دآنة آلكون
11-28-2010, 06:49 AM
http://www.up.qatarw.com/up/2010-11-13/qatarw.com_125948976.gif
بسم الله الرحمن الرحيم
هدف الوجود عبادة المعبود..
{وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار}.
لم يخلقهما باطلا، بل بالحق:
{وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق}.
والحق هو عبادة الله وحده:
{ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل}.
فدوران الحق عليه؛ بإفراده وحده بالعبادة، في الباطن بالحب، وفي الظاهر بالطاعة، فهو الغاية من الخلق:
{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
أرسل الله الرسل، وكانت قضيتهم الكبرى والأولى هي
تعبيد الناس لله تعالى وحده:
{ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.
فما من نبي إلا ابتدأ قومه بقوله:
{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}. وعليه درج وبه وإليه انتهى، قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته:
(لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
وقد ذكروا لأقوامهم أن الشرط ما بينهم وبين خالقهم ورازقهم:
قيامهم بهذا الحق.
فإن وفوّا، فأسلموا الوجه له، نالوا ثوابه، وإن قصروا استحقوا من العقاب بقدر ذلك، إلا أن يرحمهم الله، والله يغفر لمن يشاء، وإن أعرضوا خلدهم في جهنم.
{إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار
وما للظالمين من أنصار}.
ونحن نؤمن بأن علينا أن نرعى ما جاءت به الرسل، ونحن تحت مظلة رسالة محمدية خاتمة كاملة، ظهر فيها تعظيم التوحيد لله تعالى بالخبر الصادق الذي لا يكذب، فصله تفصيلا، حيث التمسناه فوجدناه موضوعا في الأركان، وفي مراتب الدين، في مقدمها وأولها.
فهو الركن الأول من أركان الإسلام؛ فإن شهادة أن لا إله الله ليس إلا تفسيرا وشعارا للتوحيد الإلهي، ومعناه:
أشهد أنه لا معبود يستحق أن يعبد وحده إلا الله تعالى.
وهو في الركن الأول من أركان الإيمان؛ فإن قوله: (أن تؤمن بالله). معناه: بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته. فالإيمان بألوهيته هو: التصديق والإقرار بأنه وحده الإله المعبود.
وأما مرتبة الإحسان فكله لهذا التوحيد خالصا؛ فهو:
(أن تعبد الله كأنك تراه).
أي تفرده وحده بالعبادات لا شريك له، بالغا بإخلاصك درجة استحضار رؤيتك له بقلبك.
فإن تعذر هذا المقام، فدونه:
(فإن لم تكن تراه، فإنه يراك). أن تعبده مستحضرا رؤيته لك.
هذا المقام للتوحيد من الدين، ليفرض علينا فرضا لازما واجبا: أن نعقد له المجامع، والمدارسات، والندوات، واللقاءات، والمحاضرات. لنكشف عن أسراره ووسائله، ودقائقه وغاياته، وفوائده ومحاسنه، ونجيب عن سؤالاته، وتفاصيل أحواله، ونميزه عن نقيضه الشرك الأصغر والأكبر.
يحملنا على ذلك منزلته التي فاقت منازل قضايا أخرى، قفزت إلى أعلى درجات الأولوية، كجمع الكلمة، وتحسين الأخلاق والمعاملة، وعلاج أدواء النفس، وأمراض المجتمع، وعمارة الدنيا. على إقرار بأهميتها، لكنها بحسب ما سبق من النصوص، هي دون أهمية ومنزلة التوحيد الإلهي، الذي لم ينله من الرعاية والعناية عشر ما ناله ما سواه من القضايا.
والحاجة تزيد مع رؤية ورصد واقع بعيد عن روح هذا التوحيد، وإخلال ظاهر به، تمثل في أضرحة ومزارات ملأت البلاد، تشبعت بها طائفتان تنظيرا وتطبيقا:
الشيعة، والصوفية.
فقدموا لها القرابين، والصلوات عندها، وطافوا بها، ونادوا واستغاثوا، وأغدقوا على صناديق النذور، فساقوا أموالهم - على فقر وعوز - فانتفع بها سدنة الأضرحة لا أحد سواهم، فبذلوا قلوبهم، وقربانهم، وقرباتهم، وأموالهم لمن لا يستجيب لهم إلى يوم القيامة.
شرك عملي صريح، مضاد للتوحيد ورسالات الرسل، يحميه وينظر له ويبرره مشايخ (= صوفية) وآيات (= شيعة)
جعلوا همهم في تبرئة هذه الأعمال، أن تكون شركا أو ذريعة إليه، وأسرفوا في تحسينها، وزينوا فعلها، وأوهموا الضعفاء أنها من القربات، والمسوغات لقبول الأعمال، فارتكب أناس من الأعمال ما لو قورنت بأعمال من كان يتقرب إلى ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، ومن كان يتعبد للات والعزى ومناة، لما كان ثمة فرق بينهما.
واتكئوا على شبهات، من آثار ضعيفة وموضوعة، وحكايات من نسج الخيال والمنام، ونصوص لا تدل على مطلوبهم إلا بتعسف وتأويل بتحريف، وتركوا الواضحات البينات، التي تحرم وتعوق الشرك وسبل الشرك ومقدماته، ولكثير منهم سلطة روحية على أتباع هم كثيرون، فتأكد بهم الداء، وعظمت بهم جراحات التوحيد.
وإن في العالِمين بمنزلة التوحيد، لتراخيا وتقصيرا واعتلالا، فمنهم الذي رجع فركب رأس الجهل، فاستحمق واستغبى داعية التوحيد، ناعتا إياه بقلة المعرفة، و "التسلف"؛ بمعنى أنه دعي في مناداته بالتزام منهج السلف الصالح..؟!!،
بما يكشف عن هدى لم يرفع به رأسا.
ومنهم الذي رأى اليوم ليس يومه، فكف وتراخى ونسي ما كان يدعو إليه.
ومنهم من لا يزال يؤمن بقضية التوحيد، فهو يجاهد بها على تقصير وضعف، والله يغفر له.
تراخى الكلام في فضل التوحيد وتحقيقه، مع مسيس الحاجة إليه، وفقر الخلق: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله}. أي إلى توحيده في قلوبكم وأعمالكم، والناس عنت ومشقة، وضنك وضيق، لا يجدون مخرجا؛ لأنهم عنه غافلون:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمى
والماء فوق ظهورها محمول
فكل المشكلات وجميعها تحل بالتوحيد لله تعالى، وما الآفة
إلا في التعبد لغيره..
فلو سأل سائل: لم التوحيد الإلهي بهذه المنزلة ؟.
لكان الجواب:
لأنه حق الله، وحق النفس، والمجتمع.
وكلها تعود إلى الإنسان بما يطيب حياته، فطيب الحياة مطلب كل إنسان، وفي التوحيد ذلك.
فهو حق الله تعالى، لحديث معاذ:
(أتدري ما حق الله على العباد، وحق العباد على الله؟.
حق الله على العباد:
أن يعبدوه فلا يشركوا به شيئا. وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا).
حقه أن يفرد بالعبادة؛ أي بالحب الكامل، والتعظيم والخضوع والطاعة الكاملة، فلا يقدم أحد عليه في هذه الأمور، فلا يحب مثل حبه، ولا يعظم ولا يطاع مثله؛ ذلك لأنه وحده المستحق، من أجل أنه خلق الخلق ورزقهم؛ أي أوجد وأبقى، فلولا خلقَه لم يوجد شيء، ولولا رزقَه ما بقي حي، فهذه نعمه على الإنسان، وفي طبع الإنسان:
الحب، والخضوع، والطاعة لصاحب النعمة. إذن مفترض به أن يبذل كل ذلك لله تعالى على أكمل وجه، أو إنه لئيم ينكر الجميل.
في حديث ابن مسعود:
(أي الذنب أعظم؟. قال: أن تجعل لله ندا، وهو خلقك).
الشرك أعظم الذنب:
{إن الشرك لظلم عظيم}. لأنه بذل القلوب وماء الوجه لمن لا يستحق:
{الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلك من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون}.
والبشر في حاجة لرد الجميل، والمكافأة بالمثل، لكن الله غني لا يحتاج إلى الخلق ولا عباداتهم:
(يا عبادي!، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني...
يا عبادي!، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيها إياكم فمن وجد خير فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
فما أمرهم بعبادته إلا ليعلمهم ويربيهم على الإحسان برد الجميل، ويردهم عن خلق اللئام. كذلك ليرحمهم؛ فصلاح قلوبهم، وأبدانهم، وعقولهم في أن تكون لله وحده، وهذا يتبين بالثاني.
فالحق الثاني:
أن تنعم النفس وتصفو، فيذهب عنها الكدر.
وذلك لا يكون إلا بتعلقها بالله باطنا بالحب والتعظيم، وظاهرا بالطاعة،
قال تعالى:
{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}،
{فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام}،
{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.
فآثار التوحيد:
الطمأنينة في القلب، والانشراح في الصدر، والحياة الطيبة.
نعيم على ظاهر الإنسان وباطنه، جزاءا وفاقا.
وللشرك الذي أصله تعلق القلب بغير الله تعالى آثار، قال تعالى:
{ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}
ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء}،
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}.
فآثاره:
الخوف والرعب، والضيق والحرج، ثم المعيشة الضنك.
أحوال شاقة على الظاهر والباطن
ذلك أن الفطرة هيئت لتعظم الله وتطيعه، فهي متألهة، فهذا غذاؤها، وبه تستقر وتستقيم، فإن عظمت وأطاعت غيره، تغذت بما يضرها، فتضطرب وتنحرف، فيحدث لها القلق والضيق.
وأما أنه حق المجتمع، فذلك أن الناس لم يجتمعوا إلا لتحصيل المصالح ودفع المفاسد، فتحقيق كل فرد للتوحيد يمنعه من الظلم والعدوان؛ لأنه يربيه على فعل الحق، وترك الباطل، فيعم الصلاح المجتمع، فتتحقق المصالح، وكل إخلال بالتوحيد، إخلال بالمصلحة الخاصة، فالعامة.
إذا ما تعود المرء فضيلة الجود والسخاء بمعرفة ما لغيره من فضل، وتخلى عن خلق اللئام في الشح والجحود والنكران، وتعلق بالله تعالى حبا، وتوكلا، وخشية، وصدقا، وتزين بالعمل الصالح: وجد من الطمأنينة والأمن، ما يبين له به:
أن التوحيد سر السعادة، وإكسير الحياة.
لقلوبكم خالص الود والورد
http://www.up.qatarw.com/up/2010-11-13/qatarw.com_1269950592.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
هدف الوجود عبادة المعبود..
{وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار}.
لم يخلقهما باطلا، بل بالحق:
{وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق}.
والحق هو عبادة الله وحده:
{ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل}.
فدوران الحق عليه؛ بإفراده وحده بالعبادة، في الباطن بالحب، وفي الظاهر بالطاعة، فهو الغاية من الخلق:
{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
أرسل الله الرسل، وكانت قضيتهم الكبرى والأولى هي
تعبيد الناس لله تعالى وحده:
{ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.
فما من نبي إلا ابتدأ قومه بقوله:
{اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}. وعليه درج وبه وإليه انتهى، قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته:
(لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
وقد ذكروا لأقوامهم أن الشرط ما بينهم وبين خالقهم ورازقهم:
قيامهم بهذا الحق.
فإن وفوّا، فأسلموا الوجه له، نالوا ثوابه، وإن قصروا استحقوا من العقاب بقدر ذلك، إلا أن يرحمهم الله، والله يغفر لمن يشاء، وإن أعرضوا خلدهم في جهنم.
{إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار
وما للظالمين من أنصار}.
ونحن نؤمن بأن علينا أن نرعى ما جاءت به الرسل، ونحن تحت مظلة رسالة محمدية خاتمة كاملة، ظهر فيها تعظيم التوحيد لله تعالى بالخبر الصادق الذي لا يكذب، فصله تفصيلا، حيث التمسناه فوجدناه موضوعا في الأركان، وفي مراتب الدين، في مقدمها وأولها.
فهو الركن الأول من أركان الإسلام؛ فإن شهادة أن لا إله الله ليس إلا تفسيرا وشعارا للتوحيد الإلهي، ومعناه:
أشهد أنه لا معبود يستحق أن يعبد وحده إلا الله تعالى.
وهو في الركن الأول من أركان الإيمان؛ فإن قوله: (أن تؤمن بالله). معناه: بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته. فالإيمان بألوهيته هو: التصديق والإقرار بأنه وحده الإله المعبود.
وأما مرتبة الإحسان فكله لهذا التوحيد خالصا؛ فهو:
(أن تعبد الله كأنك تراه).
أي تفرده وحده بالعبادات لا شريك له، بالغا بإخلاصك درجة استحضار رؤيتك له بقلبك.
فإن تعذر هذا المقام، فدونه:
(فإن لم تكن تراه، فإنه يراك). أن تعبده مستحضرا رؤيته لك.
هذا المقام للتوحيد من الدين، ليفرض علينا فرضا لازما واجبا: أن نعقد له المجامع، والمدارسات، والندوات، واللقاءات، والمحاضرات. لنكشف عن أسراره ووسائله، ودقائقه وغاياته، وفوائده ومحاسنه، ونجيب عن سؤالاته، وتفاصيل أحواله، ونميزه عن نقيضه الشرك الأصغر والأكبر.
يحملنا على ذلك منزلته التي فاقت منازل قضايا أخرى، قفزت إلى أعلى درجات الأولوية، كجمع الكلمة، وتحسين الأخلاق والمعاملة، وعلاج أدواء النفس، وأمراض المجتمع، وعمارة الدنيا. على إقرار بأهميتها، لكنها بحسب ما سبق من النصوص، هي دون أهمية ومنزلة التوحيد الإلهي، الذي لم ينله من الرعاية والعناية عشر ما ناله ما سواه من القضايا.
والحاجة تزيد مع رؤية ورصد واقع بعيد عن روح هذا التوحيد، وإخلال ظاهر به، تمثل في أضرحة ومزارات ملأت البلاد، تشبعت بها طائفتان تنظيرا وتطبيقا:
الشيعة، والصوفية.
فقدموا لها القرابين، والصلوات عندها، وطافوا بها، ونادوا واستغاثوا، وأغدقوا على صناديق النذور، فساقوا أموالهم - على فقر وعوز - فانتفع بها سدنة الأضرحة لا أحد سواهم، فبذلوا قلوبهم، وقربانهم، وقرباتهم، وأموالهم لمن لا يستجيب لهم إلى يوم القيامة.
شرك عملي صريح، مضاد للتوحيد ورسالات الرسل، يحميه وينظر له ويبرره مشايخ (= صوفية) وآيات (= شيعة)
جعلوا همهم في تبرئة هذه الأعمال، أن تكون شركا أو ذريعة إليه، وأسرفوا في تحسينها، وزينوا فعلها، وأوهموا الضعفاء أنها من القربات، والمسوغات لقبول الأعمال، فارتكب أناس من الأعمال ما لو قورنت بأعمال من كان يتقرب إلى ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، ومن كان يتعبد للات والعزى ومناة، لما كان ثمة فرق بينهما.
واتكئوا على شبهات، من آثار ضعيفة وموضوعة، وحكايات من نسج الخيال والمنام، ونصوص لا تدل على مطلوبهم إلا بتعسف وتأويل بتحريف، وتركوا الواضحات البينات، التي تحرم وتعوق الشرك وسبل الشرك ومقدماته، ولكثير منهم سلطة روحية على أتباع هم كثيرون، فتأكد بهم الداء، وعظمت بهم جراحات التوحيد.
وإن في العالِمين بمنزلة التوحيد، لتراخيا وتقصيرا واعتلالا، فمنهم الذي رجع فركب رأس الجهل، فاستحمق واستغبى داعية التوحيد، ناعتا إياه بقلة المعرفة، و "التسلف"؛ بمعنى أنه دعي في مناداته بالتزام منهج السلف الصالح..؟!!،
بما يكشف عن هدى لم يرفع به رأسا.
ومنهم الذي رأى اليوم ليس يومه، فكف وتراخى ونسي ما كان يدعو إليه.
ومنهم من لا يزال يؤمن بقضية التوحيد، فهو يجاهد بها على تقصير وضعف، والله يغفر له.
تراخى الكلام في فضل التوحيد وتحقيقه، مع مسيس الحاجة إليه، وفقر الخلق: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله}. أي إلى توحيده في قلوبكم وأعمالكم، والناس عنت ومشقة، وضنك وضيق، لا يجدون مخرجا؛ لأنهم عنه غافلون:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمى
والماء فوق ظهورها محمول
فكل المشكلات وجميعها تحل بالتوحيد لله تعالى، وما الآفة
إلا في التعبد لغيره..
فلو سأل سائل: لم التوحيد الإلهي بهذه المنزلة ؟.
لكان الجواب:
لأنه حق الله، وحق النفس، والمجتمع.
وكلها تعود إلى الإنسان بما يطيب حياته، فطيب الحياة مطلب كل إنسان، وفي التوحيد ذلك.
فهو حق الله تعالى، لحديث معاذ:
(أتدري ما حق الله على العباد، وحق العباد على الله؟.
حق الله على العباد:
أن يعبدوه فلا يشركوا به شيئا. وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا).
حقه أن يفرد بالعبادة؛ أي بالحب الكامل، والتعظيم والخضوع والطاعة الكاملة، فلا يقدم أحد عليه في هذه الأمور، فلا يحب مثل حبه، ولا يعظم ولا يطاع مثله؛ ذلك لأنه وحده المستحق، من أجل أنه خلق الخلق ورزقهم؛ أي أوجد وأبقى، فلولا خلقَه لم يوجد شيء، ولولا رزقَه ما بقي حي، فهذه نعمه على الإنسان، وفي طبع الإنسان:
الحب، والخضوع، والطاعة لصاحب النعمة. إذن مفترض به أن يبذل كل ذلك لله تعالى على أكمل وجه، أو إنه لئيم ينكر الجميل.
في حديث ابن مسعود:
(أي الذنب أعظم؟. قال: أن تجعل لله ندا، وهو خلقك).
الشرك أعظم الذنب:
{إن الشرك لظلم عظيم}. لأنه بذل القلوب وماء الوجه لمن لا يستحق:
{الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلك من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون}.
والبشر في حاجة لرد الجميل، والمكافأة بالمثل، لكن الله غني لا يحتاج إلى الخلق ولا عباداتهم:
(يا عبادي!، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني...
يا عبادي!، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيها إياكم فمن وجد خير فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
فما أمرهم بعبادته إلا ليعلمهم ويربيهم على الإحسان برد الجميل، ويردهم عن خلق اللئام. كذلك ليرحمهم؛ فصلاح قلوبهم، وأبدانهم، وعقولهم في أن تكون لله وحده، وهذا يتبين بالثاني.
فالحق الثاني:
أن تنعم النفس وتصفو، فيذهب عنها الكدر.
وذلك لا يكون إلا بتعلقها بالله باطنا بالحب والتعظيم، وظاهرا بالطاعة،
قال تعالى:
{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}،
{فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام}،
{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.
فآثار التوحيد:
الطمأنينة في القلب، والانشراح في الصدر، والحياة الطيبة.
نعيم على ظاهر الإنسان وباطنه، جزاءا وفاقا.
وللشرك الذي أصله تعلق القلب بغير الله تعالى آثار، قال تعالى:
{ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}
ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء}،
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا}.
فآثاره:
الخوف والرعب، والضيق والحرج، ثم المعيشة الضنك.
أحوال شاقة على الظاهر والباطن
ذلك أن الفطرة هيئت لتعظم الله وتطيعه، فهي متألهة، فهذا غذاؤها، وبه تستقر وتستقيم، فإن عظمت وأطاعت غيره، تغذت بما يضرها، فتضطرب وتنحرف، فيحدث لها القلق والضيق.
وأما أنه حق المجتمع، فذلك أن الناس لم يجتمعوا إلا لتحصيل المصالح ودفع المفاسد، فتحقيق كل فرد للتوحيد يمنعه من الظلم والعدوان؛ لأنه يربيه على فعل الحق، وترك الباطل، فيعم الصلاح المجتمع، فتتحقق المصالح، وكل إخلال بالتوحيد، إخلال بالمصلحة الخاصة، فالعامة.
إذا ما تعود المرء فضيلة الجود والسخاء بمعرفة ما لغيره من فضل، وتخلى عن خلق اللئام في الشح والجحود والنكران، وتعلق بالله تعالى حبا، وتوكلا، وخشية، وصدقا، وتزين بالعمل الصالح: وجد من الطمأنينة والأمن، ما يبين له به:
أن التوحيد سر السعادة، وإكسير الحياة.
لقلوبكم خالص الود والورد
http://www.up.qatarw.com/up/2010-11-13/qatarw.com_1269950592.jpg