
*****
قل للطبيب تخطفتـه يـد الـردى*** يا شافي الأمـراض مـن أرداكـا.
قل للمريض نجا وعوفي بعـد مـا*** عجزت فنون الطب مـن عافاكـا.
قل للصحيح يمـوت لا مـن علـة ***مَن بالمنايا يـا صحيـح دهاكـا.
قل للبصير وكـان يحـذر حفـرة*** فهوى بها من ذا الـذي أهواكـا.
*****
بل سائل الأعمى خطا بين الزحـام*** بلا اصطدام مـن يقـود خطاكـا.
قل للجنين يعيـش معـزولا***ً بـلا راع ومرعى مـا الـذي يرعاكـا.
قل للوليد بكى وأجهـش بالبكـاء*** لدى الـولادة مـا الـذي أبكاكـا.
وإذا ترى الثعبـان ينفـث سمـه*** فاسأله من ذا بالسمـوم حشاكـا.
وسأله كيف تعيش يـا ثعبـان أو*** تحيـا وهـذا السـم يمـلأ فاكـا.
واسأل بطون النحل كيف تقاطـرت*** شهدا وقـل للشهـد مـن حلاكـا.
*****
بل سائل اللبن المصفى كان بيـن*** دم وفـرث مـا الـذي صفـاكـا.
تلك عجائب طالمـا أخـذت بهـا***عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكـا.
يأيها الإنسـان مهـلا مـا الـذي*** بالله جــل جـلالـه أغـراكـا؟.
ما الخشية؟
استشعار عظم الذنب مهما كان صغيراً أو كبيراً
وهذى أمثلتها
:
تمرة تُسْهر رسول الله صلى الله عليه
روى البخاري في صحيحه في كتاب اللقطة
باب إذا وجد تمرة ساقطة، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها). سبحان الله! (ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها).
القضية عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبهة؛ فهذه التمرة ليس من المؤكد أنها من تمر الصدقة!!
روحي تخرج معه!!
روى البخاري في صحيحه - من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:
[كان لـأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام:
أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ فقال الغلام: كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية، وما أُحسن الكهانة، إلا أني خدعته فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه !!
فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه
القضية عند أبي بكر -أيضاً- شبهة، ثم إن الغلام تكهن لهذا الرجل في الجاهلية والإسلام يجبُّ ما قبله.
وفي رواية: [أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان بحضرته بعض أصحابه فقالوا: يا أبا بكر ! ارحم نفسك!
فقال: والله! ما أزال أخرج الطعام حتى لو ظننت أن روحي تخرج معه لفعلت
.. فقيل له : يرحمك الله !! كل هذا من أجل هذه اللقمة ؟!!
فقال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به )
فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة
..إن من أعظم أسباب عدم الهداية أكل الحرام
فأنى لعضو نبت من حرام أن يطيع الله؟!
هكذاكانت خشيتهم
ذكر القسطلاني في كتابه إرشاد الساري ،
أن امرأة جاءت إلى الإمام أحمد فسألته سؤالاً، هذا السؤال جعل الإمام أحمد يبكي.
تقول المرأة للإمام أحمد : إننا نغزل على سطوحنا فيمر بنا مشاعل الظاهرية -أي: الحرس- فيقع الشعاع علينا،
أفيجوز لنا -يا إمام!- الغزل في شعاعها؟!
فقال لها الإمام أحمد متعجباً لورع هذه المرأة: من أنت يا أمة الله؟!
فذكرت أنها أخت لـبشر الحافي، فبكى الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه وأرضاه وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق.
خوف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورعيته
**كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه يعسّ في شوارع المدينة كعادته في الليل،
فاتكأ على جدار بيت فإذا به يسمع همهمة امرأة.. لوحدها في بيتها وفي ظلمة الليل مع ضعف نفسها وقوة شيطانها، زوجها قد سافر مع جيش المسلمين طويلاً،
وهي لا تعلم أن أحداً يسمعها فتتمثل بهذه الأبيات وتقول:
تطاول هذا الليل واسودّ جانبه ***وأرقني ألا خليل ألاعبه.
فوالله لولا الله لا شيء غـيره ***لحرّك من هذا السرير جوانبه.
ولكن تقوى الله عن ذا تصدني*** وحفظاً لبعلي أن تنال مراكبه.
ذكرأبو نُعيم في حلية الأولياء
أن من صفة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه كان في خديه خطان أسودان؛ من أثر كثرة البكاء من خشيته لله وخوفه من الله.
ويحكى أنه كان يوماً من الأيام يقرأ:إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] حتى انتهى إلى قوله تعالى: وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ [التكوير:10]
فخر مغشياً عليه رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وكان يمر بالآية في ورده فتخنقه العبرة،
فيبقى في البيت أياماً يُعاد يحسبونه مريضاً، كما ذكر ذلك الإمام أحمد في كتابه الزهد .
زوجه والحلوى
اشتهت زوجه الحلوى، فأرادت أن يشتري عمر لها حلوى، لا من بيت مال المسلمين، وإنما من مالها الخاص
فاسمع لهذا الحوار بينها وبينه في هذه الأبيات:
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها*** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها؟
لا تمتطي صهوات النفس جامحة*** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى*** فقومي لبيت المال رديها
فمن يباري أبا حفص وسيرته*** أو من يحاول للفاروق تشبيها
ويوم أن كان على فراش الموت قال لولده عبد الله وقد رفع رأسه: [ضع رأسي على التراب، يا ليت أم عمر لم تلد عمر ، يا ليت عمر كان شجرة تعضد].
تالله لو عاش الفتى في دهره ***ألفاً من الأعوام مالك أمره.
مُتلذذاً فيها بكل لذيذة *** مُتنعما فيها بنعمى عصره.
ما كان ذلك كله في أن يفي*** بمبيت أول ليلة في قبره.
غرس الخشية فى نفوس الصغار
الإمام حماد بن زيد رضي الله تعالى عنه يقول:
كنت صغيراً مع أبي، فمررنا على جدار فيه تبن، فأخذت من الجدار عود تبن،
فوقف أبي ونظر إليَّ كأنه ينهرني، فقال لي: لـمَ أخذت؟!
يقول حماد :
فقلت ببراءة الصغير: يا أبتاه! إنه عود تبن!!
فقال الأب -واسمع لأولئك الآباء- : يا بني!
لو أن كل أحد مرّ على الجدار أخذ عود تبن هل كان يبقى في الجدار تبن؟!
المربى والدجاجة
أحد المربين قال لصغاره:
يا أبنائي! إذا كان من الغد فلا يأتي أحدٌ منكم إلا وبيده دجاجة قد ذبحها في مكان لا يراه فيه أحد،
فلما كان من الغد، جاء الغلمان الصغار كلهم وقد علّق كل فرد منهم بيده دجاجة قد ذبحها في مكان لا يراه أحد، كما هي وصية شيخه، إلا تلميذاً واحداً،
فقال له المربي: لماذا لم تفعل كما فعل زملاؤك؟ وأين دجاجتك؟ قال الصغير: يا شيخ!
إنك قلت لي أن أذبح الدجاجة في مكان لا يراني فيه أحد، وإنني صعدت السطح فوجدت أن أحداً يراني، ودخلت الغرفة فوجدت أن أحداً يراني، وما تركت مكانا في البيت إلا وكان هذا الأحد معي يراني.
فقال الشيخ: من هذا الأحد يا غلام؟! فقال الصغير -الذي تربى على خشية الله ومراقبة الله-:
يا شيخ.. إنه الله! إن الله معي في كل مكان يراني! فضمه الشيخ وقال: أحسنت أحسنت، أنت ابني إذاً.
كثير من الأمهاتإذا أرادت أن تخوف صغارها تخوفهم بأبيهم، لذا ينشأ الصغير على الخوف من أبيه، فإذا غاب الأب أصبح الصغير يفعل كل أمر تمليه عليه نفسه، وبسبب هذا الخطأ التربوي وجدنا كثيراً من الصغار لا يحرص على صلاة الجماعة إلا إذا كان والده موجوداً.
ولو أننا حرصنا على تربية الصغار على الخوف من الله والرغبة فى رضاه وجنته لصنعنا بذلك سدا منيعا بينهم وبين الوقوع فى حبائل الشيطان.
بهذا فًضُل ابن المبارك علينا
يقول القاسم بن محمد :
كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي، فأقول في نفسي:بأي شيء فُضُل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟!
إن كان ليصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو إنا لنغزو، وإن كان يحج إنا لنحج.
قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ علينا السراج، فقام بعضنا لإصلاح السراج، فكانت هُنيهة -أي: لحظة من اللحظات- ثم جاء السراج، فنظرت إلى وجهه رحمه الله تعالى وقد ابتلت لحيته من كثرة الدموع،
فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا، ولعله عندما فقد السراج وصار إلى الظلمة ذكر القيامة فتأثر.
هكذا القلب عندما يتعلق بالله جل وعلا، فهذه لحظة من اللحظات غاب منها السراج، ظلمة من الظلمات، فتذكر ظلمة القبر، وتذكر أهوال يوم القيامة،
وهكذا القلب المتعلق بالله، إذا رأى ظلمة تذكر ظلمة القبر، وإذا رأى ناراً تذكر نار جهنم وسعيرها، وإذا رأى خضرة ونعيماً تذكر نعيم الجنة، فهو متعلق بالله دائماً.
ولذلك ذكر الإمام أحمد في كتابه الزهد ، أن ابن مسعود مرَّ على هؤلاء الذين ينفخون الكير، فوقع مغشياً عليه.
وذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة أن مطر الوراق وصاحبه هرم بن حيان
كانا يصطحبان أحياناً بالنهار، فيأتيان سوق الرياحين فيسألان الله الجنة ويدعوان،
ثم يأتيان الحدادين فيعوذان من النار، ثم يتفرقان إلى منازلهما.
هكذا كانت القلوب تتعلق بالله خشية وخوفاً، وهكذا كان همّ الآخرة يفعل بقلوب أولئك الرجال.
اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل
يقول أحد تلامذة الإمام سفيان الثورى -أمير المؤمنين فى الحديث-
كنت أتعجب من حياة الإمام!
وكنت من عجبي به أتبعه في خلواته وجلواته، ثم رأيت منه عجباً، رأيت أنه يقف في اليوم مرات يخرج من جيبه رقعة
فينظر إليها ثم يعيدها، يفعل ذلك في اليوم مرات،
يقول: فازددت إصراراً في معرفة السر على الورقة، فما زلت خلف الإمام أتبعه، وألحظه في خلواته وجلواته حتى وقعت الورقة في يدي، فنظرت فيها فإذا مكتوب فيها...
يا سفيان ! اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل.
إنها تربية النفس على خشية الله واستحضار الآخرة أمام النفس لتتأدب وتخشع!!
كان يقول رحمه الله:"لو كان معكم مَنْ يرفع حديثكم إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشيء ؟ قلنا : لا .
قال : فإن معكم من يرفعُ الحديث ."
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها.
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشرٍ خاب بانيها.
توبة الفضيل بن عياض
كان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلا، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئا يقرأ:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}
فرجع القهقرى وهو يقول: بلى والله قد آن.
فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة من السابلة وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلا يقطع الطريق،
فقال الفضيل: أواه! أراني بالليل أسعى في معاصي الله، وبالنهار قوم من المسلمين يخافونني،
يا رب جعلت توبتي إليك جوار بيتك الحرام.
فإن هوى بك إبليسُ لمعصية*** فأَهْلِكَنْه بالاستغفار يَنْتَحِبِ
بسجدة لك في الأسحار خاشعة ***سجود مُعْترف لله مُغْتَرب
علىّ دين