السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهِ
يخطئ من يعتقد أن عملية تغيير السلوك من العمليات البسيطة والميسرة فهذه العملية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكافة المُدخلات المعقدة التي ينتج عنها ذلك السلوك وبكافة المؤثرات الداخلية والخارجية التي تجعله يظهر بهذه الصورة أو تلك.
هذه مقدمة مُختصرة لما أود الوصول إليه من خلال هذا الطرح الذي أتمنى أن نصل من خلاله إلى نقطة ننطلق منها سوياً نحو بناء علاقات منسجمة تقودنا إلى الإنصاف بحق آمالنا وطموحاتنا وتطلعاتنا التي أصبحت ضحية لبعض التراكمات السلبية التي أجزم بأن الكثير منها كان وليد اللحظة الكيدية ولايقوم على أي مسوغات حقيقية أو مبررات منطقية.
فنحن كثيراً وأسمحوا لي بهذا اللفظ " نتشدّق " بالشفافية و " ندّعي " المثالية باتخاذها كنهج أو كطريقة في التعامل مع أصدقائنا ومواجهة أعدائنا وحل مشاكلنا, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة :
*هل نحن نتعامل مع بعضنا البعض بالدرجة الكافية من الشفافية والوضوح؟
وهنا أستطيع أن أجيب من وجهة نظر شخصية تحتمل الصواب والخطأ :
نحن بكل أسف نمارس أقصى درجات الغموض ونتعامل بنوع من الحذر المشوب بسوء الظن في كثير من الأحيان مما يجعلنا فريسة سهلة للمتربصين بزرع الفتن والأحقاد حتى بين الأخوة الأشقاء ويجعلنا كذلك نترجم النوايا ونفسر مجريات الأحداث طبقاً لما يمليه علينا ذلك الغموض في نظرتنا وفي تعاملنا مع الآخرين وتمشياً مع ما يتوافق مع الخريطة الذهنية الزائفة التي رسمها المراهنون على عجزنا في أذهاننا الخاوية.
وهنا أيضاً يحق لنا أن " نشفق " على أنفسنا مما نحن فيه من " جُبن " و " عجز " و " خذلان " فمن منا يمتلك الجرأة في مناقشة الآخرين في أخطائهم في حقة بدل اتخاذه للموقف العدائي وحرصة على عدم مواجهتهم خوفاً من معرفة الحقيقة التي قد لا تتلاءم مع ما تمليه عليه نظرته السوداوية إلى المجتمع بكافة أفراده ومكوناته .
ومن منا ؟ تسعفه شجاعته في مواجهة ومجابهة من جعل همه زعزعة الثقة بين الإخوة والأقارب والأصدقاء من خلال ارتداء قناع الزيف والخداع والظهور بمظهر المُنقذ من المؤامرات التي تحاك للايقاع بهذا الطرف أو ذاك.
ومن منا ؟ يستطيع أن يقف في وجه ذلك المخادع ويقول له : "قف" ويكشفه أمام الآخرين ليس نكاية به أو تشهيراً بأعوانه بل إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من علاقاتنا التي أصبحت على المحك من تجاوزات أؤلئك الذين " ينخرون " دعائم الثقة فيما بيننا تلك الثقة التي هي سر نجاحنا وهي أعز مانملكه في زمن الماديات والمصالح.
إلى متى؟ وأسماعنا كهوف آمنة لخفافيش الظلام التي تنفث سمومها في قلوبنا حتى أصبحت موحشة بائسة تحُفها الكراهية ولا يسكنها إلا المخادعون والأسقياء في حين هجرها الصادقون والأنقياء.
وإلى أن نجد جواباً كافياً شافياً أترككم في حفظ الله ورعايته وعلى الخير نلتقي.
أخوكم / إبراهيم عواد البلويِ
المفضلات