تسمية الوجه
سميت الوجه بهذا الاسم لعدة أسباب ونلخصها في ثلاث جوانب وهي :-
أولا : الجانب اللغوي
ا) ترد الوجه في قواميس اللغة العربية ومعاجمها بعني القليل من الماء وتنطق بسكون الجيم وبتحريكها
ب) والوجه تأتي بمعنى الماء العذب الصيب0
ج) وتأتي بمعنى منهل الوادي ومكان وجود المياه فيه ومما يؤكد هذا القول هو وجود الماء على سطح الأرض عند مكان يسمى قلعة الزريب وكان هذا المنهل أحد المحطات الرئيسية على طريق الحج في العصر العباسي والفاطمي وبعد عام 667 أصبح مصدرا مضمونا للماء0
د) وتأخذ معنى قلة الماء في بعض السنين وغزارته 0
كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ وقد مر بالوجه ووجده مسنتا فقال حينها هذين البيتين:ـ
أتينا إلى الوجــه المرجى نواله فشح ولم يسمح بطيب نداه
وأسفر عن وجه وما فيه من حيا فقلت دعـوه ما أقل حياه
ولما عاد إليه وجده ممطوراً قد صفت مشاربه واخضرت جوانبه فقال :
أرانا الجميل ( الوجه ) معتذرا لنا فـأوليـته شـكرا ومـا زلـت مثـنيا
وأطرقت نحو الأرض رأسي خجلة وما أسطعت رفع الرأس من كثرة الحـيا
و) وتأتي بمعنى وجه الإنسان كما جاء في المعاجم والشاهد على ذلك هذا البيت المشهور:
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه قل ماؤه
ثانيا : الجانب الجغرافي
إن أكثر الأسماء الجغرافية العربية لها دلالات مختلفة فمنها ما يدل على لون أو نبات أو إنسان أو إتجاه0
فالوجه اسم يدل على اتجاه مثل الوجه القبلي ( الاتجاه القبلي )
فالعموم أن تسمية الوجه جاءت من وجه الحجاز أي اتجاه نحو الحجاز أو أنه وجه الحجاز أي أول نقطة من أرضه يرها وينزل بها القادم برا وبحرا من إفريقيا ومن المغرب0وقيل أيضا إنها مشتقة من مواجهة الركب( القافلة ) والمقصود مواجهة ركب الحجيج في عودته بالأخبار التي كانت تأتي من مصر .وكانت إحدى محطات القوافل المواجهة لقلعة الأزلم حسب محطات الحج المصري في العهد العثماني لأن محطة الوجه تأتي بعد محطة الأزلم التي تقع بالقرب من مدينة ضباء0
ويطلق اسم الوجه على الوادي أي وادي الوجه كما هو معروف جغرافيا أنه وادي من أودية تهامة وينزله الحجاج القادمون عن طريق الساحل من مصر والشام0ويطلق اسم الوجه على ميناء تقع في مصب ذلك الوادي في البحر وأيضا فمن الناحية الجغرافية فإن الوجه أول عمارة بلاد الحجاز0
ثالثا :الجانب التاريخي
فقد مر بالوجه العديد من الرحالة المسلمين ومنهم من يسميها ب ( الوش أو الوشن) كالتاموري المغربي فيدغم الجيم في الهاء فيقلب الحرفين شينا مشددة وهي لغة أهل مصر في الوجه فقد ورد هذا الاسم في الرحلات المغربية منذ عهد بن عبد السلام فما بعده فتصبح الوش بدلا من الوجه ومنهم من يسمي الوجه بالوشاشة كما في الحملة التي أعدتها الدولة العثمانية عام 1082هـ
وأخيرا نستخلص مما قيل عن الوجه وعن أسباب تسميتها وجود ارتباطا وثيقا بين سبب تسميتها بالوجه ومرادفها اللغوي التي تأتي بمنى الوادي ذو الماء القليل وهذا ما يطابق واقع الوجه قديما وحاضرا لأن الوجه تفتقر إلى مصادر المياه العذبة من أبار وعيون وبعد بعض الآبار الحلوة عن البلدة ناهيك عن عددها المحدود واعتمادها الرئيسي على مياه الأمطار ولجوء أهلها الاستفادة منها من خلال ما عرف عن بناء الصهاريج لحفظ الماء قديما 0 واعتمادها في عهدنا هذا على (الكنداسة) أولا ثم نشأة أول محطة تحلية على مستوى المملكة0
شاءت الأقدار بأن تلعب الوجه دوراً تاريخياً هاماً في الحقب التاريخية سواءً قبل أو بعد الإسلام حيث شهدت منطقة ساحل الوجه قيام فرضيات لأغراض عسكرية وخاصة ارتباطها بالحملة العسكرية في عهد الرومان التي استهدفت الاستيلاء على تجارة القوافل العربية وطريقها ’ وأيضا شهدت أغراضاً اقتصادية من السيطرة على الطريق البري وتجارة جنوب غرب الجزيرة العربية وخاصة من قبل دولة الأنباط وفرض سيطرتهم على الطريق التجاري مما حثهم على إيجاد ميناء لهم في الوجه وخاصة عند اتساع مساحة دولتهم جنوباً حتى وصلت إلى وادي القرى ودليل ذلك انتشار الخط التمودي في الوجه والعلا وحائل علماً بأن وادي القرى أو الحجر (مدائن صالح ) أغنى المناطق آثاراً في جزيرة العرب حيث أن دولة الأنباط شملت فلسطين والأردن وسوريا وشمال الجزيرة العربية وربما وصل ملكهم إلى الحجر. أما الوجه في العصر الإسلامي فتشير بعض المصادر إلى أنها ذكرت في زمن الخليفة العباسي السفاح عام 135هـ وتوالى ذكرها من خلال كتب الرحالة المسلمون الأوائل بحكم موقعها على طريق الحج القادم من مصر والمغرب وأفريقيا والأندلس حيث ذكرها اليعقوبي عام 284هـ في كتابه البلدان والحربي والحافظ والعسقلاني وابن حجر والمقريزي والعياشي وابن درع المغربي وغيرهم من الرحالة المسلمين حيث خلدوا ذكرها من خلال قصائدهم الشعرية حتى الرحالة المسلمون المتأخرون ذكروا الوجه أثناء مرورهم بها ومنهم الزيباري عام 1163هـ حيث يصفها بأنها آخر البنادر التي هي طريق الدرب ومحمد صادق باشا الذي زارها عام 1297هـ حيث يصفها بأنها ميناء متوسط من القلزم وغيرها من الرحالة المسلمين .
وأيضاً ذكرها العديد من الغربيين الذين زاروها مثل بيرتون في رحلته إلى مصر والحجاز حيث يصفها بأنها قلعة تزدهر مع الميناء بسبب بيع الماء ومؤن الحجاج وبوركهات و فلبى وغيرهم من الغربيين حيث لعبت دوراً كبيراً لأنها قلعة أو محطة لقوافل الحجاج أو ميناء تجاري مع البلدان المجاورة . وبرز دور الوجه التاريخي في أحداث الحرب العالمية الأولى .وأخيراً كانت الوجه من إحدى مدن الحجاز التي دخلت في العهد السعودي الزاهر عام 1344هـ لتدخل عهد جديد من عهود الخير والنماء والعطاء
المفضلات