الآمانة..؟؟
يُحكى أنه في قديم الزمان كان هناك تاجرٌ اشتهر بين الناس بأمانته وحسن خصاله ، فقد كان يراعي الله دائمًا في كل صغيرة وكبيرة يفعلها ، ويضعه نصب عينيه في كل خطوة يخطوها ، فلا يفعل إلا الخير ولا يبغي إلا الثواب .
وقد اعتاد هذا التاجر على السفر والتجوال بين الأمصار والبلدان لجلب البضائع وبيعها للناس ، ولكن بمرور السنوات مضى به العمر وتدهور به الحال بعد أن ظهر الشيب في رأسه وتراجعت صحته ، فشعر بالتعب من كثرة السفر والترحال ووقرر الاستقرار والبقاء في بلدته مع أسرته المكونة من ابنته وزوجته .
لذا جمع المال الوفير وقرر شراء منزلٍ يتسع له ولأسرته الصغيرة ، وبالفعل وجد بغيته في منزل مناسب كان صاحبه يود بيعه ، فذهب التاجر إليه واشتراه منه بالثمن الذي حدده ، ومرت الأيام والتاجر يعيش في بيته الجديد مع أسرته في سعادة وهناء ، حتى وقعت عينيه ذات يوٍم على جدارٍ قائمٍ في بيته ، ففكر في هدمه من أجل توسعة البيت .
وبالفعل أمسك التاجر بالفأس وبدأ في هدم الجدار وإزالته من مكانه ، ولكنه فجأة رأى شيئًا عجيبًا فتحت الجدار كانت توجد جرةٌ مملوءة بالذهب ، تعجب الرجل من وجودها وقال في نفسه : لا بد أنها ملك صاحب البيت القديم سأعيدها إليه فهو أحق الناس بها ، لأنني لو أخذتها سأكون بذلك قد تعديت على أمانة الله ولن يبارك الله فيما أخذ دون حق .
وعلى الفور حمل التاجر الجرة وذهب بها إلى الرجل الذي باعه المنزل ووضعها بين يديه قائلاً : خذ ما لك فتلك الجرة عثرت عليها بالدار حينما هممت بهدم الجدار ، فقال الرجل : ولكن الدار لم تعد ملكًا لي ، انها ملكك الأن فقد بعتك الدار وما فيها .
ولكن التاجر أصر على الرجل أن يأخذ الذهب ، وأصر الرجل بدوره على التاجر أن يأخذه ، فلما رفضا كلا الرجلين أن يأخذا جرة الذهب قررا أن يحتكما إلى القاضي في ذلك الأمر كي يفصل بينهما ، وحينما ذهبا إلى القاضي وسمع منهما القصة تعجب لذلك أشد العجب .
وقال : والله ما رأيت في حياتي رجلين مثلكما يتبارون في رد الأمانة دون أن يطمعا فيها ، ويتنازعان على رفض الكنز بدلًا من أخذه ، ولما حار القاضي في أمر الرجلين وأيهما أحق بالكنز ، سألهما إن كان لديهما أبناء فقال التاجر الأمين : لدي ابنة واحدة هي رجائي من الله ، أما الرجل الأخر فقال : رزقني الله بولدٍ هو وتدي الذي أتكأ عليه .
فابتسم القاضي وقال : إذن فليتزوج ابنك بابنته وتترك لهما جرة الذهب ، فاستحسن الرجلان ذلك الرأي السديد ووافقا على تنفيذه ، وبالفعل تزوج الأبناء وعاشوا معًا في سعادة ورخاء ، أما الرجلين فتصادقا وعاشا سويًا مرتاحا الضمير والبال .
ولكم تحيات
ماجد البلوي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 8 (0 من الأعضاء و 8 زائر)
المفضلات