لم يكن اعتراف حسن نصر الله بإرساله لتنظيم شيعي مسلح إلى مصر مستغربا عند المدركين للطرق والأساليب التي اتبعتها الثورة الخومينية منذ ظهورها وحتى الآن، ولا عند المدققين في دهاليز وطرق الألاعيب الإيرانية ومحاولتها التوسعية في المنطقة، ولا عند المراقبين للشأن اللبناني ولا العراقي حيث تبدو بوضوح الخطوط الإستراتيجية لحزب الله ونظرائه من الميلشيات الشيعية المدعومة إيرانيا والتي قد أذاقت أبناء السنة في البلدين المر والحنظل ..
الذين أصابتهم الدهشة ربما أو الخيبة من باب أولى، وأسقط في أيديهم، هم الطابور الخاص من الإعلاميين المدعومين إيرانيا، والمسيسين شيعيا، وبعض المشتغلين بالسياسة ممن يتسللون من طرف خفي ليفرضوا أجندة تخفي خلفها أطماعا لتكوين امبراطورية فارسية صفوية تكون الدول السنية جزءا منها ..
أما نحن فلنا حق أن نستغرب ردود أفعال هؤلاء حتى بعد اعتراف " نصر الله" بإرساله عناصر من حزبه المسلح والمدرب عسكريا إلى مصر، ولنا حق أن نتساءل عن سبب ذاك الدفاع الشديد عن موقف ذاك الرجل الذي لازال يهدد الدولة السنية الأكبر في المنطقة، سواء بخطاباته الرنانة الداعية إلى ثورة شعبية أو بتنظيماته المسلحة الراغبة في تخريب البلاد ونشر الفوضى بين ابنائها ..
كذلك نجد صعوبة كبيرة في فهم ما أعلن عنه من مواقف بعض قادة جماعات إسلامية واسعة الانتشار من فعل الرجل وتهديده للأمن القومي المصري, وعدم إصدار أي بيان لإدانة فعلته الشنعاء حتى بعد اعترافه بها، وهو الأمر الذي يجعلنا نضع علامات الاستفهام الكثيرة أمام ذلك التعاطي مع الاتجاه الشيعي والسياسة الإيرانية،ويجعل كثيرا من المراقبين يضمون ذلك مباشرة لسلسلة التصريحات التي أدلى بها قادة تلك الاتجاهات والتي لم تر فيها بأسا بنشر التشيع في المنطقة في الوقت الذي يستهدف الشيعة فيه علماء الأمة ودعاتها وأوطانها .
نصر الله أبى إلا أن يستهدف بلدا مسلما سنيا بتنظيماته المسلحة، ويعمد إلى فتح ذراع لحزبه داخل بلد الأزهر الشريف، ويخطو خطوات متتابعة لنشر التشيع بين أفراده .
وعجبا سمعنا تبريره للحادثة بينما يلقي الخطاب المتلفز الذي تميز بافتعال الهدوء الشديد وأخفى خلفه توترا كبيرا لم يعتد عليه الرجل في خطاباته السابقة إبان تهديده لمصر علنا ودعوته ضباطها للانقلاب !
التبرير العجيب تمثل في قوله إنه قد أرسلهم لتقديم دعم لوجستي للمقاومة في غزة، ولم يفسر زعيم حزب الله لماذا لم يقدم هذا الدعم بصورة رسمية عن طريق الحكومة اللبنانية التي هو مشارك فيها؟ كما لم يوضح لماذا لم يقدم هذا الدعم عن طريق سوريا بما تربطها بحماس من روابط كثيرة، أو غير ذلك
وهل نسي نصر الله أنه خلال حرب غزة لم يقدم حزبه أي نوع من دعم أو مشاركة بينما أبناء غزة يقصفون ليل نهار؟! ولم يكلف نفسه صاروخا واحدا من ضمن الترسانة الكبيرة للصواريخ التي مازال يتحدث عنها في خطاباته ؟
أبناء نصر الله الذين أرسلهم إلى مصر هم أنفسهم الذين خرجوا للمناطق السنية اللبنانية قبل شهور ليعوثوا فسادا فيها, ويروعوا الآمنين ويقتلوا الناس في الطرقات، وهم أنفسهم الذين شاركوا حركة أمل الشيعية اللبنانية قبل الإعلان عن الحزب في سحق الفلسطينيين في مخيماتهم في حرب لبنان الأولى، وهم أنفسهم الذين دربوا ميلشيات سفك الدم العراقي ، وهم أنفسهم الذين تربوا على التقية بأن يبدو مالا يبطنون من الحقائق، كما تربوا على كراهية من أسموهم النواصب، وهم أهل السنة في كل موطن، وهم أبناؤه الذين مافتئوا يسبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويتهموا زوجاته بالفاحشة ..
أبناء نصر الله أيها القارىء الكريم انتشروا الآن بين ظهرانينا، يدعون لمذهبهم الكاره للصالحين الأولين، وينشرون الخوف بين أبناء أوطاننا، ويسعون لإغراء قليلي العلم وضعيفي الإيمان بالأموال، والشعارات الزائفة ليستميلوه نحوهم ..
أبناؤه الآن صاروا رؤساء لصحف تشتم أمهات المؤمنين على صفحاتها، وتلمع صورة نصر الله حتى صارت لا تسميه إلا " سيد المقاومة" !، وصاروا سياسيين كبار تفرد لهم البرامج الفضائية الشهيرة ساعاتها !
لقد بان في خطاب نصر الله الذي أدلى فيه باعترافه كم هو متأثر كنتيجة مباشرة لعلمه بمدى تورط حزبه في القضية ومدى حصول الأمن المصري على دلائل تؤكد اتهامه وضلوعه المباشر في المشكلة، واعتقد أن نصر الله طوال اليومين الذين سبقا خطابه لم يجد بعد طول بحثه تبريرا يمكن أن يحدث بلبلة شعبية أو تعاطفا جماهيريا بعد انكشاف فعلته إلا ما أسماه الدعم اللوجستي للمقاومة ... فهل ينطلي ذلك على أحد حتى من البسطاء؟! إن هذا الشعار الذي رفعه نصر الله مبررا به الاتهام، قد سبقه فيه كثير من المجرمين في حق الأمة الذين كتب التاريخ أسماءهم في سجل الخيانة والعمالة طوال عقود من الزمان، وهم بينما كانوا يهتفون بشعارات فلسطين كانت خناجرهم تطعن أبناءه من الخلف، وأيديهم تعبث تحت المناضد تستلم الثمن .
فلمن يدين حزب الله بالولاء والانتماء؟ أليست إيران ؟! وماهي اليد التي يقبلها حسن نصر الله صباح مساء؟ أليست هي يد خامنئي مرشد الثورة الإيرانية ؟!، أليست إيران هي من فتحت أبواب بغداد للأمريكيين باعترافات قادتها؟ أليسوا هم من سفكوا دماء أبناء العراق السنة وقتلوهم على الهوية، حتى كانوا يقتلون على رؤس الطرقات كل من له اسم عمر أو أبو بكر..؟!
إن أبناء الحزب الشيعي المتطرف قد قدموا إلى بلادنا يتخطيط مسبق يأملون في بناء عمق استراتيجي لهم يمكنهم أن يستخدموه إذا سنحت لهم الفرصة، وحانت لهم إشارة البدء من أصحاب العمائم السوداء !
المصدر / مفكرة الإٍسلام
المفضلات