حكم سعودي دولي يقرر الاستقالة والاتجاه إلى غسل الموتى بالرياض
البحيري: ندمت على ثلاثين عاماً قضيتها في الملاعب
حادثة محزنة غيرته وأصاب لاعباً حيرته ومشهد أذهله.. البحيري بعد أن قرر هجر الرياضة يبوح ل"الرياضي":
حوار: عبدالله الطليحان
قرر الحكم الدولي السابق ونائب رئيس لجنة الحكام الرئيسية حسن البحيري الاستقالة من اللجنة مع نهاية الموسم الرياضي الحالي والتوجه الى الاعمال الخيرية وتحديداً العمل في مغسلة الاموات بجامع الراجحي بالرياض حيث بدأ هذا العمل التطوعي منذ عدة اشهر وفكرة التفرغ لهذا العمل لازالت تراوده الى ان قرر الابتعاد عن الوسط الرياضي.
وسيكون الموسم الحالي هو آخر موسم له في العمل الرياضي كما ينوي الآن ويخطط ويحسب الخطى لهذا العمل الذي يرجو منه رضا الله سبحانه وتعالى، فالاخ حسسن البحيري رغم ارتباطه بلجنة الحكام الرئيسية اصبح عضواً ناشطاً في "مغسلة الاموات" وباشر مهام عمله الجديد بسعادة غامرة وسط تفاؤلات كثيرة واماني عديدة.. اختار" الرياضي" ليكشف لقراءها عن كل شيء ويتحدث عن توجهه الجديد وكيف وصل الى ذلك ومن ساهم في ايصاله الى هذه المواقع في هذا الحوار الشيق:
@لاحظنا منذ مدة ترددك على مغسلة الاموات وحضورك في مقبرة النسيم ويقال انك الان تقوم بتجهيز الجنائز؟
- نعم هذا كلام صحيح ولا لبس فيه وهو فضل عظيم يعلمه كل مسلم لذلك فانا ابحث عن الخير ولا ارى اي غرابة في ذلك ان كان هناك من يستغرب هذا العمل فهذا شأنه.
@ لكن كيف فكرت بذلك؟
- يعود الفضل الى الله سبحانه وتعالى في دخولي هذا المكان الجميل والرائع لكن هناك ما حرك في دواخلي شيئاً من هذا قادني إلى سبيل لا اتمنى الا رضا الله سبحانه وتعالى من خلاله نظراً لما فيه من اجر عظيم.
@ وما هو هذا الأمر؟
- توفى والدي عليه رحمه الله ورضوانه بتاريخ 21-7-1412 ه وتحديداً الساعة الثامنة صباحاً من ذلك اليوم فقمت بالاتصال على مغسلة الاموات التابعة لجامع الراجحي في الرياض اذا بالشخص الذي يتلقى هاتفي رجل مؤدب وودود عرفني باسمه قائلاً انا ابراهيم الحلوة وانا اعرفه عندما كان لاعباً في نادي الرياض والشباب ولم اكن اتخيل حقيقة ان اجده في مثل هذا الموقع ما اعرفه ان ابراهيم ترك المجال الرياضي فقط لكنني لا اعرف اين وجهته او اي شيء آخر.. فذهلت لوجوده في مغسلة الاموات.
@ وماذا حدث؟
أخبرته انني سوف احضر والدي لانه توفى للقيام بتغسيله وتجهيزه ومن ثم الصلاة عليه صلاة الجنازة وبعدها مواراته إلى مثواه الأخير.. لقد وجدت شخصاً لا أريد الحديث عنه بأكثر من كونه محباً للخير.. شاهدت تعامله وأسلوبه مع أهل الموتى وكيف انه يستطيع اشعارهم بانه منهم حباً في الله سبحانه وتعالى فشدني بعد ذلك هذا الاسلوب وبدأت الكثير من الأفكار تجول في خاطري.
@ وهل قام الحلوة بتجهيز جنازة والدك؟
- نعم.. والأجمل في ذلك ان الأخ إبراهيم طلب مني ان أساعده في تجهيز والدي... لم أتردد لحظة واحدة في هذا الأمر كونه والدي وعلي واجبات كثيرة تجاهه سواء في حياته او من مماته ولعل المشاركة في تجهيز الجنازة شرف كبير كنت لا اريد ان يسبقني عليه احد.
@ كيف تصف لنا الموقف.. كيف شعرت؟
- شاركت مع بقية إخواني في التغسيل مع الأخ إبراهيم فالموقف كان مهيباً وهي المرة الأولى التي أشاهد فيها هذا المنظر لهذا فان ردة فعلي كانت جميلة جداً.. اذ أصبحت بعد ذلك أتردد يومياً على المقبرة وقبلها مغسلة الأموات لتأدية فرض كفاية اذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين".
@ معنى ذلك ان الأخ إبراهيم الحلوة هو الذي اثر عليك؟
-لا.. هداية الله سبحانه وتعالى لي أولا وأخيرا.. ثم ان الأخ إبراهيم ووفاة والدي كانا سبباً في هذا الأمر الذي اسأل الله الأجر والثواب.
@ وماذا تقول عن الاخ إبراهيم الحلوة؟
- لن أقول أكثر مما قيل في الأثر "رب أخ لك لم تلده أمك".
@لا.. انا اقصد ماذا قال لك كيف دعاك الى هذا العمل وماذا قال لك؟
- بعد ان دفنت والدي.. حضرت بعد عدة ايام وجلست مع الأخ إبراهيم وتحدثنا في أمور شتى لا تخرج عن نطاق هذا العمل والشرف الذي هو فيه وما يناله صاحب هذا العمل من الأجر والثواب.
@ الم تكن لديك مثل هذه المعلومات منذ قبل؟
- لدي بعض المعلومات لكنها تظل بسيطة ولم تكن وافية لكن ما وجدته عند الأخ إبراهيم الحلوة كان ثرياً للغاية والحمد لله.
@ وهل باشرت العمل مع الأخ إبراهيم فوراً.. ام ماذا؟
-لا.. البداية كانت مجرد تردد.. ولم التصق به التصاقاً وثيقاً وعلى اعتبار ان ذلك بداية.. ثم ان عملي في اللجنة الرئيسية للحكام يأخذ مني وقتاً طويلاً بالإضافة الى عملي الأساسي في الدائرة الحكومية التي اعمل بها.
@ ومتى قررت العمل في المغسلة؟
-أثناء ترددي على المغسلة.. كانت تتنازعني العديد من الأشياء وتردد الأسئلة أمامي إلى متى وانا في هذه الغفلة.. بدأت اشعر بالخوف.. الخوف من الله والحياء ايضاً.. كنت اسأل نفسي كلما جئت الى المغسلة متى يصحو ضميري واتجه الى عمل الخير الذي انشد فيه رضا الله سبحانه وتعالى .. كنت اسأل نفسي متى تستثمر وقتك فيما ينفعك في الاخرة قبل الدنيا.. كنت اسأل نفسي الى متى الاستهتار وتضييع الوقت. ان عمل مثل هذا فيه اقرطه.. فالقيراط مثل جبل احد او مثل جبلين عظيمين دون منه من احد ليس للبشر دخل فيها اسأل الله سبحانه وتعالى ان يكتبها لنا.
@ ومتى بدأت الخطوة الأولى تجاه المغسلة؟
- قلت أنني بداية اتردد على المغسلة من بعيد.. ثم أصبحت احضر فقط للصلاة على الجنائز ومن ثم الذهاب الى المقبرة لحضور عملية الدفن في القبر ثم اذهب لاتحاد الكرة لمزاولة عملي.. المسألة بداية كانت حضوراً ومشاركة في الدفن فلم تكن الخطوة للمغسلة خطوة سهلة على الإطلاق كنت أخاف من الجنائز المحترقة وجنائز الحوادث انه شيء مخيف.. لكن عزمت على امري وبدأت اتقرب من الأخ إبراهيم الحلوة أكثر وانا امني النفس بان يسمح لي بالمشاركة في تجهيزي الجنائز.. ولم اكن اعلم ان هذا الاخ يفرح في ان أشاركه وان يشاركه الجميع .. كنت اتحين فرصة المشاركة في كل لحظة اشاهد جنازة على وشك تجهيزها فلم أكن أحب ان اكون متطفلاً بان اذهب دون اذن لان المسألة فيها ترتيباً وليس من حق انسان ان يحضر ويأتي على الفور ويقرر في نفسه ذلك الأمر ولان الأخ إبراهيم هو المسئول وهو الذي يقرر مثل تلك الأمور.. وما هي الا مسألة وقت وجاءتني الفرصة وتكررت الفرص في هذا العمل الشريف.. والحمدلله على هذا وعندها اطلق الاخ ابراهيم الفرصة أمامي فلا يمكن ابداً ان اصف لك السعادة التي انا عليها الآن حيث انها هدفي الأساسي قبل اي عمل آخر.
@ هل معنى هذا انك ستهجر العمل الرياضي.. اقصد مجال التحكيم؟
لم اندم في حياتي على شيء.. اكثر من ندمي على 17 او بالأصح 30 عاماً قضيتها في الملاعب لاعباً ومن ثم حكماً في كرة القدم لأنني وجدت اختلافاً كبيراً مما انا فيه الآن ومما كنت فيه سابقاً.
==========================
منقووووووول
المفضلات