غاده
05-25-2010, 10:49 PM
وجّه سفينتك بنفسك
(إن الظروف لا تصنع الإنسان، إنما تكشفه لنفسه).
إبيكتيتوس
(ما يصنع أعدائي بي؟! أنا جنتي وبستاني في صدري أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة).
إنها كلمات خرجت من خبير في فن الإيجابية، وأستاذ في فن تحمل المسؤولية، إنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، الذي تعلم أنه المخلوق الوحيد المسؤول عن حياته، وعلم أن المؤثرات الخارجة عن سيطرة الإنسان، ما هي إلا شماعة يعلق عليها الفاشلون إخفاقاتهم، فصارت كلماته نبراسًا يُضيء الطريق، ومنارة تهدي السبيل.
ذلك لأن تحمل المسؤولية هو جوهر روح المبادرة أو الإيجابية، فكما يقول ستيفن كوفي: (إنها أي روح المبادرة تعني أننا بصفتنا من بني البشر فإننا مسؤولون عن حياتنا)، بل إن تحمل المسؤولية من أدلة عظمة أي فرد، وهذا ما يصوغه لنا الدكتور عبد الكريم بكار بقوله: (من الأدلة على عظمة شخص ما: تحمله لمسئولية الأعمال التي قام بها).
خذ سيف حياتك بحقه:
وقف النبي صلى الله عليه وسلم قبل غزوة أحد بين جموع الصحابة رضي الله عنهم، فأشهر سيفًا، فقال: (من يأخذ مني هذا؟) فبسطوا أيديهم، كل إنسانٍ منهم يقول: أنا أنا، قال: (فمن يأخذه بحقه؟)، قال أنس بن مالك [راوية الحديث: فأحجم القوم، قال أبو دجانة سماك: (أنا آخذه بحقه)، فلما أخذه أخرج عصابة حمراء من جيبه، فلما أخرج عصابته الحمراء سكت الأنصار وقالوا: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، قال أنس: فأخذه ففلق هام المشركين.
وهكذا عزيزي القارئ -يا حفيد أبي دجانة- يكون حال الناجحين، يتولون دفة حياتهم بأنفسهم، فيقولون للمسئوليات الملقاة على عاتقهم: (ها أنا ذا).
تجنب لوم الآخرين:
أول خطوة تخطوها لكي تتحمل مسئولية حياتك، هو أن تتجنب لوم الآخرين، أو أن تعتبر نفسك ضحية لظروفٍ وملابساتٍ عدة، عليك أن تتحمل مسئولية حياتك كاملة، وتتقبل هذه الحقيقة: أنك المسئول وحدك عما وصلت إليه.
وهذا بالتحديد ما وصف به الدكتور عبدالكريم بكار المخفقين في حياتهم؛ فقال عنهم: (معظم المخفقين في حياتهم يحملون في أنفسهم مشاعر اللوم والعتاب على غيرهم؛ لاعتقادهم أنهم لا يتلقوا الدعم الذي يستحقونه، ومع أن نظرتهم قد تكون صحيحة، إلا أن أنفسهم هي أحق طَرَف يمكن توجيه اللوم إليه).
لغة جديدة:
إذا قررت أن تتحمل مسئولية حياتك، وتبادر إلى اختيار استجابتك؛ سيظهر ذلك في لغتك وفي كلامك، وستبدأ تشعر بالتغير، ولا تقتصر الفرق على اللغة، بل إن اللغة علامة من علامات فارقة كثيرة، فكما يقول ستيفن كوفي: (الفرق بين الأشخاص الذين ينتهجون أسلوب المبادرة وأولئك الذين لا يسلكون نفس المسلك هو بالضبط كالفرق بين الليل والنهار).
ومن أكثر السبل التي تعينك -عزيزي القارئ- في سبيل تحملك لمسؤولية حياتك، أن تصب جل تركيزك على دائرة تأثيرك، وليس على دائرة همومك.
ونعني بدائرة التأثير أنها تلك الدائرة التي تحوي الأمور التي باستطاعتك عمل شيء تجاهها، مثل تحديد أهدافك، وضع رسالة حياتك، تربية أبنائك، السعي للنجاح في العمل، وغيرها.
بينما دائرة الهموم تعني تلك الدائرة التي تحوي تلك الأمور التي تهم كل واحد منا، ولكن تأثيرنا عليها شبه معدوم.
ولكي يصل إلى الإنسان إلى أن يقود سفينته بنفسه، فإنه (من المهم أن نُركز اهتمامنا على الأمور التي تقع في دائرة التأثير الشخصي لنا؛ حيث إن الأشياء التي تُهِمُّ الواحد منا كثيرة جدًا، ولهذا فالمطلوب أن تُعطيها جزءًا يسيرًا من وقتك، وأن تترك ما لديك من طاقة للاشتغال بالقضايا التي تستطيع فعلًا أن تُؤثر فيها، وتنجز شيئًا من خلالها).
أفضل وسيلة:
إن أفضل وسيلة ترفع من درجة تحملنا لمسئولية حياتنا، وتجعلنا نستشعر أننا دائمًا قادرون على اختيار ما يتوافق مع قيمنا ومبادئنا، مهما كانت الأحداث حولنا؛ هو أن نقطع على أنفسنا وعودًا ونفي بها، أو أن نضع هدفًا، ونعمل من أجل تحقيقه.
قبل الرحيل.. احذر:
وقبل أن تترك تلك المحطة، احذر عزيزي القارئ؛ فقد يتسرب فهم خاطئ إلى الذهن، حيث يتوهم البعض أن الأخذ بزمام المبادرة دعوة إلى الاندفاع، وهذا مخالف للحقيقة شكلًا وموضوعًا؛ وذلك لأن (الأخذ بزمام المبادرة لا يعني أن تكون مندفعًا، أو بغيضًا، أو عدوانيًّا، إنه يعني إدراك مسؤوليتنا في صنع الأحداث).
ماذا بعد الكلام؟
1. انصت على مدار يومٍ كاملٍ إلى لغتك ولغة الآخرين، وتعوَّد أن تتكلم بلغتك الجديدة، لغة المسؤول المبادر.
2. ابحث عن شيءٍ إيجابيٍّ بسيطٍ لا تفعله، وقرِّر أن تلتزم بعمله، وتحافظ عليه لمدة شهر.
3. اكتب بعض التصرفات التي إن فعلتها؛ فإنها تعطيك التحذير بأن تحملك لمسئولية نفسك يتناقص، مثل: الذهاب للنوم بعد منتصف الليل، الاستيقاظ متأخرًا، عدم إدخار شيءٍ من إيرادات الشهر، واجعل هذه القائمة كإشارات التحذير الحمراء بالنسبة لك.
م / ن
(إن الظروف لا تصنع الإنسان، إنما تكشفه لنفسه).
إبيكتيتوس
(ما يصنع أعدائي بي؟! أنا جنتي وبستاني في صدري أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة).
إنها كلمات خرجت من خبير في فن الإيجابية، وأستاذ في فن تحمل المسؤولية، إنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، الذي تعلم أنه المخلوق الوحيد المسؤول عن حياته، وعلم أن المؤثرات الخارجة عن سيطرة الإنسان، ما هي إلا شماعة يعلق عليها الفاشلون إخفاقاتهم، فصارت كلماته نبراسًا يُضيء الطريق، ومنارة تهدي السبيل.
ذلك لأن تحمل المسؤولية هو جوهر روح المبادرة أو الإيجابية، فكما يقول ستيفن كوفي: (إنها أي روح المبادرة تعني أننا بصفتنا من بني البشر فإننا مسؤولون عن حياتنا)، بل إن تحمل المسؤولية من أدلة عظمة أي فرد، وهذا ما يصوغه لنا الدكتور عبد الكريم بكار بقوله: (من الأدلة على عظمة شخص ما: تحمله لمسئولية الأعمال التي قام بها).
خذ سيف حياتك بحقه:
وقف النبي صلى الله عليه وسلم قبل غزوة أحد بين جموع الصحابة رضي الله عنهم، فأشهر سيفًا، فقال: (من يأخذ مني هذا؟) فبسطوا أيديهم، كل إنسانٍ منهم يقول: أنا أنا، قال: (فمن يأخذه بحقه؟)، قال أنس بن مالك [راوية الحديث: فأحجم القوم، قال أبو دجانة سماك: (أنا آخذه بحقه)، فلما أخذه أخرج عصابة حمراء من جيبه، فلما أخرج عصابته الحمراء سكت الأنصار وقالوا: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، قال أنس: فأخذه ففلق هام المشركين.
وهكذا عزيزي القارئ -يا حفيد أبي دجانة- يكون حال الناجحين، يتولون دفة حياتهم بأنفسهم، فيقولون للمسئوليات الملقاة على عاتقهم: (ها أنا ذا).
تجنب لوم الآخرين:
أول خطوة تخطوها لكي تتحمل مسئولية حياتك، هو أن تتجنب لوم الآخرين، أو أن تعتبر نفسك ضحية لظروفٍ وملابساتٍ عدة، عليك أن تتحمل مسئولية حياتك كاملة، وتتقبل هذه الحقيقة: أنك المسئول وحدك عما وصلت إليه.
وهذا بالتحديد ما وصف به الدكتور عبدالكريم بكار المخفقين في حياتهم؛ فقال عنهم: (معظم المخفقين في حياتهم يحملون في أنفسهم مشاعر اللوم والعتاب على غيرهم؛ لاعتقادهم أنهم لا يتلقوا الدعم الذي يستحقونه، ومع أن نظرتهم قد تكون صحيحة، إلا أن أنفسهم هي أحق طَرَف يمكن توجيه اللوم إليه).
لغة جديدة:
إذا قررت أن تتحمل مسئولية حياتك، وتبادر إلى اختيار استجابتك؛ سيظهر ذلك في لغتك وفي كلامك، وستبدأ تشعر بالتغير، ولا تقتصر الفرق على اللغة، بل إن اللغة علامة من علامات فارقة كثيرة، فكما يقول ستيفن كوفي: (الفرق بين الأشخاص الذين ينتهجون أسلوب المبادرة وأولئك الذين لا يسلكون نفس المسلك هو بالضبط كالفرق بين الليل والنهار).
ومن أكثر السبل التي تعينك -عزيزي القارئ- في سبيل تحملك لمسؤولية حياتك، أن تصب جل تركيزك على دائرة تأثيرك، وليس على دائرة همومك.
ونعني بدائرة التأثير أنها تلك الدائرة التي تحوي الأمور التي باستطاعتك عمل شيء تجاهها، مثل تحديد أهدافك، وضع رسالة حياتك، تربية أبنائك، السعي للنجاح في العمل، وغيرها.
بينما دائرة الهموم تعني تلك الدائرة التي تحوي تلك الأمور التي تهم كل واحد منا، ولكن تأثيرنا عليها شبه معدوم.
ولكي يصل إلى الإنسان إلى أن يقود سفينته بنفسه، فإنه (من المهم أن نُركز اهتمامنا على الأمور التي تقع في دائرة التأثير الشخصي لنا؛ حيث إن الأشياء التي تُهِمُّ الواحد منا كثيرة جدًا، ولهذا فالمطلوب أن تُعطيها جزءًا يسيرًا من وقتك، وأن تترك ما لديك من طاقة للاشتغال بالقضايا التي تستطيع فعلًا أن تُؤثر فيها، وتنجز شيئًا من خلالها).
أفضل وسيلة:
إن أفضل وسيلة ترفع من درجة تحملنا لمسئولية حياتنا، وتجعلنا نستشعر أننا دائمًا قادرون على اختيار ما يتوافق مع قيمنا ومبادئنا، مهما كانت الأحداث حولنا؛ هو أن نقطع على أنفسنا وعودًا ونفي بها، أو أن نضع هدفًا، ونعمل من أجل تحقيقه.
قبل الرحيل.. احذر:
وقبل أن تترك تلك المحطة، احذر عزيزي القارئ؛ فقد يتسرب فهم خاطئ إلى الذهن، حيث يتوهم البعض أن الأخذ بزمام المبادرة دعوة إلى الاندفاع، وهذا مخالف للحقيقة شكلًا وموضوعًا؛ وذلك لأن (الأخذ بزمام المبادرة لا يعني أن تكون مندفعًا، أو بغيضًا، أو عدوانيًّا، إنه يعني إدراك مسؤوليتنا في صنع الأحداث).
ماذا بعد الكلام؟
1. انصت على مدار يومٍ كاملٍ إلى لغتك ولغة الآخرين، وتعوَّد أن تتكلم بلغتك الجديدة، لغة المسؤول المبادر.
2. ابحث عن شيءٍ إيجابيٍّ بسيطٍ لا تفعله، وقرِّر أن تلتزم بعمله، وتحافظ عليه لمدة شهر.
3. اكتب بعض التصرفات التي إن فعلتها؛ فإنها تعطيك التحذير بأن تحملك لمسئولية نفسك يتناقص، مثل: الذهاب للنوم بعد منتصف الليل، الاستيقاظ متأخرًا، عدم إدخار شيءٍ من إيرادات الشهر، واجعل هذه القائمة كإشارات التحذير الحمراء بالنسبة لك.
م / ن