سجى الليل
03-25-2011, 01:07 AM
http://www.kazamiza.com/lopez/bsmsla/17.gif
( أَفَمَــن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَــنْ هُــــوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِيــنَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُـــمْ وَيَخَافُونَ سُــوءَ الحِسَابِ ، وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْــهِ رَبِّهِـــمْ وَأَقَـــامُــواْ الصَّلاَةَوَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ، جَنَّاتُ عَــدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِــنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ *سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) .
يقـول تعالى : مفرقا بين أهل العلم والعمل وبين ضدهم
( أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ ) ففهـــم ذلك
وعمل به ( كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ) لا يعلم الحق ولا يعمل به
فبينهما مـن الفرق كما بيـن السماء والأرض ، فحقيق
بالعبد أن يتذكـر ويتفكر أي الفريقين أحسن حالا وخير
مآلا فيؤثر طريقها ويسلك خلف فريقها ، ولكن
ما كل أحد يتذكر ما ينفعه ويضره .
( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) أي : أولو العقول الرزينة،
والآراء الكاملة، الذين هم لُبّ العالم، وصفوة بني آدم،
فإن سألت عن وصفهم، فلا تجد أحسن من وصف الله
لهم بقوله ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ ) الذي عهده إليهم
والـذي عاهدهم عليه من القيام بحقوقه كاملة موفرة ،
فالوفاء بهـا توفيتها حقها مــن التتميم لها ، والنصح
فيها ( و ) من تمام الوفاء بهــــــا أنهــم ( لاَ يِنقُضُونَ
الْمِيثَاقَ ) أي : العهد الذي عاهدوا عليه الله، فدخل في
ذلك جميع المواثيق والعهود والأيمان والنذور ، التي
يعقدها العباد . فلا يكون العبد من أولي الألباب الذين
لهم الثواب العظيم ، إلا بأدائها كاملة ،وعدم نقضها
وبخسها .
( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ) وهذا عام
في كل ما أمر الله بوصله ، من الإيمان به وبرسوله ،
ومحبته ومحبة رسوله ، والانقياد لعـبــادتــه وحده
لا شريك له ، ولطاعة رسوله .
ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرهم بالقول والفعل وعـدم
عقوقهم ، ويصلون الأقارب والأرحام ، بالإحسان إليهم
قولا وفعلا ويصلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب
والمماليك ، بأداء حقهم كاملا موفرا مـــن الحقوق
الدينية والدنيوية .
والسبب الـذي يجعل العبد واصلا مــا أمـــر الله بــه أن
يوصل ، خشية الله وخوف يوم الحساب ، ولهــذا قــال
(وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي: يخافونه ، فيمنعهم خوفهم منه،
ومن القدوم عليه يــوم الحساب ، أن يتجرؤوا عـــلى
معاصي الله ، أو يقصروا فـي شيء مما أمر الله به
خوفا من العقاب ورجاء للثواب .
( وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ) عــلى المأمورات بالامتثال ، وعـن
المنهيات بالانكفاف عنها والبعد منها ، وعـلى أقدار
الله المؤلمة بعدم تسخطها .
ولكن بشرط أن يكـون ذلك الصبر ( ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ )
لا لغير ذلك من المقاصد والأغراض الفاسدة ، فإن هذا
هو الصبر النافع الذي يحبس به العبد نفسه ، طلبــــا
لمرضاة ربه ورجاء للقرب منه والحظوة بثوابه ،وهو
الصبر الذي مـــن خصائص أهل الإيمان ، وأما الصبر
المشترك الـــذي غايته التجلد ومنتهاه الفخر ، فــهــذا
يصدر من البر والفاجر ، والمؤمن والكافر، فليس
هو الممدوح على الحقيقة .
( وَأَقَــامُـــواْ الصَّـــلاَةَ ) بأركانها وشروطها ومكملاتها
ظاهرا وباطنا ، ( وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً )
دخـــل فــي ذلك النفقات الواجبة كالزكوات والكفارات
والنفقات المستحبة وأنهم ينفقون حيث دعت الحاجة
إلى النفقة ، سرا وعلانية .
(وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي: من أساء إليهم بقول
أو فعل ،لم يقابلوه بفعله ، بل قابلوه بالإحسان إليه .
فيعطون من حرمهم ،ويعفون عمن ظلمهم ، ويصلون
من قطعهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، وإذا كانوا
يقابلون المسيء بالإحسان، فما ظنك بغير المسيء؟!
( أُوْلَئِكَ ) الــذيــن وصــفــت صفاتهم الجليلة ومناقبهم
الجميلة (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) فسرها بقوله ( جَنَّاتُ عَدْنٍ )
أي : إقامة لا يزولون عنهـا ، ولا يبغون عنهـا حولا ؛
لأنهم لا يرون فوقها غاية لما اشتملت عليه من النعيم
والسرور ، الذي تنتهي إليه المطالب والغايات .
ومــن تمام نعيمهم وقرة أعينهم أنهم ( يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ
صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ ) مـــن الذكور والإناث ( وَأَزْوَاجِهِمْ )
أي الــزوج أو الــزوجــة وكـــذلك النظراء والأشباه ،
والأصحاب والأحباب ، فإنهم من أزواجهم وذرياتهم ،
( وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّـن كُـــلِّ بَابٍ ) يهنئونهم
بالسلامة وكرامة الله لهــم ويقولون ( سَلاَمٌ عَلَيْكُم )
أي : حلت عليكم السلامة والتحية مــن الله وحصلت
لكــم ، وذلك متضمن لزوال كل مكروه ، ومستلزم
لحصول كل محبوب .
( بِمَا صَبَرْتُمْ ) أي : صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه
المنازل العالية، والجنان الغالية، ( فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )
فحقيق بمــن نصح نفسه وكــان لهــــا عنده قيمة ، أن
يجاهدها لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب،
لعلها تحظى بهذه الدار التي هي منية النفوس وسرور
الأرواح الجامعة لجـــميع اللذات والأفراح ، فلمثلها
فليعمل العاملون وفيها فليتنافس المتنافسون .
من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
( أَفَمَــن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَــنْ هُــــوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِيــنَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُـــمْ وَيَخَافُونَ سُــوءَ الحِسَابِ ، وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْــهِ رَبِّهِـــمْ وَأَقَـــامُــواْ الصَّلاَةَوَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ، جَنَّاتُ عَــدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِــنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ *سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) .
يقـول تعالى : مفرقا بين أهل العلم والعمل وبين ضدهم
( أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ ) ففهـــم ذلك
وعمل به ( كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ) لا يعلم الحق ولا يعمل به
فبينهما مـن الفرق كما بيـن السماء والأرض ، فحقيق
بالعبد أن يتذكـر ويتفكر أي الفريقين أحسن حالا وخير
مآلا فيؤثر طريقها ويسلك خلف فريقها ، ولكن
ما كل أحد يتذكر ما ينفعه ويضره .
( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) أي : أولو العقول الرزينة،
والآراء الكاملة، الذين هم لُبّ العالم، وصفوة بني آدم،
فإن سألت عن وصفهم، فلا تجد أحسن من وصف الله
لهم بقوله ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ ) الذي عهده إليهم
والـذي عاهدهم عليه من القيام بحقوقه كاملة موفرة ،
فالوفاء بهـا توفيتها حقها مــن التتميم لها ، والنصح
فيها ( و ) من تمام الوفاء بهــــــا أنهــم ( لاَ يِنقُضُونَ
الْمِيثَاقَ ) أي : العهد الذي عاهدوا عليه الله، فدخل في
ذلك جميع المواثيق والعهود والأيمان والنذور ، التي
يعقدها العباد . فلا يكون العبد من أولي الألباب الذين
لهم الثواب العظيم ، إلا بأدائها كاملة ،وعدم نقضها
وبخسها .
( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ) وهذا عام
في كل ما أمر الله بوصله ، من الإيمان به وبرسوله ،
ومحبته ومحبة رسوله ، والانقياد لعـبــادتــه وحده
لا شريك له ، ولطاعة رسوله .
ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرهم بالقول والفعل وعـدم
عقوقهم ، ويصلون الأقارب والأرحام ، بالإحسان إليهم
قولا وفعلا ويصلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب
والمماليك ، بأداء حقهم كاملا موفرا مـــن الحقوق
الدينية والدنيوية .
والسبب الـذي يجعل العبد واصلا مــا أمـــر الله بــه أن
يوصل ، خشية الله وخوف يوم الحساب ، ولهــذا قــال
(وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي: يخافونه ، فيمنعهم خوفهم منه،
ومن القدوم عليه يــوم الحساب ، أن يتجرؤوا عـــلى
معاصي الله ، أو يقصروا فـي شيء مما أمر الله به
خوفا من العقاب ورجاء للثواب .
( وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ) عــلى المأمورات بالامتثال ، وعـن
المنهيات بالانكفاف عنها والبعد منها ، وعـلى أقدار
الله المؤلمة بعدم تسخطها .
ولكن بشرط أن يكـون ذلك الصبر ( ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ )
لا لغير ذلك من المقاصد والأغراض الفاسدة ، فإن هذا
هو الصبر النافع الذي يحبس به العبد نفسه ، طلبــــا
لمرضاة ربه ورجاء للقرب منه والحظوة بثوابه ،وهو
الصبر الذي مـــن خصائص أهل الإيمان ، وأما الصبر
المشترك الـــذي غايته التجلد ومنتهاه الفخر ، فــهــذا
يصدر من البر والفاجر ، والمؤمن والكافر، فليس
هو الممدوح على الحقيقة .
( وَأَقَــامُـــواْ الصَّـــلاَةَ ) بأركانها وشروطها ومكملاتها
ظاهرا وباطنا ، ( وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً )
دخـــل فــي ذلك النفقات الواجبة كالزكوات والكفارات
والنفقات المستحبة وأنهم ينفقون حيث دعت الحاجة
إلى النفقة ، سرا وعلانية .
(وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي: من أساء إليهم بقول
أو فعل ،لم يقابلوه بفعله ، بل قابلوه بالإحسان إليه .
فيعطون من حرمهم ،ويعفون عمن ظلمهم ، ويصلون
من قطعهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، وإذا كانوا
يقابلون المسيء بالإحسان، فما ظنك بغير المسيء؟!
( أُوْلَئِكَ ) الــذيــن وصــفــت صفاتهم الجليلة ومناقبهم
الجميلة (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) فسرها بقوله ( جَنَّاتُ عَدْنٍ )
أي : إقامة لا يزولون عنهـا ، ولا يبغون عنهـا حولا ؛
لأنهم لا يرون فوقها غاية لما اشتملت عليه من النعيم
والسرور ، الذي تنتهي إليه المطالب والغايات .
ومــن تمام نعيمهم وقرة أعينهم أنهم ( يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ
صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ ) مـــن الذكور والإناث ( وَأَزْوَاجِهِمْ )
أي الــزوج أو الــزوجــة وكـــذلك النظراء والأشباه ،
والأصحاب والأحباب ، فإنهم من أزواجهم وذرياتهم ،
( وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّـن كُـــلِّ بَابٍ ) يهنئونهم
بالسلامة وكرامة الله لهــم ويقولون ( سَلاَمٌ عَلَيْكُم )
أي : حلت عليكم السلامة والتحية مــن الله وحصلت
لكــم ، وذلك متضمن لزوال كل مكروه ، ومستلزم
لحصول كل محبوب .
( بِمَا صَبَرْتُمْ ) أي : صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه
المنازل العالية، والجنان الغالية، ( فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )
فحقيق بمــن نصح نفسه وكــان لهــــا عنده قيمة ، أن
يجاهدها لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب،
لعلها تحظى بهذه الدار التي هي منية النفوس وسرور
الأرواح الجامعة لجـــميع اللذات والأفراح ، فلمثلها
فليعمل العاملون وفيها فليتنافس المتنافسون .
من كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان