قحطان
11-18-2010, 11:26 AM
قال الأصمعي - رحمه الله تعالى - : دعاني بعض العرب الكرام إلى قرى الطعام ، فخرجتُ معه إلى البرية ، فأتوا ببادية بأذنين وعليها السمن غارق ، فجلسنا للأكل ، وإذا بأعرابي ينسف الأرض نسفاً حتى جلس من غير نداء ، فجعل يأكل والسمن يسيل على كراعه ، قلتُ : لأضحكن الحاضرين عليه ، فقلت :
كأنك أثلة في في أرض هشِ ..... أتاها وابلٌ من بعد رشِي
فالتفت إليَّ بعين مبحلقة ، وقال لي : الكلام أنثى والجواب ذكر وأنت :
كأنك بعرة في إست كبشٍ ..... مدلاة وذاك الكبش يمشي
فقلتُ له : هل تعرف شيئاً من الشعر أو ترويه ؟
فقال : كيف لا أقول الشعر وأنا أمه وأبوه ؟
فقلتُ له : إن عندي قافية تحتاج إلى غطاء .
فقال : هات ما عندك .
فغطستُ في بحور الشعر ، فما وجدتُ قافية اصعب من الواو المجزومة ، فقلتُ :
قومٌ بنجدٍ قد عهدناهم ...... سقاهم الله من النو
ثم قلتُ : أتدري ما النو ؟
فقال :
نو تلألأ في دجى ليلة ..... حالكة مظلمة لو
فقلتُ له : لو ماذا ؟
فقال :
لو سار فيها فارس لانثنى ...... على بساط الأرض منطو
فقلتُ : منطو ماذا ؟
فقال :
منطوي الكشح هظيم الحشا ..... كالباز ينقض من الجو
فقلتُ له : الجو ماذا ؟
فقال :
فاعلوا لما عيل من صبره ..... فصار نجوى القوم ينعو
فقلتُ : ينعو ماذا ؟
فقال :
ينعو رجالاً للقنا شرعت ...... كفيت مالاقوا وما يلقوا
علمت بعدها أنه لا شيء بعد الفناء ، ولكني أردتُ أن أثقل عليه فقلتُ له : ويلقوا ماذا ؟
فقال :
إن كنتَ لا تفهم ما قلته ....... فأنت عندي رجل بوْ
فقلتُ له : البو ماذا ؟
فقال :
البو سلخ قد حشي جلده ..... يا ألف قرنان تقوم أوْ
فقلتُ : أو ماذا ؟
فقال :
أو أضرب الراس بصوانةٍ ....... تقول في ضربتها فوْ
فخفتُ أن أقول له : فو ماذا ؟ فيضربني ويكمل البيت ، فقلت له : أنت ضيفي الليلة ، فقال : لا يأبى الكرام إلا لئيم ، فقلتُ لزوجتي : اصنعي لنا دجاجة ، ففعلتْ ، فأتيته بها وجئته أنا وزوجتي وابناي وابنتاي ، وقلتُ له : اقسم لنا يا بدوي .
فقال : الرأس للرئيس ، وأعطاني الرأس ، والولدان جناحان ، ولهما الجناحان ، والبنتان لها الرجلان ، والعجوز لها العجز ، وأنا زائر لي الزور ، وأكل الدجاجة ونحن ننظر إليه ، ولما جاء اليوم التالي قلت لزوجتي : اصنعي لنا خمس دجاجات ، ففعلتْ ، واتيته بالدجاج وقلتُ له : اقسم يا بدوي ، فقال:
تريد شفعاً أو وتراً ؟
فقلتُ : إن الله وتر يحب الوتر .
فقال : أنت وزوجتك ودجاجة ، وابناك ودجاجة ، وابنتاك ودجاجة ، وأنا ودجاجتان .
فقلتُ : لا أرضى بهذه القسمة .
فقال : لعلك تريدها شفعاً ؟
فقلتُ : نعم .
فقال : أنت وولداك ودجاجة ، وزوجتك وابنتاها ودجاجة ، وأنا وثلاث دجاجات ، ووالله لا أحول عن هذه القسمة.
قال الأصمعي :فغلبني الأعرابي مرتين : مرة في الشعر ومرة في قسمة الدجاج ، ثم انصرف .
كأنك أثلة في في أرض هشِ ..... أتاها وابلٌ من بعد رشِي
فالتفت إليَّ بعين مبحلقة ، وقال لي : الكلام أنثى والجواب ذكر وأنت :
كأنك بعرة في إست كبشٍ ..... مدلاة وذاك الكبش يمشي
فقلتُ له : هل تعرف شيئاً من الشعر أو ترويه ؟
فقال : كيف لا أقول الشعر وأنا أمه وأبوه ؟
فقلتُ له : إن عندي قافية تحتاج إلى غطاء .
فقال : هات ما عندك .
فغطستُ في بحور الشعر ، فما وجدتُ قافية اصعب من الواو المجزومة ، فقلتُ :
قومٌ بنجدٍ قد عهدناهم ...... سقاهم الله من النو
ثم قلتُ : أتدري ما النو ؟
فقال :
نو تلألأ في دجى ليلة ..... حالكة مظلمة لو
فقلتُ له : لو ماذا ؟
فقال :
لو سار فيها فارس لانثنى ...... على بساط الأرض منطو
فقلتُ : منطو ماذا ؟
فقال :
منطوي الكشح هظيم الحشا ..... كالباز ينقض من الجو
فقلتُ له : الجو ماذا ؟
فقال :
فاعلوا لما عيل من صبره ..... فصار نجوى القوم ينعو
فقلتُ : ينعو ماذا ؟
فقال :
ينعو رجالاً للقنا شرعت ...... كفيت مالاقوا وما يلقوا
علمت بعدها أنه لا شيء بعد الفناء ، ولكني أردتُ أن أثقل عليه فقلتُ له : ويلقوا ماذا ؟
فقال :
إن كنتَ لا تفهم ما قلته ....... فأنت عندي رجل بوْ
فقلتُ له : البو ماذا ؟
فقال :
البو سلخ قد حشي جلده ..... يا ألف قرنان تقوم أوْ
فقلتُ : أو ماذا ؟
فقال :
أو أضرب الراس بصوانةٍ ....... تقول في ضربتها فوْ
فخفتُ أن أقول له : فو ماذا ؟ فيضربني ويكمل البيت ، فقلت له : أنت ضيفي الليلة ، فقال : لا يأبى الكرام إلا لئيم ، فقلتُ لزوجتي : اصنعي لنا دجاجة ، ففعلتْ ، فأتيته بها وجئته أنا وزوجتي وابناي وابنتاي ، وقلتُ له : اقسم لنا يا بدوي .
فقال : الرأس للرئيس ، وأعطاني الرأس ، والولدان جناحان ، ولهما الجناحان ، والبنتان لها الرجلان ، والعجوز لها العجز ، وأنا زائر لي الزور ، وأكل الدجاجة ونحن ننظر إليه ، ولما جاء اليوم التالي قلت لزوجتي : اصنعي لنا خمس دجاجات ، ففعلتْ ، واتيته بالدجاج وقلتُ له : اقسم يا بدوي ، فقال:
تريد شفعاً أو وتراً ؟
فقلتُ : إن الله وتر يحب الوتر .
فقال : أنت وزوجتك ودجاجة ، وابناك ودجاجة ، وابنتاك ودجاجة ، وأنا ودجاجتان .
فقلتُ : لا أرضى بهذه القسمة .
فقال : لعلك تريدها شفعاً ؟
فقلتُ : نعم .
فقال : أنت وولداك ودجاجة ، وزوجتك وابنتاها ودجاجة ، وأنا وثلاث دجاجات ، ووالله لا أحول عن هذه القسمة.
قال الأصمعي :فغلبني الأعرابي مرتين : مرة في الشعر ومرة في قسمة الدجاج ، ثم انصرف .