صالح مسلم الجذلى
05-17-2010, 10:43 AM
سبق – الرياض: قال الدكتور محمد السعيدي إن ما قاله الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ عن الاختلاط وتقسيم المتحدثين عنه ما بين مبيح للاختلاط مطلقاً، ومن منعه على الإطلاق، ينطلق من تصور خاطئ وبعيد عن تصور الخلاف الحاصل اليوم بين دعاته ومانعيه, وأضاف: من تتبع مقالات مانعي الاختلاط وفتاواهم لا يجد فيها مقالاً لطالب علم شرعي أو عالم يمنع الاختلاط مطلقاً, بل الجميع يمنعون الاختلاط المقصود لذاته والممنهج, ويبيحون العفوي وغير المقصود لذاته, أما عن استدلال د. آل الشيخ بعمل أهل الرياض في أوائل التسعينيات فهو منهج بدعي.
جاء ذلك في تعليق للدكتور السعيدي على مقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ عن الاختلاط الذي نشره اليوم الأحد في جريدة "الجزيرة", وقد خص به الدكتور السعيدي "سبق" وفيما يلي نص تعليق الدكتور السعيدي:
"إطلعت على مقال فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، حول الاختلاط والذي يجيز فيه الاختلاط بتفصيل وضوابط, وأحب أن أنبه إلى نقطتين لا بد من النظر إليهما في مقال فضيلته وهما:
أولاً: ذكر فضيلته أن المتحدثين عن الاختلاط انقسموا في حكمه إلى قسمين :
الأول : قسم يمنع الاختلاط مطلقاً , والثاني: قسم يبيح الاختلاط مطلقاً, ثم ذكر أنه يقدم الرأي الصحيح المتفق مع النصوص وهو جواز الاختلاط بضوابط.
والصحيح أن التقسيم الذي ذكره خاطئ وبعيد عن تصور الخلاف الحاصل اليوم بين دعاة الاختلاط وبين مانعيه, إذ حقيقة الخلاف هكذا:
إنقسم الناس في الاختلاط إلى قسمين:
قسم يمنع الاختلاط إلا بضوابط , وقسم يبيحه مطلقاً , فالقسم الأول هم العلماء وطلبة العلم ممن أفتى في بلادنا في قضية الاختلاط , والآخرون هم الصحفيون ومن تبعهم ممن ينسبون أنفسهم إلى العلم الشرعي .
ومن تتبع مقالات مانعي الاختلاط وفتاواهم لا يجد فيها مقالاً لطالب علم شرعي أو عالم يمنع الاختلاط مطلقاً, بل الجميع يمنعون الاختلاط المقصود لذاته والممنهج, ويبيحون العفوي وغير المقصود لذاته, وهم يختلفون في شدة تحرزهم في صور المقصود لذاته الممنوع عندهم , لكنهم لا يختلفون أبداً في هذا التفصيل, وما ذكره فضيلة الشيخ عبداللطيف من أن هناك من العلماء أو طلبة العلم من يمنع الاختلاط منعاً مطلقا, أمر لم أره في جميع ما اطلعت عليه من فتاوى معاصرة أو قديمة لأهل العلم أو طلابه.
ويبقى أن يكون الخلاف بين ما أنسبه الآن للعلماء وبين ما يفتي به الشيخ عبداللطيف من التفصيل خلافاً صورياً, إذ لا فرق حقيقياً بين أن يكون الاختلاط محرماً إلا ما اشتمل على الضوابط فيكون مباحاً, وبين أن نقول: الاختلاط مباح إلا ما تجرد عن الضوابط فيكون حراماً , كلا العبارتين تؤديان معنى واحداً, والخلاف بينهما في دلالة كل واحدة منهما على ما هو الأصل في نظره أهو الاختلاط أم الإباحة؟ ولا يخفى على أهل الاختصاص أن الخلاف فيما هو الأصل من الحكمين لا يؤثر في الحكم العملي كثيرا, فالأصوليون من قديم اختلفوا في الأصل العام هل هو البراءة أم التكليف؟ ولم يؤثر ذلك في الأحكام العملية .
إلا أن الحكمة تقتضي أن يخاطب الناس اليوم وفق العبارة الأولى لأنها العبارة الأبعد عن الاستغلال الإعلامي والترويج لما لا تحمد عقباه.
الأمر الآخر الذي أحب التنبيه إليه في مقالة الشيخ عبداللطيف هو استدلاله بعمل أهل الرياض في أوائل التسعينيات, وإنني مع ذهابي إلى أن ما كان يبيحه العلماء آنذاك لم يكن الاختلاط المقصود لذاته والذي هو محل تحريم أهل العلم في بلادنا اليوم، أقول مع ذهابي إلى ذلك, فإن منهج الاستدلال بعمل أهل الرياض منهج بدعي, وقد أنكر العلماء قديماً استدلال بعض الأئمة من أهل الأندلس بعمل أهل قرطبة وعدوه بدعة, وهذا الذي صنعه فضيلة الشيخ هو نحو ما صنعه أولئك العلماء من أهل الأندلس, فليس عمل أهل مدينة من المدن أياً كان صلاح أهلها ووفرة العلماء فيهم بحجة على المسلمين, وكيف يكون ذلك وقد شنع الليث بن سعد، رحمه الله، على الإمام مالك أخذه بعمل أهل المدينة في عصر كان كل أهل المدينة فيه من التابعين وتابعيهم من أبناء المهاجرين والأنصار, فكيف ينزلق فضيلته هذا المنزلق ويجعل عمل أهل الرياض حجة في فهم الشرع والانقياد له لمجرد وجود عدد من العلماء فيهم.
وختاماً فإنني أعتقد من خلال قراءتي لما سطره الشيخ أنه لا يختلف كثيراً عما جاء في فتاوى العلماء وبحوث طلبة العلم إلا في أسلوب الصياغة, فالشيخ لا يبيح دراسة الرجال والنساء في صفوف واحدة, كما لا يبيح عمل المرأة في مصاف الرجال دون ضرورة, وما ذكره من التفريق بين الخلوة والاختلاط لم يكن في حاجة إليه، إذ إن كل من حرم الاختلاط لم تخف عليه الخلوة, فإقحامها في مجال الإفهام لا تعليل له, والله من وراء القصد
جاء ذلك في تعليق للدكتور السعيدي على مقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ عن الاختلاط الذي نشره اليوم الأحد في جريدة "الجزيرة", وقد خص به الدكتور السعيدي "سبق" وفيما يلي نص تعليق الدكتور السعيدي:
"إطلعت على مقال فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، حول الاختلاط والذي يجيز فيه الاختلاط بتفصيل وضوابط, وأحب أن أنبه إلى نقطتين لا بد من النظر إليهما في مقال فضيلته وهما:
أولاً: ذكر فضيلته أن المتحدثين عن الاختلاط انقسموا في حكمه إلى قسمين :
الأول : قسم يمنع الاختلاط مطلقاً , والثاني: قسم يبيح الاختلاط مطلقاً, ثم ذكر أنه يقدم الرأي الصحيح المتفق مع النصوص وهو جواز الاختلاط بضوابط.
والصحيح أن التقسيم الذي ذكره خاطئ وبعيد عن تصور الخلاف الحاصل اليوم بين دعاة الاختلاط وبين مانعيه, إذ حقيقة الخلاف هكذا:
إنقسم الناس في الاختلاط إلى قسمين:
قسم يمنع الاختلاط إلا بضوابط , وقسم يبيحه مطلقاً , فالقسم الأول هم العلماء وطلبة العلم ممن أفتى في بلادنا في قضية الاختلاط , والآخرون هم الصحفيون ومن تبعهم ممن ينسبون أنفسهم إلى العلم الشرعي .
ومن تتبع مقالات مانعي الاختلاط وفتاواهم لا يجد فيها مقالاً لطالب علم شرعي أو عالم يمنع الاختلاط مطلقاً, بل الجميع يمنعون الاختلاط المقصود لذاته والممنهج, ويبيحون العفوي وغير المقصود لذاته, وهم يختلفون في شدة تحرزهم في صور المقصود لذاته الممنوع عندهم , لكنهم لا يختلفون أبداً في هذا التفصيل, وما ذكره فضيلة الشيخ عبداللطيف من أن هناك من العلماء أو طلبة العلم من يمنع الاختلاط منعاً مطلقا, أمر لم أره في جميع ما اطلعت عليه من فتاوى معاصرة أو قديمة لأهل العلم أو طلابه.
ويبقى أن يكون الخلاف بين ما أنسبه الآن للعلماء وبين ما يفتي به الشيخ عبداللطيف من التفصيل خلافاً صورياً, إذ لا فرق حقيقياً بين أن يكون الاختلاط محرماً إلا ما اشتمل على الضوابط فيكون مباحاً, وبين أن نقول: الاختلاط مباح إلا ما تجرد عن الضوابط فيكون حراماً , كلا العبارتين تؤديان معنى واحداً, والخلاف بينهما في دلالة كل واحدة منهما على ما هو الأصل في نظره أهو الاختلاط أم الإباحة؟ ولا يخفى على أهل الاختصاص أن الخلاف فيما هو الأصل من الحكمين لا يؤثر في الحكم العملي كثيرا, فالأصوليون من قديم اختلفوا في الأصل العام هل هو البراءة أم التكليف؟ ولم يؤثر ذلك في الأحكام العملية .
إلا أن الحكمة تقتضي أن يخاطب الناس اليوم وفق العبارة الأولى لأنها العبارة الأبعد عن الاستغلال الإعلامي والترويج لما لا تحمد عقباه.
الأمر الآخر الذي أحب التنبيه إليه في مقالة الشيخ عبداللطيف هو استدلاله بعمل أهل الرياض في أوائل التسعينيات, وإنني مع ذهابي إلى أن ما كان يبيحه العلماء آنذاك لم يكن الاختلاط المقصود لذاته والذي هو محل تحريم أهل العلم في بلادنا اليوم، أقول مع ذهابي إلى ذلك, فإن منهج الاستدلال بعمل أهل الرياض منهج بدعي, وقد أنكر العلماء قديماً استدلال بعض الأئمة من أهل الأندلس بعمل أهل قرطبة وعدوه بدعة, وهذا الذي صنعه فضيلة الشيخ هو نحو ما صنعه أولئك العلماء من أهل الأندلس, فليس عمل أهل مدينة من المدن أياً كان صلاح أهلها ووفرة العلماء فيهم بحجة على المسلمين, وكيف يكون ذلك وقد شنع الليث بن سعد، رحمه الله، على الإمام مالك أخذه بعمل أهل المدينة في عصر كان كل أهل المدينة فيه من التابعين وتابعيهم من أبناء المهاجرين والأنصار, فكيف ينزلق فضيلته هذا المنزلق ويجعل عمل أهل الرياض حجة في فهم الشرع والانقياد له لمجرد وجود عدد من العلماء فيهم.
وختاماً فإنني أعتقد من خلال قراءتي لما سطره الشيخ أنه لا يختلف كثيراً عما جاء في فتاوى العلماء وبحوث طلبة العلم إلا في أسلوب الصياغة, فالشيخ لا يبيح دراسة الرجال والنساء في صفوف واحدة, كما لا يبيح عمل المرأة في مصاف الرجال دون ضرورة, وما ذكره من التفريق بين الخلوة والاختلاط لم يكن في حاجة إليه، إذ إن كل من حرم الاختلاط لم تخف عليه الخلوة, فإقحامها في مجال الإفهام لا تعليل له, والله من وراء القصد