- مختصر كتاب / ( 10 طرق لهندسة الحياة و صناعة التأثير ) .
- المؤلف / د . علي الحمادي
· كيف تكون رقماً صعباً و قائداً فذاً و إماماً مؤثراً ؟
· كيف تترك بصماتك في دنيا الناس و تكون فاعلاً في حركة الحياة و صناعة المستقبل ؟
قال تعالى : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }
قال صلى الله عليه وسلم : " الناس كإبل مائة لا تجد فيهم راحلة " متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
يقول الإمام الذهبي : ( فالقادة الأعلام يوم من أيام احدهم اكبر من عمر آحاد الناس ) .
يقول الشاعر :
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله
ـــــــــــــــ لن تبلغ المجد حتى تعلق الصَبِِرا
يقول الكاتب في جزء من مقدمته /
يتناول الكتاب عشر طرق أظنها مهمة لصناعة التأثير و هندسة الحياة .
الطريقة الأولى /
تترس بعقيدة القضاء و القدر
من الأصول التي قام عليها الإيمان و استقرت في سويداء قلوب المؤمنين الإيمان بالقضاء و القدر ، حيث أكد الله تعالى هذا الأصل فقال : "ما أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{22}
و روى الإمام مسلم في صحيحة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة ، قال : و عرشه على الماء " .
إن الإيمان بالقضاء و القدر ركن ركين في ديننا من تركه هلك لذا لما أخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن ناساً يزعمون أن لا قدر و أن الأمر أنف قال لمن أخبر بذلك : " إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم و أنهم براء مني ، و الذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفق في سبيل الله ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر " .
و لقد وضع علماء السلف أصولاً و قواعد يقوم عليها الإيمان بالقضاء و القدر و لعل من أهمها :
1 – أن علم الله الأزلي محيط بالأشياء قبل حدوثها ، فالله عز وجل بكل شيء عليم و هو يعلم ما كان و ما يكون و ما لم يكن لو كان كيف يكون ، و قد كتب في اللوح المحفوظ .
2 – أن الله خالق كل شيء و من جملة ذلك أفعال العباد فالله خلق الناس و قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة .
3- لا يقع في ملك الله إلا ما يشاء فمشيئة الله محيطة بالخلائق .
4 – لا يجوز لأحد أن يناقش الله تعالى في قضائه و حكمه إذ هو : " لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{23} " ذلك أن الله تبارك و تعالى هو الحكيم الخبير العليم الملك المطاع .
5 – لا يجوز لأحد أن يحتج بالقدر في مواجهة الأمر الشرعي الديني فالقدر مستور عن العباد و قد كلفهم رب العزة بما تضمنه الوحي المنزل و عليهم الاستقامة وفق ما شرع لهم و لا يجوز لهم التمرد على شرع الله محتجين بالقدر .
6 – و بناء على الأصل السابق فإن كل إنسان مسئول عن تصرفاته و أعماله و لذلك شرع الإسلام العقوبات في الدنيا و أنذر المجرمين بالعذاب الأليم في الآخرة .
7 – و الله في ذلك كله عادل و لا يجوز أن ينسب إليه الظلم فهو عادل في تقديره و عادل في أمره و نهيه .
8 – مباشرة الأسباب من القدر ، فالله قدر أن يكون حرث و زرع و حصاد ، و قدر أن يأتي الولد بالنكاح ، و أن يكون الري بشرب الماء .. الخ ، فلا يجوز إهمال الأسباب احتجاجاً بالقدر و قد فقه هذا الرسول صلى الله عليه وسلم و أصحابه فأعدوا العدة للحرب و القتال و فكروا و دبروا و خططوا .
و للرضا بهذا القضاء نتائج سارة و ثمرات طيبة و من تلك النتائج أنه يكسب صاحبه قوة الشكيمة و مضاء العزيمة ، إذ من اطمأنت نفسه إلى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه خلت جميع أعماله من الحيرة و التردد و انتفى من حياته القلق و الاضطراب لأنه بمجرد ما يترجح لديه الإقدام على أمر ما أقدم عليه في غير ما خوف و لا هيبة و لا تردد .
و من هنا فانه لا يحزن على ماضٍ و لا يغتم لحاضر و لا يؤلمه هم المستقبل و بذلك يكون أسعد الناس حالاً و أطيبهم نفساً و أصلحهم بالاً و أهدأهم خاطراً .
و مما لا شك فيه أن هذه الصفات قد تجلت واضحة في أبناء هذه الأمة أمة الإسلام أيام كانت عقيدة القضاء و القدر واضحة في نفوسهم قوية في قلوبهم فقد فاقوا الناس شجاعة و كرماً و صبراً و حلماً و معرفةً و علماً ، الأمر الذي تمكنوا به من سيادة العالم و قيادة مدة من الزمن طويلة غير قصيرة .
و في الجانب الآخر فإن المجتمعات التي تركت هذه العقيدة و فرغت من الإيمان بالله و بقضائه و قدره و تدبيره لشؤون الحياة و الأحياء فنصيبها في الآخرة خلود في العذاب المهين ، و نصيبها في الدنيا ضياع السعادة و تمزق الأعصاب و ضنك العيش و توتر الحياة .
و صدق الله تعالى إذ يقول : " فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى{123} وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{124}
أن من يتردد في صناعة الحياة و إحداث التأثير النافع بسبب خوف على رزق أو عمر أو ولد أو غير ذلك فعليه أن يذكر نفسه دائماً بقول الله تعالى : " قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ{51}
و بقوله تعالى : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ{174} إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{175}
نسأل الله أن ينفعنا بما قرأنا
و لنا عودة بإذن الله تعالى مع الطريقة الثانية
( عليك بأركان العطاء الفذ )
المفضلات