[size=18]كثيراً ما نضع حواجز نصنعها بأنفسنا فتحول بيننا وبين فئات من الناس ، أو بين مجالات وميادين يمكن أن يكون لها أثر بالغ ، فتعوقنا عنها هذه الحواجز التي صنعناها بأنفسنا . وتأثير هذه الحواجز لا يقف عند مجرد التعويق عن العمل ، بل إننا حين نعمل ونحن نعيش تحت وطأة هذه الحواجز فإننا نعمل بروح منهزمة تنتظر الإخفاق . وفرص النجاح للذين يعملون بهذه النفسية أقل بكثير ممن يعمل وهو ينتظر النجاح . فالأول لايؤدي العمل كما ينبغي ، ولا يضع النجاح الذي يتحقق في إطاره الطبيعي ، ويُحمَّل نفسه تبعات الإخفاق الذي لا يتحمله ، بل هو نتاج عوامل خارجة عن إرادته .
ومن هذه الحواجز المصطنعة :تقويمنا للناس ، فقد نصدر أحكاماً قاسية على بعض الناس ، وقد نصف بالانحراف طائفة ممن ليسوا كذلك ، فسيطرة الأفكار المنحرفة والآراء المخالفة للشرع وتدفع بعض المسلمين إلى التأثر بها وتبنيها والدفاع عنها ، وإن كان هؤلاء لا يدركون أبعادها ومراميها ، ومن ثم نصنف هؤلاء ضمن إطار التيار العلماني ، ونقف موقف الرفض والقطيعة لكل من سمعنا منه شيئاً من ذلك . وقد يكون لدى هؤلاء خير كثير ، وبيننا وبينهم قواسم مشتركة فنخسرهم لأجل هذا التقويم الخاطئ .
ومن الحواجز ما نفرضه بيننا وبين المجتمع ؛ فثمة شرائح كثيرة في المجتمع بينهم وبين الدعاة والخِّيرين قطيعة ونفرة ، ولا يزالون ينظرون إلى الدعاة وطلبة العلم على أنهم يمثلون تياراً تقليدياً متخلفاً . ونحن نتحمل المسؤولية الكبرى نحو إزالة الحواجز مع هؤلاء ، ولو سعينا لذلك لانفتحت أمامنا ميادين واسعة من العمل ، وساحات كبيرة من التأثير .
وثمة حواجز نفسية تعوقنا عن العمل أو الانطلاق فيه .
ومن ذلك : الخوف من الإخفاق ؛ فكثير منا يسطير عليه الشعور بالإخفاق قبل أن يبدأ في العمل ، وتسبق احتمالات الإخفاق لديه احتمالات النجاح وهذا الحاجز يعوق عن أعمال كثيرة طموحة ومنجزة ، وحين يندفع صاحبه للعمل فإنه يعمل بروح محبطة ، والمحبطون قلما ينجحون .
ومن الحواجز النفسية :تضخيم الأعداء ، إما بالمبالغة في تصوير قدراتهم وإمكاناتهم ، أو النظرة إليهم على أنهم ليس لهم شأن ولا أمر يشغلهم سوى الكيد والتآمر علينا نحن ، وقد أثبتت الوقائع القديمة والمعاصرة أن قدرة هؤلاء محدودة ، ولم يفلحوا في مواقف وتجارب عدة ، وهذا حين ننظر بالحسابات المادية القريبة ، فكيف حين نضع في حسابنا أن قدرة الله فوق كل شيء ، وأنه لا غالب لأمره ولا راد لقضائه؟
ومن الحواجز النفسية : احتقار الذات ، وإعطاء النفس أقل من حجمها ، سواء على المستوى الشخصي والفردي ، أو على مستوى قدرات وإمكانات الصحوة ؛ فنحن في كثير من المواقف نُهِّون من الإمكانات المتاحة لنا ، ونقلل من مساحات التأثير التي نستطيع التحرك من خلالها ، وهذا لا بد أن يترك أثره على تخطيطنا وممارستنا .
ومن الحواجز النفسية :الأوهام التي تسيطر على بعضنا ، فتعوقنا كثيراً ، أو تحبط كثيراً من المشروعات الطموحة .
إن اعتدالنا في الحديث عن المشكلات وتصويرها بحجمها الطبيعي ، وعدم الخلط بين التواضع واحتقار الذات ، وسيطرة روح التفاؤل والإقدام ، والتفريق بين تقويمنا لأنفسنا وما ينبغي أن نكون عليه وبين تقويمنا للآخرين ... إن هذه الأمور مما يعين على تجاوز هذه الحواجز وتخطي هذه العقبات .
ولنتذكر دوماً أن المتشائمين لا يعملون ، وإن عملوا فعطاؤهم محدود ، وأننا لن نخسر شيئاً بالتفاؤل المتزن غير المتهور .
بقلم فضيلة الشيخ : محمد بن عبدالله الدويش
المفضلات