يا بخت من زار وخفف
منقوول
كثير من الناس يتزاورون للتراحم والتواصل والتناصح، وآخرون يتزاورون للترفيه وتمضية الوقت، وهناك من تزور فلانة من أجل أن ترد لها زيارتها، وهناك من تأخذ معها هدية رداً لهدية الأخرى التي زارتها، وأخرى تزور فلانة المريضة حتى لا يقال عنها إنها لا تعرف الواجب . لكن هذه الزيارات وتلك كثيراً ما تنحرف عن أهدافها وقد تجلب المشكلات، فكيف تجعلين زياراتك ممتعة وهادفة ومأجورة بإذن الله تعالى؟!
السطور التالية تجيب عن هذا السؤال:
بداية اعلمي أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً صالحاً، لذا لا بد من إخلاص النية وجعلها لله وحده، فرب عمل يسير تعظمه النية وتزيد أجره، فاجعلي زياراتك وهداياك خالصة لوجه الله تعالى.
احرصي على أن تكون زياراتك مشروعة وغير محرمة أو مكروهة فلا تزوري ساحراً – مثلاً – أو مشعوذاً؛ فهو حرام بنص الحديث: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". ولا تكون زيارتك من أجل الوقيعة بين الناس مثلاً .
وكي تحافظي على مشروعية الزيارة عليك أن تحفظي لسانك خلالها فلا ينطق إلا كل ما هو طيب وعف مما يحفظ المودة بين الناس ويستديم صداقتهم وأخوتهم ويمنع كيد الشيطان أن يوهي حبالهم، ويفسد ذات بينهم {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}.
لا تنسي قبل خروجك للزيارة أن تستأذني وليك، سواء كان زوجك أو والدك أو أخيك. أما إذا تعذر الأذن لسفر الزوج أو مشغولياته فلك أن تأخذي إذناً عاماً دون إفراط أو تفريط، فتلك حقوق أوجبها الله تعالى.
احرصي على إشعار من تزورينها بموعد زيارتك إلا إذا كان ذلك معلوماً مؤكداً بينكما متكرراً من آن لآخر، وقد قال الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
وهذا الاستئناس هو حق لها لتسعد لزيارتك، فلا تفاجأ بك وقد هجمت على بيتها أنت وأولادك في وقت غير مناسب، فلا زيارة مفاجئة إلا لضرورة قصوى.
فلا بد من اختيار الوقت المناسب للزيارة، فهناك أوقات يجدر بنا تجنب الزيارة فيها، بينها الله تعالى في قوله: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ { .
وكذلك أيضاً بعض الأوقات الأخرى حسب ظروف كل بيت، مثل وجود مريض في البيت (إلا لعيادته فقط) أو أوقات امتحانات، أو أوقات مذاكرة الأم لأبنائها، أو وجود الزوج في المنزل، ونحسب أن ملاك ذلك كل هو الاستئذان قبل الزيارة للتأكد من رضا وقبول صاحبة البيت.
كذلك لا بد أن تتناسب مدة الزيارة مع نوع ومكان الزيارة، فإذا كانت زيارة مريضة فإن السنة قد علمتنا أن تكون سريعة بحيث لا ترهق المريضة وأهلها، ولا يستحب اصطحاب الأطفال فيها. أما إذا كانت زيارة أخرى من تهنئة أو خلاف ذلك فإن مدة الزيارة ترجع إلى إحساس الزائرة وتقديرها فلا داعي للإطالة دون حاجة، فإن ذلك فيه إرهاق لأهل البيت وقد يكلفهم ما لا يطيقون، إلا إذا احتاجت المضيفة لك ولبقائك معها لأي سبب وصرحت لك بذلك.
وأخيرا.. لا تنسي إذا تعذرت زيارتك لسبب ما فلا بد من الاعتذار مراعاة لشعور من تنتظر زيارتك.
المفضلات