سبقك بها عكاشة
بواسطة
, 07-26-2010 عند 02:40 AM (6384 المشاهدات)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين
إخواني الكرام
أخواتي الكريمات
تختلف طاقات الناس و إمكانياتهم و أيضاً هممهم ، و لو تأملنا حالنا منذ كنا صغارنا نجد أن هناك مؤثرات محيطة بنا توجهنا إما إيجاباً أو سلباً
ما جعلني أبادر إلى كتابة هذا الموضوع أمور عديدة لعل منها أنني في يوم أمس ( الأحد ) ، حضرت ندوة و قد سألنا المدرب سؤالاً و كان هناك تردد في الإجابة ظهر على وجوه كثير من الحاضرين ( رغم أن الإجابة كانت سهلة و معلومة لدى أغلبنا ) و فجأة سارع أحد الزملاء بالجواب ، فأثنى المدرب على جوابه ثم أشار إلى أنه على ثقة أن الإجابة معلومة لدى غالب الحضور
تبادر إلى ذهني سؤال /
ما الذي جعل بقية الحضور لم يبادروا بالإجابة ؟
هل هو الخجل ، أو الخوف من الفشل ، أو الخشية من ردة فعل الحضور !
عندها علمت أن المُبادر في الأمور كلها ، دائما يكون هو الكاسب ، على أقل تقدير كسب تجربة جديدة في المواجهة
- المدرس يلاحظ تردد الطلاب في الإجابة ، و المبادر هو الرابح حتى لو كانت إجابته خطأ
- الأب يلاحظ التردد على أبنائه عند طلب أمر منهم و المبادر هو المحمود منهم
إخواني الكرام
إن المبادرة و المسارعة خصلة إيجابية تحتاج إلى أن ننميها في أنفسنا و في من حولنا من أسرتنا و موظفينا و غيرهم
قال تعالى : ((أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)) (المؤمنون :61)
لاحظوا في الآية السابقة
مسارعة
و مسابقة
و لا أفضل من المسارعة إلى الخيرات و إلى التوبة و إلى فعل كل ما هو حميد في حياتنا
نعم إخوان إن المبادرة والمسارعة إلى الخيرات أمرٌ دعى إليه القرآن، وحثَّ عليه الإسلام قال تعالى : ((فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ )) (البقرة :148) ((وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ )) (آل عمران: 133)
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خيرٌ ، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقةِ دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهلِ الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة وقال : هل يُدعى منها كلِّها أحدٌ يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر))
الله أكبر، ما أكبر همة الصديق رضى الله عنه إنه يطمح الى الدخول من أبواب الجنة كلها و عندما بادر الى ذلك بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم كانت النتيجة هي حصوله على ذلك
و لنقف مع هذا الحديث و مع همة أخرى و مسارعة و مبادرة أخرى /
عن ابن عباس رضي الله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عرضت علي الأمم ، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط ، والنبي ليس معه أحد ، حتى رفع لي سواد عظيم ، قلت : ما هذا ؟ أمتي هذه ؟ قيل : هذا موسى وقومه ، قيل : انظر إلى الأفق ، فإذا سواد يملأ الأفق ، ثم قيل لي : انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء ،فإذا سواد قد ملأ الأفق ، قيل : هذه أمتك ، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب ) ثم دخل ولم يبين لهم ، فأفاض القوم ، وقالوا : نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله ، فنحن هم ، أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام ، فإنا ولدنا في الجاهلية ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ، فقال : ( هم الذين لا يسترقون ،ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون ) فقال عكاشة بن محصن : أمنهم أنا يا رسول الله ؟ قال : ( نعم ) فقام آخر فقال : أمنهم أنا ؟ قال : ( سبقكبها عكاشة ))
نعم و الله سبقك بها عكاشة لأنه كان حريصاً و كل الصحابة كذلك و لكن السابق و المبادر هو الفائز و قد كان ذلك
المبادرة تحتاج الى /
همة عالية
شجاعة
ثقة بالنفس
طموح عالي
و من ثمراتها /
كسب محبة من حولك
كسب فرص جيدة
تنمية روح القائد في نفسك
و من المهم للمبادر أن نبتعد عن العجز و الكسل لأنه هو القاتل للهمم و الكابح للمبادرات /
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف و في كل خير و احرص على ما ينفعك واستعن بالله و لا تعجزفإن أصابك شيء فلا تقل : لوفعلت كذا و كذا و لكن قل : قدر الله و ما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان )
و المبادرة تشمل أمور كثيرة منها /
أعمال الخير
الزواج
الإصلاح بين الناس
و كل ما فيه نفع و تنمية للإنسان و تطوير لذاته و لمن حوله
و قد وضع ستيفن كوفي عادة المبادرة هي الأولى في كتابه المشهور ( العادات السبع للناس الأكثر فعالية )
و من ما ذكر في الكتاب /
العادة الأولى : كن مبادرا /
* إن طبيعتنا الأساسية هي أن نكون فاعلين و ليس أن نكون عرضة لأفعال الآخرين
* إن الأخذ بزمام المبادرة لا يعني أن تكون مندفعاً ، بغيضاً ، أو عدوانياً ، إنه يعني إدراك مسؤوليتنا في صنع الأحداث
* معظم الناس يظلون منتظرين حدوث شيء ما أو أن يأتي أحد ليهتم بهم ، غير أن الذين ينتهي بهم المطاف إلى تقليد وظائف جيدة هو أولئك الأشخاص الذين يملكون روح المبادرة ، الذين يكونون هم أنفسهم حلاً للمشكلة ، و ليسوا المشكلة ذاتها ، الذين يقبضون على المبادرة لفعل كل ما هو ضروري ، و منسق مع المبادئ السليمة ، من أجل أداء المهمة
* الفرق بين الأشخاص الذين ينتهجون أسلوب المبادرة و أولئك الذين لا يسلكون نفس المسلك هو بالضبط كالفرق بين الليل و النهار ، و لست أتحدث عن فارق 25% أو 50% في الفاعلية ، بل أتحدث عن فارق يصل الى 5% إيجاباً ، خاصة إذا ما اتسموا بالذكاء ، و الوعي ، و الفهم تجاه الآخرين
* يركز ذوو روح المبادرة جهودهم في دائرة التأثير انهم يبذلون الجهد في الأشياءالتي يمكن لهم فعل شيء إزاءها ، إن طبيعة طاقتهم تتسم بالإيجابية تتسع وتتضخم مسببةفي زيادةو لأحمد البراء الأميري كلام جميل حول هذه العادة يقول فيها :العادة الأولى: كن مبادرًا
بادر ولا تنتظر إن هذه العادة تعني أن تتحمل مسؤولية مواقفك وأعمالك إن الناجحين قوم مبادرون، ينمّون في أنفسهم القدرة على ( اختيار ردود أفعالهم) تجاه المواقف والأحداث، ويجعلونها ثمرة للقيم التي يحملونها، والقرارات التي يتخذونها، لا تابعة لأمزجتهم وأوضاعهم إنهم يتمتعونبـ (الحرية) في اختيار مواقفهم حيال أي وضع داخل أنفسهم أو خارجهاإنك كلما مارست حريتك في اختيار مواقفك واستجاباتك وردود أفعالك أصبحت أكثر مبادرة وإيجابية وسبيل ذلك:
أ- أن تكون هاديًا لا قاضيًا
ب- أن تكون مثالاً يُحتذى لا ناقداً
ج- أن تكون مبرمجًا لا برنامجًا
د- أن تغذي الفرص وتجيع المشكلات
هـ- أن تحافظ عل الوعود لا أن تختلق الأعذار
و- أن تركز على الدائرة الضيقة للتأثير الممكن، لا على الدائرة الواسعة للأمور التي تهمك ولا سيطرة لك عليها
تطبيقات العادة الأولى:
1- حاول ـ لمدة ثلاثين يومًا ـ أن تعمل في دائرة التأثير، أي: في حدود إمكاناتك واستطاعتك حافظ على مواعيدك كن جزءًا من الحل لا جزءاً من المشكلة
2- تذكر موقفًا حدث لك في الماضي تصرفت فيه بشكل انفعالي يعتمد على رد الفعل وقرر مسبقًا أنك ستتصرف في مواقف مماثلة بشكل حكيم يعتمد على المبادرة والإيجابية
3- انتبه إلى أسلوبك في الكلام، هل تستعمل عبارات انفعالية تعتمد على ردود الفعل، مثل: لا أستطيع، يجب علي لو أني فعلت كذا وكذاإلخ، وبذلك تحمل مسؤولية مشاعرك وتصرفاتك شخصًا آخر، أو تلقيها على الظروف إن كانت هذه هي الحال فابدأ باستعمال أسلوب أكثر مبادرة وإيجابية، تعبر فيه عن مقدرتك على اختيار مواقفك وردود أفعالك وعلى إيجاد حلول أخرى
4- حدد ما يقع في دائرة إمكانك، أي: ما تستطيع فعله، وركز اهتمامك وجهودك عليه لمدة أسبوع، ولاحظ نتيجة ذلك في عملك
يقول الشاعر /و لم أر في عيوب الناس عيباً = كنقص القادرين على التمام
و قبل أن أختم هناك نقطة مهمة و هي التفريق بين المبادرة و بين التهور ، فالأولى محمودة مطلوبة و الثانية تورد النفس المهالك و الحسرةلعلي في هذا الموضوع أضفت لنفسي و لكم ما يفيدنا مع أملي أن نبادر من الآن لتنمية هذه الخصلة الايجابية في نفوس أطفالنا و أبنائنا و أسرتنا و قبل ذلك في أنفسنا و يسعدني أن أقرأ مداخلاتكم و ما تجود به أقلامكم لكي أستفيد منكم و من فكركم النير
و الله الموفق و الهادي إلى سواء السبيل
كتب أنصحكم بها /
1- العادات العشر للشخصية الناجحة لـ دإبراهيم بن حمد القعيّد
2- العادات السبع للناس الأكثر فعالية