نرجسيه هل هي مرض ام ماذا
بواسطة
, 04-09-2011 عند 10:22 PM (3003 المشاهدات)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي بالله
من هم النرجسيون ؟ وهل هم مرضاي أم أصحاء؟
قفز الي ذهني هذين السؤالين عندما رأت عيني ذلك الرجل الذي يسحب أزاره وينظر الي الآخرين بعين تدل علي
احتقار من حوله
عندها سألني احد الإخوان هل هذا الرجل من النرجسيون؟
فذكرت إنني قد قرأت عنهم فعدت ابحث بأوراقي فوجدت ورقتي الرابعة والتي كتب عليها :_
لقد أعطى علم النفس بشكل عام والطب النفسي بشكل خاص اهتماما" خاصا" بالنرجسية دون سواها من العلوم . حيث
يرجع اهتمام علم النفس بالنرجسية الى عام 1905 على يد العالم الشهير فرويد . الذي نشر عام 1914 مقالة عنوانها
( مقدمة في النرجسية ) وفيها وصف النرجسية بمعاني عديدة منها :
( تتميز الشخصية النرجسية بالتعجرف والنقص في التعاطف مع الآخرين و فرط الحساسية تجاه آراء الآخرين . فهم لا
يستطيعون تقبل آراء الآخرين بأي شكل من الأشكال دون أن يتركوا الآخرين يلاحظون ذلك ، ويسخرون بشكل غير مباشر
من آراء واقتراحات الآخرين ، بل ويدعون أنهم يعرفون ما يفكر فيه الآخرين وأنهم ليسوا بحاجة إلى محاضراتهم . ويبالغ
النرجسيون في إنجازاتهم وميزاتهم ومحاسنهم ويتوقعون من الآخرين أن يعترفوا لهم بالجميل بصورة خاصة ، سواء كان
هذا الاعتراف مبرراً أم غير مبرر. ويستحوذ عليهم وهم النجاح والسلطة والتألق ويعتقدون أن وظيفتهم ضبط الأمور تحت
سيطرتهم لأنهم على حق والآخرين على خطأ.
(أن النرجسية او حب الذات تعني تزايد حب الذات عند الشخص ليصل لدرجة الاعتداد بالنفس فيعجب بنفسه وبقدراته التي
يعتقد انها لا تتوفر لدى أشخاص آخرين وصفاته النادرة .... فهو يطرح نفسه كما لو كان موسوعة علمية
( انسكلوبيديا ) عارفا" بكل شيء . فإذا كان اختصاصه النقد الأدبي مثلا" ، تحدث في علم النفس وكأنه العالم فرويد
.)
النرجسي يملك شعور غير عادي بالعظمة وحب الذات ، والبحث واختيار أوصاف تدل عليه ، منها مثلا" ، إذا كان أكاديميا"
يحمل لقب ( الأستاذ ) فهو لا يقبل منك أن تخاطبه بمفردة ( أستاذ ) إنما يجب مخاطبته ( بروفيسور ) ، وكأن لقب (
أستاذ ) يقلل من مكانته ، فيما لقب ( بروفيسور ) تعني بالنسبة له التميّز والاعتبار ، وهذا ما لا نلاحظه في الدول
المتطورة فالألقاب عادة ما تستعمل في مجالات العمل فقط اما خارجه فينادى صاحب الشهادة ومهما كانت باسمه فقط ولذلك
نرى ان ظاهرة النرجسية لا يمكن ملاحظتها إلا في البلدان المتخلفة .
يعتبر الشخص النرجسي نفسه شخص نادر الوجود وانه من نوع خاص لا يمكن أن يفهمه إلا نخبة خاصة من الناس
بمستواه وينتظر من الآخرين احترامًا خاص لشخصه وأفكاره ، وهو عادة ما يستغل الآخرين و يستفيد من مزاياهم
وظروفهم في تحقيق مصالحه الشخصية ويلجأ الى طرق ملتوية من أجل الحصول على المناصب لتحقيق أهدافه الشخصية.
كما ان النرجسي لا يهتم بما يحيط به ويعتقد أنه على دراية كاملة بما يحدث بالعالم ، وأن ما يملكه من معارف علمية
وثقافية هي نهاية الكون ، وبذلك تتحول حالة ( الأنا ) الى حالة مرضية دون إن يشعر بها . ولو نظرنا لحالنا لوجدنا ان
النرجسية وثقافة الأنا قد طغت على الكثيرين من الأخوة الذين يحملون ألقابا" شتى ويدعون العلم والثقافة ولكنهم لا
يفسحون المجال لطرح الأفكار المتباينة ومناقشتها ويكتفون بالنقد في أمور تخص الطائفة ومستقبلها ويعتقدون ان ما
يحمله احدهم من آراء يجب إن يسري على الجميع تحت واجهة الحرص .
يبين الدكتور محمد الصغير استشاري الطب النفسي إن الشخص المعجب بنفسه يميل إلى الغرور والتباهي والكبرياء
ويتطلع للفت أنظارهم بأي إنجاز يقوم به ويتفنن في استعراض أعماله وأحواله ويكثر الحديث حول ذلك بمناسبة وبدون
مناسبة ويهتم بالشكليات والمظاهر وإذا أصاب هذا المرض الفنان على سبيل المثال يتنامي الشعور لديه بأنه البداية
والنهاية في تاريخ الفن ، كذلك إذا هو أصاب أديبا" تنامي الشعور لديه بأنه البداية والنهاية في عالم الأدب وهكذا في بقية
الاختصاصات
.
وغالباً ما يعاني النرجسيون من الغيرة من الناس الذين يعتبرونهم أكثر نجاحاُ منهم ويحاولون وضع العراقيل في طريقهم
إذا ما أحسوا أنهم أكثر نجاحاً منهم ، ويسخرون من آرائهم ويقللون من قيمتها وأهميتها أو يشككون بنوايا الآخرين
وأهدافهم ، هؤلاء الأشخاص يعتبرون في الطب النفسي مرضى ( لديهم اضطراب في الشخصية ) وإنهم يعانون داخلياً من
عدم الاستقرار النفسي والقلق واضطراب بالشخصية ويتفاعلون مع النقد الموجه لهم أو سماع الرأي المخالف لهم بغضب
وبانفعال شديد وخاصة عندما لا يتحقق ما يصبون له . أما علاقتهم مع الآخرين فينقصها المحبة والود والاحترام .
أن النرجسية وثقافة الأنا التي يحملها البعض هي بالتأكيد تعبر بشكل مباشر او غير مباشر عن ثقافة الكراهية ، التي تهتم
بتحطيم الأخر والقتل الثقافي وهي ثقافة التعالي ، ثقافة انتهاك الأخر وقيمه الفكرية والروحية ، ثقافة تدعوا زوال ما يملك
الأخر من إمكانيات وأفكار ومبادئ ، ثقافة تنكر حق الأخر في التعبير عن رأيه بحرية .
يقول الفيلسوف جون بول سارتر(( الآخر هو وسيط بيني وبين نفسي وهو مفتاح لفهم ذاتي والإحساس بوجودي )).
ولذلك الحوار مع الآخر هو اكتشاف لثقافة الأنا ومعرفة الثغرات والنواقص التي لا تخلو منها شخصية إنسانية . وبما إن
التنوع في الآراء هو طبيعة إنسانية لذلك فان الحوار هو الطريق الوحيد الذي يؤدي الي الاختيار الحر للآراء والى التفاهم
والوحدة والمحبة والتعاون ..
ان لثقافة الحوار آدابا" وقيما" ومنهجا" يحترم الإنسان وحريته في الاختيار كما يحترم حقه في الاختلاف. إن الحوار هو
الباب الذي سيفتح إمامنا الكثير من الأبواب في مواجهة العنف والعدوان والتطرف...
وبهذا الصدد نرى العديد في داخل الوطن وخارجه وممن يملكون النرجسية والأنا والذين يدعون الثقافة والعلم يرفعون
شعارات براقة مثل التكاتف والمحبة والتسامح واحترام الأخر وأفكاره ، ولكن عادة ما تكون تلك الشعارات سوى جمل
وعناوين عريضة فارغة فقط , لأنهم ليسوا مؤهلين بعد لرفع هذه الشعارات وحمل مصير طائفتهم على عاتقهم كما يدعون
، فمن ينادي بهذه الشعارات لابد وان يكون مشبعا" بثقافة الأخر بسيطا" محبا" متواضعا" بعيدا" عن التعالي والتعصب
والنرجسية وحب الأنا ويحترم الآخرين وهذا ما نفتقده فيهم مع الأسف .
من هنا ندعو كافة الأخوة لإعادة النظر في القيم العليا السامية للطائفة وضرورة غرسها في أعماق نفوس الناشئة وصولا"
إلى التواضع والابتعاد عن التكبر والتعصب والنرجسية واحترام الرأي الأخر والحوار الحضاري المتبادل ، فالحوار يتطلب
وجود الطرف الآخر وهذا لا يتم إلا بالابتعاد عن مرض الأنا ، وبالتالي كلما ترفع الإنسان عن أنانيته كلما اوجد في ذاته
مكانا" رحبا" للآخر . لأن الحقيقة ليست في الأنا . انها تتكامل مع فكر وآراء الآخرين .
واخيرا احبتي بالله اتمنى ان يحوز علي اعجابكم
دمتم بخير جميعا