تخريج حديث: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدي
الشيخ محمد طه شعبان
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فأوصنا، فقال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ».صحيح بطرقه.أخرجه أحمد (17145)، وأبو داود (4607)، وابن أبي عاصم في «السنة» (32) و(57) و(1040)، ومحمد بن نصر في «السنة» (70)، وابن حبان في «صحيحه» (5)، وفي «الثقات» (1/ 4)، وفي «المجروحين» (1/ 18)، والآجري في «الأربعين حديثًا» (8)، والطبراني في «مسند الشاميين» (438)، والآجري في «الشريعة» (86) و(87)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (142)، والحاكم (332)، وتمام في «فوائده» (355)، وأبو نعيم في «الحلية» (10/ 114)، وابن بشران في «أماليه» (56)، وأبو عمرو الداني في « السنن الواردة في الفتن» (123)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبير» (50)، وابن عبد البر «التمهيد» (21/ 278)، وفي «جامع بيان العلم» (2311)، وابن عساكر في «تاريخه» (40/ 179)، والمزي في «التهذيب» (5/ 473)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (1/ 136)، عن الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ثور بن يزيد، قال: حدثنا خالد بن معدان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحُجْر بن حُجْر الكَلَاعي، قالا: أتينا العرباض بن سارية، فسلَّمنا، وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال عرباض: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب... الحديث.وأخرجه أحمد (17144)، والدارمي (96)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (44)، ومحمد بن نصر في «السنة» (69) و(72)، والآجري في «الشريعة» (89)، وإبراهيم الحربي في «غريب الحديث» (3/ 1174)، وابن أبي عاصم في «السنة» (27) و(31) و(54) و(1037) و(1039)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (1186)، وفي «معاني الآثار» (500)، والطبراني في «الكبير» (8) (617) و(618)، وفي «مسند الشاميين» (437) و(1180)، والحاكم (329) و(330)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (80) و(81) و(2296) و(2297)، وأبو نعيم في «الضعفاء» (ص46)، وفي «المستخرج على مسلم» (1)، وفي «معرفة الصحابة» (5554)، وفي «الحلية» (5/ 220)، والبيهقي في «الكبير» (20364)، وفي «الشعب» (7110)، وفي «الدلائل» (6/ 541)، وفي «مناقب الشافعي» (1/ 10)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2305)، والبغوي في «شرح السنة» (102)، والجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (288)، وابن عساكر في «تاريخه» (40/ 178) و(40/ 180)، والمزي في «التهذيب» (17/ 306)، من طرق، عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحده، عن عرباض بن سارية رضي الله عنه، به.قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».وقال البزار، كما نقله عنه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2/ 1164): «هذا حديث ثابت صحيح».قال ابن عبد البر: «هو كما قاله البزار رحمه الله، حديث عرباض حديث ثابت».وقال البغوي: «هذا حديث حسن».وقال الجورقاني: «هذا حديث صحيح ثابت مشهور، حدَّث به الإمام أحمد بن حنبل عن أبي عاصم مثله؛ وقد روى هذا الحديث عن العرباض بن سارية جماعة من التابعين؛ منهم: حُجْر بن حُجْر، ويحيى بن أبي مطاع، وجبير بن نفير، وعبد الله بن أبي بلال، والمهاجر بن حبيب، وغيرهم، بعضهم مطولًا، وبعضهم مختصرًا» اهـ.وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (9/ 582): «هذا الحديث صحيح».وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح ليس له علة، وقد احتج البخاري بعبد الرحمن بن عمرو، وثور بن يزيد، وروي هذا الحديث في أول كتاب الاعتصام بالسنة والذي عندي أنهما رحمهما الله توهما أنه ليس له راو عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرج حديثه في «الصحيحين»، عن خالد بن معدان» اهـ.وقال الحاكم أيضًا: «هذا إسناد صحيح على شرطهما جميعًا، ولا أعرف له علة، وقد تابع ضمرة بن حبيب خالد بن معدان على رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي» اهـ.وقال الذهبي: «على شرطهما، ولا أعرف له علة».قلت: ليس كما قالا.وقد تعقب ابنُ رجب الإمامَ الحاكم، فقال في «جامع العلوم والحكم» (2/ 110): «ليس الأمر كما ظنه، وليس الحديث على شرطهما؛ فإنهما لم يُخرِّجا لعبد الرحمن بن عمرو السلمي، ولا لحجر الكلاعي شيئًا، وليسا ممن اشتُهر بالعلم والرواية، وأيضًا فقد اختُلف فيه على خالد بن معدان؛ فرُوي عنه كما تقدم، ورُوي عنه عن ابن أبي بلال عن العرباض، وخرجه الإمام أحمد من هذا الوجه أيضًا، وروي أيضًا عن ضمرة بن حبيب، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، عن العرباض، خرجه من طريقه الإمام أحمد وابن ماجه، وزاد في حديثه: «فقد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك»، وزاد في آخر الحديث: «فإنما المؤمن كالجمل الأنف، حيثما قِيد انقاد»؛ وقد أنكر طائفة من الحفاظ هذه الزيادة في آخر الحديث، وقالوا: هي مدرجة فيه، وليست منه، قاله أحمد بن صالح المصري وغيره، وقد خرجه الحاكم، وقال في حديثه: وكان أسد بن وداعة يزيد في هذا الحديث: «فإن المؤمن كالجمل الأنف، حيثما قيد انقاد»، وقد روي عن العرباض من وجوه أخر، وروي من حديث بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن إسناد حديث بريدة لا يثبت، والله أعلم» اهـ.وأما أبو الحسن ابن القطان فقد ضعَّف هذا الحديث.قال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (4/ 86 - 86): «ذكر من طريق أبي داود عن العرباض بن سارية: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة... وسكت عنه، وليس بصحيح، فإن أبا داود ساقه هكذا: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد، حدثنا خالد بن معدان، قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر، قالا: أتينا العرباض بن سارية فذكره.وحُجْر بن حُجْر هذا لا يُعرف، ولا أعلم أحدًا ذكره.فأما عبد الرحمن بن عمرو السلمي، فترجم البخاري وابن أبي حاتم باسمه؛ فأما ابن أبي حاتم فلم يقل فيه شيئًا، وأما البخاري، فإنه ذكر روايته عن العرباض، ورواية خالد بن معدان، وضمرة بن حبيب، وعبد الأعلى بن هلال عنه، ولم يزد.فالرجل مجهول الحال، والحديث من أجله لا يصح.وقد روى هذا الحديث الوليد بن مسلم بإسناد آخر؛ قال: حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر عن يحيى بن أبي المطاع، عن العرباض، مثله.ذكره البزار واختاره، وهو أيضًا لا يصح؛ فإن يحيى بن أبي المطاع لا يُعرف بغيره، وهو في شيء من أهل الشام» اهـ.قلت: الإسناد حسن؛ فأما حُجْر بن حُجْر الكَلَاعي، فمجهول.وقد ذكره الذهبي في «الميزان» (1/ 427)، وقال: «ما حدَّث عنه سوى خالد بن معدان بحديث العرباض مقرونًا بآخر».وأما عبد الرحمن بن عمرو السلمي، فلم يُذكر بجرح ولا تعديل، ولكن صحح له الترمذي هذا الحديث، وذكره ابن حبان في «الثقات»، فهو ممن يُحسَّن حديثه.وبقية رجال الإسناد ثقات.وقد توبع خالد بن معدان على هذا الحديث.تابعه ضمرة بن حبيب.فقد أخرجه أحمد (17142)، وابن ماجه (43)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 344)، وابن أبي عاصم في «السنة» (33) و(48) و(56)، و(1044)، والطبراني في «الكبير» (18/ 247) (619)، وفي «مسند الشاميين» (2017)، وفي «مكارم الأخلاق» (16)، والآجري في «الشريعة» (88)، وأبو الشيخ في «الأمثال» (206)، والمخلص في «أماليه» (73)، وفي «المخلصيات» (3168)، والحاكم (331)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (79)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (5555)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبير» (51)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (1/ 442)، وفي «المتفق والمفترق» (778)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2303) و(2304)، وابن عساكر في «تاريخه» (40/ 181)، من طرق، عن معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، أنه سمع العرباض بن سارية ï*¬، به، وزاد فيه: «فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ».وضمرة بن حبيب، ثقة.ومعاوية بن صالح، حسن الحديث في المتابعات.وتابعه يحيى بن جابر.فقد أخرجه ابن وضاح في «البدع» (57)، وابن أبي عاصم في «السنة» تحت حديث (30) و(1042)، والطبراني في «الكبير» (18/ 247) (620)، وفي «مسند الشاميين» (1180)، من طريقين، عن سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، به.وسليمان بن سليم ويحيى بن جابر الطائي، ثقتان.وتوبع عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر.قال الحاكم: «وقد تابع عبد الرحمن بن عمرو على روايته عن العرباض بن سارية ثلاثة من الثقات الأثبات من أئمة أهل الشام؛ منهم حجر بن حجر الكلاعي، ومنهم يحيى بن أبي المطاع القرشي، ومنهم معبد بن عبد الله بن هشام القرشي، وليس الطريق إليه من شرط هذا الكتاب، فتركته» اهـ.قلت: فأما رواية حجر بن حجر الكلاعي، فقد تقدمت.وأما رواية يحيى بن أبي المطاع.فأخرجها ابن ماجه (42)، وابن أبي عاصم في «السنة» (26) و(55) و(1038)، ومحمد بن نصر في «السنة» (71)، والبزار (4201)، والطبراني في «الأوسط» (66)، وفي «الكبير» (18/ 248) (622)، وفي «مسند الشاميين» (786)، والحاكم (333)، وتمام في «فوائده» (225)، وأبو نعيم في «المستخرج على مسلم» (4)، والقاسم بن الفضل الثقفي في «الأربعين» (

منقول
تعليق