اقتباس:
=========المشاركة الأصلية كتبت بواسطة براك بن خليف البلوي
رحلة الى بعض قرى بلي ( إهداء لأبو حاضر ) مع التحيّة .
________________________________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بداية احب ان اعلمكم أن هذا الموضوع ماهو الا نبذة تعريفية للقرى التي مررت
بها بطريق عودتي من تبوك من خلال (طريق الحره)المؤدي الى بعض قرى قبيلة بلي
وبذلك سوف أذكر سلبيات الطريق والمكان ونقص الخدمات فيه ..
كما أنني سوف أذكر الإيجابيات .
بداية سيرنا إتجهنا جنوباً من تبوك بعد أن سألنا أحد الأشخاص فأفادنا ان هذا الطريق
(طريق الحره) اتجهنا جهة الجنوب تقريبأً ولم نخرج من حدود مدينة تبوك تقريباً
عشرة كيلو مترات الإ وأبراج الجوال قد (إختفت)
وأنقطع البث.وهذا لم يكن في الحسبان حيث ان هذه الرحلة
الأولى في عمري مع هذا الطريق بغرض التعرف على ديار قبيلتي (قبيلة بلي )..
الطريق خالياً من القرى سوي بعض البدو في بيوت الشعر الى أن وصلنا قرية
(الضلفه)..وهذه القريه آخر قرى بني عطيه جنوباً وبعدها نكون
وصلنا للقرى التابعه لقبيلة بلي ..
الملاحظ أن الطريق معبداً حتى وصولنا لــ (الضلفه) ومن بعدها الطريق صحراوي
والإسفلت (تحت الإنشاء) كما يتضح من المعدات التي تعمل فيه..
وكذلك اعمدة الكهرباء بصدد تمديدها الى القرى التي تقع جنوباً من هذا الطريق.
ثم وصلنا قرية البليطيح بعد أن قطعنا حوالي 20كيلومتر باتجاه الجنوب الشرقي.
((الفارعه))
بعد عشرة كليو مترات تقريباً من البليطيح وصلنا الى قرية الفارعه التي
عبارة عن قريه على نفس الطريق الصحراوي بعد أن إتجه بنا الطريق (شرقاً)
ومن خلال مشاهدتي لقرية الفارعه كانت تمديدات الكهرباء من
(مكائن خاصه) ولم يصلها الكهرباء العام رغم كثافة المنازل داخل القريه ..
كما لفت إنتباهي عبارة (سد الفارعة) التي حاولنا من خلال هذه اللوحة
الارشادية الوصول للسد ولم نستدل عليه ..
مركز إماره الفارعه عباره عن مبنى صغير(شعبي) على الطريق المعبد
الذي عندما دخلنا القرية وجدنا الطريق مسفلت ..وحقيقة الكهرباء في
طريقها للوصول لهذه القريه من خلال ماشاهدته من اعمدة ملقاة
على جنبات الطريق ..اتجهنا بطريقنا الى ابو راكه ولفت انتباهي على
هذا الطريق وجود خزان ومسجد صغير على طول الطريق
وأحياناً من الأماكن الصحراويه أيضاً (مصلى) من الحجر على نفس الطريق ..
وهذا مالاحظه أحد الأخوان من خارج القبيلة عندما ذكر لي ذلك من خلال
مسيره في قرى قبيلة بلي عموماً فشاهدته أنا على ارض الواقع..
((ابو راكه))
من أقدم القرى في تلك المنطقه وهي المرجع الرئيسي للقرى المجاوره
لقدمها مع أنها (متفرقه) ولكن يتضح قدمها من خلال النخيل والمزارع
سواء الجزء الذي على الطريق وفيه أكبر مستشفى بتلك المناطق
وهو مستشفى ابو راكة العام..وهناك الجزء الشرقي منها وهو ابوراكه القديمه ..
الكهرباء فيها عمومي الا ان البث للجوال معدوم وفي الحقيقة
(انعدام البث في جميع القرى التي زرتها الى ان وصلت الى العلا )
كما ان الخطوط الهاتفيه معدومه حسب ماسمعت الا في المراكز الحكوميه..
سكان ابو راكه من قبيلة بلي :
الهروف
القواعين
السحمه
هؤلاء هم الأكثريه..
((النـشيـــفـه))
بعد ذلك اتجهنا في طريق غير معبد الى (النشيفه) التي تشبه كثيراً مدينة ابو راكه
من حيث المزارع وقدمها الا أنها تحدها الجبال وفي واد ضيق وبها بيوت يظهر
عليها القدم حيث البناء من الحجر وكذلك المزارع والنخيل الباسقة ..
ولكن كثير من طرقها غير مسفلته وفيها كهرباء عمومي وتلفون ارضي
للإدارت الرسميه(إسقاط).
ايضاً لاحظت قلة سكانها ويظهر أن حضارة المدن أثرت تأثيراً كبيراً
بتلك القرى وأفرغت اهلها من العيش فيها الا في الاجازات ..
من خلال مرورنا بين أزقتها وشوارعها استوقفتني لوحة المدرسة
الإبتدائية للبنين التي في (النشيفه) والتي كتب عليها
تأسست عام 1390هـــ أي قبل 37عام..
وهذا مما يدل على قدم تلك القرية ..كذلك وجود المدرسة في هذه
القرية النائية منذ تلك السنين قبل 37عام اثر تأثيراً ايجابياً على
تلك القرية الحالمه في حصول أبناؤها على التعليم في وقت مبكر
وخدمت الابناء فيها بحصولهم على العلم مبكراً..
الا ان التأثير السلبي هو هجرة ابناؤها لعدم حصولهم على
فرص عمل الا في المدن الكبيره نظراً لوصولهم لمراتب من خلال تعليمهم .
في تلك القريه واثناء سيرنا قابلنا (عامل باكستاني بسيارته ).
فسألناه اين يؤدي هذا الطريق (ونحن في وادي متجهين جنوباً )
نريد الخروج من القريه.فقال: هنا طريق الى (مغيرا)
ويتوقف الطريق واذا تريدون الخروج عودوا من حيث اتيتم ..
بعد انتهاء تلك المحادثة مع العامل تذكرت أبيات من قصيدة الأخ العزيز
(مشهور يوسف السرحاني) وهو من أهالي النشيفه
التي قد سمعناها منه عندما قابلناه في تبوك ليلة البارحه.
من قصيدته التي بعنوان ((مجلس العصر الحزين)) وهي تتحدث عن تلك
المجالس المعطرة بعبق الماضي في تلك القرية ومجالس الآباء ..
والفناجيل التي تدار من يسار ومن يمين ..
......................والبيوت اللي من اول عامره باهـل المكـان
خالية واللي سكنها عامل ٍ يرطـن رطيـن
.....................وين اهلها ؟ ودعوها يوم وقت الموت حـان
ثم ترجع الذكرى بشاعرنا( مشهور ) ويرجع معه الحنين لهذه
المجالس في هذه القرية ورجالها الكرماء
الذين خلدهم التاريخ ورحلوا لدار أخرى وتركوا بصمات الشموخ
والعز ...في ذلك المكان
كل شايب كان معنا وارتحل مـع قـوم كـان
.....................المؤذن والامام ومجلـس العصـر الحزيـن
يوم امره كن قلبـي تطعنـه حـدب السنـان
....................لاذكرت اللي جلس به من رجال ٍ طيبيـن
لاانكسر ظل العصير وهفهف الغربـي وزان
......................ميلوا للشايب اللـي يعطـي العلـم المبيـن
يـروي علومـه بحكمـة وبرويـة واتـزان
......................بالمغالط مايخوض وهرجته هرجـة رزيـن
ولاغرابة في أن يحن الشاعر مشهور لتلك المجالس والزمان عندما ينكسر ظل العصير
ويهب (الهوى الغربي) بنسماته العليلة في حضور هؤلاءالرجال المعروفين
بالكرم الذي لاحدود له ولامثيل ..
ولاغرابة أيضاً أن يحن لزمن ذلك الرجل (ابو مشهور) رحمه الله
الذي له أبيات خالده :
مايستريح اللي عزم له رجاجيل....
.........................اللي دعاهم للعشا وإستجابوا..
فلم تعد تنفعنا ذكريات ماضيهم التليد ..مع تلاشي تلك المجالس وخلوُ
(الديره من أهلها)..الا القليل منهم.
لم تعد كما كانت في السابق
ولكن .....هي سنة الحياة (لاتدوم على حال).؟
رحم الله ذلك الزمان وأهله.
أما الأغلبية من يسكن النشيفه :
السراحين
والشوامى
والحمر
وزباله
.
((الذييل))
بعدما خرجنا من النشيفة بطريق صحرواي وعر قاصدين قرية الذييل
التي تبعد عن النشيفه حوالي عشرين كيلوا متراً أو يزيد ولكن طريق
وعره وممهده بعض الشيء.
وفيها بعض الحفريات لسفلتة الطريق فوصلنا قرية الذييل التي تختلف
اختلافاً كبيراً عن طبيعة وتضاريس ابو راكه والنشيفه جبالها تشبه
جبال حائل وسهولها .
وعند وصولنا للذييل وصلنا الطريق السفلت واعمدة الكهرباء
مع انها تعتبر قرية حديثه غير زراعيه ..
يسكن قرية الذييل .
فروع زباله من بلي .
((النجيل))
واصلنا مسيرنا حتى وصلنا الى طريق (رئيسي) ( العلا – الوجه )
وهناك لوحة ارشاديه (بدا50 كيلو) يسار ..ثم بعد ذلك توجهنا الى
اليمين طريق العلا وبعد مسافة حوالي 10 كيلو مترات مفرق ترابي_
(ردميه) يتجه الى قرية النجيل
لاأذكر كم كيلو المسافة بين طريق العلا والنجيل ..ولكنها قرة جميلة
بها عدد لابأس به من المنازل وبعض الخدمات
أغلب سكانها
زباله من بلي
(( البلاطه ))
وهي آخر محطة في طريقنا على نفس طريق العلا الوجه قريه جميله
بها مدارس ومركز اماره ..
حسب علمي يسكنها الاغلبية
السحمه من بلي
عذراً لم نتوقف بها,,؟
((عورش))
ثم واصلنا المسير باتجاه العلا وبعد البلاطه بخمسة كيلو متر باتجاه
العلا هناك طريق ترابي على اليسار
كتب عليه لوحة ارشاديه ((هجرة عورش)).. وهذه (الهجرة المغموره)
التي بحثت قبل اشهر قليلة في محرك البحث (goooogle)
عن أي شي عنها وعن هذا المسمى ولم اجد لها اثراً في النت ..
ولكن لضيق الوقت لم استطع الوصول واخذ جولة بها ..
وحبيت أن اذكرها (على الأقل موقعها).
وهذه الهجرة حسب ماسمعت انها للمواهيب من بلي
((العلا))
غنية عن التعريف فأعذورني لن اكتب شيء عنها .
.....
((لقطات معتمة من الرحله))
بلي تفتقد لكثير من الخدمات
منها بث الجوال
والتلفون الثابت
والطرق المعبده
أماكن الخدمات
والمحطات البتروليه سيئه.
والمطاعم تكاد تكون معدومه.
انقطعنا عن العالم اثناء الرحلة بسبب عدم وجود البث للجوال
حتى وصولنا الى العلا
((لقطات مضيئه في الرحلة))
الكرم اللامحدود من أبناء القبيلة كل من قابلته وعرف أنني لست من هذه القرى.
كثرة المصليات وخزانات المياه على الطريق وحتى لو كان ترابياً .
شكر خاص للأخوان الذين اتصلت بهم تلفونياً واعطوني
المسافات وبداية حدود قرى بلي. فيما لم اسجله بتلك الرحلة
الرد من أبو حاضر الهمزاني :
( الــــــجــــزء الأول )
==========
مهد لي العذر في نظم بعثت به
======= من عنده الدرُّ لا يُهدى له الصدف
الأستاذ / براك خليف البلوي . المحترم .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ... تحية طيبة ... و بعد ،،،
أولاً : أود أن أشكرك على انتسابك في شبكة و منتديات الأسلم ( رواســـي طــــيء ) و رسمك لهذا الموضوع هذا اليوم 4 صفر 1429هـ . و وصفك بأنه إهداء لأبو حاضر ...
و أشكرك أيضاً جزيل الشكر على إهدائك لي هذه الجولة في تلك البلاد التي أحبها قلبي و شغفت فيها روحي بحكم أني أمضيت فيها أيام شبابي و لي فيها صداقات و علاقات حميمة مع جميع شيوخ و رجالات و وجهاء و أدباء و رواة و شعراء فروع قبائل قضاعة القحطانية و منهم قبيلة بلي العظيمة ذات التاريخ المجيد و الكرم الأصيل و الوفاء و الصدق و النبل .
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها
====== عقود مدحٍ فما أرضى لكم كلمي
و من أصدقائي هناك سعادة الشيخ الطموح / مشعل بن لافي بن غنيم . من مشائخ قبيلة جهينة ( فرع عشائر آل موسى ) و آخرين غيره و من الأدباء صاحب المعروف في قبيلة شمّر الرجل الألمعي / فحيمان بن عوده الحجوري الجهني . و الشاعر المطبوع / شديّد بن سويلم الحمدي الجهني . و غيرهم الكثير الكثير ...
و لكني هنا أريد التحدث عما يربطني في أحد فروع قضاعة و هم قبيلة بلي الغالية على قلب كل رجل شريف يرى في عروبته و أسلامه ما يضيء الدنيا من تاريخ و أصالة .... و لعلي أعرّج على بعض ذكرياتي مع بعض أصدقائي من قبيلة جهينة العزيزة في بعض السطور هنا أو في لفتة أخرى أن شاء الله تعالى ....
و لكني الآن رغم مشاغلي فقد ألزمني الأستاذ / براك البلوي . أن أتحدث عن بعض أيامي في ديار بلي و لو في شبه لمحة مختصرة جداً جداً ... و مع ذلك فهذا يسعدني جداً و يزيدني شرفاً و يمكن أن مرد تقصيري في ذلك قلة فراغي على الرغم من أن لدي الكثير المفيد - حسب ظنّي و بعض أصدقائي الكتّاب - مما أود قوله و نشره عن تاريخ و أدآب تلك القبيلة بالذات - و الذي قد يغضب الآخرين - بعيداً عن محبتي لهم المفرطة و لكن لأن أبناء قبيلة بلي الكرام واثقين من أنفسهم لدرجة أنهم لا يرغبون في الأعلام لا بل و يحتقرونه و يجتنبون التعامل معه حفاظاً على الأصالة و كرهاً في الدعاية لقشور تنقص أكثر مما تزيد و تُشوّه أكثر مما تُجمّل ... و ليعذرني الجميع بسببب التأخير على الرد لأن الموضوع له جانب جغرافي كما في مشاركة الأستاذ / براك البلوي . و من هذا الجانب يندرج التاريخي و الأدبي و غيره من العلوم التي مصدرها تلك العلوم مثل السير و القصص و الأحداث القريبة و غيرها و لعلي أبدأ في استذكار بعض أخواني هناك و أصدقائي الكرام ....
و من أبرز أصدقائي هناك سعادة الشيخ / أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سليمان ( البــاشــــا ) أبن رفاده . حفظه الله و رعاه .
ذلك الشيخ الجليل المتواضع و الورع التقي و الكريم الحاتمي و العربي الشهم الذي لا تفارقه الابتسامة و لا يبرح فوح الحميّة أنفه و لا يفتأ عزيز النفس شامخها ... آطال الله عمره و متعه بالصحة و العافية ... آمين .
و قد استذكرت هنا أبياتا ضمن قصيدة للشيخ / رشيد بن مرشد المطرفي . رحمه الله . نظمها في سعادة الشيخ / أحمد بن محمد بن رفاده . بعدما رحل من منزله في محافظة الوجه إلى مدينة تبوك . و فيها قوله :
البارحة كنّي على واهج النار
======= عزّي لمن مثلي هجوسه تروده
لا و الله إلا شيخنا غادر الدار
========= أقفى كما مزنٍ تقافة رعوده
أقفى كما حرٍ ضرب عقب مشهار
======== مشره على الصيده و نفسه حقوده
رحل و لا طاوع مشيرٍ و شوّار
========= و إليا عزم يصعب علينا ردوده
أقفى ربيع الرمل و الضيف و الجار
======= اللي إليا شان الدهر زاد جوده
الله يجير أحمد من النار و العار
======== اللي فعوله بالرجال معدوده
ثم يقول واصفاً الشيخ / أحمد ( أبو إبراهيم ) بما هو أهله و قد صدق و أصاب في جميع صفاته و منها قوله في سعادته :
أحمد إليا عمست و خبثنّ الأشوار
======= ما يتّقي عن ربعته في شنوده
أحمد إليا جوّ له مودين الأخبار
======= عدّ النهيل و واجدتٍ وروده
أحمد على ميلات الأيام صبّار
========= ما هو هباديٍ يمدّح جدوده
كريم ما عنده من البخل مقدار
======== يفرح به اللي قاصراتٍ زنوده
أحمد يعدّ من الرجاجيل الأخيار
========= ما هو طفيليٍّ يقوّد قعوده
هو ريف ربعه يوم شطّات الأسعار
========= في الجود و لا راح فعل الباروده
أحمد على كبش المصاليح له ثار
======== يمناه مدراره و نفسه ركوده
ما هو بشمّاتٍ إليا صار ما صار
======== وسط المجالس ما يبيّح سدوده
إلى آخر ما قال رحمه الله في الشيخ / أحمد بن رفاده ....
في الحقيقة أن ما قيل من ثناء صادق شعراً و نثراً في سعادة الشيخ / أحمد بن محمد بن رفاده . كثيراً جداً بحيث يكفي لتدوين كتاب من الحجم الكبير جداً و لعلي أختار هذه الأبيات المختصرة من قصيدة جميلة للشاعر / عبدالكريم بن سليم بن صويدر الرموثي البلوي . في مدح الشيخ / أحمد ( أبو إبراهيم ) سلمّه الله تعالى ... آمين . و فيها قوله :
يستاهل الشيخه سلايل سليمان
======= سلايل الباشا عريب الجدودي
قولى على أحمد شوق مردوع الأوجان
======= أبن محمد كل يومٍ بزودي
الله يفكّه من صواديف الأزمان
========= و الله يجيره من عيون الحسودي
يستاهل التمجيد من قلب و لسان
========= حيث أن ذكره ينقلوه الوفودي
و ماني بحال هروج حاسد و زعلان
========= قولي ثبات و لا يبي له شهودي
هذا ولد شيخٍ إليا ثار دخان
========= يقدم على الطولات ما هو شرودي
جدّه فعوله يوم زوغات الأذهان
========= مثل الصواعق و المطر و الرعودي
أخذ من الدوله نياشين سلطان
========= ما هي سواليفٍ تغثّ الكبودي
ياما تعلّى فوق زينات الأرسان
========= و ياما ثنى من دون فج العضودي
و ياما وقف بوجيه غزوٍ و عدوان
======== و خاض المعارك بالقنا و البارودي
و ياما تنصّى له من الجوع جيعان
======== بأيام شينه جعلها ما تعودي
و ياما لفوا له بين خايف و بحلان
========= و يأمن بجاله من دخل بالحدودي
حتى الحجيج أن مروا بلاد ديدان
======== بحمايته علمٍ ثباتٍ وكودي
و قبائلٍ تتبعه بدوٍ و حضران
======= و ربعه بلي يوم الملاقى تذودي
و القصيدة طويلة ....
و مما لا يعرفه الكثير أن سعادة الشيخ / محمد بن أحمد بن رفاده ( أبو إبراهيم ) شاعراً عذباً و لكنّه مقل و شأنه بذلك شأن السادة الذين لا يحبذون أن يظهروا بمظهر الشعراء و هذا هو العرف المتبع منذ الجاهلية عند العرب و لا تزال قبائل قضاعه تتبع هذا العرف الشريف و الذكي علماً بأن جميعهم من شيوخ و سادة و وجهاء و رجالات قبيلة بلي العظيمة لا يحبذون التفاخر فقط بالشاعرية و يرون أن الشعر لا يعني شيء في غياب مقومات الرجولة الحقة من صدق و وفاء و شهامة و غيرها من القيم النبيلة في حين أن هناك حمى سائدة بأن الشعر و فقط هو كل شيء و هذا خطأ فادح و لربما أصبح الشعر وحده مذمة و سبة للرجال أن لم يكن هناك ما يبرره من مقومات أخرى من واجبات الرجال غير التفاخر بجمال الأقوال .
و قد كانت لي علاقات كثيرة مع العديد من الرجال هناك من بادية و حاضرة قضاعه فلم أعلم أنهم شعراء إلا بعد فترة طويلة من الزمن في حين أن البعض من غير قضاعه بالطبع يقدّم نفسه للمعرفة تحت لقب ( شــــاعـــر ) و لا غير فيصغر في عيني في حين أنه كان يبحث عن العظمة .
و هذا مبحث آخر يختلف عليه أناس لست منهم . و لعلنا نعود إلى ممدوحنا و أبياتاً من قوله الجميل لجمال أفعاله و خصاله آطال الله عمره ... آمين . و من قصائده ( الشيخ / أحمد بن رفاده ) التي تدل على كرمه و كرم نفسه و نبل أخلاقه هذه الأبيات بعدما تعرّض لحادث مروري أليم بين محافظة ضبا و محافظة الوجه ذاهباً إلى مدينة تبوك عام 1424هـ . أدى إلى كسور عديدة ألزمته السرير الأبيض لعدة أيام تقترب من الشهرين أو أكثر تقريباً و مع ذلك فقد كان يسعد في زيارات أصدقاءه و محبيه و لم يأبه في حالته الصحية حتى أصبح الجناح الذي يرقد فيه مزاراً لشيوخ و رجالات قبائل قضاعه و القبائل الأخرى و يقول سعيداً بذلك و كارها الوحدة و الراحة التي ينصحه فيها الأطباء من أجل حالته الصحيّة أبيات منها :
يا شمس يا شمس الضحى لا تغيبي
========= حتى مسايير العرب ما يروحون
اللي بشوفتهم جروحي تطيبي
======== و اللي بروحتهم جروحي يشبّون
ثم يقول ...
مرقدٍّ على سريرٍ صويبي
======== مكسّر الأطراف و الصدر مطعون
ثم يعود مدعماً أيمانه بصادق القول و العمل ...
هذي مقادير العزيز الرقيبي
======= و كل الخلايق في قدرهم يمرّون
راضي بمقسومي و هذا نصيبي
========= و اللي كتب للعبد يأتيه مضمون
إلى آخر ما قاله ... سلمّه الله ... آمين .
و ليس غريب عليه محاسن القول و الصول فهو سليل ( الــــبــاشـــا ) الشيخ / سليمان بن رفاده . شيخ مشائخ بلي و الذي لو تطرقنا إلى أفعاله و دوره التاريخي في شمال الحجاز لأنهلنا الأقلام و كتبنا الأسفار تلو الأسفار فيه و في أسرته الكريمة من قبلٌ و من بعد ...
و لكنني أريد أن في هذه الإطلالة المختصرة أن التفت إلى جانب الشعر و فقط و الذي أحفظ من قوله رحمه الله قصيدته الشهيرة و فيها :
يا مسوّي الفنجال سوّه و ذوقه
======= خص الربوع و لو تعديّت لك ناس
سوقه على اللي وافيٍ في حقوقه
========= يملى الصحن و يخفّض النفس للناس
و الثاني اللي كل عدٍّ يذوقه
========= اللي كلامه مثل عطّات الأمراس
و الثالث اللي و أن تلاعج بروقه
=========== فكّاك ربعه يوم الأرياق يبّاس
و بعض العرب خلّه قليله حقوقه
========== يشرب من الثنوه إليا غلّق الراس
إلى قصيدة نجله الشيخ / أحمد بن سليمان بن رفاده . رحمه الله . و التي يهدد فيها أحد خصومه بعد وفاة والده ( الـــبـــــاشــــــا ) و التي منها قوله :
يحرّم عليه حضن ميّاح الأردان
========= أن كان ما خليّت ذودك شليلي
و القصيدة ذات حدث معروف و لا داعي لسردها سوى لشاهد فقط دليلاً على سيادته و شجاعته الفائقة و التي لا تحتاج إلى دليل سوى للتلذذ في أبياته ... و التي جعلت المعني في القصيدة يتراجع و يعود ليعتذر مما بدر منه في حدث معروف عند رواة قضاعه و غيرهم ممن يهتم في شأنهم التاريخي و الأدبي ...
و من أبيات الشيخ / أحمد بن سليمان ( الباشا ) رحمهما الله بيتاً أصبح في ذهني منذ أكثر من عشرة سنين كمثال عزة و شرف و على الرغم من أن ما يماثله في الشعر كثير جداً سواء في فصيحه أو عاميه إلا أنني أحبذه جداً على جميع ما أحفظ في بابه و هو قوله :
نوم الهناء لو هو على راس حرفوف
========= ألذ من نوم المهونة على زل
من قصيدة يوصي فيه على الضيوف و العواني و الاحتفاظ و الالتزام في المبادئ و القيم الأصيلة ...
و كذلك قصيدته التي يوصي فيها أبنه ( علي ) على الضيوف و احترام الرجال الذي سبق لهم أن فعلوا شيئاً مشرّفاً لأوطانهم و من حولهم و منها قوله رحمه الله :
يا علي كود أنك تضم الوصايه
====== الب الكلام اللي يقوله لك أبوك
أن مهلّت فيك الليالي ورايه
======== رحّب بأهل عوص النجايب إليا جوك
رحّب بهم ترحيبةٍ بتهلايه
========= رحّب بهم يا علي من قبل ياتوك
و أذبح لهم حايل من الضان غايه
========= يصبح شحمها بالصحن تقل دلموك
و الشايب اللي ماضيه له حكايه
========= يا علي كبّر واجبه كنّه أبوك
و إليا بديت الرجم حق الرمايه
========= حاذور تنزل لو بالاطلاق خصّوك
في الحقيقة أن أخلاق عموم آل رفادات و أدآبهم و أشعارهم القوية جديرة بالاهتمام و المطالعة و من ذلك قصيدة شقيق الشيخ / سليمان ( باشا ) أبن رفاده . و هو الشيخ المرحوم / فحيمان بن رفاده . و الذي قال ذات مرة غاضباً من أجل عوانيه :
الله من قلبٍ كثيره لهوده
======== شيٍ خفي و شي تدري به الناس
كيف الذراء بانت علينا وهوده
======== شمسه ضريره تسطح الكبد و الراس
و كيف الجمل ياكل رفايد بدوده
========== من ينهمه عن لدّة الوثر يا ناس
لا عاد مالي حيلةٍ بالباروده
========= و لا لي يمين تنقل السيف عباس
لاقفي كما مزنٍ تفافة رعوده
========= و أبعد عن ديار المهونة و الأنكاس
إلى نتجه شرقاً ببصولة الشعر من ( التهمه ) إلى ( الشفا ) حيث آداب و أشعار ( أهل الشداد ) آل مناقره و شاعرهم المفوّه و الملقب ( التلفيه ) معوض . رحمهم الله جميعاً ...
فمن قصائد الشيخ المعاصر / سعود بن راشد منقره . و الذي زارني في منزلي بالوجه ذات مساء مرافقاً لأخيه الشيخ المرحوم / حمود بن راشد منقره . و الراوية الكبير الشيخ / حماد بن راشد منقره . نختار منها أبيات سبق و أن ألقاها علي و منها قوله :
رفيقك اللي بالمواقف يخليك
======== ما هو الرفيق اللي عليك احتماله
خلّه يسنّد واديٍ غير واديك
========= لا عاد ما تنفع يمينه شماله
و أن فاتت الهيّه بدابك يناجيك
========= ودّه يرقّع عثرته من هباله
هيهات لا فات المقدّر دعاويك
========= الأولة ما تلّحق بالسهاله
لا عبت ما تدرك مع الناس عانيك
========= مثل الذي تقصر عن الماء حباله
مذموم بين الخلق لا حل طاريك
========== و من يتبع الهيّن قليلٍ نواله
لو هو ولدك إليا أنحرف عن مباديك
========== أطلب من المعبود يرزق بداله
لا صار ما هو ماشيٍ في مراضيك
========= كبضاعة اللي ما أدركت راس ماله
أما الرفيق اللي داومٍ مصافيك
======== هذاك يعطى واجبه بأكتماله
لا غبت كنّك حاضر الدار كافيك
========= نطّاح للكايد بحاله و ماله
ما هو من اللي لا فعل طيّبه فيك
========= يستافي المعروف قبل اكتماله
من صار ذا طيبه عطا باغيٍ ذيك
========== كصحبة الدلاّل حول الدلاله
إلا بحق الجار و الضيف أبا أوصيك
========= لا تحتمل عوجاه قطّع حباله
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخوكم و محبكم / أبو حاضر
إبراهيم بن سعيّد فهيد الدوخي الهمزاني الأسلمي الشمري
باحث في التاريخ و الأدب و مؤسس شبكة و منتديات الأسلم الألكترونية
( رواســـي طـــــيء )
مساء الجمعة 23/6/1429هـ .
يتبع الجزء الثاني أن شاء الله تعالى ...
المفضلات