قصص و أمثال شعبية عند العرب

الفرزدق والذئب والنوار..؟؟

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ماجد سليمان البلوي
    مشرف قسم التراث

    • 28 - 8 - 2009
    • 9524

    #1

    الفرزدق والذئب والنوار..؟؟

    الفرزدق والذئب والنوار..؟؟

    ورد في الأغاني أن ابنة عم الفرزدق ، النوار ،
    خطبها رجل ، فطلبت من الفرزدق
    - ابن عمها أن يكون وليّها ، فطلب منها أن تُشهد الناس أنّه وليُّها ،
    فوافقت وأشهدَتهم أنّه وليّها ، فقال :
    " اشهدوا أنني زوجت النوار من نفسي ، "
    فغضبت النوار ، وهربت منه إلى الزبير ، وكان واليا على الحجاز والعراق ،
    واستجارت به فاحتال الفرزدق حتى أعادها ، وتزوّجها ، ويبدو أنّه لم يسعد معها ،
    فقد تزوّج عليها امرأتين ، وتزايد نشوزها إلى أن طلقها..

    وكانت امرأة ذات دين وخلق ساهما في ابتعادها عنه
    – فقد عُرف عنه التهاون فيهما
    - ويظهر أنها كانت تتعالى عليه، وهي عنده ،
    و عندما هربت منه ،
    ثم عندما طلّقها وندم ندما شديداً، فأنشد :

    ندمت ندامة الكسعيّ لمّـا *** غدَتْ مني مطلقةً نوارُ

    لن أتحدث عن نوار فقصتها معروفة لكنني أقف على مقدمة القصيدة الغريبة التي لم يعتد النقاد على مثلها ، هذه المقدمة كانت في تصوير الفرزدق موقفاً لم يكن يريده..
    - ولربما اصطنعه لأمر في نفسه
    - حينما فرض أحد الذئاب الجائعة نفسه عليه يريد التهامه أو مشاركته في الشواء الذي جذبته رائحته من بعيد ، وساعد على ذلك نار الشواء في هذا البرية الصحراوية المظلمة .

    ولعله – إن تقرأِ القصيدة - يريد أن يقول :
    إن النوار والذئب كانا من أهل الغدر ، فقد فتح قلبه لهما ،
    فكانا غادرين لم يرعيا عهده .

    وسواء كانت قصته مع الذئب حقيقية أم غير ذلك
    – من بنات خياله
    – فقد كانت رائعة ذات صور تقليدية ،
    وذات صور مرسومة ممتدة تعتمد على
    ( الكلمات واللون والصوت والرائحة )

    الأبيات :
    وأطلس عسال وما كان صاحبا *** دعـَوت بنـاري مـَوهِـنا فأتـاني
    فلما دنـا قلت ادن ،دونـك ، إنّني *** وإيـاك في زادي لـمشـتـركـان

    فـَبـِتّ أقـُدّ الـزاد بـيـني وبـيـنــه *** على ضَـوء نـارٍ مـرّة ودخـان
    فقـُلـت لـه لـمّـا تكشّـر ضاحكـا *** وقائـم سـيـفي من يدي بمكـان

    تعـشّ فإن عاهدتني لا تخـونني *** نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
    وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما *** أخـَيـّيـْن كـانـا أرضِعـا بـِلـَبـان

    ولو غيـْرَنـا نبّهـتَ تلتمس القـِرى *** أتـاك بسـهـم أو شـَبـاة سـِـنـان
    وكلّ رفيـقـَي كلّ رحل وإن هما *** تعـاطى القنـا قوماهما أخـَوان
    وإنـا لـَتـَرعى الـوحـشُ آمنـةً بنا *** ويرهبنا – إن نغضبِ- الثقلان

    فالذئب : أطلس اللون ( فيه غبرة إلى السواد ) أتاه يعسل ( يسرع بمشية مطّربة) وهذه مشية الراغب في الحصول على شيء يريده متلهفاً إليه .

    والفرزدق في أخرة من الليل وهدْأة فيه أشعل النار ليأنس في هذا الليل الهادئ البهيم ويرى ما حوله خشية أن ينقض عليه وحش أو هامة ، وشغل نفسه بالشواء ، أو بغيره ، فالزاد يُطلق على ما يتزود به المسافر أيّاً كان .

    ولم يكن الفرزدق يرغب في رؤية هذا الذئب الذي دعته النار ورائحة الطعام إليه ،
    ولكنه بإشعال النار كانت الدعوة ، وما كل من أوقد النار رغب بالضيف .
    ولكم تحيات
    ماجد البلوي
يعمل...