اشراقة الدعوة
07-01-2010, 12:15 PM
نحو المعالي
صور من علو همة السلف وصدق عزائمهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
ففي طريقنا نحو المعالي لابد لنا من زادٍ يعيننا على اجتياز هذا الطريق والوصول إلى المطلوب ..
وزادنا في هذا الطريق هو صدق العزيمة ، وعلو الهمة ، والإقبال على الله عزَّ وجلَّ بكل محبة وشوق وإخلاص .
ولقد حاز السلف من تلك المعاني كل فضيلة ، فدفعتهم عزائمهم إلى الترقي في ساحات العبودية، والتخلي عن الكسل والفتور ودناءة الهمة، فأقبلوا على الله عزَّ وجلَّ بقلوب خاشعة، وتنقلوا بين منازل العبودية يضربون كلَّ واحدة منها بسهمٍ، فهم يعلمون أنهم في ميدان سباق، وأن حياتهم هي زمن هذا السباق، فإن أضاعوا أعمارهم خسروا، وإن اغتنموها فازوا وربحوا.
واقعنا الأليم
إذا كانت الصورة السابقة تدل على اجتهاد السلف وصدق عزائمهم وعلو هممهم ، فإن الصورة الحالية تدل على تخلفنا عن مقام السابقين في ميادين العبادة والطاعة والإقبال على الله تعالى .
إننا – لا شكَّ – نريد الخير ، نريد الفلاح ، نريد الفوز بالجنة والنجاة من النار ، ولكن هل تدرك المعالي بمجرد الإرادة والتمني ؟
أين الأعمال الصالحة ؟
أين البذل والعطاء للإسلام ؟
أين الاجتهاد والتشمير وصدق التوجه ؟
أين تغليب مصالح الجماعة والأمة الكلية على مصالح النفس الجزئية ؟
قال تعالى : ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾[الاسراء:19] .
فإدراك المعالي لا يتوقف فقط على الإرادة والتمني وإنما: ﴿وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾فالإيمان والعمل الصالح قرينان لا يفترقان ، أما الأماني المجردة فإنها رؤوس أموال المفاليس .
ضعف العزيمة
ولك أخي الحبيب أن تتساءل : لماذا لا يكتفي المرء بالمتمني فيما يتعلق بأمور الدنيا ؛ بل يسعى لذلك ويجتهد ، ويعلم أنه إن لم يفعل ذلك فلن يدرك شيئاً مما أمَّل ؟ أما إذا تمنى رضا الله ورحمته وعفوه ومغفرته وفوزه بالجنة ونجاته من النار ، فإنه لا يعمل لذلك ؛ بل يكتفي بمجرد الأماني ؟ فترى أمانيه في وادٍ ، وأعماله في وادٍ آخر ! .
ما السر في اجتهاد الناس للدنيا وترك اجتهادهم للآخرة ؟
إن كثيراً من الناس – على ما فيهم من خير – يفتقدون العزيمة الصادقة التي تؤهلهم إلى إدراك ما يتمنونه من مشاريع الخير ، فهناك موانع كثيرة تحول بينهم وبين إكمال تلك المهمات منها البخل ، والجبن ، والخوف ، والتسويف ، وطول الأمل ، وسوء الظن ، وغير ذلك من الأسباب التي تجعل مشاريع الخير مجرد أحلام تراود أصحابها طالما استمروا على تلك الحال من الفتور وضعف العزيمة .
دور الشيطان
ويلعب الشيطان دوراً ماكراً في تثبيط المؤمنين عن كل فضيلة ، فإذا كان باباً من أبواب الإنفاق ذكره الفقر وكثرة العيال ونفاذ الأموال وكثرة المطالب ، ولا يزال وراءه حتى يقبض يده عن الإنفاق .
وإذا كان باباً من أبواب الجهاد ذكره الدنيا وزينتها وحال الأبناء من بعده ، واحتمال فتنته أمام بريق السيوف ، ولا يزال وراءه حتى ينكص على عقبيه ، ويتراجع عن نصرة الدين.
وإذا كان باباً من أبواب العبادة زيّن في عينيه الكسل وحب الراحة وإيثار الدعة من مكابدة الطاعات، فعن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقُدْ ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقده كلُّها، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) [ متفق عليه ].
فعلى الحازم أن يأخذ نفسه بالجدِّ ، وأن يستمر في مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه ، وأن يعتصم بالله تعالى ويسأله العون والتوفيق إلى بلوغ المعالي .
مع السلف
ومما تميَّز به السلف رضوان الله عليهم قوة الإيمان وصدق اليقين وخلوص البواطن من الشك والريبة ، فأثمر ذلك أعمالاً خالدة وانتصارات مجيدة لا زال عبيرها يبهجنا بين فينة وأخرى .
قال ابن الجوزي رحمه الله : (( واعلم أن فضائل الصحابة على جميع فضائل الأنبياء ظاهرة ، وكان لسبقهم سببان :
أحدهما : خلوص البواطن من الشكّ بقوة اليقين .
والثاني : بذل النفوس للمجاهدة والاجتهاد . [ التبصرة ] .
* فهذا عمير بن الحمام رضي الله عنه يسمع النبي صلى الله عليه وسلم في بدر وهو يقول: (( قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض )) . فقال : يا رسول الله ! جنة عرضها السموات والأرض ؟
قال : « نعم ».
قال : بخٍ بخٍ . وهي كلمة لاستعظام الأمر وتفخيمه .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ ؟ )) .
قال : لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها .
قال : (( فإنك من أهلها )) .
فأخرج عمير تمرات من قرنه ، فجعل يأكل منهن ، ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه ، إنها لحياة طويلة !! فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل الكفار حتى قتل رضي الله عنه . [ رواه مسلم ] .
* وهذا رجل رثّ الهيئة يسمع أبا موسي الأشعري رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف )) فقام إلى موسى فقال له : يا أبا موسى! أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا ؟ قال : نعم . فرجع إلى أصحابه فقال : أقرأ عليكم السلام ، ثم كسر جفن سيفه ، فألقاه ، ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قُتل . [ رواه مسلم ] .
* وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يحكي عن عمه أنس بن النضر فيقول : غاب عمي أنس بن نضر رضي الله عنه عن قتال بدرٍ ، فقال : يا رسول الله ! غبتُ عن أول قتالٍ قاتلت المشركين ، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرينَّ الله ما أصنع ، فلما كان يوم أُحُد انكشف المسلمون فقال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء – يعني أصحابه– وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء –يعني المشركين– ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذٍ فقال: يا سعد بن معاذ ! الجنة وربّ النضر، إني أجد ريحها من دون أُحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول الله –والله– ما صنع!
قال أنس : فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربةً بالسيف ، أو طعنة برمح ، أو رميةً بسهم ، ووجدناه قد قُتل ومثّل به المشركون ، فما عرفه أحدٌ إلا أخته ببنانه ([1]) . فكنا نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه : ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾[الأحزاب:23] .
وفي قوله : ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ دلالة على صدق عزائم القوم ، كم بين اليقظة والنوم !! نسأل الله ألا يمقتنا .
عود على بدء
لنا أن نتعرف الآن على حقيقة العزيمة الصادقة التي تدفع إلى كل عمل نبيل ، فإذا انتبه العبد من رقدة الغافلين وقصد الله والدار الآخرة احتاج بعد ذلك إلى صدق العزيمة .
قال ابن القيم رحمه الله : ((فإذا استحكم قصده صار عزماً جازماً ، مستلزماً للشروع في السفر، مقروناً بالتوكل على الله، قال تعالى:﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾[آل عمران: من الآية159]
والعزم : هو القصد الجازم المتصل بالفعل ، ولذلك قيل إنه أول الشروع في الحركة لطلب المقصود ، والتحقيق : أن المشروع في الحركة ناشئ عن العزم ، لا أنه هو نفسه ، ولكن لما اتصل به من غير فصلٍ ظنّ أنه هو . [ مدارج السالكين ] .
وقال الإمام ابن رجب : (( والعزيمة على الرشد مبدأ الخير ، فإن الإنسان قد يعلم الرشد وليس عليه عزم ، فإذا عزم على فعله أفلح .
والعزيمة : هي القصد الجازم المتصل بالفعل .
وقيل : استجماع قوى الإرادة على الفعل . ولا قدرة للعبد على ذلك إلا بالله ، فلهذا كان من أهم الأمور : سؤال الله العزيمة على الرشد .
فالعبد يحتاج إلى الاستعانة بالله ، والتوكل عليه في تحصيل العزم ، وفي العمل بمقتضى العزم بعد حصوله، قال تعالى:﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾[آل عمران: من الآية159].
أنواع العزم
والعزم نوعان :
أحدهما : العزم على الدخول في الطريق وهو من البدايات .
والثاني : العزم على الاستمرار على الطاعات بعد الدخول فيها ، وعلى الانتقال من حال كامل إلى حال أكمل منه ، وهو من النهايات .
فالعزم الأول يحصل للعبد به الدخول في كل خير ، والتباعد من كل شر ، إذ به يحصل للكافر الخروج من الكفر والدخول في الإسلام ، وبه يحصل للعاصي الخروج من المعصية والدخول في الطاعة ،ـ فإذا كانت العزيمة صادقة وصمم عليها صاحبها ، وحمل على هوى نفسه وعلى الشيطان حملة صادقة ، ودخل فيما أمر به من الطاعات فقد فاز .
وعون الله للعبد على قدر قوة عزيمته وضعفها ، فمن صمم على إرادة الخير أعانه وثبَّته ، كما قيل :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
من أخبار عمر بن عبدالعزيز
لمّا أفضت الخلافة إلى عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بعد سليمان بن عبدالملك ، فأول ما اشتغل بدفن سليمان ، فلما رجع من دفنه وصفَّتْ له مراكب الخلافة قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، قرِّبوا لي بغلتي ، فركب دابته التي كان يركبها أولاً ، وسار مستصحباً لتلك العزيمة ، فعلم الله صدقه فيها فأعانه .
* فأول ما بدأ به أنه سار بين يديه أهل الموكب ، فنحاهم وقال : إنما أنا رجل من المسلمين ، ثم نزل فقعد ، فقام الناس بين يديه فأقعدهم ، وقال : إنما يقوم الناس لرب العالمين.
* ثم عزم على ردّ المظالم ، فأدركته القائلة ، وكان قد تعب وسهر تلك الليلة لموت سليمان ، فدخل ليقيل ثم يخرج فيرد المظالم وقت صلاة الظهر . فجاء ابنه عبدالملك فقال له : أتنام وما رددت المظالم ؟
فقال : إذا صليت الظهر رددتها .
فقال عبدالملك : ومن لك أن تعيش إلى الظهر ؟ وإن عشت فمن لك أن تبقى لك نيتك؟
فقال وخرج ونادى : الصلاة جامعة . فاجتمع الناس فردّ المظالم .
* وكان يقول : إن لي نفساً تواقة ، ما نالت شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه ! فلما نالت الخلاف ، وليس فوقها – في الدنيا – منزلة ، تاقت إلى الآخرة .
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسامُ
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميتٍ إيلامُ
* ذاكروه مرة شيئاً مما كان فيه قبل الخلافة من النعيم فبكى حتى بكى الدم !
وكان أكثر ما يقتات به حال خلافته العدس والزيت ، فإذا عوتب في ذلك يقول : هذا أهون علينا من معالجة الأغلال غداً في النار !!
* ودخل مرة على بناته وكن قد تعشيْن بعدسٍ فيهِ بصل ، فكرهن أن يشم منهن رائحة ذلك فلما رأينه هربن ، فبكى وقال : يا بناتي أيسرُّكن أن تتعشين الألوان ، ويُذهب بأبيكن إلى النار ؟!
* وكان يقول لأولاده : إن أباكم خُيِّر بين أن تفتقروا ويدخل الجنة ، وبين أن تستغنوا ويدخل النار ، فكان أن تفتقروا ويدخل الجنة أحب إليه .
* وكان يقول لبعض أعوانه : إذا رأيتني مِلْتُ عن الحق ، فضع يدك في تلبابي ، ثم هزني وقل : ماذا تصنع يا عمر ؟!
* لازال ينحل جسمه حتى كانت أضلاعه يعدّها من رآه عدّاً .
* مازالت به المحبة حتى رقته إلى درجة الرضا بمرّ القضاء ، فكان يقول : أصبحت وما لي سرور في غير مواضع القضاء والقدر .
* مات أعوانه على الخير كلهم في أيام متوالية ؛ ابنه عبدالملك ، وأخوه سهل ، ومولاه مزاحم ، فكان يقول بعد موتهم في مناجاته : أنت تعلم أني ما ازددت لك إلا حبّاً ، ولا فيما عندك إلا رغبة([2]) .
نحو المعالي
إخواني ! العزائم في قلوب أربابها كالنار تشتعل ، إنها لتستعمل البدن ولا يحسّ بالتعب ..
* للعزائم رجال ليسوا في ثيابكم ، وطنوا النفس على الموت فحصلت لهم الحياة ، فهم في صفِّ الجهاد أثبت قلباً من القطب في الفلك !
* من لم يقم في طلاب المجد بالجدّ لم ينم في ظلال الشرف .
* كل الصحابة هاجروا سرّاً ، وعمر خرج ظاهراً ، وقال للمشركين : ها أنا أخرج إلى الهجرة ، فمن أرد لقائي فليلقني في بطن هذا الوادي ..
* من عزم عمر على طلاق الهوى أخذ أهله من رؤية الدنيا ، فكان بيته وهو أمير المؤمنين كبيت فقير من المسلمين .
تجمعت في فؤاده همم *** ملأ فؤاد الزمان إحداها
* كان رضي الله عنه يقول : لئن عشت لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحدٍ بعدي !!
لما وُلي عمر بن عبدالعزيز سُمع البكاء في داره ، فقيل : ما لهم ؟ قيل : إنه خيَّر النساء والجواري فقال : من شاءت فلتقم ، ومن شاءت فلتذهب ، فإنه قد جاء أمرٌ شغلني عنكن .
واعجباً ! أين العزائم ؟ إن العجز لشريك الحرمان ، وإيثار الراحة يورث التعب .
والهونُ في ظلِّ الهوينا كامنٌ *** وجلالة الإخطارِ في الأخطارِ
* اغسل وجه الجدِّ من غبار الكسل ، وأنفق كيس الصبر في طريق الفضائل .
* إن كانت لك عزيمة فليس في لغة أولي العزم (( ربما وعسى )) ([3]) .
إخواني !
الخير كلّه منوط بالعزيمة الصادقة على الرشد، وهي الحملة الأولى التي تهزم جيوش الباطل، وتوجب الغلبة لجنود الحق .
زجر الحق فؤادي فارعوى
وأفاق القلب مني وصحا
هزم العزم جيوشاً للهوى
سادتي لا تعجبوا إن صلحا
* قال أبو حازم : إذا عزم العبد على ترك الآثار أتته الفتوح .
* وسئل بعض السلف : متى ترتحل الدنيا من القلب ؟ قال : إذا وقعت العزيمة ترحلت الدنيا من القلب .
* من صدق العزيمة يئس منه الشيطان، ومتى كان العبد متردداً طمع فيه الشيطان وسوّفه ومنّاه
* يا من شاب ولا تاب ، ولا عزم على الرشد ولا أناب ، لقد أفرحت الشيطان وأسخطت الرحمن . [ رسالتان لابن رجب ] .
فيا إخوتاه ! العزيمة العزيمةَ ، فإن الجنة طيبة التربة ، وإنها نور يتلألأ ، وريحانة تهتز ، وحسناء تتشوق ، فأين المهر أيها الخاطبون ؟! .
وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
([1]) أي بأطراف أصابعه رضي الله عنه .
([2]) انظر فيما سبق : رسالتان للحافظ ابن رجب : شرح حديث (( إذا كنز الناس الذهب والفضة )) ص ( 26 – 32 ) .
([3]) كتاب اللطف في الوعظ لابن الجوزي ص (33) .
صور من علو همة السلف وصدق عزائمهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
ففي طريقنا نحو المعالي لابد لنا من زادٍ يعيننا على اجتياز هذا الطريق والوصول إلى المطلوب ..
وزادنا في هذا الطريق هو صدق العزيمة ، وعلو الهمة ، والإقبال على الله عزَّ وجلَّ بكل محبة وشوق وإخلاص .
ولقد حاز السلف من تلك المعاني كل فضيلة ، فدفعتهم عزائمهم إلى الترقي في ساحات العبودية، والتخلي عن الكسل والفتور ودناءة الهمة، فأقبلوا على الله عزَّ وجلَّ بقلوب خاشعة، وتنقلوا بين منازل العبودية يضربون كلَّ واحدة منها بسهمٍ، فهم يعلمون أنهم في ميدان سباق، وأن حياتهم هي زمن هذا السباق، فإن أضاعوا أعمارهم خسروا، وإن اغتنموها فازوا وربحوا.
واقعنا الأليم
إذا كانت الصورة السابقة تدل على اجتهاد السلف وصدق عزائمهم وعلو هممهم ، فإن الصورة الحالية تدل على تخلفنا عن مقام السابقين في ميادين العبادة والطاعة والإقبال على الله تعالى .
إننا – لا شكَّ – نريد الخير ، نريد الفلاح ، نريد الفوز بالجنة والنجاة من النار ، ولكن هل تدرك المعالي بمجرد الإرادة والتمني ؟
أين الأعمال الصالحة ؟
أين البذل والعطاء للإسلام ؟
أين الاجتهاد والتشمير وصدق التوجه ؟
أين تغليب مصالح الجماعة والأمة الكلية على مصالح النفس الجزئية ؟
قال تعالى : ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾[الاسراء:19] .
فإدراك المعالي لا يتوقف فقط على الإرادة والتمني وإنما: ﴿وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾فالإيمان والعمل الصالح قرينان لا يفترقان ، أما الأماني المجردة فإنها رؤوس أموال المفاليس .
ضعف العزيمة
ولك أخي الحبيب أن تتساءل : لماذا لا يكتفي المرء بالمتمني فيما يتعلق بأمور الدنيا ؛ بل يسعى لذلك ويجتهد ، ويعلم أنه إن لم يفعل ذلك فلن يدرك شيئاً مما أمَّل ؟ أما إذا تمنى رضا الله ورحمته وعفوه ومغفرته وفوزه بالجنة ونجاته من النار ، فإنه لا يعمل لذلك ؛ بل يكتفي بمجرد الأماني ؟ فترى أمانيه في وادٍ ، وأعماله في وادٍ آخر ! .
ما السر في اجتهاد الناس للدنيا وترك اجتهادهم للآخرة ؟
إن كثيراً من الناس – على ما فيهم من خير – يفتقدون العزيمة الصادقة التي تؤهلهم إلى إدراك ما يتمنونه من مشاريع الخير ، فهناك موانع كثيرة تحول بينهم وبين إكمال تلك المهمات منها البخل ، والجبن ، والخوف ، والتسويف ، وطول الأمل ، وسوء الظن ، وغير ذلك من الأسباب التي تجعل مشاريع الخير مجرد أحلام تراود أصحابها طالما استمروا على تلك الحال من الفتور وضعف العزيمة .
دور الشيطان
ويلعب الشيطان دوراً ماكراً في تثبيط المؤمنين عن كل فضيلة ، فإذا كان باباً من أبواب الإنفاق ذكره الفقر وكثرة العيال ونفاذ الأموال وكثرة المطالب ، ولا يزال وراءه حتى يقبض يده عن الإنفاق .
وإذا كان باباً من أبواب الجهاد ذكره الدنيا وزينتها وحال الأبناء من بعده ، واحتمال فتنته أمام بريق السيوف ، ولا يزال وراءه حتى ينكص على عقبيه ، ويتراجع عن نصرة الدين.
وإذا كان باباً من أبواب العبادة زيّن في عينيه الكسل وحب الراحة وإيثار الدعة من مكابدة الطاعات، فعن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقُدْ ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقده كلُّها، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) [ متفق عليه ].
فعلى الحازم أن يأخذ نفسه بالجدِّ ، وأن يستمر في مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه ، وأن يعتصم بالله تعالى ويسأله العون والتوفيق إلى بلوغ المعالي .
مع السلف
ومما تميَّز به السلف رضوان الله عليهم قوة الإيمان وصدق اليقين وخلوص البواطن من الشك والريبة ، فأثمر ذلك أعمالاً خالدة وانتصارات مجيدة لا زال عبيرها يبهجنا بين فينة وأخرى .
قال ابن الجوزي رحمه الله : (( واعلم أن فضائل الصحابة على جميع فضائل الأنبياء ظاهرة ، وكان لسبقهم سببان :
أحدهما : خلوص البواطن من الشكّ بقوة اليقين .
والثاني : بذل النفوس للمجاهدة والاجتهاد . [ التبصرة ] .
* فهذا عمير بن الحمام رضي الله عنه يسمع النبي صلى الله عليه وسلم في بدر وهو يقول: (( قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض )) . فقال : يا رسول الله ! جنة عرضها السموات والأرض ؟
قال : « نعم ».
قال : بخٍ بخٍ . وهي كلمة لاستعظام الأمر وتفخيمه .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ ؟ )) .
قال : لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها .
قال : (( فإنك من أهلها )) .
فأخرج عمير تمرات من قرنه ، فجعل يأكل منهن ، ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه ، إنها لحياة طويلة !! فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل الكفار حتى قتل رضي الله عنه . [ رواه مسلم ] .
* وهذا رجل رثّ الهيئة يسمع أبا موسي الأشعري رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف )) فقام إلى موسى فقال له : يا أبا موسى! أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا ؟ قال : نعم . فرجع إلى أصحابه فقال : أقرأ عليكم السلام ، ثم كسر جفن سيفه ، فألقاه ، ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قُتل . [ رواه مسلم ] .
* وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يحكي عن عمه أنس بن النضر فيقول : غاب عمي أنس بن نضر رضي الله عنه عن قتال بدرٍ ، فقال : يا رسول الله ! غبتُ عن أول قتالٍ قاتلت المشركين ، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرينَّ الله ما أصنع ، فلما كان يوم أُحُد انكشف المسلمون فقال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء – يعني أصحابه– وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء –يعني المشركين– ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذٍ فقال: يا سعد بن معاذ ! الجنة وربّ النضر، إني أجد ريحها من دون أُحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول الله –والله– ما صنع!
قال أنس : فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربةً بالسيف ، أو طعنة برمح ، أو رميةً بسهم ، ووجدناه قد قُتل ومثّل به المشركون ، فما عرفه أحدٌ إلا أخته ببنانه ([1]) . فكنا نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه : ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾[الأحزاب:23] .
وفي قوله : ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ دلالة على صدق عزائم القوم ، كم بين اليقظة والنوم !! نسأل الله ألا يمقتنا .
عود على بدء
لنا أن نتعرف الآن على حقيقة العزيمة الصادقة التي تدفع إلى كل عمل نبيل ، فإذا انتبه العبد من رقدة الغافلين وقصد الله والدار الآخرة احتاج بعد ذلك إلى صدق العزيمة .
قال ابن القيم رحمه الله : ((فإذا استحكم قصده صار عزماً جازماً ، مستلزماً للشروع في السفر، مقروناً بالتوكل على الله، قال تعالى:﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾[آل عمران: من الآية159]
والعزم : هو القصد الجازم المتصل بالفعل ، ولذلك قيل إنه أول الشروع في الحركة لطلب المقصود ، والتحقيق : أن المشروع في الحركة ناشئ عن العزم ، لا أنه هو نفسه ، ولكن لما اتصل به من غير فصلٍ ظنّ أنه هو . [ مدارج السالكين ] .
وقال الإمام ابن رجب : (( والعزيمة على الرشد مبدأ الخير ، فإن الإنسان قد يعلم الرشد وليس عليه عزم ، فإذا عزم على فعله أفلح .
والعزيمة : هي القصد الجازم المتصل بالفعل .
وقيل : استجماع قوى الإرادة على الفعل . ولا قدرة للعبد على ذلك إلا بالله ، فلهذا كان من أهم الأمور : سؤال الله العزيمة على الرشد .
فالعبد يحتاج إلى الاستعانة بالله ، والتوكل عليه في تحصيل العزم ، وفي العمل بمقتضى العزم بعد حصوله، قال تعالى:﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾[آل عمران: من الآية159].
أنواع العزم
والعزم نوعان :
أحدهما : العزم على الدخول في الطريق وهو من البدايات .
والثاني : العزم على الاستمرار على الطاعات بعد الدخول فيها ، وعلى الانتقال من حال كامل إلى حال أكمل منه ، وهو من النهايات .
فالعزم الأول يحصل للعبد به الدخول في كل خير ، والتباعد من كل شر ، إذ به يحصل للكافر الخروج من الكفر والدخول في الإسلام ، وبه يحصل للعاصي الخروج من المعصية والدخول في الطاعة ،ـ فإذا كانت العزيمة صادقة وصمم عليها صاحبها ، وحمل على هوى نفسه وعلى الشيطان حملة صادقة ، ودخل فيما أمر به من الطاعات فقد فاز .
وعون الله للعبد على قدر قوة عزيمته وضعفها ، فمن صمم على إرادة الخير أعانه وثبَّته ، كما قيل :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
من أخبار عمر بن عبدالعزيز
لمّا أفضت الخلافة إلى عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بعد سليمان بن عبدالملك ، فأول ما اشتغل بدفن سليمان ، فلما رجع من دفنه وصفَّتْ له مراكب الخلافة قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، قرِّبوا لي بغلتي ، فركب دابته التي كان يركبها أولاً ، وسار مستصحباً لتلك العزيمة ، فعلم الله صدقه فيها فأعانه .
* فأول ما بدأ به أنه سار بين يديه أهل الموكب ، فنحاهم وقال : إنما أنا رجل من المسلمين ، ثم نزل فقعد ، فقام الناس بين يديه فأقعدهم ، وقال : إنما يقوم الناس لرب العالمين.
* ثم عزم على ردّ المظالم ، فأدركته القائلة ، وكان قد تعب وسهر تلك الليلة لموت سليمان ، فدخل ليقيل ثم يخرج فيرد المظالم وقت صلاة الظهر . فجاء ابنه عبدالملك فقال له : أتنام وما رددت المظالم ؟
فقال : إذا صليت الظهر رددتها .
فقال عبدالملك : ومن لك أن تعيش إلى الظهر ؟ وإن عشت فمن لك أن تبقى لك نيتك؟
فقال وخرج ونادى : الصلاة جامعة . فاجتمع الناس فردّ المظالم .
* وكان يقول : إن لي نفساً تواقة ، ما نالت شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه ! فلما نالت الخلاف ، وليس فوقها – في الدنيا – منزلة ، تاقت إلى الآخرة .
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسامُ
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميتٍ إيلامُ
* ذاكروه مرة شيئاً مما كان فيه قبل الخلافة من النعيم فبكى حتى بكى الدم !
وكان أكثر ما يقتات به حال خلافته العدس والزيت ، فإذا عوتب في ذلك يقول : هذا أهون علينا من معالجة الأغلال غداً في النار !!
* ودخل مرة على بناته وكن قد تعشيْن بعدسٍ فيهِ بصل ، فكرهن أن يشم منهن رائحة ذلك فلما رأينه هربن ، فبكى وقال : يا بناتي أيسرُّكن أن تتعشين الألوان ، ويُذهب بأبيكن إلى النار ؟!
* وكان يقول لأولاده : إن أباكم خُيِّر بين أن تفتقروا ويدخل الجنة ، وبين أن تستغنوا ويدخل النار ، فكان أن تفتقروا ويدخل الجنة أحب إليه .
* وكان يقول لبعض أعوانه : إذا رأيتني مِلْتُ عن الحق ، فضع يدك في تلبابي ، ثم هزني وقل : ماذا تصنع يا عمر ؟!
* لازال ينحل جسمه حتى كانت أضلاعه يعدّها من رآه عدّاً .
* مازالت به المحبة حتى رقته إلى درجة الرضا بمرّ القضاء ، فكان يقول : أصبحت وما لي سرور في غير مواضع القضاء والقدر .
* مات أعوانه على الخير كلهم في أيام متوالية ؛ ابنه عبدالملك ، وأخوه سهل ، ومولاه مزاحم ، فكان يقول بعد موتهم في مناجاته : أنت تعلم أني ما ازددت لك إلا حبّاً ، ولا فيما عندك إلا رغبة([2]) .
نحو المعالي
إخواني ! العزائم في قلوب أربابها كالنار تشتعل ، إنها لتستعمل البدن ولا يحسّ بالتعب ..
* للعزائم رجال ليسوا في ثيابكم ، وطنوا النفس على الموت فحصلت لهم الحياة ، فهم في صفِّ الجهاد أثبت قلباً من القطب في الفلك !
* من لم يقم في طلاب المجد بالجدّ لم ينم في ظلال الشرف .
* كل الصحابة هاجروا سرّاً ، وعمر خرج ظاهراً ، وقال للمشركين : ها أنا أخرج إلى الهجرة ، فمن أرد لقائي فليلقني في بطن هذا الوادي ..
* من عزم عمر على طلاق الهوى أخذ أهله من رؤية الدنيا ، فكان بيته وهو أمير المؤمنين كبيت فقير من المسلمين .
تجمعت في فؤاده همم *** ملأ فؤاد الزمان إحداها
* كان رضي الله عنه يقول : لئن عشت لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحدٍ بعدي !!
لما وُلي عمر بن عبدالعزيز سُمع البكاء في داره ، فقيل : ما لهم ؟ قيل : إنه خيَّر النساء والجواري فقال : من شاءت فلتقم ، ومن شاءت فلتذهب ، فإنه قد جاء أمرٌ شغلني عنكن .
واعجباً ! أين العزائم ؟ إن العجز لشريك الحرمان ، وإيثار الراحة يورث التعب .
والهونُ في ظلِّ الهوينا كامنٌ *** وجلالة الإخطارِ في الأخطارِ
* اغسل وجه الجدِّ من غبار الكسل ، وأنفق كيس الصبر في طريق الفضائل .
* إن كانت لك عزيمة فليس في لغة أولي العزم (( ربما وعسى )) ([3]) .
إخواني !
الخير كلّه منوط بالعزيمة الصادقة على الرشد، وهي الحملة الأولى التي تهزم جيوش الباطل، وتوجب الغلبة لجنود الحق .
زجر الحق فؤادي فارعوى
وأفاق القلب مني وصحا
هزم العزم جيوشاً للهوى
سادتي لا تعجبوا إن صلحا
* قال أبو حازم : إذا عزم العبد على ترك الآثار أتته الفتوح .
* وسئل بعض السلف : متى ترتحل الدنيا من القلب ؟ قال : إذا وقعت العزيمة ترحلت الدنيا من القلب .
* من صدق العزيمة يئس منه الشيطان، ومتى كان العبد متردداً طمع فيه الشيطان وسوّفه ومنّاه
* يا من شاب ولا تاب ، ولا عزم على الرشد ولا أناب ، لقد أفرحت الشيطان وأسخطت الرحمن . [ رسالتان لابن رجب ] .
فيا إخوتاه ! العزيمة العزيمةَ ، فإن الجنة طيبة التربة ، وإنها نور يتلألأ ، وريحانة تهتز ، وحسناء تتشوق ، فأين المهر أيها الخاطبون ؟! .
وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
([1]) أي بأطراف أصابعه رضي الله عنه .
([2]) انظر فيما سبق : رسالتان للحافظ ابن رجب : شرح حديث (( إذا كنز الناس الذهب والفضة )) ص ( 26 – 32 ) .
([3]) كتاب اللطف في الوعظ لابن الجوزي ص (33) .