معتز الشمالي
12-10-2010, 10:27 AM
..السلام عليكم..
لكم أزعجني صوت المنبه وهو " يولول" بطبلة أذني..إنها السادسة صباحاً..صباح الخير يا بش أخصائي.." ماودك تغسل وجهك"!!
طبعاً..أتخيله يُحدثني لأستيقظ..علماً بأني سأستيقظُ رغماً عن رنينه المزعج.."بإذن الله"..
وكعادتي كل صباح..تكون معادلة الإستيقاظ نائمةً بجواري..حتى إني في بعض الأحيان أُوقظُها من نومها لتُحَدث إحداثياتها البيولوجية..فمن دونها..لا أظنُ بأني سأبرحُ أحضان سريري..
" يا الله..زحمة الدائري..!!" هذه العبارة التي أُرددها بذهني كل صباح تُذكرني بإسطوانة الثانوية المشروخة في ترديد النشيد الوطني..تذكرتُ حينها مدرس الرياضة "عبدالغني" ومحاولاته البائسة في إجبارنا على ترديد النشيد الوطني صباح كل يومٍ ..ومع أنه كان يستمرأ علانيةً محاولاته الجادة في "فصل" سيقاننا عن أعمدتنا الفقرية بكلمتين هُما أحبُ شيئٍ اليه وأبغضُ شيءٍ الينا " ثن-مد"!!إلا أنني لا أتذكرُ بأن أحداً أعطاه جانباً من " وجه"!!..كانت طريقته أليمة..حيثُ كُنا نجلسُ القُرفُصاء للحظة ونقوم بعدها..ثُم نجلس..ونقوم..الى أن يتأكد بنفسه بأن الغضاريف الفقرية قد رحلت من مكانها..لا أدي صراحةً..هل كان يظن أنه يُدرِّسُ في عصر" الرخويات"!!أم أن الإخلاص للوطن لايكمُلُ إلا بترديد كلمات ابراهيم خفاجي..!!وقانون" الغصب عنك تردد النشيد"..!!!
ومع أن آلام الثني واحدة..إلا أن "عبدالغني" قد رحل الى أرض الكنانة وهو يُردد " ثنيه و مده"..وحل محل حبيبتاه آلام الثني والمد السريري..خاصةً إذا كنت " متكرفساً" بسريري ثانياً رجلي اليُمنى..ماااداً رجلي اليُسرى..محاولة مني للبحث عن الإستقرار النومي.. فلا شيء يعدل لذة الاستمتاع بنومٍ هادئ بعيد عن أوامر "عبد الغني"..
وبعيداً عن مصر..وتحديداً في " الرياض"..للطرق الدائرية حكايتها ومعضلتها المستمرة..فقانون" ياتلحق يا ما تلحق" هو السائدُ بين السائقين..سابقاً..كُنت دائماً ما " الحق"..فالطريقُ شبه خالية..عندها أكون بقمة سعادتي وأنا أقودُ سيارتي بسُرعة تُلامس 140 ك/س..أجزمُ قطعاً بأن أصحاب المركبات يرون وميض ابتسامتي من مسافة " كيلو" وأنا من خلفهم..فلا أعتقد بأن أحد" قدي"!!فتراهم يُسارعون الى الجهة اليُمنى خوفاً من أن تُجهر أعينهم لمعة أسناني المُبتسمة..!!
في ذلك اليوم..خرجتُ كعادتي حاملاً حقيبتي وتوأم جسدي" لابتوبي العتيد"!!..رأيتُ سيارتي تقفُ بشموخٍ منكسر..ومثل المُنبه الذي أتخيله يُكلمُني..كلُ ما أمرُ من أمامها اتخيلها تعبس بوجهي مرة..وتبكي مرة..وعبارتها التي لاتفتأ أن تقولها لي" كفاني الله شرك اليوم.."!!..لستُ من هواة تحمية السيارة..حتى لو وجدتُ رجل الثلج جالساً بجانبي..فأنا أكره الإنتظار.. كرمال عيون "الزحمة"..أدرتُ المُحرك فصافحتني إذاعة القرآن الكريم ببرنامجها" بك أصبحنا"..أن تكون في قمة نشاطك في الصباح لهو أمرٌ جميل..فلا بُد من أن تشحن نفسك بطاقة ابتسامية قبل أن تُقابل عبوس المرضى والمراجعين..والــ"فاضين" الذين يُشكلون نسبة 80% من متواجدي المستشفيات..كنتُ للتو قد قرأت كتاباً لــ"ديفيد غيفنز" الدليل العملي والميداني الى لغة الجسد و"علامات الغزل" حتى خُيل لي بأني أود تقبيل مقود سيارتي من فرط تأثيره علي..علماً بأنها تستحق ذلك جراء ما أفعله بها من إجرام متهور..علها أن تسكت عن نطق عباراتها المتشائمة ضدي..
حان وقتُ الإنطلاق..قبل قليل..كانت الطُرقات شبه خالية..ولكن..بمجرد أني احتضنت الطريق..حتى كأن السماء قد أمطرت مركباتٍ وشاحنات..!!..لا ادري..هل كانوا على علمٍ بموعد إنطلاقتي..!!
أخذتُ مساري في الطريق..هذا يشطف..!..وهذا يُجرب منبه سيارته..والآخر يُناور..معركةٌ حديدية..تكون الكلمة الأولى فيها للأكثر تهوراً وجنوناً..حتى بات الطريق ميداناً للمتهورين..والمجانين..!!وبالرغم من تهوري..إلا أنني دائماً ما احنقُ على هؤلاء ولا أُعاتب نفسي.." قمة التناقض"..!!
:مممم..!!ماذا لدي اليوم.."؟..المجتمع بكافة طبقاته في انتظاري على أحر من الجمر..نفراً نفراً..فلا بد من أن أُتحفهم برؤية فمي الفاغر المبتسم وأنا أدلف الى عيادتي..علها أن تكون فأل خيرٍ لهم..فهي وإن لم تكن صدقة في أوجههم..إلا أن لها تأثيراً عجيباً في قانون" مسفهل ومستانس"..
لم يدر بخلدي ذلك اليوم بان للإبتسامات ضريبتها الغير متوقعة..فنحن في زمنٍ بات لكل شيءٍ ضريبةً تسمح باستمراره..حتى الإبتسامات..وإن كانت مصطنعة..!!
لمحت من بعيدٍ سيارة "مايكرو باص" تتجندلُ على حافة الرصيف..كانت تقفُ بطريقةٍ غبية نوعاً ما..كنت أظنُ بأنها متعطلة ..أو ربما كان سائقها في غفوةٍ ريثما يخلو الطريق من زحمته..راح عن ذهني كُلياً حملة المرور بالتعريف عن نظامه الجديد" سـاهر"..وما إن قاربت من المرور بجانبها..حتى انعصر ذهني فجأة..!!..وأخذ إرشيفُ عقلي بإخراج مستنداتٍ وملفاتٍ ومحادثاتٍ مع أصدقائي ليُثبت أن تلكم الواقفة بطريقة غبية أيها المُتحذلق ليست إلا " كــاميرا ســـاهر"..!!
تفاجأت من النتيجة التي خرج بها عقلي المبتسم..!!..لم يكن يفصلُني عنها إلا امتارٍ قليلة..!!..في هذه اللحظة..نسيتُ أبجديات القيادة..فغرتُ فمي وأنا أتوه بين " ماذا أفعل" وبين " اربط الحزام" وبين" هد السرعة"..!!..تاهت الطرائق بين يدي..لم أملك..إلا تلكم اللامعة..تلكم التي أنظفها كل صباح بفرشاة ومعجون أسانان...تلكم التي أجهرت السائقين وهم يلوذون منها ومن فرط وميضها..تلكم هي:
أسناني..المُبتسمة..!!
مررت بها.. أخذ فمي وضعية الــ" تشيـــــــــز!!" تلقائياً!!..و..
"فلاش يحبه قلبك"..!!
خلاص..صورتني الكاميرا الغدارة!!..ولم يعد لأسناني فائدةٌ بعدها..حتى عزمت على خلعها كلها وإرسالها الى مدير مرور منطقة الرياض علهُ أن يبتسم بها نظير النجاح الذي حققه في استنزاف "جيوبنا" وأسناننا..!!
لا أدري..كم "ساهر" يلزمنا لأن نكون أكثر وعياً وإدراكاً في واقعنا الذي نعيشه..؟
كم "ساهر " نحتاجه في عبادتنا..؟كم " ساهر " نحتاجه في ميادين عملنا..بل..كم "ساهر" نحتاجه لأن نُبصر مانحن نعيشه من واقعٍ مؤسفٍ يندى له الجبين..!!
أتمنى ..أن يكون "ساهر" طريقنا للإخلاص في حياتنا..وفي طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض..
حينها..صدقاً..
سنعيشُ بكل مودة وإخاء..وحبٍ ووفاء..
معتز الشمالي
لكم أزعجني صوت المنبه وهو " يولول" بطبلة أذني..إنها السادسة صباحاً..صباح الخير يا بش أخصائي.." ماودك تغسل وجهك"!!
طبعاً..أتخيله يُحدثني لأستيقظ..علماً بأني سأستيقظُ رغماً عن رنينه المزعج.."بإذن الله"..
وكعادتي كل صباح..تكون معادلة الإستيقاظ نائمةً بجواري..حتى إني في بعض الأحيان أُوقظُها من نومها لتُحَدث إحداثياتها البيولوجية..فمن دونها..لا أظنُ بأني سأبرحُ أحضان سريري..
" يا الله..زحمة الدائري..!!" هذه العبارة التي أُرددها بذهني كل صباح تُذكرني بإسطوانة الثانوية المشروخة في ترديد النشيد الوطني..تذكرتُ حينها مدرس الرياضة "عبدالغني" ومحاولاته البائسة في إجبارنا على ترديد النشيد الوطني صباح كل يومٍ ..ومع أنه كان يستمرأ علانيةً محاولاته الجادة في "فصل" سيقاننا عن أعمدتنا الفقرية بكلمتين هُما أحبُ شيئٍ اليه وأبغضُ شيءٍ الينا " ثن-مد"!!إلا أنني لا أتذكرُ بأن أحداً أعطاه جانباً من " وجه"!!..كانت طريقته أليمة..حيثُ كُنا نجلسُ القُرفُصاء للحظة ونقوم بعدها..ثُم نجلس..ونقوم..الى أن يتأكد بنفسه بأن الغضاريف الفقرية قد رحلت من مكانها..لا أدي صراحةً..هل كان يظن أنه يُدرِّسُ في عصر" الرخويات"!!أم أن الإخلاص للوطن لايكمُلُ إلا بترديد كلمات ابراهيم خفاجي..!!وقانون" الغصب عنك تردد النشيد"..!!!
ومع أن آلام الثني واحدة..إلا أن "عبدالغني" قد رحل الى أرض الكنانة وهو يُردد " ثنيه و مده"..وحل محل حبيبتاه آلام الثني والمد السريري..خاصةً إذا كنت " متكرفساً" بسريري ثانياً رجلي اليُمنى..ماااداً رجلي اليُسرى..محاولة مني للبحث عن الإستقرار النومي.. فلا شيء يعدل لذة الاستمتاع بنومٍ هادئ بعيد عن أوامر "عبد الغني"..
وبعيداً عن مصر..وتحديداً في " الرياض"..للطرق الدائرية حكايتها ومعضلتها المستمرة..فقانون" ياتلحق يا ما تلحق" هو السائدُ بين السائقين..سابقاً..كُنت دائماً ما " الحق"..فالطريقُ شبه خالية..عندها أكون بقمة سعادتي وأنا أقودُ سيارتي بسُرعة تُلامس 140 ك/س..أجزمُ قطعاً بأن أصحاب المركبات يرون وميض ابتسامتي من مسافة " كيلو" وأنا من خلفهم..فلا أعتقد بأن أحد" قدي"!!فتراهم يُسارعون الى الجهة اليُمنى خوفاً من أن تُجهر أعينهم لمعة أسناني المُبتسمة..!!
في ذلك اليوم..خرجتُ كعادتي حاملاً حقيبتي وتوأم جسدي" لابتوبي العتيد"!!..رأيتُ سيارتي تقفُ بشموخٍ منكسر..ومثل المُنبه الذي أتخيله يُكلمُني..كلُ ما أمرُ من أمامها اتخيلها تعبس بوجهي مرة..وتبكي مرة..وعبارتها التي لاتفتأ أن تقولها لي" كفاني الله شرك اليوم.."!!..لستُ من هواة تحمية السيارة..حتى لو وجدتُ رجل الثلج جالساً بجانبي..فأنا أكره الإنتظار.. كرمال عيون "الزحمة"..أدرتُ المُحرك فصافحتني إذاعة القرآن الكريم ببرنامجها" بك أصبحنا"..أن تكون في قمة نشاطك في الصباح لهو أمرٌ جميل..فلا بُد من أن تشحن نفسك بطاقة ابتسامية قبل أن تُقابل عبوس المرضى والمراجعين..والــ"فاضين" الذين يُشكلون نسبة 80% من متواجدي المستشفيات..كنتُ للتو قد قرأت كتاباً لــ"ديفيد غيفنز" الدليل العملي والميداني الى لغة الجسد و"علامات الغزل" حتى خُيل لي بأني أود تقبيل مقود سيارتي من فرط تأثيره علي..علماً بأنها تستحق ذلك جراء ما أفعله بها من إجرام متهور..علها أن تسكت عن نطق عباراتها المتشائمة ضدي..
حان وقتُ الإنطلاق..قبل قليل..كانت الطُرقات شبه خالية..ولكن..بمجرد أني احتضنت الطريق..حتى كأن السماء قد أمطرت مركباتٍ وشاحنات..!!..لا ادري..هل كانوا على علمٍ بموعد إنطلاقتي..!!
أخذتُ مساري في الطريق..هذا يشطف..!..وهذا يُجرب منبه سيارته..والآخر يُناور..معركةٌ حديدية..تكون الكلمة الأولى فيها للأكثر تهوراً وجنوناً..حتى بات الطريق ميداناً للمتهورين..والمجانين..!!وبالرغم من تهوري..إلا أنني دائماً ما احنقُ على هؤلاء ولا أُعاتب نفسي.." قمة التناقض"..!!
:مممم..!!ماذا لدي اليوم.."؟..المجتمع بكافة طبقاته في انتظاري على أحر من الجمر..نفراً نفراً..فلا بد من أن أُتحفهم برؤية فمي الفاغر المبتسم وأنا أدلف الى عيادتي..علها أن تكون فأل خيرٍ لهم..فهي وإن لم تكن صدقة في أوجههم..إلا أن لها تأثيراً عجيباً في قانون" مسفهل ومستانس"..
لم يدر بخلدي ذلك اليوم بان للإبتسامات ضريبتها الغير متوقعة..فنحن في زمنٍ بات لكل شيءٍ ضريبةً تسمح باستمراره..حتى الإبتسامات..وإن كانت مصطنعة..!!
لمحت من بعيدٍ سيارة "مايكرو باص" تتجندلُ على حافة الرصيف..كانت تقفُ بطريقةٍ غبية نوعاً ما..كنت أظنُ بأنها متعطلة ..أو ربما كان سائقها في غفوةٍ ريثما يخلو الطريق من زحمته..راح عن ذهني كُلياً حملة المرور بالتعريف عن نظامه الجديد" سـاهر"..وما إن قاربت من المرور بجانبها..حتى انعصر ذهني فجأة..!!..وأخذ إرشيفُ عقلي بإخراج مستنداتٍ وملفاتٍ ومحادثاتٍ مع أصدقائي ليُثبت أن تلكم الواقفة بطريقة غبية أيها المُتحذلق ليست إلا " كــاميرا ســـاهر"..!!
تفاجأت من النتيجة التي خرج بها عقلي المبتسم..!!..لم يكن يفصلُني عنها إلا امتارٍ قليلة..!!..في هذه اللحظة..نسيتُ أبجديات القيادة..فغرتُ فمي وأنا أتوه بين " ماذا أفعل" وبين " اربط الحزام" وبين" هد السرعة"..!!..تاهت الطرائق بين يدي..لم أملك..إلا تلكم اللامعة..تلكم التي أنظفها كل صباح بفرشاة ومعجون أسانان...تلكم التي أجهرت السائقين وهم يلوذون منها ومن فرط وميضها..تلكم هي:
أسناني..المُبتسمة..!!
مررت بها.. أخذ فمي وضعية الــ" تشيـــــــــز!!" تلقائياً!!..و..
"فلاش يحبه قلبك"..!!
خلاص..صورتني الكاميرا الغدارة!!..ولم يعد لأسناني فائدةٌ بعدها..حتى عزمت على خلعها كلها وإرسالها الى مدير مرور منطقة الرياض علهُ أن يبتسم بها نظير النجاح الذي حققه في استنزاف "جيوبنا" وأسناننا..!!
لا أدري..كم "ساهر" يلزمنا لأن نكون أكثر وعياً وإدراكاً في واقعنا الذي نعيشه..؟
كم "ساهر " نحتاجه في عبادتنا..؟كم " ساهر " نحتاجه في ميادين عملنا..بل..كم "ساهر" نحتاجه لأن نُبصر مانحن نعيشه من واقعٍ مؤسفٍ يندى له الجبين..!!
أتمنى ..أن يكون "ساهر" طريقنا للإخلاص في حياتنا..وفي طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض..
حينها..صدقاً..
سنعيشُ بكل مودة وإخاء..وحبٍ ووفاء..
معتز الشمالي