سجى الليل
03-06-2011, 04:20 PM
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قــال رســول الله
صلى الله عليه وسلم " ما نقصـت صدقة من مال ،
وما زاد الله عبــداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحـد
لله إلا رفعه الله " رواه مسـلم
هــذا الحــديــث احتوى عـــــلى فضل الصدقة والعفو
والتواضع ، وبيـــان ثمراتها العاجلة والآجلة ، وأن
كـل مــا يتـوهمـه المتــوهم من نقص الصدقة للمال
ومنافاة العفو للعز والتواضع للرفعة . وهم غالط
وظن كاذب .
فالصدقة لا تنقص المال لأنه لو فرض أنه نقص من
جهة ، فقـد زاد من جهات أُخر ؛ فإن الصـدقة تبارك
المال وتدفع عنه الآفات وتنمــيه ، وتفتح للمتصدق
مـن أبواب الرزق وأســباب الزيادة أموراً ما تفـتح
على غيره . فهل يقابل ذلك النقص بعــض هـــذه
الثمرات الجليلة ؟
فالصدقة لله التي فــــي محلها لا تنفد المال قطعاً ،
ولا تـنقصه بنـص النبي صلى الله عليه وسـلـــم ،
وبالمشـاهدات والتجربات المعـلومة . هــذا كــلـه
سوى ما لصاحبها عند الله : من الثواب الجزيل،
والخير والرفعة .
وأما العفو عن جنايات المسيئين بأقوالهم وأفعالهم:
فلا يتوهم منه الذل ، بل هــذا عين العـز ، فإن العز
هو الرفعة عند الله وعند خلقه ، مع القدرة عــــلى
قهر الخصوم والأعــداء .
ومعـلوم ما يحصـل للعافي من الخــيـر والثـناء عند
الخـلق وانقـلاب العدو صديقاً وانقلاب النـــاس مــع
العافي ونصرتهم لـه بالـقول والفعل عـلى خصمه ،
ومعاملة الله لـه مـــن جنس عمله ، فإن من عـفا
عن عــباد الله عفـا الله عنه .
وكذلك المتواضع لله ولعـــباده ويرفعه الله درجات ؛
فإن الله ذكر الرفعة فــي قــولـــه ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )
فمــن أجــــلّ ثمرات العلم والإيمان : التواضع فإنـه
الانقياد الكامل للحق، والخضوع لأمر الله ورسوله؛
امتثالاً للأمر واجتناباً للنهي ، مـع التواضع لعبـاد
الله وخفض الجناح لهم ومراعاة الصغير والكبير ،
والشــريف والوضيع . وضــد ذلك التكبر ؛ فهــو
غـمط الـحق ، واحتقار الناس .
وهـذه الثلاث المذكورات فـي هـذا الحديث : مقدمات
صفات المحسنين . فهـذا محسن فـي ماله ، ودفـــع
حاجة المحتاجين .وهذا محسن بالعفو عن جنايات
المسيئين وهـذا محسـن إليهـــم بحلمه وتواضعـه ،
وحسن خلقه مـــع النـاس أجمعين . وهــؤلاء قــد
وسعـــوا النــاس بأخلاقهم وإحسانهم ورفعــهـــم
الله فصار لهم المحل الأشرف بيــن العباد ، مـــع
ما يدخر الله لهم من الثواب .
وفي قوله صلّى الله عليه وســلم " وما تواضع أحد
لله " تنبيه علـى حســــن القصد والإخلاص لله فــي
تواضعه ؛ لأن كثيراً من الناس قـد يظهر التواضع
للأغنياء ليصيب مــــن دنياهم أو للـرؤساء ليــنـال
بسببهم مطلوبه .وقد يظهر التواضع رياء وسمعة
وكل هذه أغراض فاسدة .لا ينفع العبد إلا التواضع
لله تقرباً إليه . وطلباً لثوابه ،وإحساناً إلى الخلق
فكمال الإحسان وروحه الإخلاص لله .
م\ن
كتاب ( بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح
جوامع الأخبار ) للشيخ عبدالرحمن السعدي
صلى الله عليه وسلم " ما نقصـت صدقة من مال ،
وما زاد الله عبــداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحـد
لله إلا رفعه الله " رواه مسـلم
هــذا الحــديــث احتوى عـــــلى فضل الصدقة والعفو
والتواضع ، وبيـــان ثمراتها العاجلة والآجلة ، وأن
كـل مــا يتـوهمـه المتــوهم من نقص الصدقة للمال
ومنافاة العفو للعز والتواضع للرفعة . وهم غالط
وظن كاذب .
فالصدقة لا تنقص المال لأنه لو فرض أنه نقص من
جهة ، فقـد زاد من جهات أُخر ؛ فإن الصـدقة تبارك
المال وتدفع عنه الآفات وتنمــيه ، وتفتح للمتصدق
مـن أبواب الرزق وأســباب الزيادة أموراً ما تفـتح
على غيره . فهل يقابل ذلك النقص بعــض هـــذه
الثمرات الجليلة ؟
فالصدقة لله التي فــــي محلها لا تنفد المال قطعاً ،
ولا تـنقصه بنـص النبي صلى الله عليه وسـلـــم ،
وبالمشـاهدات والتجربات المعـلومة . هــذا كــلـه
سوى ما لصاحبها عند الله : من الثواب الجزيل،
والخير والرفعة .
وأما العفو عن جنايات المسيئين بأقوالهم وأفعالهم:
فلا يتوهم منه الذل ، بل هــذا عين العـز ، فإن العز
هو الرفعة عند الله وعند خلقه ، مع القدرة عــــلى
قهر الخصوم والأعــداء .
ومعـلوم ما يحصـل للعافي من الخــيـر والثـناء عند
الخـلق وانقـلاب العدو صديقاً وانقلاب النـــاس مــع
العافي ونصرتهم لـه بالـقول والفعل عـلى خصمه ،
ومعاملة الله لـه مـــن جنس عمله ، فإن من عـفا
عن عــباد الله عفـا الله عنه .
وكذلك المتواضع لله ولعـــباده ويرفعه الله درجات ؛
فإن الله ذكر الرفعة فــي قــولـــه ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )
فمــن أجــــلّ ثمرات العلم والإيمان : التواضع فإنـه
الانقياد الكامل للحق، والخضوع لأمر الله ورسوله؛
امتثالاً للأمر واجتناباً للنهي ، مـع التواضع لعبـاد
الله وخفض الجناح لهم ومراعاة الصغير والكبير ،
والشــريف والوضيع . وضــد ذلك التكبر ؛ فهــو
غـمط الـحق ، واحتقار الناس .
وهـذه الثلاث المذكورات فـي هـذا الحديث : مقدمات
صفات المحسنين . فهـذا محسن فـي ماله ، ودفـــع
حاجة المحتاجين .وهذا محسن بالعفو عن جنايات
المسيئين وهـذا محسـن إليهـــم بحلمه وتواضعـه ،
وحسن خلقه مـــع النـاس أجمعين . وهــؤلاء قــد
وسعـــوا النــاس بأخلاقهم وإحسانهم ورفعــهـــم
الله فصار لهم المحل الأشرف بيــن العباد ، مـــع
ما يدخر الله لهم من الثواب .
وفي قوله صلّى الله عليه وســلم " وما تواضع أحد
لله " تنبيه علـى حســــن القصد والإخلاص لله فــي
تواضعه ؛ لأن كثيراً من الناس قـد يظهر التواضع
للأغنياء ليصيب مــــن دنياهم أو للـرؤساء ليــنـال
بسببهم مطلوبه .وقد يظهر التواضع رياء وسمعة
وكل هذه أغراض فاسدة .لا ينفع العبد إلا التواضع
لله تقرباً إليه . وطلباً لثوابه ،وإحساناً إلى الخلق
فكمال الإحسان وروحه الإخلاص لله .
م\ن
كتاب ( بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح
جوامع الأخبار ) للشيخ عبدالرحمن السعدي