وقفة و تأمل مع قوله تعالى ( و أصبر نفسك )
بواسطة
, 04-02-2010 عند 10:50 PM (2519 المشاهدات)
قال تعالى : (( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ . وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا .
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)))
يقول ابن كثير في تفسيره :
وَقَوْله " وَاصْبِرْ نَفْسك مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه "
أَيْ اِجْلِسْ مَعَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّه وَيُهَلِّلُونَهُ وَيَحْمَدُونَهُ وَيُسَبِّحُونَهُ وَيُكَبِّرُونَهُ
وَيَسْأَلُونَهُ بُكْرَة وَعَشِيًّا مِنْ عِبَاد اللَّه سَوَاء كَانُوا فُقَرَاء أَوْ أَغْنِيَاء أَوْ أَقْوِيَاء أَوْ ضُعَفَاء .
وَقَوْله " وَلَا تَعْدُ عَيْنَاك عَنْهُمْ تُرِيد زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا "
قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَلَا تُجَاوِزهُمْ إِلَى غَيْرهمْ يَعْنِي تَطْلُب بَدَلهمْ أَصْحَاب الشَّرَف وَالثَّرْوَة
" وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبه عَنْ ذِكْرنَا "
أَيْ شُغِلَ عَنْ الدِّين وَعِبَادَة رَبّه بِالدُّنْيَا
" وَكَانَ أَمْره فُرُطًا "
أَيْ أَعْمَاله وَأَفْعَاله سَفَه وَتَفْرِيط وَضَيَاع
وَلَا تَكُنْ مُطِيعًا لَهُ وَلَا مُحِبًّا لِطَرِيقَتِهِ وَلَا تَغْبِطهُ بِمَا هُوَ فِيهِ
انتهى
وقفة تأمل /
آيات بينات ، ذات دلائل و معاني عظيمة ،
فيها كما هو واضح الحث على مجالس الذكر و مجالس الخيرو ذم مجالس السوء التي كلها إما غيبة أو نميمة أو قيل و قال
و لا يخرج منها المسلم إلا بالذنوب و قسوة القلب .و قد لا يحس الغافل بما تحدثه مجالس اللهو أو الغفلة من تغيير في النفس لأنه هو غافل بالأصل
ولكن من أمتن الله عليه بالاستقامةفسوف يلاحظ تأثير مجالس الغفلة على نفسه
و كيف أن القلب يقسو و أن النفس تضيق .و يا ليتنا جربنا حلاوة مجالس الذكر و ما تحدثه في النفس من طمأنينة و راحة و هدوء .
هذه الآيات فيها من العبر و التوجيه لو أخذنا به لتغيرنا في أمورٍ كثيرة ،
إنها دعوة لنا بأن نُعدل من منهج حياتنا
و نختار لأنفسنا من ننتفع بالجلوس معهو من نتأثر به إيجابياً لا سلبياً .إن جلسة هدوء مع النفس ،
جلسة محاسبة و تصحيح و توجيه
كفيلة بأن نعدل من مساراتنا الخاطئة لنكتشف كم أسرفنا على أنفسنا بكثرة مخالطتنا
لمن هو سبب في شقائنا
و قد يقول قائل بأن غالب مجالسنا هكذا ،
أقول له إذا كانت جلسة عابرة أو اضطررت لها كما يحدث في اجتماعاتنا العائلة
أو غيرها فهنا عليك المحاولة للتصحيح
و إن لم تستطع فلا تكثر الجلوس
و أشغل نفسك بالذكر حتى تنتهي من ذلك المجلس
و كلامي هنا لمن أدمن هذه المجالس و أختار الذهاب إليها يومياً بإرادته و اختياره
نعم قد تجبرنا الظروف بمجالس يصعب علينا تركها
أو الاعتذار عنها و في هذه الحالة كما قلت سابقاً عليك بالصبر .
و كما هو معلوم بأن النفس أمارة بالسوء و تؤثر الدعة و اللهو
و لذا قال الله تعالى ( و اصبر نفسك ) أي أحملها بالقوةو مع الوقت سنجد الراحة و السكينة
نسأل الله أن يجعل مجالسنا عامرة بذكره
وأن يصرف عن مجالس اللهو و السوء .