اشراقة الدعوة
01-24-2011, 05:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسولنا الحبيب وآله وصحابته وازواجه الطاهرين
شيخنا الفاضل قرأت هذا الموضوع في احد المواقع وبالبحث وجدته منتشرا كثيرا في المنتديات واحببت اخذ رأيك فيه , وبعد الاطلاع عليه هل هي قراءة شاذة ؟ والذي اعرفه انه لا يجوز القراءة بالروايات الشاذة ... وهذا هو الموضوع انقله كما هو ....
انا انطيناك الكوثر
مقال رائع أعجبني محتواه وأتصور أن يعجب الكثير
ويوضح ضحالة علمنا ومعلوماتنا في ديينا وفي كتابنا الذي مفترض إن نكون
قبل فترة دخلت مسجد قباء متأخرا فصليت مع جماعة من الزوار من خارج المملكة.. وبعد الفاتحة قرأ
الإمام سورة الكوثر بلفظ { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه رجل من ‘ربعنا’ { إنا أعطيناك الكوثر} فعاد الإمام
وقرأها { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه الرجل مرتين وثلاثاً بدون أن يتزحزح الإمام عن موقفه..
وبعد انتهاء الصلاة ألقى ‘المأموم’ محاضرة على ‘الزائرين’ ناصحا إياهم بتعديل لسانهم المعوج ومذكرا
فيها بأن القرآن نزل بلسان عربي مبين (.. ولم يعلم سيادته أنه نزل أيضا على سبعة أحرف)!!
… وكنت قد سمعت قصة مشابهة من أحد الأصدقاء حيث قرأ الإمام الفاتحة { اهدنا الزراط المستقيم} فرد
عليه الناس { الصراط المستقيم} فعاد وقال { الزراط المستقيم) فردوا عليه مرتين وثلاثاً { الصراط المستقيم}
ولكنه أصر على موقفه الأمر الذي جعل أحد المصلين يقول بصوت مرتفع: الصراط المستقيم أو اترك الإمامة
لغيرك…
وما يحدث في مثل هذه المواقف أن الإمام يقرأ غالبا على ‘حرف‘ يناسب لهجته المحلية في حين لا يعرف
المأمومون جواز قراءة القرآن على هذا الحرف أو ذاك..
ومواقف كهذه ظهرت منذ عهد النبوة حيث خفي حتى على بعض الصحابة الوجوه المتعددة لقراءة القرآن الكريم
(مثل عمر بن الخطاب الذي سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف لم يسمعها من قبل)
وجميعها انتهت بإجازتها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم..
ورغم اختلاف العلماء في معنى ‘سبعة أحرف‘ إلا أن أشهرها قولهم إنها سبع لهجات كانت شائعة
لدى قبائل العرب في ذلك الوقت.. وبهذا الشأن يقول الزركشي: نزل القرآن بعضه بلغة قريش، وبعضه
بلغه هذيل، وبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعه، وبعضه بلغة هوازن وسعد وهكذا … وهذه اللهجات
(رغم أنها عربية) إلا أن مخارجها وألفاظها توافق مخارج وألفاظ الحروف في اللغات الأجنبية كالفارسية
والحبشية والهندية والتركية (ومن هنا ظهر علم القراءات وأصبح لكل بلد قراءته التي يشتهر بها)!!
ومن النماذج المشهورة لاختلاف مخارج الحروف بين القبائل العربية :
1- ما يعرف ‘باستبطاء قبيلة هذيل’ حيث تقلب العين نونا وبالتالي تُقرأ {إنا أعطيناك} {إنا أنطيناك} وهو قلب يُسمع
حتى اليوم في بعض دول الخليج !
2- أما قبائل قيس وتميم وأسد فاشتهرت ب’العنعنة’ حيث تقلب الهمزة عيناً بحيث يقرأ بعضهم { سعل ساعل}
بمعنى {سأل سائل} !
3- أما قبيلتا ربيعة ومضر فكانتا تقلبان الكاف شينا وكانتا تنطقان كلمتي ‘بيتك’ و’لبيك الله’ ؛ ‘بيتش’ و’لبيش الله’ وهو
ما يدعى الشنشنة (ويلاحظ حتى اليوم في اليمن وجنوب المملكة) !
4- أما قبائل حمير فكانت تقلب ‘ال’ التعريف إلى ‘أم’ وبهذا اللفظ تناقلت حديث (ليس من البر الصيام في السفر)
بلفظ (ليس من أمبر أمصيام في أمسفر) !!
5- أيضا هناك التختخة ، واللخلخة ، والكشكشة ، واليأيأة ، والخأخأة ؛ التي ميزت قبائل بعينها ولها حتى اليوم
ما يطابقها في مخارج الحروف العالمية !
ورغم أنني لست ضليعا في علم القراءات – ولا لهجات العرب ومخارج الحروف – ولكنني أرى في هذا العلم مغزيين
عظيمين يجب على الجميع استيعابهما :
الأول : احترام ثقافات ولهجات الآخرين …
والثاني : أن لا تتخذ أي جهة من نفسها مرجعا للغة والدين !!
- – - – -
فهد عامر الأحمدي
جريدة الرياض الثلاثاء 9 ربيع الأخر 1429هـ
15 أبريل 2008م – العدد 14540
لجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا أعلم أنها قُرئت كذلك في قراءة متواترة .
قال ابن مُجاهِد في " السبعة " : سورة الكوثر ، ليس فيها خلاف . اهـ . يعني عند القُرّاء السَّبْعَة .
ولم يُورِد فيها الأصبهاني شيئا في كتابه " المبسوط في القراءات العَشْر " ، وهذا يعني أن القراءة المذكورة ليست مِن القراءات العشر أيضا .
في حين أوْرَد محمد فهد خاروف في " الْمُيَسَّر في القراءات الأربع عشرة " خِلافا في قراءة (شَانِئَكَ) فقرأها أبو جعفر ، وحَمزة وقْفًا (شانيَك) .
وروى الثعلبي في تفيره – بِسَنَد ضعيف – عن أم سلمة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ : إنّا أنطيناك الكوثر .
قال الثعلبي : وقرأ الحسن وطلحة بن مُصَرِّف (أنطيناك) بالنون . اهـ .
وقال السمين الحلبي : قرأ الحسن وابنُ محيصن وطلحة والزعفراني (أنطيناك) . اهـ .
ومثله ما ذَكَره مِن قراءة بعضهم : { سعل ساعل} بمعنى {سأل سائل} ! فهي قراءة شاذّة .
ولا تجوز القراءة بالقراءات الشاذّة لا في الصلاة ولا في غيرها .
قال النووي : قال أصحابنا وغيرهم : تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بِكُلّ واحدة مِن القراءات السبع ، ولا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذَّة ؛ لأنها ليست قُرآنا ، فإن القرآن لا يثبت إلاَّ بِالتواتر ، وكُلّ واحدة مِن السَّبْع مُتواتِرة ، هذا هو الصواب الذى لا يُعْدَل عنه ، ومَن قال غيره فَغَالِط أو جاهل . وأما الشاذة فليست مُتَواتِرة ، فلو خَالَف وقرأ بالشاذة أُنْكِر عليه قراءتها في الصلاة أو غيرها . وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة مَن قرأ بالشَّواذّ ... ونَقَل الامام الحافظ أبو عمر بن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشاذّ ، وأنه لا يُصَلَّى خَلْف مَن يَقرأ بها . قال العلماء : فمن قرأ بالشاذّ إن كان جاهلا به أو بتحريمه عُرِّف ذلك ، فإن عاد إليه بعد ذلك أو كان عَالِمًا به عُزِّر تَعزيرا بَلِيغا إلى أن يَنْتَهي عن ذلك ، ويَجِب على كُلّ مُكَلَّف قَادِر على الإنكار أن يُنْكِر عليه . فإن قرأ الفاتحة في الصلاة بالشاذة فإن لم يكن فيها تغير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصه صَحَّت صَلاته وإلاَّ فلا . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ الْخَارِجَةُ عَنْ رَسْمِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ ، مِثْلَ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : (وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى) ،كَمَا قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ . وَمِثْلَ قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ : (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ) ، وَكَقِرَاءَتِهِ : (إنْ كَانَتْ إلاَّ زَقْيَة وَاحِدَةً) وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَهَذِهِ إذَا ثَبَتَتْ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِهَا فِي الصَّلاةِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ ، هُمَا رِوَايَتَانِ مَشْهُورَتَانِ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَد وَرِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ .
إحْدَاهُمَا : يَجُوزُ ذَلِكَ ؛ لأَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يَقْرَءُونَ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ فِي الصَّلاةِ .
وَالثَّانِيَةُ : لا يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ؛ لأَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ لَمْ تَثْبُتْ مُتَوَاتِرَةً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ ثَبَتَتْ فَإِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بالعرضة الآخِرَةِ ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يُعَارِضُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ . والعرضة الآخِرَةُ هِيَ قِرَاءَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ ، وَهِيَ الَّتِي أَمَرَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ ، وَكَتَبَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي صُحُفٍ أُمِرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِكِتَابَتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ عُثْمَانُ فِي خِلافَتِهِ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَإِرْسَالِهَا إلَى الأَمْصَارِ وَجَمْعِ النَّاسِ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقِ مِنْ الصَّحَابَةِ . اهـ .
وما ذَكَره الكاتِب مِن حديث ((ليس من أمبر أمصيام في أمسفر)) ضعيف .
قال الألباني : شاذٌّ بهذا اللفظ . اهـ .
والحديث الشاذّ مِن أقسام الحديث الضعيف .
واخْتُلِف في معنى " الأحرف السبعة " اختلافا كبيرا ، نقله وأشار إليه الزرقاني في " مناهل العِرفان " .
في حين أطال ابن جرير في تقرير هذه المسألة في مقدمة تفسيره مِن ص 13 – 67
ورجّح ابن جرير أنه لم يبق مِن تلك الأحرف إلاّ ما في المصحف العثماني ؛ لأنها كانت مِن أجل التوسعة على الناس فلما اختلفوا جُمِعوا على حرف واحد .
ثم قال بعد حكاية الاختلاف والأقوال والترجيح : فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : فَهَلْ لَكَ مِنْ عِلْمٍ بِالأَلْسُنِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ ، وَأَيُّ الأَلْسُنِ هِيَ مِنْ أَلْسُنِ الْعَرَبِ ؟
قُلْنَا : أَمَّا الأَلْسُنُ السِّتَّةُ الَّتِي قَدْ نَزَلَتِ الْقِرَاءَةُ بِهَا ، فَلاَ حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَعْرِفَتِهَا ، لأَنَّا لَوْ عَرَفْنَاهَا ، لَمْ نَقْرَأِ الْيَوْمَ بِهَا ، مَعَ الأَسْبَابِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا .
وقال ابن جرير :
فَإِنْ قَالَ بَعْضُ مَنْ ضَعُفَتْ مَعْرِفَتُهُ : وَكَيْفَ جَازَ لَهُمْ تَرْكُ قِرَاءَةٍ أَقْرَأَهُمُوهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَرَهُمْ بِقِرَاءَتِهَا ؟
قِيلَ : إِنَّ أَمْرَهُ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ أَمْرَ إِيجَابٍ وَفَرْضٍ ، وَإِنَّمَا كَانَ أَمْرَ إِبَاحَةٍ وَرُخْصَةٍ ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضًا عَلَيْهِمْ ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْ تِلْكِ الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ ، عِنْدَ مَنْ يَقُومُ بِنَقْلِهِ الْحُجَّةَ ، وَيَقْطَعُ خَبَرَهُ الْعُذْرُ ، وَيُزِيلُ الشَّكَّ مِنْ قِرَاءَةِ الأُمَّةِ ، وَفِي تَرْكِهِمْ نَقْلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ بِهَا مُخَيَّرِينَ ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي نَقَلَةِ الْقُرْآنَ مِنَ الأُمَّةِ ، مَنْ تَجِبِ بِنَقْلِهِ الْحُجَّةَ بِبَعْضِ تِلْكَ الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ ، فَإِذَ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لَمْ يَكُنِ الْقَوْمُ بِتَرْكِهِمْ نَقْلَ جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ تَارِكِينَ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ نَقْلُهُ ، بَلْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفِعْلِ مَا فَعَلُوا ، إِذْ كَانَ الَّذِي فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ ، كَانَ هُوَ النَّظَرَ لِلإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ ، فَكَانَ الْقِيَامُ بِفِعْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ بِهِمْ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ مَا لَوْ فَعَلُوهُ ، كَانُوا إِلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ أَقْرَبَ ، مِنْهُمْ إِلَى السَّلاَمَةِ مِنْ ذَلِكَ.
والصلاة والسلام على رسولنا الحبيب وآله وصحابته وازواجه الطاهرين
شيخنا الفاضل قرأت هذا الموضوع في احد المواقع وبالبحث وجدته منتشرا كثيرا في المنتديات واحببت اخذ رأيك فيه , وبعد الاطلاع عليه هل هي قراءة شاذة ؟ والذي اعرفه انه لا يجوز القراءة بالروايات الشاذة ... وهذا هو الموضوع انقله كما هو ....
انا انطيناك الكوثر
مقال رائع أعجبني محتواه وأتصور أن يعجب الكثير
ويوضح ضحالة علمنا ومعلوماتنا في ديينا وفي كتابنا الذي مفترض إن نكون
قبل فترة دخلت مسجد قباء متأخرا فصليت مع جماعة من الزوار من خارج المملكة.. وبعد الفاتحة قرأ
الإمام سورة الكوثر بلفظ { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه رجل من ‘ربعنا’ { إنا أعطيناك الكوثر} فعاد الإمام
وقرأها { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه الرجل مرتين وثلاثاً بدون أن يتزحزح الإمام عن موقفه..
وبعد انتهاء الصلاة ألقى ‘المأموم’ محاضرة على ‘الزائرين’ ناصحا إياهم بتعديل لسانهم المعوج ومذكرا
فيها بأن القرآن نزل بلسان عربي مبين (.. ولم يعلم سيادته أنه نزل أيضا على سبعة أحرف)!!
… وكنت قد سمعت قصة مشابهة من أحد الأصدقاء حيث قرأ الإمام الفاتحة { اهدنا الزراط المستقيم} فرد
عليه الناس { الصراط المستقيم} فعاد وقال { الزراط المستقيم) فردوا عليه مرتين وثلاثاً { الصراط المستقيم}
ولكنه أصر على موقفه الأمر الذي جعل أحد المصلين يقول بصوت مرتفع: الصراط المستقيم أو اترك الإمامة
لغيرك…
وما يحدث في مثل هذه المواقف أن الإمام يقرأ غالبا على ‘حرف‘ يناسب لهجته المحلية في حين لا يعرف
المأمومون جواز قراءة القرآن على هذا الحرف أو ذاك..
ومواقف كهذه ظهرت منذ عهد النبوة حيث خفي حتى على بعض الصحابة الوجوه المتعددة لقراءة القرآن الكريم
(مثل عمر بن الخطاب الذي سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف لم يسمعها من قبل)
وجميعها انتهت بإجازتها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم..
ورغم اختلاف العلماء في معنى ‘سبعة أحرف‘ إلا أن أشهرها قولهم إنها سبع لهجات كانت شائعة
لدى قبائل العرب في ذلك الوقت.. وبهذا الشأن يقول الزركشي: نزل القرآن بعضه بلغة قريش، وبعضه
بلغه هذيل، وبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعه، وبعضه بلغة هوازن وسعد وهكذا … وهذه اللهجات
(رغم أنها عربية) إلا أن مخارجها وألفاظها توافق مخارج وألفاظ الحروف في اللغات الأجنبية كالفارسية
والحبشية والهندية والتركية (ومن هنا ظهر علم القراءات وأصبح لكل بلد قراءته التي يشتهر بها)!!
ومن النماذج المشهورة لاختلاف مخارج الحروف بين القبائل العربية :
1- ما يعرف ‘باستبطاء قبيلة هذيل’ حيث تقلب العين نونا وبالتالي تُقرأ {إنا أعطيناك} {إنا أنطيناك} وهو قلب يُسمع
حتى اليوم في بعض دول الخليج !
2- أما قبائل قيس وتميم وأسد فاشتهرت ب’العنعنة’ حيث تقلب الهمزة عيناً بحيث يقرأ بعضهم { سعل ساعل}
بمعنى {سأل سائل} !
3- أما قبيلتا ربيعة ومضر فكانتا تقلبان الكاف شينا وكانتا تنطقان كلمتي ‘بيتك’ و’لبيك الله’ ؛ ‘بيتش’ و’لبيش الله’ وهو
ما يدعى الشنشنة (ويلاحظ حتى اليوم في اليمن وجنوب المملكة) !
4- أما قبائل حمير فكانت تقلب ‘ال’ التعريف إلى ‘أم’ وبهذا اللفظ تناقلت حديث (ليس من البر الصيام في السفر)
بلفظ (ليس من أمبر أمصيام في أمسفر) !!
5- أيضا هناك التختخة ، واللخلخة ، والكشكشة ، واليأيأة ، والخأخأة ؛ التي ميزت قبائل بعينها ولها حتى اليوم
ما يطابقها في مخارج الحروف العالمية !
ورغم أنني لست ضليعا في علم القراءات – ولا لهجات العرب ومخارج الحروف – ولكنني أرى في هذا العلم مغزيين
عظيمين يجب على الجميع استيعابهما :
الأول : احترام ثقافات ولهجات الآخرين …
والثاني : أن لا تتخذ أي جهة من نفسها مرجعا للغة والدين !!
- – - – -
فهد عامر الأحمدي
جريدة الرياض الثلاثاء 9 ربيع الأخر 1429هـ
15 أبريل 2008م – العدد 14540
لجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا أعلم أنها قُرئت كذلك في قراءة متواترة .
قال ابن مُجاهِد في " السبعة " : سورة الكوثر ، ليس فيها خلاف . اهـ . يعني عند القُرّاء السَّبْعَة .
ولم يُورِد فيها الأصبهاني شيئا في كتابه " المبسوط في القراءات العَشْر " ، وهذا يعني أن القراءة المذكورة ليست مِن القراءات العشر أيضا .
في حين أوْرَد محمد فهد خاروف في " الْمُيَسَّر في القراءات الأربع عشرة " خِلافا في قراءة (شَانِئَكَ) فقرأها أبو جعفر ، وحَمزة وقْفًا (شانيَك) .
وروى الثعلبي في تفيره – بِسَنَد ضعيف – عن أم سلمة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ : إنّا أنطيناك الكوثر .
قال الثعلبي : وقرأ الحسن وطلحة بن مُصَرِّف (أنطيناك) بالنون . اهـ .
وقال السمين الحلبي : قرأ الحسن وابنُ محيصن وطلحة والزعفراني (أنطيناك) . اهـ .
ومثله ما ذَكَره مِن قراءة بعضهم : { سعل ساعل} بمعنى {سأل سائل} ! فهي قراءة شاذّة .
ولا تجوز القراءة بالقراءات الشاذّة لا في الصلاة ولا في غيرها .
قال النووي : قال أصحابنا وغيرهم : تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بِكُلّ واحدة مِن القراءات السبع ، ولا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذَّة ؛ لأنها ليست قُرآنا ، فإن القرآن لا يثبت إلاَّ بِالتواتر ، وكُلّ واحدة مِن السَّبْع مُتواتِرة ، هذا هو الصواب الذى لا يُعْدَل عنه ، ومَن قال غيره فَغَالِط أو جاهل . وأما الشاذة فليست مُتَواتِرة ، فلو خَالَف وقرأ بالشاذة أُنْكِر عليه قراءتها في الصلاة أو غيرها . وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة مَن قرأ بالشَّواذّ ... ونَقَل الامام الحافظ أبو عمر بن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشاذّ ، وأنه لا يُصَلَّى خَلْف مَن يَقرأ بها . قال العلماء : فمن قرأ بالشاذّ إن كان جاهلا به أو بتحريمه عُرِّف ذلك ، فإن عاد إليه بعد ذلك أو كان عَالِمًا به عُزِّر تَعزيرا بَلِيغا إلى أن يَنْتَهي عن ذلك ، ويَجِب على كُلّ مُكَلَّف قَادِر على الإنكار أن يُنْكِر عليه . فإن قرأ الفاتحة في الصلاة بالشاذة فإن لم يكن فيها تغير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصه صَحَّت صَلاته وإلاَّ فلا . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ الْخَارِجَةُ عَنْ رَسْمِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ ، مِثْلَ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : (وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى) ،كَمَا قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ . وَمِثْلَ قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ : (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ) ، وَكَقِرَاءَتِهِ : (إنْ كَانَتْ إلاَّ زَقْيَة وَاحِدَةً) وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَهَذِهِ إذَا ثَبَتَتْ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِهَا فِي الصَّلاةِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ ، هُمَا رِوَايَتَانِ مَشْهُورَتَانِ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَد وَرِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ .
إحْدَاهُمَا : يَجُوزُ ذَلِكَ ؛ لأَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يَقْرَءُونَ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ فِي الصَّلاةِ .
وَالثَّانِيَةُ : لا يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ؛ لأَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ لَمْ تَثْبُتْ مُتَوَاتِرَةً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ ثَبَتَتْ فَإِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بالعرضة الآخِرَةِ ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يُعَارِضُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ . والعرضة الآخِرَةُ هِيَ قِرَاءَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِ ، وَهِيَ الَّتِي أَمَرَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ ، وَكَتَبَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي صُحُفٍ أُمِرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بِكِتَابَتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ عُثْمَانُ فِي خِلافَتِهِ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَإِرْسَالِهَا إلَى الأَمْصَارِ وَجَمْعِ النَّاسِ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقِ مِنْ الصَّحَابَةِ . اهـ .
وما ذَكَره الكاتِب مِن حديث ((ليس من أمبر أمصيام في أمسفر)) ضعيف .
قال الألباني : شاذٌّ بهذا اللفظ . اهـ .
والحديث الشاذّ مِن أقسام الحديث الضعيف .
واخْتُلِف في معنى " الأحرف السبعة " اختلافا كبيرا ، نقله وأشار إليه الزرقاني في " مناهل العِرفان " .
في حين أطال ابن جرير في تقرير هذه المسألة في مقدمة تفسيره مِن ص 13 – 67
ورجّح ابن جرير أنه لم يبق مِن تلك الأحرف إلاّ ما في المصحف العثماني ؛ لأنها كانت مِن أجل التوسعة على الناس فلما اختلفوا جُمِعوا على حرف واحد .
ثم قال بعد حكاية الاختلاف والأقوال والترجيح : فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : فَهَلْ لَكَ مِنْ عِلْمٍ بِالأَلْسُنِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ ، وَأَيُّ الأَلْسُنِ هِيَ مِنْ أَلْسُنِ الْعَرَبِ ؟
قُلْنَا : أَمَّا الأَلْسُنُ السِّتَّةُ الَّتِي قَدْ نَزَلَتِ الْقِرَاءَةُ بِهَا ، فَلاَ حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَعْرِفَتِهَا ، لأَنَّا لَوْ عَرَفْنَاهَا ، لَمْ نَقْرَأِ الْيَوْمَ بِهَا ، مَعَ الأَسْبَابِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا .
وقال ابن جرير :
فَإِنْ قَالَ بَعْضُ مَنْ ضَعُفَتْ مَعْرِفَتُهُ : وَكَيْفَ جَازَ لَهُمْ تَرْكُ قِرَاءَةٍ أَقْرَأَهُمُوهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَرَهُمْ بِقِرَاءَتِهَا ؟
قِيلَ : إِنَّ أَمْرَهُ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ أَمْرَ إِيجَابٍ وَفَرْضٍ ، وَإِنَّمَا كَانَ أَمْرَ إِبَاحَةٍ وَرُخْصَةٍ ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضًا عَلَيْهِمْ ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْ تِلْكِ الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ ، عِنْدَ مَنْ يَقُومُ بِنَقْلِهِ الْحُجَّةَ ، وَيَقْطَعُ خَبَرَهُ الْعُذْرُ ، وَيُزِيلُ الشَّكَّ مِنْ قِرَاءَةِ الأُمَّةِ ، وَفِي تَرْكِهِمْ نَقْلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ بِهَا مُخَيَّرِينَ ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي نَقَلَةِ الْقُرْآنَ مِنَ الأُمَّةِ ، مَنْ تَجِبِ بِنَقْلِهِ الْحُجَّةَ بِبَعْضِ تِلْكَ الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ ، فَإِذَ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لَمْ يَكُنِ الْقَوْمُ بِتَرْكِهِمْ نَقْلَ جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ تَارِكِينَ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ نَقْلُهُ ، بَلْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفِعْلِ مَا فَعَلُوا ، إِذْ كَانَ الَّذِي فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ ، كَانَ هُوَ النَّظَرَ لِلإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ ، فَكَانَ الْقِيَامُ بِفِعْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ بِهِمْ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ مَا لَوْ فَعَلُوهُ ، كَانُوا إِلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ أَقْرَبَ ، مِنْهُمْ إِلَى السَّلاَمَةِ مِنْ ذَلِكَ.