الفتى العثماني
08-26-2010, 10:21 AM
بـســمـ الله الرحمن الرحيمـ
يقول ابن القيم في كتابه " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي " :
فصل ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا رجاؤه ثلاثة أمور ..
أحدها محبته ما يرجوه ..
الثاني خوفه من فواته ..
الثالث سعيه في تحصيله بحسب الامكان ..
وأما رجاء لايقارنه شيء من ذلك فهو من باب الاماني والرجاء شيء والاماني شيء آخر فكل راج خائف والسائر على الطريق اذا خاف أسرع السير مخافة الفوات وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة قال .. قال رسول الله من خاف أدلج ومن آدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالبة ألا إن سلعة الله الجنة وهو سبحانه كما جعل الرجاء لاهل الاعمال الصالحة فكذلك جعل الخوف لاهل الاعمال الصالحة فعلم ان الرجاء والخوف النافع هو ما اقترن به العمل قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ وقد روى الترمذي في جامعه عن عائشة رضى الله عنها قالت سألت رسول الله عن هذه الآية فقلت أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرفون فقال " لا يا إبنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون أن لا يتقبل منهم﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾
وقد روى من حديث أبى هريرة أيضا والله سبحانه وصف أهل السعادة بالاحسان مع الخوف ووصف الاشقياء بالاساءة مع الامن ..
ومن تأمل أحوال الصحابة رضى الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن ..
فهذا الصديق يقول وددت اني شعرة في جنب عبد مؤمن .. ذكره أحمد عنه وذكر عنه أيضا انه كان يمسك بلسانه ويقول هذا الذي أوردني الموارد .. وكان يبكى كثيرا ويقول أبكوا فان لم تبكوا فتباكوا .. وكان اذا قام الى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز و جل .. واتي بطائر يقلبه ثم قال ما صيد من صيد ولا قطعت من شجرة الا بما ضيعت من التسبيح .. ولما احتضر قال لعائشة يا بنية اني أصبت من مال المسلمين هذه العبادة وهذه الحلاب وهذا العبد فاسرعى به إلى بن الخطاب وقال والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد .. وقال قتادة بلغني ان أبا بكر قال ليتني خضرة تأكلني الدواب ..
وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور إلى أن بلغ قوله إن عذاب ربك لواقع فبكى وإشتد بكاؤه حتي مرض وعادوه .. وقال لابنه وهو في الموت ويحك ضع خدي على الأرض عاد ! أن يرحمني .. ثم قال ويل أمي إن لم يغفر الله لي ثلاثا .. ثم قضى وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتختفه فيبقى في البيت أياما .. ويعاد ويحسبونه مريضا .. وكان فى وجهه رضى الله عنه خطان أسودان من البكاء .. وقال له ابن عباس مصر الله بك الامصار وفتح بك الفتوح وفعل وفعل فقال وددت اني أنجو لا أجر ولا وزر ..
وهذا عثمان بن عفان كان اذا وقف على القبر يبكى حتى تبل لحيته .. وقال لو اننى بين الجنة والنار لا أدري الى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم الى أيتهما أصير ..
وهذا على بن أبي طالب رضي الله عنه وبكاؤه وخوفه .. وكان يشتد خوفه من أثنتين طول الامل واتباع الهوي قال فاما طول الامل فينسي الآخرة وأما إتباع الهوي فيصد عن الحق .. ألا وإن الدنيا قد ولت مدبرة والآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولاتكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولاحساب وغدا حساب ولا عمل ..
وهذا أبو الدرداء كان يقول إن أشد ما أخاف على نفسى يوم القيامة أن يقال يا أبا الدرداء قد علمت فكيف عملت فيما علمت .. وكان يقول لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت لما أكلتم طعاما على شهوة .. ولا شربتم شرابا على شهوة .. ولادخلتم بيتا تستظلون فيه .. ولخرجتم الى الصعدات تضربون صدوركم وتبكون على أنفسكم ولوددت أني شجرة تعضد ثم تؤكل ..
وهذا عبد الله بن عباس كان أسفل عينيه مثل الشراك البالي من الدموع ..
وكان أبو ذر يقول ياليتني كنت شجرة تعضد وودت أني لم أخلق .. وعرضت عليه النفقة فقال عندنا عنز نحلبها وحمر ننقل عليها ومحرر يخدمنا وفضل عباءة وإني أخاف الحساب فيها .. وقرأ تميم الداري ليلة سورة الجاثية فلما أتي على هذه الآية - أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ - جعل يرددها ويبكى حتي أصبح ..
وقال أبو عبيدة بن الجراح وددت أني كبش فذبحني أهلى وأكلوا لحمي وحسوا مرقى وهذا باب يطول تتبعه ..
قال البخاري في صحيحه باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر ..
وقال ابراهيم التيمي ما عرضت قولي على عملي الاخشيت أن أكون مكذبا ..
وقال بن أبي مليكة ادركت ثلثين من اصحاب النبي كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول انه على ايمان جبريل وميكائيل ..
ويذكر عن الحسن ماخافه الا مؤمن ولا أمنه الا منافق ..
وكان عمر بن الخطاب يقول لحذيفة أنشدك الله هل سمانى لك رسول الله يعني في المنافقين .. فيقول لا .. ولا أزكى بعدك احدا .. فسمعت شيخنا يقول مراده اني لا أبرىء غيرك من النفاق بل المراد انى لا أفتح على هذا الباب فكل من سألني هل سمانى لك رسول الله فأزكيه قلت وقريب من هذا قول النبي للذي سأله ان يدعو له أن يكون من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب سبقك بها عكاشة .. ولم يرد أن عكاشة أن وحده أحق بذلك ممن عداه من الصحابة ولكن لو دعا لقام آخر وآخر وانفتح الباب وربما قام من لم يستحق أن يكون منهم فكان الامساك أولى والله أعلم .
يقول ابن القيم في كتابه " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي " :
فصل ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا رجاؤه ثلاثة أمور ..
أحدها محبته ما يرجوه ..
الثاني خوفه من فواته ..
الثالث سعيه في تحصيله بحسب الامكان ..
وأما رجاء لايقارنه شيء من ذلك فهو من باب الاماني والرجاء شيء والاماني شيء آخر فكل راج خائف والسائر على الطريق اذا خاف أسرع السير مخافة الفوات وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة قال .. قال رسول الله من خاف أدلج ومن آدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالبة ألا إن سلعة الله الجنة وهو سبحانه كما جعل الرجاء لاهل الاعمال الصالحة فكذلك جعل الخوف لاهل الاعمال الصالحة فعلم ان الرجاء والخوف النافع هو ما اقترن به العمل قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ وقد روى الترمذي في جامعه عن عائشة رضى الله عنها قالت سألت رسول الله عن هذه الآية فقلت أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرفون فقال " لا يا إبنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون أن لا يتقبل منهم﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾
وقد روى من حديث أبى هريرة أيضا والله سبحانه وصف أهل السعادة بالاحسان مع الخوف ووصف الاشقياء بالاساءة مع الامن ..
ومن تأمل أحوال الصحابة رضى الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن ..
فهذا الصديق يقول وددت اني شعرة في جنب عبد مؤمن .. ذكره أحمد عنه وذكر عنه أيضا انه كان يمسك بلسانه ويقول هذا الذي أوردني الموارد .. وكان يبكى كثيرا ويقول أبكوا فان لم تبكوا فتباكوا .. وكان اذا قام الى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز و جل .. واتي بطائر يقلبه ثم قال ما صيد من صيد ولا قطعت من شجرة الا بما ضيعت من التسبيح .. ولما احتضر قال لعائشة يا بنية اني أصبت من مال المسلمين هذه العبادة وهذه الحلاب وهذا العبد فاسرعى به إلى بن الخطاب وقال والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد .. وقال قتادة بلغني ان أبا بكر قال ليتني خضرة تأكلني الدواب ..
وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور إلى أن بلغ قوله إن عذاب ربك لواقع فبكى وإشتد بكاؤه حتي مرض وعادوه .. وقال لابنه وهو في الموت ويحك ضع خدي على الأرض عاد ! أن يرحمني .. ثم قال ويل أمي إن لم يغفر الله لي ثلاثا .. ثم قضى وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتختفه فيبقى في البيت أياما .. ويعاد ويحسبونه مريضا .. وكان فى وجهه رضى الله عنه خطان أسودان من البكاء .. وقال له ابن عباس مصر الله بك الامصار وفتح بك الفتوح وفعل وفعل فقال وددت اني أنجو لا أجر ولا وزر ..
وهذا عثمان بن عفان كان اذا وقف على القبر يبكى حتى تبل لحيته .. وقال لو اننى بين الجنة والنار لا أدري الى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم الى أيتهما أصير ..
وهذا على بن أبي طالب رضي الله عنه وبكاؤه وخوفه .. وكان يشتد خوفه من أثنتين طول الامل واتباع الهوي قال فاما طول الامل فينسي الآخرة وأما إتباع الهوي فيصد عن الحق .. ألا وإن الدنيا قد ولت مدبرة والآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولاتكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولاحساب وغدا حساب ولا عمل ..
وهذا أبو الدرداء كان يقول إن أشد ما أخاف على نفسى يوم القيامة أن يقال يا أبا الدرداء قد علمت فكيف عملت فيما علمت .. وكان يقول لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت لما أكلتم طعاما على شهوة .. ولا شربتم شرابا على شهوة .. ولادخلتم بيتا تستظلون فيه .. ولخرجتم الى الصعدات تضربون صدوركم وتبكون على أنفسكم ولوددت أني شجرة تعضد ثم تؤكل ..
وهذا عبد الله بن عباس كان أسفل عينيه مثل الشراك البالي من الدموع ..
وكان أبو ذر يقول ياليتني كنت شجرة تعضد وودت أني لم أخلق .. وعرضت عليه النفقة فقال عندنا عنز نحلبها وحمر ننقل عليها ومحرر يخدمنا وفضل عباءة وإني أخاف الحساب فيها .. وقرأ تميم الداري ليلة سورة الجاثية فلما أتي على هذه الآية - أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ - جعل يرددها ويبكى حتي أصبح ..
وقال أبو عبيدة بن الجراح وددت أني كبش فذبحني أهلى وأكلوا لحمي وحسوا مرقى وهذا باب يطول تتبعه ..
قال البخاري في صحيحه باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر ..
وقال ابراهيم التيمي ما عرضت قولي على عملي الاخشيت أن أكون مكذبا ..
وقال بن أبي مليكة ادركت ثلثين من اصحاب النبي كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول انه على ايمان جبريل وميكائيل ..
ويذكر عن الحسن ماخافه الا مؤمن ولا أمنه الا منافق ..
وكان عمر بن الخطاب يقول لحذيفة أنشدك الله هل سمانى لك رسول الله يعني في المنافقين .. فيقول لا .. ولا أزكى بعدك احدا .. فسمعت شيخنا يقول مراده اني لا أبرىء غيرك من النفاق بل المراد انى لا أفتح على هذا الباب فكل من سألني هل سمانى لك رسول الله فأزكيه قلت وقريب من هذا قول النبي للذي سأله ان يدعو له أن يكون من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب سبقك بها عكاشة .. ولم يرد أن عكاشة أن وحده أحق بذلك ممن عداه من الصحابة ولكن لو دعا لقام آخر وآخر وانفتح الباب وربما قام من لم يستحق أن يكون منهم فكان الامساك أولى والله أعلم .