فارس الاسلام
11-07-2010, 07:35 PM
أيام
10 ذي الحجة
فضائل وأعمال
جمع وإعداد
حمدان بن سعيد البلوى
راجعها فضيلة الشيخ : صالح بن مبارك الراشد
مدير مركز الدعوة والإرشاد بتبوك سابقاً
الحمد لله الذي من على عباده بمواسم الخيرات ليزدادوا في الخيرات وليغفر لهم الزلات ويجزل الهبات ؛ فوفق من شاء لاغتنامها فأطاعه واتقاه ، وخذل من شاء فأضاع أمره وعصاه .
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد
فالله خلقنا لطاعته وعبادته ؛ وأحب لنا العمل الصالح في حياتنا وجعل ذلك عنوان محبة العبد لربه فقال تعالى : }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .{ آل عمران آية ( 31 ) . وأحب إحسان العمل وإتقانه فقال تعالى : }وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة آية ( 222 ) .وقال :}الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{ آل عمران آية ( 134 ) .وكان القيام بالعمل الصالح عنوان تقوى العبد لربه فقال : }بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{البقرة آية ( 195 ) .
وزادت محبة الله للعمل الصالح في مواسم فاضلة شرعها للاستمرار والثبات والزيادة من الطاعة ، من إدراكها حظي بنعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد لا يقدرها حق قدرها إلا الصالحون المشمرون .
فحري بالمسلم الصادق استشعار هذه النعم واغتنام هذه الفرص ؛ فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه فعسى أن تصيبه نفحة من رحمة الله يفوز بها في الدارين .
ومن هذه المواسم العظيمة التي يحب الله فيها زيادة العمل الصالح أكثر من غيرها هي أيام " العشر الأول من ذي شهر الحجة " فقد شرفها الله على غيرها وأحب فيها العمل الصالح ودلت نصوص صريحة من كتاب الله وسنة رسوله r على فضلها على غيرها : ـ
أولاَ / لشرفها أقسم الله بها فقال : }وَالْفَجْرِ % وَلَيَالٍ عَشْرٍ % وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ{سورة الفجر آية ( 1 ـ 2 ) .
والليالي العشر هي : عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف .
والوتر قيل هو : يوم عرفة لكونه التاسع . والشفع هو: يوم النحر لكونه العاشر . وهذان اليومان داخلان في الأيام العشر ؛ ولكن الله خصهما بالقسم اهتماما بشأنهما وأنهما أفضل أيام العشر .
ثانيا / خصها بذكرها في أشهر الحج فقال الله تعالى عنها }وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ % لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ{سورة الحج (26 ـ 27 ) . فالأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة .
ثالثا / جعلها ميقات لكليم الرحمن موسى u كما في قوله تعالى : }وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً{ سورة الأعراف ( 142) . فقد قيل : الليالي الثلاثون شهر ذي القعدة وإتمام عشر الأربعين عشر ذي الحجة .
رابعا / وهذه العشر تتوسط أيام الأشهر الحرم التي عظم الله شأنها ونهى عن ظلم النفس والقتال فيها فقال : }مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُفَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ{ سورة التوبة ( 36) . فجعل فيها الأمان وعدم الاعتداءات تأمينا لضيوف الرحمن وراد البيت العتيق القادمين من كل فج عميق .
خامسا / شرع فيها من الأعمال ما لم يشرع في غيرها من تأدية المشاعر وإنهار الدم قربانا لله تعالى من الهدي والأضاحي ...
فهي أفضل أيام العام ؛ والأعمال الصالحة تضاعف فيها من غير استثناء شيء منها .
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أنرسول الله rقال: ( أفضل أيام الدنيا أيام العشر ) . قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال : ( ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب ) . رواه البزار وابن حبان وصححه الإمام الألباني في صحيحالجامع الصغير رقم 1133 .
ولهذا جاء في حديث جابر tعن النبي r قال : ( أفضل الأيام يوم عرفة ) ورواه ابن حبان في صحيحه .
ويوم عرفة داخل في أيام العشر .
ما جاء في فضلها
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : ( مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ ) . قَالُوا : وَلا الْجِهَادُ ؟ قَالَ : ( وَلا الْجِهَادُ ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ) . رواه البخاري
وللترمذي :( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ ) . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ( وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ) .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيrقال : ( ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) ورواه الإمام أحمد .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r ( ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليهالعمل فيهن من هذه الأيام العشر؟ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) رواهأحمد .
قال ابن حجر رحمه اله في الفتح : والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجةلاجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي : الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلكفي غيره.
فهذه النصوص وغيرها تدل دلالة واضحة على أن هذه العشر أفضل أيام السنة حتى فضلت على العشر الأواخر من رمضان ، كما قرر ذلك الإمام ابن القيم وابن رجب وغيرهما ـ مع وجود الخلاف بين أهل العلم في ذلك ـ فقيل : ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة لاشتمالها على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ونهار عشر ذي الحجة أفضل من نهار العشر الأخير من رمضان .
ومما يدل على فضيلة هذه العشر أن الله U أحب فيها الإكثار من الأعمال الفاضلة المشروعة ؛ فشرع فيها أعمالا لم تشرع في غيرها .
أما الأعمال الصالحة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في هذه العشر المباركة .
1ـ 2 ـ أداء الحج والعمرة .
فهما من أفضل ما يعمل في هذه العشر .
فعن أبي هريرة tأن رسول الله r قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) أخرجه البخاري ومسلم
والحج ركن من أركان الإسلام وهو واجب في العمر مرة على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع له ؛ والواجب على المسلم إذا كان لم يؤد هذه الفريضة أن يبادر إلى الحج لقوله : r ( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ) حديث حسن رواه أحمد وغيره .
3 ـ الصيام
لدخوله في الأعمال الصالحة أولا .
ثم لحديث هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ امْرَأَتِهِ قَالَتْ : حَدَّثَتْنِي بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ r أَنَّ رسول الله r ( كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَتِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ ) رواه الإمام أحمد وأبوداود والنسائي وصححه الألباني فيصحيح أبي داود 2/462 .
وأمَّا حديث عائشة الموفقة رضي الله عنها الذي أخرجه الإمام مسلم : ( ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط ) فمحمُول على أنه في الحج .
قال ابنُ القيّم بعد أن أوردَ هذه المسألةَ: "والمثبِت مقدَّمٌ على النّافي إن صحّ " .
ولهذا قال الإمام النووي شارح صحيح مسلم عن صوم أيام عشر ذي الحجة : أنه مستحب استحبابا شديدا.
فالصوم من الأعمال الصالحة المحبوبة لله سبحانه والمستفاد صومها من عموم الأدلة كما قال الله عنه في الحديث القدسي ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فانه لي وأنا أجزي به ) أخرجه البخاري ومسلم .
وقال رسول الله r ( من صام يوما في سبيل الله باعد الله بين وجهة وبين النار سبعين خريفا ) أخرجه البخاري ومسلم .
أما صيام التاسع منها ـ وهو يوم عرفة ـ فإن رسول الله rقال عن صيامه : ( احتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والسنة القابلة ) أخرجه مسلم .
وهذا اليوم ـ أعني التاسع منها ـ فتتأكد سنة صيامه لغير الحاج الذي قد انشغل بالدعاء والذكر في هذا اليوم العظيم .
4 ـ ذكر الله U بجميع أنواعه من تكبير وتسبيح وتهليل وتحميد ودعاء واستغفار وقراءة القرآن ..... لقوله تعالى :}وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ{الحج 28 .
وقال تعالى : }وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍَ{ سورة البقرة (203 ) . فالأيام المعدودات هي أيام التشريق .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) أخرجه الإمام أحمد .
والإكثار من التكبير والجهر به من الشعائر التي يشابه بها المقيمون بحجاج بيت الله الحرام .
وقد أصبح التكبير في هذا الزمن من السنن المهجورة فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ؛ فحري بالمسلمين أن يحيوا هذه السنة ليفوزوا بأجر العمل وأجر إحياء سنة تكاد تندثر .
وقال النووي رحمه الله : "واعلم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره ، ويُستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر" .
والتكبير نوعان : مطلق ، ومقيد . فالتكبير المطلق يكون في جميع أوقات العشر ابتداء من دخولها إلى آخر أيام التشريق ، يجهر به في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله . وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يخرجان إلى الأسواق( فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ) . وأما التكبير المقيد فيكون بعد أدبار الصلوات المفروضة إذا انتهى من الصلاة . وهو يبتدئ لغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى آخر عصر من أيام التشريق . وبالنسبة للحاج فيبتدئ من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر عصر من أيام التشريق لأنه قبل ذلك يكون مشغولاً بالتلبية .
وقد ورد عن السلف صفات متعددة في التكبير منها .
أ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيرا.
ب) الله أكبر. اللهأكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .
ج) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر وللهالحمد.
تنبيه : التكبير الجماعي وهو أن يكبر جماعة بصوت واحد لم ينقل ذلك عن السلف وإنما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده ، وهذا في جميع الأذكار والأدعية .
تم اختصار الموضوع حتى يكفي لنا انزاله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
10 ذي الحجة
فضائل وأعمال
جمع وإعداد
حمدان بن سعيد البلوى
راجعها فضيلة الشيخ : صالح بن مبارك الراشد
مدير مركز الدعوة والإرشاد بتبوك سابقاً
الحمد لله الذي من على عباده بمواسم الخيرات ليزدادوا في الخيرات وليغفر لهم الزلات ويجزل الهبات ؛ فوفق من شاء لاغتنامها فأطاعه واتقاه ، وخذل من شاء فأضاع أمره وعصاه .
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد
فالله خلقنا لطاعته وعبادته ؛ وأحب لنا العمل الصالح في حياتنا وجعل ذلك عنوان محبة العبد لربه فقال تعالى : }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .{ آل عمران آية ( 31 ) . وأحب إحسان العمل وإتقانه فقال تعالى : }وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة آية ( 222 ) .وقال :}الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{ آل عمران آية ( 134 ) .وكان القيام بالعمل الصالح عنوان تقوى العبد لربه فقال : }بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{البقرة آية ( 195 ) .
وزادت محبة الله للعمل الصالح في مواسم فاضلة شرعها للاستمرار والثبات والزيادة من الطاعة ، من إدراكها حظي بنعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد لا يقدرها حق قدرها إلا الصالحون المشمرون .
فحري بالمسلم الصادق استشعار هذه النعم واغتنام هذه الفرص ؛ فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه فعسى أن تصيبه نفحة من رحمة الله يفوز بها في الدارين .
ومن هذه المواسم العظيمة التي يحب الله فيها زيادة العمل الصالح أكثر من غيرها هي أيام " العشر الأول من ذي شهر الحجة " فقد شرفها الله على غيرها وأحب فيها العمل الصالح ودلت نصوص صريحة من كتاب الله وسنة رسوله r على فضلها على غيرها : ـ
أولاَ / لشرفها أقسم الله بها فقال : }وَالْفَجْرِ % وَلَيَالٍ عَشْرٍ % وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ{سورة الفجر آية ( 1 ـ 2 ) .
والليالي العشر هي : عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف .
والوتر قيل هو : يوم عرفة لكونه التاسع . والشفع هو: يوم النحر لكونه العاشر . وهذان اليومان داخلان في الأيام العشر ؛ ولكن الله خصهما بالقسم اهتماما بشأنهما وأنهما أفضل أيام العشر .
ثانيا / خصها بذكرها في أشهر الحج فقال الله تعالى عنها }وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ % لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ{سورة الحج (26 ـ 27 ) . فالأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة .
ثالثا / جعلها ميقات لكليم الرحمن موسى u كما في قوله تعالى : }وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً{ سورة الأعراف ( 142) . فقد قيل : الليالي الثلاثون شهر ذي القعدة وإتمام عشر الأربعين عشر ذي الحجة .
رابعا / وهذه العشر تتوسط أيام الأشهر الحرم التي عظم الله شأنها ونهى عن ظلم النفس والقتال فيها فقال : }مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُفَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ{ سورة التوبة ( 36) . فجعل فيها الأمان وعدم الاعتداءات تأمينا لضيوف الرحمن وراد البيت العتيق القادمين من كل فج عميق .
خامسا / شرع فيها من الأعمال ما لم يشرع في غيرها من تأدية المشاعر وإنهار الدم قربانا لله تعالى من الهدي والأضاحي ...
فهي أفضل أيام العام ؛ والأعمال الصالحة تضاعف فيها من غير استثناء شيء منها .
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أنرسول الله rقال: ( أفضل أيام الدنيا أيام العشر ) . قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال : ( ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب ) . رواه البزار وابن حبان وصححه الإمام الألباني في صحيحالجامع الصغير رقم 1133 .
ولهذا جاء في حديث جابر tعن النبي r قال : ( أفضل الأيام يوم عرفة ) ورواه ابن حبان في صحيحه .
ويوم عرفة داخل في أيام العشر .
ما جاء في فضلها
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : ( مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ ) . قَالُوا : وَلا الْجِهَادُ ؟ قَالَ : ( وَلا الْجِهَادُ ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ) . رواه البخاري
وللترمذي :( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ ) . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ( وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ) .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيrقال : ( ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) ورواه الإمام أحمد .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r ( ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليهالعمل فيهن من هذه الأيام العشر؟ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) رواهأحمد .
قال ابن حجر رحمه اله في الفتح : والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجةلاجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي : الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلكفي غيره.
فهذه النصوص وغيرها تدل دلالة واضحة على أن هذه العشر أفضل أيام السنة حتى فضلت على العشر الأواخر من رمضان ، كما قرر ذلك الإمام ابن القيم وابن رجب وغيرهما ـ مع وجود الخلاف بين أهل العلم في ذلك ـ فقيل : ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة لاشتمالها على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ونهار عشر ذي الحجة أفضل من نهار العشر الأخير من رمضان .
ومما يدل على فضيلة هذه العشر أن الله U أحب فيها الإكثار من الأعمال الفاضلة المشروعة ؛ فشرع فيها أعمالا لم تشرع في غيرها .
أما الأعمال الصالحة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها في هذه العشر المباركة .
1ـ 2 ـ أداء الحج والعمرة .
فهما من أفضل ما يعمل في هذه العشر .
فعن أبي هريرة tأن رسول الله r قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) أخرجه البخاري ومسلم
والحج ركن من أركان الإسلام وهو واجب في العمر مرة على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع له ؛ والواجب على المسلم إذا كان لم يؤد هذه الفريضة أن يبادر إلى الحج لقوله : r ( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ) حديث حسن رواه أحمد وغيره .
3 ـ الصيام
لدخوله في الأعمال الصالحة أولا .
ثم لحديث هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ امْرَأَتِهِ قَالَتْ : حَدَّثَتْنِي بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ r أَنَّ رسول الله r ( كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَتِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ ) رواه الإمام أحمد وأبوداود والنسائي وصححه الألباني فيصحيح أبي داود 2/462 .
وأمَّا حديث عائشة الموفقة رضي الله عنها الذي أخرجه الإمام مسلم : ( ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط ) فمحمُول على أنه في الحج .
قال ابنُ القيّم بعد أن أوردَ هذه المسألةَ: "والمثبِت مقدَّمٌ على النّافي إن صحّ " .
ولهذا قال الإمام النووي شارح صحيح مسلم عن صوم أيام عشر ذي الحجة : أنه مستحب استحبابا شديدا.
فالصوم من الأعمال الصالحة المحبوبة لله سبحانه والمستفاد صومها من عموم الأدلة كما قال الله عنه في الحديث القدسي ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فانه لي وأنا أجزي به ) أخرجه البخاري ومسلم .
وقال رسول الله r ( من صام يوما في سبيل الله باعد الله بين وجهة وبين النار سبعين خريفا ) أخرجه البخاري ومسلم .
أما صيام التاسع منها ـ وهو يوم عرفة ـ فإن رسول الله rقال عن صيامه : ( احتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والسنة القابلة ) أخرجه مسلم .
وهذا اليوم ـ أعني التاسع منها ـ فتتأكد سنة صيامه لغير الحاج الذي قد انشغل بالدعاء والذكر في هذا اليوم العظيم .
4 ـ ذكر الله U بجميع أنواعه من تكبير وتسبيح وتهليل وتحميد ودعاء واستغفار وقراءة القرآن ..... لقوله تعالى :}وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ{الحج 28 .
وقال تعالى : }وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍَ{ سورة البقرة (203 ) . فالأيام المعدودات هي أيام التشريق .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) أخرجه الإمام أحمد .
والإكثار من التكبير والجهر به من الشعائر التي يشابه بها المقيمون بحجاج بيت الله الحرام .
وقد أصبح التكبير في هذا الزمن من السنن المهجورة فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ؛ فحري بالمسلمين أن يحيوا هذه السنة ليفوزوا بأجر العمل وأجر إحياء سنة تكاد تندثر .
وقال النووي رحمه الله : "واعلم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره ، ويُستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر" .
والتكبير نوعان : مطلق ، ومقيد . فالتكبير المطلق يكون في جميع أوقات العشر ابتداء من دخولها إلى آخر أيام التشريق ، يجهر به في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله . وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يخرجان إلى الأسواق( فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ) . وأما التكبير المقيد فيكون بعد أدبار الصلوات المفروضة إذا انتهى من الصلاة . وهو يبتدئ لغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى آخر عصر من أيام التشريق . وبالنسبة للحاج فيبتدئ من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر عصر من أيام التشريق لأنه قبل ذلك يكون مشغولاً بالتلبية .
وقد ورد عن السلف صفات متعددة في التكبير منها .
أ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيرا.
ب) الله أكبر. اللهأكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .
ج) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر وللهالحمد.
تنبيه : التكبير الجماعي وهو أن يكبر جماعة بصوت واحد لم ينقل ذلك عن السلف وإنما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده ، وهذا في جميع الأذكار والأدعية .
تم اختصار الموضوع حتى يكفي لنا انزاله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته