بسم الله الرحمن الرحيم
أن يجد المرء نفسه فجأة وقد أصبح معاقآ.. لأي سبب كان، فان ذلك يضعه أمام أسئلة وتساؤلات كثيرة عن طبيعة شخصيته.. عن من هو؟
وكيف سـيتفاعل الآخرون معه بوضعه الصحي الجديد؟ وكيف سيتعامل مع البيئة الإجتماعية والمادية المحيطة به ويتجاوزها بأقل ضرر؟
والأهم كيف سيعيش حياته كشخص معاق؟
وحـدها التساؤلات كثيرة هنا، لكن لا اجبات جاهزة لأي منها
فقط هو من يستطيع الإجابة على بعضها، على قليل منها، أو لا يجيب!
فما يقرر بشأن حياته الشخصية والاجتماعية يعود إليه
هو فقط من يستطيع اتخاذ قرار لتأسيس قاعدة تقوم عليها العلاقة بين العقل والجسد
فإما الحياة بجسد مشلول أو الموت بعقل حي.. أعني موت جذوة الحياة داخل النفس!
لا شك أن البداية تكون دائمآ صعبة وتحتاج إلى قرار حسام والتزام لا يفتر يذلل المصاعب ويعطي أفقا يتيح للمرء اقتناص ما يمكنه من الحياة.
فإما قبول الكارثة وامتصاص صدمتها المدوية والإقبال على الحياة باستعداد على التكيف معها وتكييف بعض جوانبها، أو رفض الواقع محاولا البحث عن خلاص يفاقم نتائج الإصابة ويضاعف من الآلام والمعاناة، فيسرع الخطى بالجسد نحو النهاية.
وليس غريبآ أن يسأل من تعرض لحادثة قلبت موازين حياته رأسآ على عقب.. شتت أحلامه.. بعثرت آماله.. فجرت في داخله صدمة فجائعية أخلت بالنفس والقناعات والإيمان على نحو لم تفعله أية أزمة أخرى في حياته من قبل، ولعلها تتجاوز صدمت الموت نفسه: "لماذا حدث هذا لي أنا؟"!
وبغض النظر عن الإستنتاج الذي سيخلص إليه المرء بعد طرح هذا السؤال على نفسه، وسواء أجاب على تساؤلات أخرى كثيرة ومحيرة أم لا، إلا أنه يجب الوصول إلى قناعة واحدة ولا خيار غيرها:
انظر إلى الأمام.. إلى المستقبل مهما كانت التوقعات والافتراضات.
فمهما بدا المستقبل مظلما، إلا أنه آت لا محالة.. آت بشروره، وآلامه، وأحزانه، وربما بأفراحه، وأحلامه وآماله. قد يحمل كل ذلك، أو شيئا منه، وقد يأتي بما لا يُتوقع.. خير أو شرآ، لكن لا مناص من مواجهته والتعامل مع تبعاته وتداعياته.
قد لا يتفق معي كثيرون حين أقول أن هناك جانبآ اجابيآ يمكن أن يتمخض عن إصابة المرء بشلل يفقده الكثير أو القليل من وظائف أعضاء جسده، فالحياة يمكن أن تكون أكثر غِنآ وأثرى إذا توفرت القناعة بأهمية الحياة نفسها والعمل على الاستفادة من كل ما يستطيع المرء انتزاعه منها.
لا أحد يختار بمحض إرادته أن يكون معاقآ، لكن، وعلى غرار معظم الأشياء في الحياة هناك وجه آخر للعملة.. فلماذا لا نبحث عن الوجه الآخر للشيء لعل فيه ما لم نره في الوجه الأول!
المفضلات