مأساة المعرفة !
بواسطة
, 08-04-2010 عند 03:29 AM (9300 المشاهدات)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين
حدثني صديقي الداعية يقول : ( كان بجوار بيتنا سكن مخصص للعزاب و كنا نسمع صخب أصواتهم و ضحكاتهم المزعجة ،
و للأسف أن بعضهم لا يحافظ على الصلاة جماعة في المسجد ، ثم ذهبت – و الحديث للداعية – إليهم يوماً في زيارة أخوية
احتسبتها عند الله و معي بعض الكتيبات و الأشرطة و المطويات و جلست معهم و تجاذبت معهم الحديث ثم ناصحتهم
و تحدثت عن إزعاجهم و الأهم عن تقصير بعضهم في الصلاة جماعةً ، ثم بعد فترة قابلني أحدهم و دعاني لتناول القهوة معهم
و استجبت لهم و ساءني ما شاهدته من عبث في الكتيبات و المطويات التي أهديتهم
لقد رأيت بعضها ممزق و بعضها متسخ بفعل انسكاب الشاي و بعضها يستعمل في تقييد ( لعبة البلوت ) فقد شاهدت كلمتي ( لنا – لهم )
و تحت كل كلمة أرقام و لا يخفى على الأغلب الهدف منها ))
انتهى كلام صديقي و أحزنني ما وصل له حال بعض شبابنا في التعامل مع وسائل المعرفة و العلم
و لا أعلم أمة احترمت المعرفة و العلم إلا ووصلت إلى أقصى درجات التحضر و الرقي
و لا أعلم أمة احتقرت المعرفة و العلم إلا ووصلت إلى أقصى درجات التخلف
حال كثير من أبناء الأمة مع الكتاب أو وسائل المعرفة الحقيقية و النافعة حال مؤسف و يرثى له
أصبح القارئ من شبابنا مثاراً للسخرية
و من يقرأ بنهم أو يخصص كثير من وقته لطلب المعرفة و القراءة أصبح ينعت بـ ( الموسوس )
أصبح حال الكتاب و الذي هو الوسيلة الأساس في المعرفة مؤلم
و لا أدل من ذلك ما نراه من اهانة للكتب المدرسية عند نهاية كل فصل دراسي
و على قلة من يتلقى المعرفة ، نعاني أيضاً من سوء الاستفادة منها
حيث أن بعض مثقفينا يتجه إلى التعالي على غيره
و النظر لهم من برج عاجي ، بدلاً من أن يحتوي من لا يهتم بالمعرفة و يوجهه الوجهة الصحيحة
و قد بخاطري همجية المغول عند دخولهم عاصمة المعرفة و الثقافة في وقتها ( بغداد )
حيث أن ذلك الشعب الهمجي لم يقدر المعارف حق قدرها و رمى بها في نهر دجلة حتى أضاع على الأمم
و على نفسه فرصة الاستفادة منها و لو كان شعباً متحضراً لاستفاد منها بترجمتها إلى لغتهم
و لانتقلوا من الهمجية للتحضر ، و كلنا يعلم أن المغول الآن ليس لهم ذكر و لم يسجل لهم التاريخ أي مآثر
إلا من دخل منهم الإسلام .
.
وقفة تأمل في حالنا و حال شبابنا و حال تعاطينا مع الثقافة و المعرفة
و هل من يقرأ منا تؤثر به قراءته لتكسبه خلقاً متحضراً و سلوكاً راقيا
أم أن بعض من يتلقى المعرفة يتلقاها للحصول على شهادة ثم وظيفة ،
الوعي المكتسب بالمعرفة و العلم إذا لم تترجمه سلوكياتنا فليس وعياً
و لا أدل على ذلك بأن كثير منا يعي أنظمة المرور – مثلاً – و لكنه ما لم يترجمها سلوكاً
فإنه لا يستفيد منها .
عذراً أحبتي إن كنت قد شتتكم أو حدت عن أساس الموضوع
و حتى نعود لأساس موضوعنا بحاجة إلى أن نجلس مع أنفسنا و نتساءل هل نحن شعب مثقف حقاً ؟
هل نحن شعب متحضر ؟
الثقافة و الحضارة تكتسب بطلب المعرفة و العلم ثم التطبيق الحقيقي
دعوة للآباء و الأمهات
دعوة للمربين و المربيات
للمثقفين و المثقفات
بأن نعتني بتثقيف أبنائنا باكتساب المعرفة و الاهتمام بوسائلها
و احترام الكتاب حقاً.