التيه في زمن المعرفة
يبدو أن ضياع الهوية وفقدان السمات وذوبان المبادئ
بات من مقومات المدنية وعنصرا من عناصر العصر المتعنصر
في زمن انفجار المعرفة وانشطار الذرة وتفكك الجزيئات وثورة الاتصالات وانبجاس تقنية البرمجيات
فلم تعد سحنة الوجه العربي تقطب جبينها
حينما ترى تجاوزات للخطوط العريضة التي تحيط بالمثل والقيم
وترسخ أسس وأركان المسلك الإنسان
وتحكم كيانه نهجا وتعاملا
بل إن الصدق والوضوح والثبات لم تعد ميزات مرحب بها
في ظل وجود مصطلحات أخرى كالدبلوماسية والمجاملة والمحاكاة
فالتيه في زمن المعرفة أصبح فيه
قول الحق تجريحا
والثبات على المبدأ تحجرا
والتمسك بالقيم رجعية
والتشبث بالأصالة تخلفا
وهكذا دواليك !!
وفي ظني أن ساسة المدنية ارتكبوا خطأ فادحا
حينما أرادوا أن يمر فكرهم متسللا لواذا لفهوم بعض الفئام
بحيث يترسخ الفهم "الأدليوجي"
وينشأ على تصور إمكانية أن المبادئ والأخلاق
بمثابة المواد المحسوسة التي تقبل التشكيل وتخضع للانصهار والتلون
وهذا هو الخطأ والسذاجة بأم عينها
لأن من قلب بصره في السماء وجد النجوم على حالها لم تتغير
ومن نظر في الأرض وجد الجبال ثابتة لم تتعرض للذوبان
فسمو النجوم وثبات الجبال هو مكمن السر الذي نحتاجه
لكي لا نتعرض للتيه في زمن المعرفة والمدنية التي تحمل كثيرا من الشطحات.
المفضلات