نساي
03-01-2011, 10:57 PM
شيخ الإسلام والإقصاء الصحفي !
بقلم : د.سعد بن مطر العتيبي
جيل اليوم الذي يقرأ ليس هو جيل الأمس الذي يكتب ؛ والفرق أنَّ جيل القراءة الجديد ( ذكوراً وإناثاً ) متقدِّمٌ كثيراً في وسائل التلقي عن جيل الكتابة ( المحتكر بشيوخه وعجائزه )..
وهذا متغير مهم جداً ، لا يفقهه جيل الكتابة المحتكِر ، الذي صار مثار ضحك عند جيل القراءة الحرّ ! فجيل القراءة الجديد ، يتعامل أكثر ما يتعامل في الوسائل مع إضاءة اللغة الرقمية ، لا مع رائحة أحبار اللغة الورقية .. مع الشاشة ، لا مع القصاصة .. ويتعامل في المضامين مع من يحترم عقله ، ويقدر شأنه ..
جيل اليوم صار فاعلاً ، ولا يقبل أن يكون متلقياً ساكناً .. فبإمكانه - مثلاً - أن يعلق على النسخ الرقمية للصحف الورقية وغيرها ؛ فإذا ما تجاهلت الصحيفة الرقمية تعليقه ، اكتشف الحقيقة المرّة ، وعبّر عنها عبر موقعه الشبكي ، أو صفحته الرقمية ، أو منتداه الشبابي ! أو مجموعاته البريدية الرقمية ( القروبات ) ، أو عبر كل حديثٍ من وسائل الاتصال في حاسوبه الكفي وهاتفه النقال ..
ومما ينبغي معرفته : أنَّ الإقصاء الصحفي ليس من بدع رؤساء التحرير والمحررين الصحفيين القدماء الذين لا زالوا عى قيد الحياة ، وإنما هو أسلوب أقدم منهم على قدمهم ، ورثوه عن السابقين من حملة ذات الفكر في الغالب ، على طريقة الجيل الجاهلي الذي كان شعاره تقليديا لا عقلياً ، تؤكده عبارات من مثل : ( أترغب عن ملة عبد المطلب ) ؟!
فهذا شيخ الإسلام رحمه الله يقول : " رأيت كثيراً من كبريات الصحف والمجلات الواسعة الانتشار ، واقعة تحت سيطرة كتاب متآزرين في السعي لإضعاف نفوذ الدين في المجتمع ، متلاعبين بأحكامه ، وقواعده ؛ فلهذا لا تسع صدور تلك الصحف والمجلات ، لمقالات الذود عن الدين برغبة صحيحة " . ( موقف العقل والعلم والعالم ، لشيخ الإسلام مصطفى صبري رحمه الله :ج1 ص51 )
وحتى تستمر المهزلة التي تجاوزها الزمن ، وتباعد عنها العصر ، وجد جيل الكتَّاب القدماء ، بعض المرتزقة من جيل القراء ، ليورِّثوهم تلك الخصلة السيئة ، أعني : الإقصاء ، وزادوهم رهقا باستكتابهم في الذبّ عنهم في حياتهم وربما بعد مماتهم ؛ فصار الأمر في غاية الانكشاف لجيل اليوم الحرّ ، الذي سيبقى بقية عمره يسخر من جيل المستكتَبين الجدد ، الذين يقدِّمون الرؤية الاستبدادية البائدة ، لجيل لم يعد يقبل إلا أن يرفع صوته بما يراه ، ويردّ على الكتّاب قبل أن تنتشر مقالاتهم ، ويسخر من المستكتبين قبل أن يظهر دفاعهم عن من استكتّبهم !
فهل يعي جيل الأمس الحيّ هذا المتغير ، ويدرك حقيقة الأمر ، ويساير العصر في احترام القراء الجدد ، وتقدير التغير الفكري الإيجابي - لجيل اليوم - الذي تجاوز التلقي المطلق إلى التلقي الناقد ، والتعقل الراشد ! وهل يستوعب جيل الأمس الحيّ حقيقة التغيّر التقني من الانغلاق إلى الانفتاح ؟!
أو أن جيل الأمس سيبقى في العصور المظلمة حيث الاحتكار والإقصاء والظنّ بأنَّ الحقائق صعب تجاهلها ؟!
============= فاصل ==============
أجندة مدرسي الحلقات
بقلم: عامر بن محمد بهجت –أكاديمي سعودي
يحاول بعض الكتاب أن ينكر أن يكون لمدرسي حلقات التحفيظ أجندات خاصة
يوظفون الحلقات لتنفيذها وتحقيقها؛ ونظرًا لكوني عشت في هذه الحلقات مدة
طويلة، وأعرف عددا من مدرسيها فإني أدلي هنا بشهادتي لله ثم للتاريخ،
فأقول:
إن أي محاولة لإنكار وجود أهداف وأجندات لمدرسي الحلقات هي محاولة لإخفاء
الواقع، وتجاهل الحقائق، والشمس لا تحجب بغربال.
وسوف أكشف أوراق أولئك المدرسين ليعلم العالم أجمع ما يسعون لتحقيقه.
إنهم أيها القارئ الكريم يمررون لطلابهم رسائل وأفكار منها:
• إنهم يسعون سعيًا حثيثًا إلى تثبيت القرآن في قلوب الناشئة –سواء
أعلنوا ذلك أم لا-.
• إنهم يقنعون أبناءنا بأنّ النون الساكنة إذا أتى بعدها حرف الواو
فلابد أن تدغم بغنّة، ويحاولون جاهدين إلى نطق الطالب بالحروف بنطق صحيح
وإخراجها من مخارجها.
• إن لديهم 114 سورة يقولون: إنها من عند الله، ويرفضون أن يزيدوا
فيها أي سورة.
• لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الطلاب يحفظون عليهم سورة
الكافرون وسورة الفلق وسورة النبأ.
• إنهم يغرسون في قلب الطالب تعظيم شخصيات ورموز من خلال تحفيظه
لقصصهم الواردة في الكتاب، فمن هذه الشخصيات: (إِبْرَاهِيمَ وإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ وَنُوحًا ودَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ
وَمُوسَى وَهَارُونَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا) ويعلمونهم بالحرف الواحد
أن: (أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا
قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ
فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ).
• إنهم يغذون الطالب –عن طريق تحفيظه- بأفكار ومبادئ منها:
• تعليم طلابهم بر الوالدين عن طريق تلقينهم: (وَاعْبُدُوا
اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
وليس الوالدين فحسب بل (وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِالْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ).
• إنهم يمررون للناشئة رسالة مفادها: وجوب الصدق في الحديث
بإقرائهم: (اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
• إنهم يبغّضون ويكرّهون أبناءنا –دون أن نعلم- في: الغيبة وسوء
الظن والتجسس بتعليمهم: (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ
بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
فَكَرِهْتُمُوهُ).
• ماذا يريد هؤلاء حينما يعلمون أولادنا: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)، و (لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ
مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا منهم) (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) و(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا
ربكم فاعبدون)؟ تشير بعض القرائن أنهم يهدفون إلى نشر الأخوة والمحبة في
المجتمع بجميع جنسياته وطبقاته، فانتبهوا يا معاشر الآباء.
• ومن مخططاتهم أن ذلك كله يتم فقط من خلال الحفظ والتلقين دون أي
تفسير ولا أي أمر آخر!، بل إنهم يقنعون الطلاب بقداسة هذا القرآن وأن هذا
الكتاب الذي يحفظونه (لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، وأنه
(كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ)
وأنه (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ
خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وأن هذا الكتاب (مَا هُوَ
بِقَوْلِ شَاعِرٍ) (وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ) وأنه (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ
الْعَالَمِينَ) ويحفظونهم: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ
وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ
بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وَلَقَدْ
صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى
أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ) وأن (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، وأن (اللَّهَ
نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي
الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)، وأنه (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وَأَنَّ الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) وفوق
هذا كله يدرسونهم أن هذا الكتاب أنزله الله (مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا
آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، ويقولون لهم إن الرب
قال(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ويقولون للطالب: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي
حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ
بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) مما قد يؤدي -ولو في
المستقبل- إلى عدم قبوله الانسياق للرأي الآخر المخالف لقطعيات ومحكمات
ما حفظه في القرآن.
• أيها الناس: إنه مخطط يهدف إلى نشر القرآن وحفظ آياته وتلقين
الناشئة كل مبادئه حرفا حرفا ليكبر الصغير وقد تشرب تلك النصوص المقدسة
حتى لو لم يفهمها في صغره فقد يأتي اليوم الذي يفهمها ويعمل بها.
• إنه أعظم كتاب، وتعليمه أعظم تعليم، وحسب معلميه ثناء الله
وتزكية الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم بقوله:، (خيركم من تعلم
القرآن وعلّمه).
• يا معلمي القرآن أنتم تاج رؤوسنا وفخر لنا، نحبكم ونثق فيكم
فسيروا على بركة الله.
--
وكتبه عامر بن بهجت
المحاضر بالمعهد العالي للأئمة والخطباء- جامعة طيبة
amfb1428@gmail.com (amfb1428@gmail.com)
============= فاصل ==============
نشر في مجموعة د. عبد العزيز قاسم سلمه الله !
عفواً سمو أمير مكة : ” و إنه لقرآن كريم “
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فعن عامر بن واثلة أن نافع بن عبدالحارث لقي عمر رضي الله عنه بعسفان ، و كان عمر يستعمله على مكة ، فقال : من استعملت على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى ! قال عمر : و من ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا ! قال عمر : فاستخلفتَ عليهم مولى ؟ قال نافع : إنه قاريء لكتاب الله تعالى و إنه عالم بالفرائض . قال عمر : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : ” إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ” رواه مسلم .
هذا هو القرآن يرفع المولى حتى يجعله أميراً عاملاً على مكة ، و يضع آخرين من القرشيين و غيرهم ، فلا يتولون إمارة مكة و لا يستعملون عليها مع كثرتهم في ذلك الزمان ،.. لم يكن هناك معنى مقدم عند الخليفة عمر رضي الله عنه أو واليه ، و لا عند من جاء من بعدهم من الخلفاء و الملوك و الأمراء على القرآن ..لا ” القرشية ” ، و لا ” الهاشمية ” ، و لا غيرها ..!
و في عهد الأمير خالد الفيصل ( الأمير رقم 271 من عهد النبي صلى الله عليه وسلم لمكة ) ، تم تقديم معنى حديث النشأة ليكون في وجه القرآن الكريم … ! و قد أعطى ذلك القرار رسالة خاطئة – في موسم الحج – عن منهج هذه البلاد !
هذه منطقة مكة ! فيها الكعبة البيت الحرام ، و بها المشاعر منى وعرفات و مزدلفة و الصفا و المروة و مقام إبراهيم و غيرها .. ، هنا دك الله الجبابرة ، و أرغم أنوفهم ، ..هنا نزل القرآن المكي ، حيث لا ” قرشية ” و لا ” هاشمية ” و لا ” شرافة ” ، و لا ” سعودة ” .. بل صوتُ ” القرآن ” يعلو على كل صوت ، فإن الإسلام يعلو و لا يعلى عليه !
في القرن التاسع الهجري : دخل أمير مكة الشريف حسن بن عجلان بن رميثة بن أبي نمي الأول – جد أشراف مكة و ما حولها – ساحة الحرم المكي يطوف حول الكعبة ، فوجد المقريء المجود الإمام محمد ابن الجزري في المسجد الحرام ، فأمر الشريف بحضور أبناءه و غلمانه للاستماع لحلقة الشيخ المقريء ابن الجزري رحمه الله . قال الفاسي –مؤرخ مكة – :”.. ، و حضر إليه الشريف حسن و بعض أولاده و أعيان غلمانه ، و سمعوا على شيخنا المذكور شيئاً من الحديث ، و قصيدة مدح بها السيد الشريف حسن بن عجلان . أولها :
سلامٌ كنشر المسك في السر والعلن يضوع على من وجهه كاسمه الحسن
حسيبٌ نسيبٌ سيدٌ متواضعٌ شريفٌ ظريفٌ كلُ وصفٍ له حسن )
( غاية المرام لابن فهد : 2/325-331 )
إنّّ من اللافت للأنظار أن الرئيس الفخري لجمعية تحفيظ القرآن الكريم لا يحضر غالب احتفالاتها ؟! بينما يشاهده الجميع : يحضر اجتماعات و احتفالات و مناسبات أخرى متعددة ، كـ: حضور ملتقى شباب الأعمال ، و حفل تخريج طالبات ، و حفل المتطوعات في كارثة جدة الأخيرة ..!
لقد فتح ذلك القرار الباب مشرعاً لمن يربط بين نمط ” المواجهة ” الذي كتب عنه سمو الأمير خالد الفيصل ، و بين قرار ” إغلاق حلق القرآن الكريم ” ..!
فالجميع يتذكر قول سمو الأمير للسياسي خالد الدخيل : ( و أخيرا… فإن المملكة (تواجه) الآن تحالفا (غريبا) بين قيادة تنظيم (القاعدة) وما يمارسه أذنابها من تخريب في محاولة لزعزعة استقرار المملكة, …) .
و قوله : ( … ، و لم ترضخ المملكة لأي من فريقي التحالف, فهي تواجه إرهاب القاعدة بضراوة وإصرار, و (تواجه) الصهيونية الغربية بالثبات على المبدأ والإصرار على تطبيق معادلة الملك المؤسس التي توازن بين الأصالة والمعاصرة ..) .
ثم قوله : ( …، أمازلت يا دكتور تعتقد بأن بلادك لا تواجه؟! لا.. بل تواجه.. وتواجه يا أستاذ العلوم السياسية ) ! ( مقال لخالد الفيصل منشور بجريدة الوطن بعنوان : بل تواجه و تواجه يا أستاذ العلوم السياسية .
إنّ ” الاعتدال السعودي ” يقضي بالتوسط على أقل تقدير ، و الوقوف موقف المحايد في باب السلطة والقرار ، فينحى جانب ” الفكر الأحادي الخاص ” في مواجهة الأمور العامة و الخاصة ، كما هي طبيعة سير هذه البلاد المباركة قيادة و شعباً .. ، فهل ” الاعتدال السعودي ” يمكن أن يغلق حلق القرآن الكريم في المسجد الحرام ؟! و هل معادلة الملك المؤسس رحمه الله تعالى في الجمع بين ” الأصالة ” و ” المعاصرة ” تضيق ذرعاً بحلق القرآن الكريم ؟!
حاشا و كلا ..!
و كما يعلم الجميع ، فإنّ ” الاعتدال السعودي ” هو نتيجة اجتماع الحكام الكرام من آل سعود مع العلماء الشرعيين ، حيث اجتمع ” السيف الماحي ” مع ” القرآن الشافي ” . قال جابر رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسم أن نضرب بهذا – يعني السيف – من أعرض عن هذا – يعني : المصحف ) ؛ فهذا هو سرُّ ” الاعتدال السعودي ” !
ليس سراً أن عدداً من البيوت و العوائل الحجازية الأصيلة – النافذة تاريخياً و اجتماعياً في مكة و جدة – أصبحت تجد حرجاً بالغاً من طريقة التعامل معها بأسلوب لم تتعود عليه ! و هذه جريدة ” الوطن ” تنشر للكاتب علي الموسى ( المخلص لبلاط سمو الأمير ) مقالاً عن أهل الحجاز و أنهم ” طرش البحر ” ، مما استدعى كاتباً حجازياً ( محمود عبدالغني صباغ ) أن يرد عليه بعنوان ( عوائل الحجاز ليسوا طرش بحر ! ) و بين فائدة تنوع و تعدد الأعراق بالحجاز و ثمرته على هذه البلاد ، و أنهم شركاء في ” الوحدة السياسية ” ! ( جريدة الوطن : 24 شوال 1430 ) .
و قد كان من آخر الأقدار : ما جرى للوجيه الحجازي صاحب المعالي محمد عبده يماني رحمه الله تعالى -وزير الإعلام الأسبق – حيث قضى نحبه مدافعاً عن قرار إغلاق حلق تحفيظ القرآن الكريم في مجلس سمو الأمير ، و هي من أجل الخواتيم !
أين هذه المواقف و المقالات من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذْ لما قام الرجل أمامه يرعد – بمكة – قال :” هون عليك فإني لست بملك ! إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد ” . رواه ابن ماجة ، و صححه الألباني برقم ( 2693 ) .
في تواضع نبوي جليل ، و درس تربوي بليغ ، مع أنه القائل : ” أنا سيد ولد آدم ولا فخر ” .
إن من غرائب القرارات : ربط إغلاق تحفيظ القرآن بمسألة السعودة ! إذ على أي اعتبار لا تقوى مسألة ” السعودة ” لتكون ذريعة أو مبرراً للإغلاق ! و هذا رئيس غرفة تجارة جدة صالح كامل يقول في مقابلة في جريدة الشرق الأوسط : ” إن مفهوم السعودة أخذناه بالعاطفة ولم يؤخذ بالمنطق، ولا بد من الاعتراف بأنه توجد مشكلة ” . (جريدة الشرق الأوسط الاربعـاء 05 ذو القعـدة 1431 هـ 13 اكتوبر 2010 العدد 11642 ) .
إنَّ الأصل في جمعية تحفيظ القرآن الكريم أنها لا تخضع لمفهوم السعودة ، و ذلك لأنها جهة مستقلة عن ” القطاع العام ” و القطاع الخاص ” ، كما أن أموالها أموال متبرع بها من الملوك و الأمراء ، و الوزراء ، و رجال الأعمال ، و التجار ، و المحسنون لوجه الله تعالى ، فهي من جنس الصدقات و الأوقاف المحبسة على تعليم القرآن دون اشتراط جنسية معينة لأخذ جعل المال .
و القرآن كما يرفع أقواماً ، فهو يضع آخرين ، و كما يهدي فهو يضل ، ..و كما أنه نور و هدى ، فهو لآخرين عمى و ضلال ، و كل من وجد له القبول و التمكين فهو بسبب بركة القرآن ، و كل من وجد الرفض و الخذلان ، فهو بسبب الصد عن القرآن .. ، و القرآن حكم عدل ما ” تعرض له من جبار إلا قصمه ” !
ليت سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة يقتدي بصنوه الشاعر محمد بن راشد آل مكتوم في تبنيه لمسابقة إمارة دبي العالمية لحفظ القرآن الكريم ! فهل يمكن أن نسمع عن مسابقة الأمير خالد الفيصل العالمية لحفظ القرآن الكريم بمكة المكرمة ؟!
الشريف محمد بن حسين الصمداني – جدة ، 3 ذي الحجة 1431
--
======= توقيـع ========
من وسائل الغزو الفكري وخططه الحركية :
قال شيخ الإسلام :
" رأيت كثيراً من كبريات الصحف والمجلات الواسعة الانتشار ، واقعة
تحت سيطرة كتاب متآزرين في السعي لإضعاف نفوذ الدين في المجتمع ، متلاعبين
بأحكامه ، وقواعده ؛ فلهذا لا تسع صدور تلك الصحف والمجلات ، لمقالات الذود عن الدين برغبة صحيحة "
المصدر : موقف العقل والعلم والعالم
، لشيخ الإسلام مصطفى صبري رحمه الله :ج1 ص51
قلت : كان هذا في القرن الماضي ! ولا زال إلى اليوم !
------------------------------------
بقلم : د.سعد بن مطر العتيبي
جيل اليوم الذي يقرأ ليس هو جيل الأمس الذي يكتب ؛ والفرق أنَّ جيل القراءة الجديد ( ذكوراً وإناثاً ) متقدِّمٌ كثيراً في وسائل التلقي عن جيل الكتابة ( المحتكر بشيوخه وعجائزه )..
وهذا متغير مهم جداً ، لا يفقهه جيل الكتابة المحتكِر ، الذي صار مثار ضحك عند جيل القراءة الحرّ ! فجيل القراءة الجديد ، يتعامل أكثر ما يتعامل في الوسائل مع إضاءة اللغة الرقمية ، لا مع رائحة أحبار اللغة الورقية .. مع الشاشة ، لا مع القصاصة .. ويتعامل في المضامين مع من يحترم عقله ، ويقدر شأنه ..
جيل اليوم صار فاعلاً ، ولا يقبل أن يكون متلقياً ساكناً .. فبإمكانه - مثلاً - أن يعلق على النسخ الرقمية للصحف الورقية وغيرها ؛ فإذا ما تجاهلت الصحيفة الرقمية تعليقه ، اكتشف الحقيقة المرّة ، وعبّر عنها عبر موقعه الشبكي ، أو صفحته الرقمية ، أو منتداه الشبابي ! أو مجموعاته البريدية الرقمية ( القروبات ) ، أو عبر كل حديثٍ من وسائل الاتصال في حاسوبه الكفي وهاتفه النقال ..
ومما ينبغي معرفته : أنَّ الإقصاء الصحفي ليس من بدع رؤساء التحرير والمحررين الصحفيين القدماء الذين لا زالوا عى قيد الحياة ، وإنما هو أسلوب أقدم منهم على قدمهم ، ورثوه عن السابقين من حملة ذات الفكر في الغالب ، على طريقة الجيل الجاهلي الذي كان شعاره تقليديا لا عقلياً ، تؤكده عبارات من مثل : ( أترغب عن ملة عبد المطلب ) ؟!
فهذا شيخ الإسلام رحمه الله يقول : " رأيت كثيراً من كبريات الصحف والمجلات الواسعة الانتشار ، واقعة تحت سيطرة كتاب متآزرين في السعي لإضعاف نفوذ الدين في المجتمع ، متلاعبين بأحكامه ، وقواعده ؛ فلهذا لا تسع صدور تلك الصحف والمجلات ، لمقالات الذود عن الدين برغبة صحيحة " . ( موقف العقل والعلم والعالم ، لشيخ الإسلام مصطفى صبري رحمه الله :ج1 ص51 )
وحتى تستمر المهزلة التي تجاوزها الزمن ، وتباعد عنها العصر ، وجد جيل الكتَّاب القدماء ، بعض المرتزقة من جيل القراء ، ليورِّثوهم تلك الخصلة السيئة ، أعني : الإقصاء ، وزادوهم رهقا باستكتابهم في الذبّ عنهم في حياتهم وربما بعد مماتهم ؛ فصار الأمر في غاية الانكشاف لجيل اليوم الحرّ ، الذي سيبقى بقية عمره يسخر من جيل المستكتَبين الجدد ، الذين يقدِّمون الرؤية الاستبدادية البائدة ، لجيل لم يعد يقبل إلا أن يرفع صوته بما يراه ، ويردّ على الكتّاب قبل أن تنتشر مقالاتهم ، ويسخر من المستكتبين قبل أن يظهر دفاعهم عن من استكتّبهم !
فهل يعي جيل الأمس الحيّ هذا المتغير ، ويدرك حقيقة الأمر ، ويساير العصر في احترام القراء الجدد ، وتقدير التغير الفكري الإيجابي - لجيل اليوم - الذي تجاوز التلقي المطلق إلى التلقي الناقد ، والتعقل الراشد ! وهل يستوعب جيل الأمس الحيّ حقيقة التغيّر التقني من الانغلاق إلى الانفتاح ؟!
أو أن جيل الأمس سيبقى في العصور المظلمة حيث الاحتكار والإقصاء والظنّ بأنَّ الحقائق صعب تجاهلها ؟!
============= فاصل ==============
أجندة مدرسي الحلقات
بقلم: عامر بن محمد بهجت –أكاديمي سعودي
يحاول بعض الكتاب أن ينكر أن يكون لمدرسي حلقات التحفيظ أجندات خاصة
يوظفون الحلقات لتنفيذها وتحقيقها؛ ونظرًا لكوني عشت في هذه الحلقات مدة
طويلة، وأعرف عددا من مدرسيها فإني أدلي هنا بشهادتي لله ثم للتاريخ،
فأقول:
إن أي محاولة لإنكار وجود أهداف وأجندات لمدرسي الحلقات هي محاولة لإخفاء
الواقع، وتجاهل الحقائق، والشمس لا تحجب بغربال.
وسوف أكشف أوراق أولئك المدرسين ليعلم العالم أجمع ما يسعون لتحقيقه.
إنهم أيها القارئ الكريم يمررون لطلابهم رسائل وأفكار منها:
• إنهم يسعون سعيًا حثيثًا إلى تثبيت القرآن في قلوب الناشئة –سواء
أعلنوا ذلك أم لا-.
• إنهم يقنعون أبناءنا بأنّ النون الساكنة إذا أتى بعدها حرف الواو
فلابد أن تدغم بغنّة، ويحاولون جاهدين إلى نطق الطالب بالحروف بنطق صحيح
وإخراجها من مخارجها.
• إن لديهم 114 سورة يقولون: إنها من عند الله، ويرفضون أن يزيدوا
فيها أي سورة.
• لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الطلاب يحفظون عليهم سورة
الكافرون وسورة الفلق وسورة النبأ.
• إنهم يغرسون في قلب الطالب تعظيم شخصيات ورموز من خلال تحفيظه
لقصصهم الواردة في الكتاب، فمن هذه الشخصيات: (إِبْرَاهِيمَ وإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ وَنُوحًا ودَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ
وَمُوسَى وَهَارُونَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا) ويعلمونهم بالحرف الواحد
أن: (أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا
قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ
فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ).
• إنهم يغذون الطالب –عن طريق تحفيظه- بأفكار ومبادئ منها:
• تعليم طلابهم بر الوالدين عن طريق تلقينهم: (وَاعْبُدُوا
اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
وليس الوالدين فحسب بل (وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِالْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ).
• إنهم يمررون للناشئة رسالة مفادها: وجوب الصدق في الحديث
بإقرائهم: (اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
• إنهم يبغّضون ويكرّهون أبناءنا –دون أن نعلم- في: الغيبة وسوء
الظن والتجسس بتعليمهم: (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ
بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
فَكَرِهْتُمُوهُ).
• ماذا يريد هؤلاء حينما يعلمون أولادنا: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)، و (لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ
مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا منهم) (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) و(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا
ربكم فاعبدون)؟ تشير بعض القرائن أنهم يهدفون إلى نشر الأخوة والمحبة في
المجتمع بجميع جنسياته وطبقاته، فانتبهوا يا معاشر الآباء.
• ومن مخططاتهم أن ذلك كله يتم فقط من خلال الحفظ والتلقين دون أي
تفسير ولا أي أمر آخر!، بل إنهم يقنعون الطلاب بقداسة هذا القرآن وأن هذا
الكتاب الذي يحفظونه (لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، وأنه
(كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ)
وأنه (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ
خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وأن هذا الكتاب (مَا هُوَ
بِقَوْلِ شَاعِرٍ) (وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ) وأنه (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ
الْعَالَمِينَ) ويحفظونهم: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ
وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ
بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وَلَقَدْ
صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى
أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ) وأن (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، وأن (اللَّهَ
نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي
الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)، وأنه (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وَأَنَّ الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) وفوق
هذا كله يدرسونهم أن هذا الكتاب أنزله الله (مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا
آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، ويقولون لهم إن الرب
قال(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ويقولون للطالب: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي
حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ
بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) مما قد يؤدي -ولو في
المستقبل- إلى عدم قبوله الانسياق للرأي الآخر المخالف لقطعيات ومحكمات
ما حفظه في القرآن.
• أيها الناس: إنه مخطط يهدف إلى نشر القرآن وحفظ آياته وتلقين
الناشئة كل مبادئه حرفا حرفا ليكبر الصغير وقد تشرب تلك النصوص المقدسة
حتى لو لم يفهمها في صغره فقد يأتي اليوم الذي يفهمها ويعمل بها.
• إنه أعظم كتاب، وتعليمه أعظم تعليم، وحسب معلميه ثناء الله
وتزكية الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم بقوله:، (خيركم من تعلم
القرآن وعلّمه).
• يا معلمي القرآن أنتم تاج رؤوسنا وفخر لنا، نحبكم ونثق فيكم
فسيروا على بركة الله.
--
وكتبه عامر بن بهجت
المحاضر بالمعهد العالي للأئمة والخطباء- جامعة طيبة
amfb1428@gmail.com (amfb1428@gmail.com)
============= فاصل ==============
نشر في مجموعة د. عبد العزيز قاسم سلمه الله !
عفواً سمو أمير مكة : ” و إنه لقرآن كريم “
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فعن عامر بن واثلة أن نافع بن عبدالحارث لقي عمر رضي الله عنه بعسفان ، و كان عمر يستعمله على مكة ، فقال : من استعملت على أهل الوادي ؟ فقال : ابن أبزى ! قال عمر : و من ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا ! قال عمر : فاستخلفتَ عليهم مولى ؟ قال نافع : إنه قاريء لكتاب الله تعالى و إنه عالم بالفرائض . قال عمر : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : ” إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ” رواه مسلم .
هذا هو القرآن يرفع المولى حتى يجعله أميراً عاملاً على مكة ، و يضع آخرين من القرشيين و غيرهم ، فلا يتولون إمارة مكة و لا يستعملون عليها مع كثرتهم في ذلك الزمان ،.. لم يكن هناك معنى مقدم عند الخليفة عمر رضي الله عنه أو واليه ، و لا عند من جاء من بعدهم من الخلفاء و الملوك و الأمراء على القرآن ..لا ” القرشية ” ، و لا ” الهاشمية ” ، و لا غيرها ..!
و في عهد الأمير خالد الفيصل ( الأمير رقم 271 من عهد النبي صلى الله عليه وسلم لمكة ) ، تم تقديم معنى حديث النشأة ليكون في وجه القرآن الكريم … ! و قد أعطى ذلك القرار رسالة خاطئة – في موسم الحج – عن منهج هذه البلاد !
هذه منطقة مكة ! فيها الكعبة البيت الحرام ، و بها المشاعر منى وعرفات و مزدلفة و الصفا و المروة و مقام إبراهيم و غيرها .. ، هنا دك الله الجبابرة ، و أرغم أنوفهم ، ..هنا نزل القرآن المكي ، حيث لا ” قرشية ” و لا ” هاشمية ” و لا ” شرافة ” ، و لا ” سعودة ” .. بل صوتُ ” القرآن ” يعلو على كل صوت ، فإن الإسلام يعلو و لا يعلى عليه !
في القرن التاسع الهجري : دخل أمير مكة الشريف حسن بن عجلان بن رميثة بن أبي نمي الأول – جد أشراف مكة و ما حولها – ساحة الحرم المكي يطوف حول الكعبة ، فوجد المقريء المجود الإمام محمد ابن الجزري في المسجد الحرام ، فأمر الشريف بحضور أبناءه و غلمانه للاستماع لحلقة الشيخ المقريء ابن الجزري رحمه الله . قال الفاسي –مؤرخ مكة – :”.. ، و حضر إليه الشريف حسن و بعض أولاده و أعيان غلمانه ، و سمعوا على شيخنا المذكور شيئاً من الحديث ، و قصيدة مدح بها السيد الشريف حسن بن عجلان . أولها :
سلامٌ كنشر المسك في السر والعلن يضوع على من وجهه كاسمه الحسن
حسيبٌ نسيبٌ سيدٌ متواضعٌ شريفٌ ظريفٌ كلُ وصفٍ له حسن )
( غاية المرام لابن فهد : 2/325-331 )
إنّّ من اللافت للأنظار أن الرئيس الفخري لجمعية تحفيظ القرآن الكريم لا يحضر غالب احتفالاتها ؟! بينما يشاهده الجميع : يحضر اجتماعات و احتفالات و مناسبات أخرى متعددة ، كـ: حضور ملتقى شباب الأعمال ، و حفل تخريج طالبات ، و حفل المتطوعات في كارثة جدة الأخيرة ..!
لقد فتح ذلك القرار الباب مشرعاً لمن يربط بين نمط ” المواجهة ” الذي كتب عنه سمو الأمير خالد الفيصل ، و بين قرار ” إغلاق حلق القرآن الكريم ” ..!
فالجميع يتذكر قول سمو الأمير للسياسي خالد الدخيل : ( و أخيرا… فإن المملكة (تواجه) الآن تحالفا (غريبا) بين قيادة تنظيم (القاعدة) وما يمارسه أذنابها من تخريب في محاولة لزعزعة استقرار المملكة, …) .
و قوله : ( … ، و لم ترضخ المملكة لأي من فريقي التحالف, فهي تواجه إرهاب القاعدة بضراوة وإصرار, و (تواجه) الصهيونية الغربية بالثبات على المبدأ والإصرار على تطبيق معادلة الملك المؤسس التي توازن بين الأصالة والمعاصرة ..) .
ثم قوله : ( …، أمازلت يا دكتور تعتقد بأن بلادك لا تواجه؟! لا.. بل تواجه.. وتواجه يا أستاذ العلوم السياسية ) ! ( مقال لخالد الفيصل منشور بجريدة الوطن بعنوان : بل تواجه و تواجه يا أستاذ العلوم السياسية .
إنّ ” الاعتدال السعودي ” يقضي بالتوسط على أقل تقدير ، و الوقوف موقف المحايد في باب السلطة والقرار ، فينحى جانب ” الفكر الأحادي الخاص ” في مواجهة الأمور العامة و الخاصة ، كما هي طبيعة سير هذه البلاد المباركة قيادة و شعباً .. ، فهل ” الاعتدال السعودي ” يمكن أن يغلق حلق القرآن الكريم في المسجد الحرام ؟! و هل معادلة الملك المؤسس رحمه الله تعالى في الجمع بين ” الأصالة ” و ” المعاصرة ” تضيق ذرعاً بحلق القرآن الكريم ؟!
حاشا و كلا ..!
و كما يعلم الجميع ، فإنّ ” الاعتدال السعودي ” هو نتيجة اجتماع الحكام الكرام من آل سعود مع العلماء الشرعيين ، حيث اجتمع ” السيف الماحي ” مع ” القرآن الشافي ” . قال جابر رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسم أن نضرب بهذا – يعني السيف – من أعرض عن هذا – يعني : المصحف ) ؛ فهذا هو سرُّ ” الاعتدال السعودي ” !
ليس سراً أن عدداً من البيوت و العوائل الحجازية الأصيلة – النافذة تاريخياً و اجتماعياً في مكة و جدة – أصبحت تجد حرجاً بالغاً من طريقة التعامل معها بأسلوب لم تتعود عليه ! و هذه جريدة ” الوطن ” تنشر للكاتب علي الموسى ( المخلص لبلاط سمو الأمير ) مقالاً عن أهل الحجاز و أنهم ” طرش البحر ” ، مما استدعى كاتباً حجازياً ( محمود عبدالغني صباغ ) أن يرد عليه بعنوان ( عوائل الحجاز ليسوا طرش بحر ! ) و بين فائدة تنوع و تعدد الأعراق بالحجاز و ثمرته على هذه البلاد ، و أنهم شركاء في ” الوحدة السياسية ” ! ( جريدة الوطن : 24 شوال 1430 ) .
و قد كان من آخر الأقدار : ما جرى للوجيه الحجازي صاحب المعالي محمد عبده يماني رحمه الله تعالى -وزير الإعلام الأسبق – حيث قضى نحبه مدافعاً عن قرار إغلاق حلق تحفيظ القرآن الكريم في مجلس سمو الأمير ، و هي من أجل الخواتيم !
أين هذه المواقف و المقالات من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذْ لما قام الرجل أمامه يرعد – بمكة – قال :” هون عليك فإني لست بملك ! إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد ” . رواه ابن ماجة ، و صححه الألباني برقم ( 2693 ) .
في تواضع نبوي جليل ، و درس تربوي بليغ ، مع أنه القائل : ” أنا سيد ولد آدم ولا فخر ” .
إن من غرائب القرارات : ربط إغلاق تحفيظ القرآن بمسألة السعودة ! إذ على أي اعتبار لا تقوى مسألة ” السعودة ” لتكون ذريعة أو مبرراً للإغلاق ! و هذا رئيس غرفة تجارة جدة صالح كامل يقول في مقابلة في جريدة الشرق الأوسط : ” إن مفهوم السعودة أخذناه بالعاطفة ولم يؤخذ بالمنطق، ولا بد من الاعتراف بأنه توجد مشكلة ” . (جريدة الشرق الأوسط الاربعـاء 05 ذو القعـدة 1431 هـ 13 اكتوبر 2010 العدد 11642 ) .
إنَّ الأصل في جمعية تحفيظ القرآن الكريم أنها لا تخضع لمفهوم السعودة ، و ذلك لأنها جهة مستقلة عن ” القطاع العام ” و القطاع الخاص ” ، كما أن أموالها أموال متبرع بها من الملوك و الأمراء ، و الوزراء ، و رجال الأعمال ، و التجار ، و المحسنون لوجه الله تعالى ، فهي من جنس الصدقات و الأوقاف المحبسة على تعليم القرآن دون اشتراط جنسية معينة لأخذ جعل المال .
و القرآن كما يرفع أقواماً ، فهو يضع آخرين ، و كما يهدي فهو يضل ، ..و كما أنه نور و هدى ، فهو لآخرين عمى و ضلال ، و كل من وجد له القبول و التمكين فهو بسبب بركة القرآن ، و كل من وجد الرفض و الخذلان ، فهو بسبب الصد عن القرآن .. ، و القرآن حكم عدل ما ” تعرض له من جبار إلا قصمه ” !
ليت سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة يقتدي بصنوه الشاعر محمد بن راشد آل مكتوم في تبنيه لمسابقة إمارة دبي العالمية لحفظ القرآن الكريم ! فهل يمكن أن نسمع عن مسابقة الأمير خالد الفيصل العالمية لحفظ القرآن الكريم بمكة المكرمة ؟!
الشريف محمد بن حسين الصمداني – جدة ، 3 ذي الحجة 1431
--
======= توقيـع ========
من وسائل الغزو الفكري وخططه الحركية :
قال شيخ الإسلام :
" رأيت كثيراً من كبريات الصحف والمجلات الواسعة الانتشار ، واقعة
تحت سيطرة كتاب متآزرين في السعي لإضعاف نفوذ الدين في المجتمع ، متلاعبين
بأحكامه ، وقواعده ؛ فلهذا لا تسع صدور تلك الصحف والمجلات ، لمقالات الذود عن الدين برغبة صحيحة "
المصدر : موقف العقل والعلم والعالم
، لشيخ الإسلام مصطفى صبري رحمه الله :ج1 ص51
قلت : كان هذا في القرن الماضي ! ولا زال إلى اليوم !
------------------------------------