طلابنا ولغة الشوارع
بواسطة
, 11-16-2008 عند 10:12 PM (2845 المشاهدات)
بسم الله الرحمن الرحيم
لا غرابة أن تكون لغتهم لغة شوارع
في هذه السنة الدراسة الجديدة ؛ منح تطوير كتب المواد الدينية للمرحلة الثانوية الطالب فرصة كبيرة للمشاركة من خلال الأنشطة الفردية والجماعية ؛ ومواكبة لهذا التطور قررت أن افتح المجال لمشاركاتهم في الفصل وامنحهم حرية اكبر في الحوار والنقاش وطرح وجهات نظرهم وحرصت على توضيح هذه النقلة النوعية في طريقة تدريسي من كوني المتكلم الوحيد في القاعة إلى مستمع ومنصت ومدير للحوار .
ومع بداية إتباعي لهذا الاسلوب كنت أطالبهم بألا يكون في الفصل إلا متكلم واحد ؛ سواء كنت أنا أو احد زملائهم ووجدت صعوبة كبيرة في استيعابهم لهذه الطريقة المنظمة في الحوار ؛ وهم قد اعتادوا العشوائية والتسرع في الإجابة ومقاطعة بعضهم البعض ؛ لكن كنت مصرا على تطبيقها ؛ وتحدثت معهم أكثر من مرة لإقناعهم بأهمية منح بعضهم البعض فرصة للحديث دون مقاطعة ؛ وأسهبت في ذكر أثارها الايجابية والتي أهمها دعم الثقة في النفس ؛ وحذرتهم مساوئ ما كانوا عليه وأثر بقاءهم على حالهم في حياتهم المستقبلة ؛ وأوضحت لهم النسبة الكبيرة التي تعاني في المجتمع السعودي من الرهاب الاجتماعي وعجز كثير منهم عن التعبير عن مشاعره ورغباته .
تفهم عدد منهم الأمر وأعجبوا بما سوف تضيف لهم من إثبات للذات وتقوية للشخصية . ومن في سنهم لطالما استهوتهم المواضيع والكتب التي تتحدث عن الطرق السحرية في تقوية الشخصية ؛ واخذوا يتخيلون شخصياتهم وذواتهم تتحقق بامتثال طريقة الحوار والنقاش والتعبير عن الآراء .وعند التجربة كان عدد محدود منهم قادرعلى طرح وجهة نظره والمشاركة بايجابية وكنت امنح المتحدث منهم الفرصة الكاملة للحديث وكنت أحميه من مقاطعة زملائه له أو من سخرية العاجزين به ونلت بذلك بعض النصر وازداد حماسي ورغبتي في الاستمرار وقويت عزيمتي .
لكن ما اود قوله أنه إن كان واحدا أو اثنين منهم قادرا على الافصاح عن آراءه وأفكاره فإن الحقيقة المؤلمة أن الغالبية العظمى حين يوجه له الحديث يصبحون عاجزين عن صف كلمتين أو جملتين مفيدتين وغالبهم لا يستطيع بتاتا التحدث بالفصحى فضلا عن كون حصيلتهم من المفردات اللغوية ضئيلة و يفتقدون إلى ابسط أساليب اللغة وقواعدها ولا يستطيعون الإجابة سوى بالعامية بل لا يحسن الانطلاق في الكلام إلا بلغة الشوارع التي لا تتناسب أبدا في بيئة دراسية ووقفت على ألفاظ سوقية عندهم لا ترقى إلى مستوى طلاب علم على حافة التخرج .
وبقدر ما كنت متألما لحال طلابنا كنت أجد العذر لهم فكيف يحسنوا التعبير والنقاش وعرض الأفكار ونحن في جميع سنواتهم الماضية نلزمهم بالسكوت والإنصات ؛ كيف نطالبهم باللغة الفصحى وهم لم يتمكنوا أصلا من المحاولة ؛ كيف نطالبهم بترتيب الأفكار والرقي بالالفاظ وكيف ننتقدهم في لغتهم الشوارعية وهو المكان الوحيد الذي يمكنهم الحديث فيه .