<div align="center">السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
نحن من هنا، من مكة و المدينة، من أهازيج الخليج، من هدير النيل الخالد حين يرسم بسمة الخير، من شواطي الأطلسي، من رمال ليبيا، من توهج شمس الجزائر الدامعة، من ثبات فلسطين المحتلة ، من أحزان الصومال، من صحارى موريتانيا ، من ربوع أندونيسيا ، من جمال ماليزيا من جلد الشيشان من كفاح أفغانستان ، ..
فمن أين أنتم؟ غرباء بلا هوية أو انتماء؟
نحن نحن .. قاماتنا رماح سمهرية، جباهنا المتعبة صخور من زمن سيبقى، عيوننا السوداء الحزينة منذ قرون مازالت تبرق أملاً و طيبة .. مازال رجالنا رجال و نساؤنا نساء، ما زلنا نملك نخوة المسلم و حياء العربية و روح الشرق الأصيلة المدفونة في أعماقنا...
فأي وجه تلبسون؟ و أي قامة ترتدون؟ بلا وجوه أو ملامح؟
نحن نحن .. أسماؤنا كما هي، بطاقاتنا الشخصية لم تتغير، نحن أحمد و إبراهيم و عيسى و علي و محمد .........نحن فاطمة ومريم وعائشة وأمينة.. .. فأي أسماء تحملون؟ جاك أم ريتا أم توم أم مايكل؟
نحن من هاهنا .. فقراء متعبون، لكننا لن نموت، مكسورون معذبون لكننا لن نيأس ...
نحن من هاهنا .. من أرض الأنبياء، هنا بدأ المسيح يكرز بالبشارة، و هنا عرج بمحمد ( عليه الصلاة والسلام ) نحو السماء، و هنا انشق اليم ودخل موسى أرض التيه ... هنا كل حكايات الدنيا و أقاصيصها و أساطير أبطالها ..
نحن سذج يا سادة .. فلا يعرف رجالنا كيف ينحنوا للسيدات، و لا كيف يتصرف النبلاء المتعجرفون، و لا كيف نخفي مشاعرنا وراء ابتسامات مصطنعة ... نحن واضحون، مكشوفون حتى النخاع، لا نعلم كيف نجامل أو نداهن أو نتملق.
نحن رجال نغار على نسائنا ، ومازلنا نسأل باهتمام صادق إن كانت جارنا قد تجاوز أزمته الصحية، أو كان جارنا قد روى أرضه جيداً قبل أن يحل المساء، و قبل أن نطفىء قناديلنا نتضرع إلى الله أن يجعل الغد أفضل و أن يرزقنا كفاف عيشنا و أن تحل علينا بركته و أفضاله، ثم نحلم كالأطفال ...
ما زلنا نتشاجر كالصغار، و يفور الدم في عروقنا لأسباب تافهة، لكنّا نسامح بعد هنيهة و نبتسم و يعانق بعضنا بلهفة صادقة.
مازالت بحة الطفل الصغير تبكينا، و ما زلنا نملك القدرة أن نحب بصمت و نعمل بصمت و نحزن بصمت.
فماذا عنكم؟؟؟
كيف أصبحت عيونكم زرقاء فجأة؟ و كيف تستطيعون رسم ابتساماتكم الباهتة و أنتم تكرهون، كيف تلبسون ربطات العنق الأنيقة و تغسلون وجوهكم البيضاء الناعمة بماء الراين أو السين، و ترقصون كالمجانين عراة على إيقاع التانغو أو على صراخ البيتلز؟
كيف تعلمتم أن تأكلوا لحوم الخنازير ( أعزكم الله ) دون أن تشعروا بالغثيان؟ و كيف طاوعتكم نفوسكم أن تهجروا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله علية وسلم لتصفقوا ليوري مرقدي؟ و كيف تنظرون بازدراء إلى رجل يعفر جبينه على أعتاب بيت الله و تفخرون بمن يعفر وجهه تحت أقدام الغواني؟
من أين لكم كل هذه المواهب؟
ترطنون بكل لغات العالم و تكرهون لغتكم، تركعون أمام كل أدباء العالم و تزدرون أدباءكم، تخشعون أمام تاريخ كل أمم الأرض و تجلدون تاريخكم بألسنة كالسياط؟
إليكم يا من خرجتم من جلودكم، يا من ترفضون الأرحام التي أنجبتكم، و تكرهون التراب الذي خطت عليه أقدامكم لأول مرة ... هذا النداء :
نحن باقون، هنا باقون .. نرفض أن نموت، كل ذرات أجسادنا ترفض أن تموت، كل خلية من خلايانا تشعر أنكم عنا غرباء ...
لا تغيروا جلدنا و لا تحاولوا قتلنا .... فلن نموت
من البريد..
</div>
المفضلات